الأمم المتحدة تبحث عن طريق جديد لإيصال المساعدات إلى المدينة

أحياء حلب الشرقية في جحـــــيم الغارات غداة هجوم لقوات النظام

صورة

غرقت الأحياء الشرقية في مدينة حلب في شمال سورية، أمس، في جحيم الغارات الكثيفة التي شنتها طائرات سورية وروسية، متسببة بدمار هائل ومقتل نحو 30 مدنياً بعد ساعات من إعلان الجيش السوري بدء هجوم في المنطقة، بالتزامن مع فشل الجهود الدبلوماسية في نيويورك في إعادة إرساء هدنة انتهت الاثنين الماضي بعد أسبوع من تطبيقها بموجب اتفاق أميركي روسي. في حين أعلنت الأمم المتحدة أنها تبحث عن طريق بديل لإرسال مساعدة إلى الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة في حلب، فيما لاتزال 40 شاحنة محملة بمساعدات إنسانية عالقة في منطقة بين تركيا وسورية.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن الأحياء الشرقية في حلب والتي تسيطر عليها فصائل المعارضة منذ عام 2012، تعرضت لغارات كثيفة ومتواصلة، تنفذها طائرات روسية وسورية.

وأحصى المرصد مقتل 27 مدنياً على الأقل بينهم ثلاثة أطفال، أمس، جراء ضربات شنتها الطائرات الروسية والمروحيات السورية على أحياء عدة. وأشار إلى أن عدد القتلى «مرشح للارتفاع لوجود جرحى في حالات خطرة ومفقودين تحت الأنقاض».

وقال مراسل لـ«فرانس برس» في مناطق المعارضة في حلب، إن «القصف عنيف جداً». وأظهرت مقاطع فيديو في حي طريق الباب جرافة تعمل على رفع الأنقاض من شارع ضيق على جانبيه أبنية بعضها تدمر بشكل كامل والبعض الآخر تصدعت جدرانه، قبل أن تقوم بردم حفرة ضخمة مملوءة بالمياه جراء القصف.

وقال أبوعمر وهو أحد الناجين: «كان الصوت أقوى من صاروخ بحيث انهارت الجدران وحدها».

وبات متطوعو الدفاع المدني مع كثافة الغارات عاجزين عن التحرك، خصوصاً بعدما استهدفت الغارات صباح أمس، مركزين تابعين لهم في حيي هنانو والأنصاري، وفق مراسل «فرانس برس».

وتدمّر مركز الأنصاري بالكامل جراء الغارات وباتت سيارة إسعاف وأخرى لإطفاء الحرائق ومعدات أخرى خارج الخدمة.

وتسببت الغارات بدمار كبير، بينها ثلاثة أبنية انهارت بكاملها على رؤوس قاطنيها جراء غارة واحدة على حي الكلاسة.

وقال مراسل «فرانس برس» إن جرافة واحدة كانت تعمل على رفع الأنقاض، فيما يقف عمال الإغاثة مذهولين محاولين رفع الركام بأيديهم بحثاً عن العالقين تحته.

على جبهة أخرى في حلب، أفاد المرصد بمقتل «12 مدنياً من عائلة واحدة بينهم ستة أطفال جراء غارات روسية على قرية بشقاتين في ريف حلب الغربي». كما قتل 11 شخصاً على الأقل في غارات نفذتها طائرات لم تعرف هويتها على مدينة الباب تحت سيطرة تنظيم «داعش» شمال شرق حلب.

ويأتي هذا التصعيد بعد إعلان الجيش السوري، مساء أول من أمس، بدء هجوم على الأحياء الشرقية في حلب التي يحاصرها منذ شهرين تقريباً، ودعوته المواطنين الى «الابتعاد عن مقرات ومواقع العصابات الإرهابية المسلحة».

وفرّت عائلات من أحياء تشكل جبهات ساخنة في شرق حلب في اليومين الأخيرين إلى أحياء أخرى، لكن لا طريق أمامها للخروج من المدينة. وأكد مصدر عسكري سوري في دمشق، أمس، أن العمليات البرية في حلب «لم تبدأ بعد».

وقال: «حين أعلنا بدء العمليات البرية فهذا يعني أننا بدأنا العمليات الاستطلاعية والاستهداف الجوي والمدفعي، وقد تمتد هذه العملية ساعات أو أياماً قبل بدء العمليات البرية»، مشيراً الى أن «بدء العمليات البرية يعتمد على نتائج هذه الضربات».

وأكد ضابط سوري على جبهة حلب لـ«فرانس برس»، أن «القوات البرية لم تتقدم ميدانياً بعد».

وبحسب مصدر عسكري ثانٍ في دمشق، فإن «هدف هذه العملية هو توسيع مناطق سيطرة الجيش» في حلب، لافتاً الى «وصول تعزيزات أخيراً إلى حلب تعزز القدرة على القيام بعملية برية». وقال مدير خدمة الدفاع المدني في شرق حلب عمار السلمو لـ«رويترز»، إن سرباً من خمس طائرات حربية كان يحلق فوق المدينة، مؤكداً أنها طائرات روسية. وأضاف أن موجة جديدة من القصف بدأت في الساعة السادسة من صباح أمس بعد هجمات عنيفة خلال الليلة قبل الماضية. وقال «ما يحدث الآن إبادة». في السياق، تبحث الامم المتحدة وفق ما أعلن المتحدث باسم مكتبها لتنسيق الشؤون الإنسانية ينس لاركي، أمس، عن طريق بديل لإرسال مساعدات الى الأحياء الشرقية، حيث يقيم نحو 250 ألف مدني في وضع «مأساوي»، في وقت لاتزال 40 شاحنة مساعدات عالقة في منطقة بين تركيا وسورية. وشكل إيصال المساعدات بنداً رئيساً في اتفاق الهدنة التي انهارت الاثنين الماضي بعد سريانها اسبوعاً في مناطق عدة بينها حلب. وتبادلت موسكو وواشنطن راعيتا الاتفاق الاتهامات بعرقلة تنفيذ وقف إطلاق النار. وقال مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية ستافان دي ميستورا، أول من أمس، في نيويورك: «ما يحصل هو أن حلب تتعرض للهجوم، والجميع عاد إلى حمل السلاح». ولم تنجح الجهود الدبلوماسية في نيويورك في إعادة إحياء وقف اطلاق النار. وأعلن وزير الخارجية الأميركي فشل اجتماع عقدته المجموعة الدولية لدعم سورية لإعادة إرساء الهدنة. وحض روسيا على إبداء «جدية»، مطالباً دمشق «بوقف استخدام» طيرانها الحربي.

تويتر