«الأطلسي» يرحب بتدخل باريس.. وروسيا تراه «لا يتعارض مع القانون الدولي»

جهاديو مـالي يهدّدون بضرب فـرنســــا «في الصميم»

المسلحون يتوعّدون فرنسا بضربها في العمق. أ.ف.ب

شن الجهاديون هجوما مضادا في وسط مالي، أمس، حيث سيطروا على مدينة تبعد ‬400 كلم شمال باماكو، فيما هددوا بضرب فرنسا «في الصميم»، في اليوم الرابع للغارات الجوية الفرنسية على مواقعهم، والتي تلحق بهم خسائر فادحة، وقالوا إن باريس فتحت أبواب الجحيم على مواطنيها، بينما رحب حلف شمال الأطلسي بالتدخل العسكري الفرنسي، لكنه قال إنه لم يتلق أي طلب فرنسي لتقديم المساعدة، وفيما أكد رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، أن حكومته لن ترسل قوات، بعد تقديمها مساعدة لوجستية لدعم العملية الفرنسية، قالت روسيا إن العملية الفرنسية لا تتعارض مع القانون الدولي، وأعربت عن أملها أن تحمل طابعا مؤقتا.

وتفصيلاً، أعلن وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان، أمس، أن المسلحين الإسلاميين سيطروا على بلدة ديابالي الصغيرة (وسط)، على بعد ‬400 كلم شمال باماكو، قرب الحدود مع موريتانيا.

وقال «كنا نعرف أن هناك هجوما مضادا في الغرب، نظرا لوجود عناصر في هذه المنطقة، يبدون تصميما وهم أكثر تنظيما وأكثر تطرفا سيطروا على ديابالي، وهي بلدة صغيرة، بعد معارك عنيفة، وبعد أن ابدى الجيش المالي مقاومة لم تكن كافية في تلك اللحظة المحددة».

وقال أحد وجهاء المدينة (طالبا عدم ذكر اسمه)، لـ«فرانس برس»، في وقت سابق، إن «عددا كبيرا من الاسلاميين في المدينة، تبادلوا في الصباح إطلاق النار مع جنود ماليين، ثم توقف إطلاق النار ودخلوا المدينة».

من جهته، قال مصدر أمني مالي، إن «أبوزيد أحد قادة تنظيم (القاعدة)، في بلاد المغرب الاسلامي، تولى شخصيا ادارة العمليات».

وقال أبودردار، أحد مسؤولي حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا، بشمال مالي، إن «فرنسا هاجمت الاسلام، وسنضرب فرنسا في الصميم». وردا على سؤال لـ«فرانس برس»، حول المكان الذي يقصده، قال ابودردار الذي ترجم اقواله شخص قريب منه «في كل مكان، في باماكو، وفي إفريقيا وأوروبا».

ورفض أبودردار إعطاء حصيلة للغارات الفرنسية على مواقع الاسلاميين المسلحين.

وأوضح «ليس لديّ ما اقوله حول هذه الأمور، لكن كل المجاهدين الذين قتلوا مآلهم الجنة».

وأعلن القيادي الإسلامي المتشدد في شمال مالي، عمر ولد حماها، أن فرنسا فتحت أبواب الجحيم على كلّ الفرنسيين، من خلال العملية العسكرية التي تشنها في البلاد.

وقال في مقابلة مع إذاعة «أوروبا ‬1»، إن «طائرات ميراج قصفت جاو (شمال)، وهي على ارتفاع ‬13 ألف متر، فلينزلوا على الأرض إن كانوا رجالاً، سنستقبلهم بذراعين مفتوحتين». وأضاف «فرنسا فتحت أبواب الجحيم أمام جميع الفرنسيين»، وتابع «لقد وقعت في فخّ أخطر بكثير من العراق وأفغانستان والصومال، وهذه ليست إلا البداية».

وقد قتل أكثر من ‬60 جهاديا، أول من أمس، في مدينة غاو شمال مالي ومحيطها، في قصف كثيف للقوات الفرنسية كما اعلن، أمس، سكان ومسؤول أمني.

وقال أحد سكان غاو لوكالة «فرانس برس»، لقد «قتل أكثر من ‬60 إسلاميا في غاو وقواعدهم القريبة منها، وليلا خرج الاسلاميون الذين كانوا مختبئين في المنازل، لسحب جثث رفاقهم». وأكد هذه الحصيلة سكان آخرون ومصدر أمني. وأضاف «سقط قتلى خصوصا في معسكر في غاو، لقد تمت مباغتة الإسلاميين في وسط اجتماعهم، وسقط العديد من القتلى».

وقال هذا المصدر إن «الحصيلة مرتفعة في معسكر الإسلاميين، لقد لحقت بهم خسائر كبرى في العتاد والأفراد، ليس من المبالغة القول بسقوط ‬60 قتيلا في غاو، الحصيلة بالتأكيد أعلى من ذلك بكثير».

يشار إلى أن غاو وكيدال ومدينة تمبكتو التاريخية، تعتبر أبرز مدن شمال مالي، الخاضع لسيطرة إسلاميين منذ قرابة التسعة أشهر.

وفي تمبكتو، حيث قام الجهاديون في الأشهر الماضية بأعمال رجم وبتر أطراف، أشار مدرس الى «بداية موجة ذعر» تنتاب عائلات الإسلاميين الذين توجهوا للقتال، مؤكدا أن «الكثيرين يحاولون المغادرة الى الصحراء».

وقال وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، إن الجزائر سمحت لفرنسا باستخدام مجالها الجوي في تدخلها العسكري ضد المتمردين الاسلاميين في مالي، وعلى استعداد لإغلاق حدودها، إذا امتد الصراع شمالاً، فيما حمّلت حركة النهضة الجزائرية المعارضة، الدبلوماسية الجزائرية مسؤولية الفشل في الوصول إلى حل سياسي سلمي للأزمة في مالي، ودعت الحكومة إلى عدم تقديم أية تسهيلات للتدخل العسكري الفرنسي.

وأعلن مسؤول في الحركة الوطنية لتحرير أزواد، أن متمردي حركة الطوارق «مستعدون لمساعدة» الجيش الفرنسي على التصدي للمجموعات الاسلامية المسلحة في الشمال، من خلال «التحرك على الأرض».

وفي برلين، أعلن متحدث باسم الخارجية الألمانية عن إمكان تقديم دعم لوجستي طبي أو إنساني للعملية الفرنسية في مالي، والتي وصفها بأنها مبررة.

وقال اندريسا بيشكي، إن المانيا «لن تترك فرنسا وحدها في هذا الوضع الصعب»، موضحا ان المساعدة ستكون لوجستية، طبية أو إنسانية. وأضاف ان ألمانيا تدرس كيف يمكن مساندة القوات الفرنسية، موضحا من «غير المطروح» إرسال قوات ألمانية.

ويلقى التدخل الفرنسي في مالي دعما دوليا كبيرا، لكن الصين تحفظت، أمس، في دعمها، مشددة على نشر القوة الدولية لدعم مالي، التي وافق عليها مجلس الأمن «في أسرع وقت ممكن»، كما أكد الاتحاد الأوروبي مجددا، أمس، أن بعثته العسكرية لتدريب جنود ماليين، لن يكون لها أي دور قتالي.

من جهته، اعتبر رئيس المجلس الأوروبي هرمان فان رومبوي، أنه «من الضروري وقف الإرهابيين، والمجموعات المتمردة»، التي استأنفت هجومها في مالي.

وأشاد حلف شمال الأطلسي بالعملية التي أطلقتها فرنسا في مالي، موضحا في الوقت نفسه أنه لم يتلق أي طلب للمساعدة من باريس.

وأجرى الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، أمس، محادثات مع نظيره النيجيري، غودلاك جوناثان، الذي يفترض أن تتولى بلاده قيادة القوة العسكرية الإفريقية في مالي.

وتتسارع التحضيرات أيضا، لنشر قوة من دول غرب إفريقيا مكلفة، بموافقة الأمم المتحدة، طرد المجموعات المرتبطة بـ«القاعدة».

وبدأت طلائع قوات المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، تنتشر تحت قيادة الجنرال النيجيري شيهو عبدالقادر.

ومن المرتقب أن تسهم نيجيريا في هذه القوة بـ‬600 عنصر، كما أعلنت كل من النيجر وبوركينا فاسو وتوغو والسنغال، عن إرسال ‬500 عنصر، وبنين ‬300 عنصر. من جانب آخر، عبرت عائلات الرهائن السبع الفرنسيين، المحتجزين لدى مجموعات إسلامية في منطقة الساحل، عن مخاوفها من أن يعرض التدخل الفرنسي حياة الرهائن للخطر. وتطرق مسؤول حركة التوحيد أيضا إلى مصير الرهائن الفرنسيين المحتجزين بمنطقة الساحل. وقال «سنصدر بيانا حول الرهائن، واعتبارا من اليوم (أمس)، كل المجاهدين يعملون معا».

تويتر