الكنيست يسعى إلى إقرار قانون يتجاهل قرارات المحكمة العليا ويبيح طرد العرب

إسرائيل تتجه إلى شرعنة الفصل العنصري

لافتة للإعلان عن مشروع إسكان إسرائيلي بحي سلوان بعد طرد الفلسطينيين منه. إي.بي.أيه

تحت مسمى عادي ومخادع هو «قانون تعديل الاتحادات التعاونية» تمكنت لجنة القانون والعدل في الكنيست الإسرائيلي من وضع اللمسات النهائية على قانون يهدف الى تجاهل قرارات صادرة عن المحكمة العليا. وإذا حظي هذا القانون بالموافقة من قبل الكنيست، فإنه لن يكون هناك أي كلمة لوصفه أكثر من كونه قانون فصل عنصري.

فقبل نحو عقد من الزمن، أصدرت المحكمة العليا قراراً طالبت فيه بلدة كاتيزير بقبول عائلة عادل وإيمان كعدان، وهما مواطنان من عرب اسرائيل، أعضاء في هذه البلدة. وبعد مرور سبع سنوات على ذلك اصدرت المحكمة قراراً مشابهاً ضد قرية «راكيفيت» في الجليل وهي مثل «كاتسير» يهودية. ولكن المشرع جاء الآن برد «صهيوني» ملائم على المحكمة: وإذا اصبح الرد قانونا، فإن التعديل سيمنح لجان القبول للقرى السلطة على قصر سكانها على اليهود حصراً.

وبالنظر الى أن القانون يستخدم لغة منمقة ومحسنة، فإنه سيسمح لمثل هذه اللجان في الضواحي الريفية بأن ترفض طلبات بعض العائلات «التي لا تنسجم» مع النسيج الاجتماعي والثقافي للمجتمع المحلي، إذ سيكون هناك افتراضات قوية بأن تلك العائلات يمكن أن تسبب «اضطرابا» في هذا النسيج.

وبعبارة اخرى، إذا تم إجبار لجان القبول في السابق على اظهار درجة من الابداع إذا ارادت أن تخفي خلفيتها الوطنية والعرقية باعتبارها سبباً لرفض العرب، فإن السؤال سيكون على الملأ: هل أنت عربي؟ طبعاً ليس هنا، نحن آسفون، والقانون معنا في هذا المجال. وأما من يدعون البراءة، بمن فيهم البعض من وسط خريطتنا السياسية سيقولون إن «القانون لا يقصد طرد العرب، وما الخطأ في القانون الذي يدعم حق أي مجتمع في حماية طريقته المتفردة في الحياة؟».

وحقاً، ما الخطأ في ذلك؟ إذ ليس هناك ما يؤكد أن النباتيين الذين يعيشون في قرية «موشاف اميريمن» في الجليل، لهم الحق في الدفاع عن انفسهم ضد غزو اللاحمين، تماماً كما يقوم ممارسو التأمل الروحاني في هاراريت في منطقة ميسغاف، يريدون ان يتأملوا دون ان يقاطعهم احد، ولكن هذه المجتمعات فريدة من نوعها.

وهذه ليست الحال بالنسبة لعشرات من المجتمعات الاستيطانية التي تتوزع في جميع انحاء اسرائيل، التي سمتها الثقافية الرئيسة هي حقيقة ان سكانها من اليهود الصهاينة، وهم ليسوا مجتمعات تعيش بطريقة فريدة وتحتاج لمن يحميها.

وقبل بضعة أشهر، حصلنا على لمحة عن مدى السرعة التي سيتم فيها تطبيق هذا القانون، عندما يستبق العديد من هذه القرى موافقة الكنيست على القرار وتصدر قوانين سريعة تحظر وجود السكان العرب. ويطلب من مقدمي طلبات السكن في تجمعات سكنية مثل «يوفاليم» و«مانوف» في منطقة ميسغاف ان يعلنوا ولاءهم للصهيونية، في حين انه يتعين على مقدمي طلبات السكن في «متسيب افيف»، الى الجنوب قليلاً، أن يعلنوا عن هوية تحمل القيم الصهيونية وتعرف اسرائيل باعتبارها دولة يهودية ديمقراطية.

وهذا لا يعني ان العائلات العربية تقف في طوابير للانتقال الى هذه التجمعات السكنية المغلقة، التي تم انشاؤها بصورة اساسية في سبعينات وثمانينات القرن الماضي من قبل منظمات صهيونية، مثل الوكالة اليهودية والصندوق القومي اليهودي بهدف «تهويد» مناطق مثل النقب والجليل. وبالطبع فإن احداً لا يتوقع ان تقدم هذه التجمعات جواباً شافياً للنقص المرعب في الوحدات الاسكانية التي يواجهها السكان العرب الاسرائيليون. ولم يتم انشاء اي بلدة جديدة لهم منذ عام ،1948 باستثناء بعض المستوطنات البدوية الفقيرة في النقب.

كما أن الحكومة المركزية لم تقدم أي مساعدة أو موافقة للبلديات العربية الموجودة على رسم مخططات كبيرة من شأنها أن تسمح لهم بتنفيذ برنامج نمو وتنمية لس�/ الحاجات المتنامية للسكان، او تخفف مصاعب الحياة عنهم.

وكل ذلك دون ان نذكر مدناً مثل الناصرة العليا، وصفد والكرمل، إذ تم اطلاق العديد من التصريحات، بعضها كان من قبل كبار موظفي البلدية انفسهم، والتي تهدف الى طرد العرب او منعهم من الاندماج في هذه المدن.

ولابد من القول إن حالة الفصل العنصري بين العرب واليهود واقعة بلا ريب في اسرائيل في .2010 وأما بالنسبة لنا من نسكن هنا فإنه أمر نأخذه بصورة بديهية. ولكن الزوار القادمين من الخارج لا يصدقون اعينهم: تعليم منفصل، وتجارة منفصلة، وأماكن تسلية منفصلة، ولغات مختلفة، وأحزاب سياسية منفصلة وبالطبع وحدات سكنية منفصلة. وإلى حد ما، فإن عدداً من افراد الطرفين يريدون أن تؤول الامور الى هذا الشكل، من الفصل العنصري الذي بدوره يسهم في نمو الاغتراب بين العرب واليهود.

وجرت محاولات جريئة عدة، خصوصاً في المدن والمناطق المختلطة، لتغيير هذا الوضع، ورأب الصـدع، والترويج للاندماج.

وتراوحت هذه المحاولات ما بين جهود لتطوير اطارات تعليمية مختلطة، الى المشروعات الاقتصادية المشتركة والتدخلات الأخرى التي كانت تهدف الى تعزيز «علاقات الجيران الجيدة»، استناداً إلى الفرص المتساوية. وحتى الآن، فإن هذه المحاولات تعالج وضعاً، يعتبر امراً واقعاً من الفصل العنصري. ومن اليوم فصاعداً، فإن الفصل العنصري سيكون شرعياً، الأمر الذي يُشكل عاراً على اسرائيل.

تويتر