أحرج الدول الغربية والمعارضة بشأن تسليح «الجيش الحرّ»

ارتباط «جبهة النصرة» بـ «القاعدة» يعزز موقف النـظام السوري

الجيش الحر يبدي استعداده لضمان عدم وصول الأسلحة إلى المتطرفين. رويترز

تشكل مبايعة «جبهة النصرة» الإسلامية لزعيم تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري، فرصة ذهبية تعزز موقف النظام السوري، الذي يندد منذ بداية الأزمة بـ«مؤامرة» تنفذها «مجموعات إرهابية» بتمويل خارجي، وتشجعه على تصعيد حملته العسكرية ضد معارضيه.

في الوقت نفسه، من شأن هذا الإعلان ان يحرج اكثر الدول الغربية المطالبة برحيل النظام، والمترددة في تسليح مقاتلي المعارضة، خشية وقوع اسلحتها في ايدي متطرفين معادين إجمالاً للغرب.

ويرى مدير مركز دمشق للدراسات الاستراتيجية بسام أبوعبدالله، ان انكشاف الارتباط بين «القاعدة» وجبهة النصرة هو «بالتأكيد نقطة لصالح النظام، تعزز الرواية السورية (الرسمية)، وتؤكد وجود دور لقوى خارجية». ويضيف «انها تضعف المعارضة أمام الرأي العام السوري والرأي العام الدولي».

وأعلن زعيم «جبهة النصرة»، أبومحمد الجولاني، الاربعاء الماضي، مبايعة الظواهري «على السمع والطاعة».

وتلقفت دمشق هذا الإعلان لتذكر عبر وزارة خارجيتها انها لطالما «حذرت من ارتباط الارهابيين (الذين يقاتلون في سورية) بتنظيم القاعدة، وخطورة الجرائم التي يرتكبونها في سورية، استناداً الى فكر ظلامي وفتاوى تكفيرية». وطالبت مجلس الامن الدولي بإدراج «جبهة النصرة» على لائحته السوداء للتنظيمات المرتبطة بـ«القاعدة». ويقول الخبير الفرنسي في الشؤون الاسلامية في سورية، توما بييريه، ان «كل ما يسهم في ربط المعارضة بـ(القاعدة) يشكل تقدمة ثمينة للنظام الذي يمكنه الاكتفاء بمراقبة التركيز الاعلامي الغربي على هذا الموضوع، ليستنتج منطقيا ان التطرف العقائدي في صفوف معارضيه يشغل الغربيين اكثر من اطنان المتفجرات التي يلقيها يومياً على شعبه».

ويرى عبدالله الذي عمل لسنوات مستشاراً ثقافياً في السفارة السورية في تركيا، ان دخول «القاعدة» علناً على خط النزاع السوري المستمر منذ عامين، هو بمثابة «ضوء أخضر» للجيش النظامي لرفع وتيرة هجماته.

ويضيف أن الايام المقبلة «ستشهد، بتقديري، اداء مختلفاً للجيش السوري الذي سيبدأ عمليات للحسم الشامل». ويقول «الوضع اصبح مكشوفاً وواضحاً، سنرى تحولاً كبيراً في الميدان وتسعيرا في الوضع العسكري لتوجيه ضربات قاصمة الى هذا التنظيم». والاربعاء الماضي، كتبت صحيفة «الوطن» السورية القريبة من السلطات تعليقا على المبايعة «انها (القاعدة) وليست ثورة سلمية قامت بصدور عارية، كفاكم كذباً ودجلاً وخداعاً».

على الارض، يحاول الجيش السوري الحر الذي يقول انه يقاتل من اجل احداث تغيير ديمقراطي في سورية، التمايز عن «جبهة النصرة»، ولو انه يقر ان التعاون «التكتيكي والموضعي» موجود بينهما، «بحكم الامر الواقع». في حين يؤكد قادته انهم على استعداد لإعطاء الدول التي تريد تسليح المعارضة ضمانات بأن هذه الاسلحة لن تصل الى ايدي المتطرفين. وبات معلوماً ان «جبهة النصرة» التي لايزال الغموض يحيط بنشأتها هي اكثر تنظيماً وتسليحاً وافضل تمويلاً من المجموعات المسلحة الاخرى. ويقول المحلل في مركز «جاينز» المتخصص في شؤون الامن والارهاب في لندن تشارلز ليستر، ان عناصر النصرة «اكتسبوا سمعة ميدانية بقدراتهم القتالية وشجاعتهم، وادوا دورا تقريباً في كل انجاز مهم حققه الثوار منذ الصيف الماضي». ويضيف ان الوقائع الاخيرة تضع الدول الغربية «في موقف شائك»، لاسيما ان «التعاون بين المجموعات على الارض يجعل تسليح مجموعات معينة (دون اخرى) مهمة شبه مستحيلة». وبحسب خبراء وناشطين، يبلغ عدد مقاتلي المعارضة نحو ‬140 الفاً، بينما لا يتجاوز عدد المقاتلين الاسلاميين السوريين وغير السوريين الـ‬8000 في كل سورية. ولا يمكن التحقق من هذه الارقام.

ويرى ليستر ان الدول الغربية «تشك منذ وقت طويل بوجود صلات بين جبهة النصرة وتنظيم القاعدة، والارجح ان هذا الامر كان سبباً رئيساً لعدم رغبتها في تسليح اي مجموعة مقاتلة». ويسأل بسام ابوعبدالله بدوره عما سيكون عليه موقف الغرب قائلاً «لا تستطيع المعارضة السورية ان تبرر وجود عناصر غير سورية وجهادية في سورية، خصوصاً أمام الأوروبيين». ويضيف أن «الوضع بات محرجاً للمجتمع الغربي الذي يدعي دعمه للتحول الديمقراطي وغير ذلك من الشعارات». وتحرص دمشق على اللعب على وتر الاحراج هذا، فقد رأت وكالة الانباء الرسمية السورية (سانا)، ان ارتباط (القاعدة) والنصرة «يضع صدقية الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي والدول المستقلة امام اختبار حقيقي، عليها خلاله الاختيار بين الانحياز للارهاب، او الاعتراف بحق الشعب السوري وحكومته بمكافحة الارهاب، انسجاماً مع الشرعية الدولية وقرارات مجلس الامن». لكن بالنسبة الى توما بييريه، الامر على العكس، قد يريح الغرب، اذ «يعطيه حجة اضافية لتبرير عدم تحركه وصمته» ازاء ما يجري في سورية، معرباً عن اعتقاده بأن الغربيين «ليسوا مقتنعين فعلاً بمساعدة المعارضة».

 

تويتر