احتجاجات فرنسا فرصة للنيل من سياسة ساركوزي

فرنسي يحمل لافتة إحتجاج ضد سياسات ساركوزي. أ.ب

تراجعت شعبية الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بشكل غير مسبوق، إذ وصلت إلى مستوى يعد الأدنى لرئيس فرنسي في فترة الجمهورية الخامسة. ومع اشتداد الحركة الاحتجاجية هذه الأيام تتزايد تساؤلات الشارع الفرنسي حول جدوى القرارات التي تتخذها الحكومة بين الحين والآخر. وبعد أزمة النقاب أثارت مسألة تمديد سن التقاعد غضب الشرائح العمالية ودفعت بمئات الآلاف للتظاهر في الشوارع. ووفق أحدث استطلاع للرأي، أُجري حديثاً، فإن نسبة المؤيدين لساركوزي باتت دون 30٪، في حين يرفض الباقون سياسته.

ويشير الاستطلاع أيضاً إلى أن الرئيس الحالي بات الأسوأ شعبية منذ 50 عاماً مضت.

ويرى الكاتب الكندي ألان دوبوك، أنه يتعين على الفرنسيين الاستعداد لامتصاص الصدمات التي تفرضها التغييرات الحالية، من أجل الاحتفاظ بهويتهم الفرنسية. ويعتقد دوبوك، أن التظاهرات التي يقوم بها حالياً شباب المدارس والجامعات تتعدى مسألة «سن التقاعد»، إذ يحمل هذا الغضب رسالة واضحة عنوانها «رفض سياسة ساركوزي».

ويذكر أن حركة احتجاجية واسعة كانت قد انفجرت قبل ثلاث سنوات في ضواحي باريس والمدن الكبرى، وقام المراهقون حينها بإتلاف الأملاك العامة والخاصة.

ويرى المراقبون أن تردي الأوضاع المعيشية بالنسبة لمئات الآلاف من الفرنسيين، ومعظمهم من أصول أجنبية، هي السبب الرئيس وراء الاحتجاجات الراهنة التي حدثت في .2007 وما زاد الطين بلة، إعلان ساركوزي عزمه إسقاط الجنسية عن كل الفرنسيين من أصول أجنبية، الذين يتورطون في أعمال عنف.

ووجد كثير من الشباب الفرنسي في رفض العمال لتعديل قانون التقاعد، فرصة للتعبير عن سخطهم ورفضهم لأوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية. ويرى المحتجون أن تمديد سن التقاعد لمدة سنتين سيحرم سوق العمل من مليون وظيفة على الأقل. وهذا التحليل يدخل ضمن التناقضات التي تعيشها فرنسا في الآونة الأخيرة. ففي مدينة ننتار وحدها تم اعتقال 1500 شخص وشهدت المدينة أعمال عنف وشغب غير مسبوقة. وقال أحد المراهقين المشاركين في الاحتجاجات، «عليّ أن أدرس لفترة طويلة ولا أريد أن أجد نفسي عاطلاً عن العمل بعد تخرجي من الجامعة». ويضيف المتظاهر المحبط: «بالتالي ستكون فترة الدراسة مضيعة للوقت». ويرى آخر أن «الحكومة دفعت بنا إلى الحافة وهي تهدد مستقبلنا بأكمله». ويقول النائب في الجمعية العمومية، جان فرانسوا كوبي، المساند لساركوزي، إن التظاهرات الطلابية من أهم المسائل التي تشغل الحكومة حاليًا. وقد دفعت الاحتجاجات العارمة، في ،2006 رئيس الوزراء السابق دومينيك دوفيلبان إلى العدول عن تطبيق قانون يسهل تسريح العمال الشباب. ويعبر كوبي عن قلقه الشديد حيال الاحتجاجات الطلابية، ويضيف «هناك دائماً احتمال وقوع مشكلات خطيرة»، موضحاً أنه «على الطلاب أن يدركوا أن الإصلاحات أدرجت لمصلحتهم».

ويقول مراقبون غربيون إن الاحتجاجات في فرنسا تعكس الحقيقة الاقتصادية التي تعيشها البلاد وتنذر بأزمات قد تزعزع دول متقدمة أخرى. ويعتقد هؤلاء أن الوضع الاقتصادي الراهن يدفع شرائح من المجتمع إلى الخروج عن القانون، في الوقت الذي تمتلك فيه الحكومات خيارات كثيرة.

ومهما يكن فإن الاضطرابات التي تعيشها فرنسا الآن ليست التجربة الأولى وبالتأكيد لن تكن الأخيرة، وعلى السياسيين معرفة الأسباب الحقيقية للاحتجاجات والدوافع الاجتماعية والاقتصادية وراءها.

تويتر