10 سنوات سجناً للإساءة في العالم الافتراضي.. وسنة حبساً لمثيلتها بـ «الواقع»

عقوبة السبّ الإلكتروني أغلظ من «المباشر»

صورة


«يتورط بعض الأشخاص في قضايا جنائية نتيجة ارتكابهم جرائم سبّ وقذف لآخرين، أوالتشهير بهم عبر مواقع ووسائل التواصل الاجتماعي، وغالباً يكون ذلك ناتجاً عن فهم خاطئ لمبدأ حرية التعبير، أو اعتقادهم أنهم في العالم الافتراضي بعيدون عن المسؤولية القانونية، في حين أن يتجلى اهتمام المشرّع بخطورة هذه الجرائم في فارق العقوبة بين جريمة السبّ والقذف المباشر التي تتم في الواقع الطبيعي، ومثيلتها التي تجري في عالم الواقع»، حسب مختصين في القانون وتقنية المعلومات، الذين أوضحوا أن «عقوبة السبّ المباشرة تصل إلى الحبس سنة وغرامة 10 آلاف درهم، فيما تراوح الغرامة في جرائم السبّ والقذف عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي بين 250 و500 ألف درهم، والحبس لمدة تصل إلى 10 سنوات».

وأضافوا أن «التطور التكنولوجي سهّل إمكانية الوصول إلى المستخدمين المسيئين للآخرين، عبر رقم برتوكول الإنترنت الخاص بالأجهزة التي يستخدمونها، حتى لو كان الحساب مزيفاً».

وشهدت محاكم الدولة، أخيراً، عدداً من القضايا المتعلقة بهذا الشأن، منها قضية تم فيها تغريم شخص 3000 درهم، بتهمة سب وقذف آخر عبر تطبيق «إنستغرام»، وأخرى أيدت في المحكمة طعناً من النيابة العامة على حكم مخفف ضد متهم سب آخر عبر تطبيق «واتس آب».


ربطت الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات بين الفهم والتعامل الخاطئ مع وسائل وتطبيقات التواصل الاجتماعي لدى نسبة كبيرة من مستخدميها، ووقوع حالات تشهير وسبّ وقذف يعاقب عليها القانون الجنائي ضمن مواده ونصوصه.

عروس الدراجة النارية

تباشر محكمة جنح أبوظبي، نظر قضية سبّ وقذف، معروفة إعلامية باسم «عروس الدراجة النارية»، التي تقدم بها زوج وزوجته ضد مجموعة من الأشخاص، وصل عددهم إلى 35 شخصاً، بعد أن نشر الزوجان على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لعرسهما، ظهرا فيه بملابس العرس على درجات نارية، فتلقيا انتقادات حادة ولاذعة وصلت إلى السبّ والقذف.

غرامة سبّ عبر «إنستغرام»

قضت محكمة الاستئناف في خورفكان، أخيراً، بتغريم أحد الأشخاص 3000 درهم، بتهمة سب وقذف آخر عبر تطبيق «إنستغرام»، وألغت حكم محكمة الدرجة الأولى بحبسه لمدة عام.

زوجة تسبّ زوجها إلكترونياً

نظرت محكمة جنح الشارقة، قضية سبّ زوجة لزوجها عبر تطبيقي «واتس آب» و«فايبر»، وتهديدها له.

وكان الزوج قدم بلاغاً إلى شرطة الشارقة بحق زوجته، أفاد فيه بتلقيه رسائل تضمنت ألفاظاً مسيئة، وعبارات نابية، وتهديدات صريحة له.

وأضافت الهيئة، رداً على أسئلة لـ«الإمارات اليوم»، أن «المفهوم الرئيس لهذه التطبيقات، هو إتاحة مزيد من سبل التواصل الاجتماعي وتبادل الأفكار، إلا أن نسبة من مستخدمي الإنترنت لديهم فهم خاطئ، إذ يستخدمونها في السخرية من الأشخاص، وتوجيه نقد لهم يصل إلى الإهانة والسبّ، معتقدين أن أفعالهم تندرج تحت مبدأ حرية التعبير، بينما هي تتجاوز هذا المبدأ بكثير».

وأشارت إلى أن «قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات تنبّه لهذا الأمر، وضمت نصوصه ومواده عقوبات صارمة لهذا النوع من الانتهاكات».

وحدّدت الهيئة آليتين للأشخاص الذين يتعرضون للإساءة، الأولى هي الإبلاغ عن هذه الانتهاكات عبر الطرق التي يوفرها التطبيق أو الموقع المشغل لخدمة التواصل، بهدف حذف المادة المسيئة، أوالحد من الإساءة، وفي بعض الحالات إيقاف حساب المسيء بالكامل، والآلية الثانية تختص بالحالات الجنائية التي تكون الإساءة عبارة عن قذف وتشهير أو نشر شائعات، ويمكن للمتضرر في هذه الحالة تقديم بلاغ إلى الجهات الأمنية في الدولة، ومنها خدمة الأمين.

ونصحت بالتقيد بالقوانين المنظمة للتعامل مع تقنية المعلومات، واتباع إرشادات استخدام هذه الوسائل، وإرشادات الأمن والحماية المعروفة عند استخدام الإنترنت، ومنها استخدام برامج الحماية، وتحديث كلمات مرور معقدة، والابتعاد عن التواصل مع الغرباء، وتجنب الدخول إلى المواقع أو التطبيقات المشبوهة، وحجب المزعجين والمتطفلين، وضبط وتفعيل إعدادات الخصوصية، وعدم نشر البيانات والصور الخاصة أو إتاحتها على الإنترنت، واحترام الآخرين.

التعرف إلى الجناة

من جهته، قال خبير تقنية المعلومات، معتز فراج، إن تطور التكنولوجيا سهّل آلية الوصول إلى المستخدمين، الذين يعمدون إلى الإساءة للآخرين والتشهير بهم، عبر رقم برتوكول الإنترنت الخاص بالأجهزة التي يستخدمونها، حتى لو كان الحساب الذي ينشر منه مزيفاً ويحمل معلومات خاطئة عنه، فعبر تقنيات حديثة يمكن لرقم برتوكول الإنترنت تحديد المكان الذي يوجد فيه الجهاز الإلكتروني المستخدم في النشر، وتالياً يمكن للجهات الأمنية الوصول إلى الفاعل».

وأشار إلى أن «كثيراً من المستخدمين يتعاملون مع وسائل وتطبيقات التواصل الاجتماعي على أنها نافذة للسخرية والتهكم من الآخرين، معتبرين الأمر حرية مكفولة لهم، متغاضين عن الهدف الرئيس من هذه الوسائل، وهو التواصل بين الأفكار، والالتقاء افتراضياً بأشخاص وثقافات مختلفة».

عقوبات العالم الافتراضي

وقال المستشار القانوني، إبراهيم الحوسني، إن «الإمارات من أوائل الدول التي تنبّهت للاستخدامات المشينة لوسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت بشكل عام، لذا أصدرت قانوناً خاصاً بجرائم تقنية المعلومات في 2006، وعدلته بالقانون الصادر في 2012، الذي تناول أموراً أوسع وأدق».

مختصون يطالبون مستخدمي التواصل الاجتماعي بالإبلاغ عن الانتهاكات الأخلاقية


90 يوماً حداً أقصى للإبلاغ

أوضحت مصادر قانونية أن الحد الأقصى المتاح لمستخدم التطبيقات ووسائل التواصل الاجتماعي، الذي تعرض للسب والتشهير لتقديم بلاغ جنائي ضد الجاني في حقه، هو 90 يوماً من تاريخ تعرضه للحالة، كون فترات النسخ الاحتياطي لسجل الإنترنت، التي لا يسمح للدخول لها إلا بتصريح من الجهات الأمنية، لا يتعدى هذه الفترة، يتم بعدها مسحها لضمان وجود مساحة تخزينية دورية. وطالبت من يتعرضون لهذا النوع من الانتهاك المعلوماتي بأن يحتفظوا بصور من المحادثات أو التعليقات التي تعرضوا فيها لعمليات السب والتشهير، لتقديمها ضمن مستندات البلاغ الجنائي.

تأييد طعن على حكم مخفّف

أيدت المحكمة الاتحادية العليا، طعن النيابة العامة ضد حكم قضى بعقوبة مخفّفة على متهم سبّ آخر عبر الـ«واتس أب»، إذ أكدت وجوب تطبيق العقوبة التي نص عليها قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، وهي الغرامة 250 ألف درهم، والإبعاد للأجنبي، وأحالت القضية إلى محكمة الاستئناف.

وأوضح أن «مدى اهتمام المشرّع بخطورة هذه الجرائم يظهر في فارق العقوبة بين جريمة السب والقذف المباشر، التي تتم في الواقع الطبيعي، وتصل إلى الحبس سنة، وغرامة 10 آلاف درهم، فيما تراوح الغرامة في جرائم السب والقذف عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي بين 250 و500 ألف درهم، أوالحبس ».

وأوضح أن «بعض الحالات تكون فيها مسؤولية السب والقذف القانونية لا تقتصر على الجاني المباشر فقط، لأن بعض صفحات التواصل الاجتماعي والمنتديات يكون المسؤولعنها شخصاً (أدمن) يعتبر مشاركاً في الجريمة، لأنه سمح بنشر هذا النوع من الانتهاكات، فيما ينتفي هذا الأمر على تطبيق مثل (واتس أب)، لأن المشاركات لا تحتاج إلى موافقة مسبقة من (الأدمن)».

إلى ذلك، قال المستشار القانوني، عبدالله آل ناصر، إن «وسائل وتطبيقات التواصل الاجتماعي، تعتبر مجالاً خصباً لاقتراف شتى أنواع الجرائم القديمة والمستحدثة، وتحديداً تلك التي تختص بسبّ وقذف الآخرين، ما حدا بالمشرّع الإماراتي إلى أن يكون مواكباً لتطورات العصر الحديث، ليعمل على الحد من تلك الجرائم، وقد صدر المرسوم بالقانون الاتحادي رقم 5 لسنة 2012، في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات».

وتابع أن «وضع المشرّع عقوبة مشددة في المادة 20 من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات بالنسبة لجريمة سبّ الغير باستخدام شبكة معلوماتية أو وسيلة تقنية معلومات، وتتمثل العقوبة في الحبس والغرامة التي لا تقل عن 250 ألف درهم، ولا تتجاوز 500 ألف درهم، أو بإحدى العقوبتين، أما إذا وقع السبّ أو القذف في حق موظف عام أو مكلف خدمة عامة بمناسبة أو بسبب تأدية عمله عُد ذلك ظرفاً مشدداً للجريمة».

وأضاف أن «ما يقابل المادة 20 من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، وفقاً لقانون العقوبات الاتحادي رقم لسنة 1987، وتعديلاته في المواد من 371 ــ 374 وتشتمل في مضامينها على عقوبات لا تصل إلى حد التشديد في المادة 20 من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، ما يشير إلى أن المشرّع نذر على نفسه التصدي للجرائم التي تقع ضمن وسائل التواصل الاجتماعي، نظراً لخطورتها وسهولة انتشارها، إضافة إلى الصعوبة أحياناً في تقفي أثر فاعلها والوصول إليه».

وبالنسبة للإجراءات واجبة الاتباع، في حال تعرّض الشخص لأي من تلك التجاوزات بحقه، قال آل ناصر، إنه «يجب على المجني عليه اللجوء إلى جهات الاختصاص القانونية، المتمثلة في أجهزة الشرطة أو النيابة العامة، والتقدم بشكوى مرفقاً بها المستندات والأدلة على حصول تلك الواقعة بحقه، وفقاً للمادة 10/‏‏‏‏4 من قانون الإجراءات الجزائية رقم 35 لسنة 1992 وتعديلاته».

تويتر