النظرة الاجتماعية وضعف المردود المالي وراء عزوفهم عنها

استقطاب المواطنين إلى المهن الفنية مشروط بالحوافز

صورة

أكد موظفون وفنيون وطلاب، في استطلاع أجرته «الإمارات اليوم»، عن أسباب عزوف الشباب عن امتهان المهن الفنية والحرة في الدولة، أن «هذا النوع من المهن يواجه قلة الإرشاد والتوعية، على الرغم من وجود فرص واعدة، تسمح للمنخرطين فيها بتطوير قدراتهم، وتحسين أوضاعهم المعيشية»، لافتين إلى أن هناك نفوراً لدى المواطن من العمل في هذه المجالات.

وأفادوا بأن «أبرز معوقات توجه الشباب إلى العمل في المهن الفنية، هو قلة العوائد المالية، وجهلهم بالأساليب التي تعينهم على تطوير أوضاعهم من خلالها مستقبلاً».

وقالوا إن النظرة الاجتماعية الدونية إلى العاملين في المجالات الفنية لعبت دوراً سلبياً في تنفير الشباب منها، داعين إلى توعية الطلبة في سنّ مبكرة بميزات العمل في هذه المجالات، وتشجيعهم على الانخراط فيها من خلال إفراد ميزات حقيقية، وتخصيص مكافآت سنوية لهم.

وتفصيلاً، قال صاحب شركة «دي آند إي» للاستشارات الهندسية، أحمد بالقيزي، إن العمل في المهن الفنية يواجه تحدياً حقيقياً بسبب عزوف غالبية الشباب عنها. لكنه لاحظ أن هناك مهناً، كالهندسة والميكانيكا والنجارة والحدادة، شهدت إقبالاً لافتاً خلال السنوات الأخيرة، خصوصاً التخصصات الهندسية، عازياً ذلك إلى الجهود التي بذلتها الجهات والمؤسسات الحكومية، من خلال الدعوة إلى إطلاق برامج بعثات في الدولة وخارجها لاستقطاب الطلبة، في مجالات فنية، وتقديم الدعم المادي والدراسي للشباب لتشجيعهم على الانخراط فيها.

وأضاف أن «معظم الطلبة يفضلون العمل فور التخرج في الدراسة، ومن ثم الجمع بين الدراسة والعمل، حتى يستطيعوا بدء حياتهم، إلا أنهم يفاجأون بأن التخصصات العلمية لا تقدم ضمن البرامج المسائية في الجامعات».

وقال إن مدينة دبي للإنترنت اتجهت في 2001 إلى إلقاء محاضرات لتشجيع الشباب على التخصص في تقنية المعلومات، فاتجه كثيرون إلى هذا التخصص فعلاً، مطالباً الجامعات والمؤسسات بتبني استراتيجية مماثلة لاستقطاب الشباب للمهن الفنية.

وأفادت الموظفة في بلدية دبي، أروى هزاع، بأن «البعض يرى مهناً مثل الحدادة والنجارة دونية، وليس لها مردود مالي عالٍ مقارنة مع المهن الإدارية»، مضيفة أن «الأمر لا يقتصر على المهنة، فبعض الشباب لا يريدون العمل في محل تجاري صغير، ليس له قيمة مالية مرتفعة، بل يريدون أن يبدأوا كأصحاب مشروعات، من خلال تملك وإدارة محالهم الخاصة منذ البداية».

وأكدت ضرورة إعطاء الشباب مكافآت ومزايا وبدلات سنوية، لتشجيعهم على العمل في المهن الفنية.

وحمّلت المهندسة معصومة آل علي، الشباب جزءاً من المسؤولية، «فقد تعودوا الترف في حياتهم»، مضيفة أن «غالبيتهم لا يرون أنفسهم إلا في المناصب الإدارية العليا، ويرفضون أن يقللوا من المستوى المعيشي الذي تعودوه في منازل آبائهم».

ولكنها أكدت في المقابل، أن «اعتماد الشاب على راتب شهري لا يتعدى 6000 شهرياً، يمثل تغييراً كبيراً في حياته»، مقترحة «اتخاذ إجراءات من شأنها تحسين الوضع المالي للمواطن الذي يختار العمل في مجال فني».

وقال صاحب شركة «إيمو فاليو» للاستشارات العقارية، عمران الشرهان، إن «هناك من يعتقد بأن العمل في مهنة فنية هو غير ممتع، وينطوي على خطورة كبيرة، في حين أن هناك فرصاً حقيقية للعامل تتيح له أن يطور نفسه، ويصل إلى مناصب عليا».

إرشاد أكاديمي

قال عضو هيئة التدريس في جامعة الإمارات، ومعد ومقدم برنامج «خطوة»، الدكتور خليفة السويدي، إن الشباب يختارون وجهاتهم المستقبلية بطريقتين، الأولى اعتماداً على الطموح الشخصي، والرغبة الذاتية. والثانية هي حصيلة ما يمكن تسميته «الثقافة السمعية»، أي أنهم يحاولون معرفة التخصص الشائع، دون تمعن أو محاولة للقراءة عنه لمعرفة نقاط القوة والضعف فيه.

وأضاف أن الشباب يتجهون إلى التخصصات التي يقبل عليها أقرانهم ممن لديهم تصور لمستقبلهم، موضحاً أن «ما ينقصنا هو الإرشاد المبكر للطلبة».

إلى ذلك، أشار مدرب الغوص المعتمد، أحمد جراغ، إلى أن «كثيرين يعتقدون بأن المهن الفنية كالنجارة والحدادة، وحتى الميكانيكا، هي مهن خطرة، قد تؤدي إلى إصابات بليغة للعامل، وأنها أعمال شاقة، قد لا يستطيع أي شخص أن يؤديها، في حين أن فيها قدراً كبيراً من المتعة لمن يحب أن يمتهنها. كما أن الدولة توجهت إلى تأمين هذه الوظائف، وإطلاق العديد من اللوائح التي تضمن أمن وسلامة العاملين».

وفي المقابل، أكد الطالب في كلية القانون، عبدالله حسن، أن سبب عدم توجهه إلى المهن الحرة والفنية، هو أن الشباب تعودوا الراحة، واختيار مهن تضمن لهم سهولة الدراسة وسرعة التخرج، كما أن الجامعات التي تقدم برامج قوية عن الهندسة تتركز معظمها في أبوظبي، ويصعب على الطلبة من المناطق الأخرى الذهاب إليها يومياً.

وأفاد طالب الماجستير في كلية المجتمع بالشارقة، ناصر عمر، بأن تخصصات الهندسة تعتمد على اللغة الإنجليزية، في حين أن المدارس الحكومية تعتمد على تدريس العربية، وتمثل الإنجليزية مساقاً واحداً، ما يجعل من الصعب الحصول على الدرجة المطلوبة في هذه الامتحانات.

 

 

 

تويتر