قانونيون ومستشارون اجتماعيون أكدوا ضرورة مقاضاة الحاضن إذا ثبت إهماله

مطالب بتعديلات قانونية لحمايــة المحضون

مطالب القانونيين تضمنت متابعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــة المحضون حتى سن الرشد. فوتوز.كوم

أكد قانونيون ومختصون ومستشارون اجتماعيون لـ«الإمارات اليوم» وجود ثغرات في قانون الأحوال الشخصية في صيغته الراهنة، تستدعي إجراء تعديلات عليه، بهدف ضمان حماية الأطفال الذين يعيشون في أطراف أسر مفككة، حال وقوع الطلاق بين آبائهم، أو لوجود ظروف اجتماعية تهددهم وتؤثر سلباً في استقرارهم النفسي والأسري.

وقالوا إن ما تعرضت له الطفلتان المواطنتان «وديمة» وشقيقتها «ميرة»، على يد والدهما وعشيقته، وترك أم أطفالها الخمسة في رعاية خادمتين طوال 10 أشهر، يؤكد ضرورة إجراء هذه التعديلات في أقرب وقت ممكن، لافتين إلى ضرورة أن تنص التعديلات على إلزام الجهة التنفيذية (الشرطة) بمتابعة حالات المحضونين، أسوة بالمادة (158) التي توجب استعمال القوة من قبل الشرطة ودخول المنازل في حال تنفيذ الأحكام الصادرة بضمّ الصغير وحفظه، وما شابهها من أمور تتعلق بالأحوال الشخصية، بناء على التعليمات التي تعطى لهم من قاضي التنفيذ.

وكانت المحكمة قد قضت بحضانة الطفلة «وديمة» وشقيقتها «ميرة» لوالدهما، فأساء معاملتهما وعذبهما، وتسبب في موت «وديمة»، وفقاً لتحقيقات أولية أجرتها شرطة دبي. وهي القضية التي هزت الرأي العام الإماراتي، وخلفت صدمة كبرى في الأوساط الاجتماعية، قبل أن تفاجئ شرطة دبي المجتمع بالكشف عن جريمة أخرى، هي إصرار أم على حضانة أطفالها بعد طلاقها من زوجها، ومن ثم تركهم في رعاية خادمتيها، والانقطاع عن رؤيتهم نحو 10 أشهر كاملة، متجاهلة حاجتهم إليها، وبلوغ بعضهم سن الدراسة من دون أن يلتحق بالتعليم.

وفيما أكد قانونيون ضرورة «تفعيل المادة (154-5) من قانون الأحوال الشخصية الاتحادي» التي تنص على أنه «يصدر وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف لائحة تحدد إجراءات رؤية المحضون وتسليمه وزيارته، على ألا تكون في مراكز الشرطة أو السجون»، دعا مستشارون اجتماعيون إلى إنشاء جمعية خاصة تعنى بمتابعة شؤون الأطفال المحضونين، بعد طلاق آبائهم، للوقوف على مدى أهلية الحاضن في توفير الرعاية الاجتماعية والنفسية والمعيشية لهم، بحيث تضم هذه الجمعية اختصاصيين واستشاريين نفسيين واجتماعيين، لتقديم أوجه المساعدة التي يحتاج إليها الأطفال الذين يقعون ضحايا العنف الأسري نتيجة الطلاق، وتوفير دور حضانة الأطفال الذين يواجهون مشكلات اجتماعية مع أسرهم خلال فترة الحضانة.

وشددوا على ضرورة إعطاء هذه الجمعية صلاحيات واسعة للقيام بزيارات تفتيشية إلى منازل ذوي الأطفال المحضونين، بهدف التأكد من أنهم يوفرون الرعاية الصحية والنفسية والمعيشية المناسبة لهم، إضافة إلى دور هذه الجمعية في توعية الحاضن بكيفية رعاية الأطفال في مرحلة ما بعد الطلاق، بما يضمن تنشئتهم التنشئة الاجتماعية السليمة، حتى يكونوا أفراداً صالحين في المجتمع.

ويذكر أن مشروع قانون حماية الطفل الجديد، الذي رفع للجهات المعنية أخيراً، تضمن إجراء يسدّ الثغرة القانونية المتعلقة بمحاسبة المتورطين في قضايا عنف ضد الأطفال، كون القانون الجنائي يعاقب الجاني المباشر والشريك وغيره ولا يعاقب العارفين بالقضية.

رؤية المحضون

طالب المحامي مختار غريب بإجراء تعديل في قانون الأحوال الشخصية الحالي، لينص الجديد على إلزام الشرطة، بوصفها الجهة التنفيذية، بمتابعة حالات المحضونين، أسوة بالمادة (158) التي توجب استعمال القوة من قبل الشرطة، ودخول المنازل في حال تنفيذ الأحكام الصادرة بضم الصغير وحفظه وما شابهها من أمور تتعلق بالأحوال الشخصية، بناء على التعليمات التي تعطى لهم من قاضي التنفيذ.

وأكد غريب ضرورة تفعيل المادة (154- 5) من قانون الأحوال الشخصية الاتحادي، التي تنص على أنه «يصدر وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف لائحة تحدد إجراءات رؤية المحضون وتسليمه وزيارته على ألا تكون في مراكز الشرطة أو السجون»، لافتاً إلى «عدم وجود لائحة إجرائية حتى الآن على الرغم صدور القانون منذ عام 2005».

وأضاف أنه «بناء على تلك المادة سيتم توفير أماكن لرؤية المحضون وتسليمه وزيارته، وتالياً الوقوف على حالته، ووضعه».

وتابع أن «هناك مطالبات منذ سنوات طويلة، بإجراء زيارات مفاجئة للحاضن، للتأكد من حالة المحضون بعد صدور حكم لمصلحة الحاضن، ولكن لم يكن يستجيب لها أحد»، لافتاً إلى أن «مجتمعاتنا لاتزال تعمل على ردات الفعل».

ووافقه في ذلك المحامي علي مصبح، لافتاً إلى ضرورة الإسراع إلى توفير أماكن لرؤية المحضون، يلتزم الحاضن فيها بتوصيله إليها، حتى يتعرف ذووه إلى حالته، ويستمعوا إلى شكواه، إن وُجدت، ومن ثم رفعها إلى الجهات المختصة وقت الضرر.

وطالب مصبح بأن ينص القانون على إنشاء إدارة تابعة لمحكمة الأحوال الشخصية تُعنى بمتابعة أحوال المحضونين بعد صدور حكم الحضانة للحاضن، والتأكد من حسن رعايتهم تعليمياً وسلوكياً بالتنسيق مع الشرطة، على اعتبار أنها الجهة التنفيذية، مؤكداً ضرورة تقديم الحاضن غير الكفء للنيابة في حال وجود شق جنائي يتعلق بذلك، كإهمال الحاضن أو قسوته أو تعذيبه المحضون.

وتابع: «في حال أخلّ الحاضن بشروط الحضانة ترفع دعوى لإسقاطها عنه، من دون انتظار أن يتخذ هذه الخطوة أحد الأقارب» شارحاً أن أقارب الطفل قد لا يعلمون أن هناك عنفاً يمارس ضدّ المحضون، وربما كانوا لا يتابعونه دراسياً.

مآخذ قانونية

ولفت المحامي سعيد الغيلاني، إلى ضرورة «الاستمرار في متابعة المحضون، وعدم التوقف عن ذلك بمجرد صدور حكم الحضانة كما يحدث في كثير من الحالات» مشدداً على ضرورة وجود آلية لمتابعته حتى إتمام سن الرشد، للذكر، وزواج الأنثى.

وقال: «لا ينبغي الانتظار إلى حين وقوع جريمة ما بحق المحضون، لا يخسر من ورائها سوى المحضون الذي هو في مقتبل العمر، ويتعيّن أن تكون نشأته سليمة، وينبغي عدم وضع الثقة في الحاضن باعتباره والده أو والدته أو قريبه، لأن كثيراً من الانتهاكات ترتكب بحق المحضونين من أقاربهم».

وعن المآخذ في القانون الحالي، ذكر الغيلاني مادتين، أولاهما الخاصة بانتهاء صلاحية حضانة الأم في سن معينة، والأخرى الخاصة بزواج الأم، شارحاً أن «القانون يحدد انتهاء صلاحية الأم ببلوغ الذكر 11 عاماً، والأنثى 13 عاماً، ما لم ترَ المحكمة مدّ هذه السن لمصلحة المحضون إلى أن يبلغ الذكر وتتزوج الأنثى، معتبراً أن الطفل الذكر في سن الـ11 عاماً هو أشدّ حاجة إلى والدته وحنانها، كما يحتاج إلى مراقبة الأم، خصوصاً أن أباه يكون مشغولاً عنه، ما يعني أنه سيخل في تنشئته نشأة سليمة، كما أن البنت في سن الـ13 عاماً تمر بفترة حرجة من حياتها، هي مرحلة المراهقة التي تبلغ فيها، وهي تحتاج إلى الأم في هذه المرحلة، باعتبارها أقدر على فهم احتياجاتها، أكثر من احتياجها إلى الأب، وفي حال كانت مع الأب سيؤثر ذلك سلباً في نفسيتها، ما يستدعي تعديل تلك المادة، وترك الأبناء مع الأم حتى بلوغ الولد سن الرشد، والبنت حتى تتزوج».

أما المأخذ الآخر، يضيف الغيلاني، فهو خاص بالمادة التي تنص على أنه إذا كانت الحاضنة امرأة، فينبغي أن تكون خالية من زوج أجنبي عن المحضون دخل بها، معتبراً أنه «ربما يكون زوج الأم بمثابة والد المحضونين، وأنصح من الأب، وأفضل منه، وأحنّ على أطفال زوجته».

واعتبر أن «تلك المادة تضع الأم بين نارين، فإما أن تتزوج وتفقد أطفالها، أو تربي أطفالها وتعيش بلا زواج» مشيراً إلى أن «المرأة ترغب بالارتباط لإشباع رغباتها العاطفية والنفسية والجنسية كإنسانة، ولا يمكن حرمانها من ذلك لأجل حضانة أطفالها».

وتساءل الغيلاني: «لماذا لا تطبق تلك المادة على الأب الذي يتزوج»؟ معتبراً أنه على العكس تماماً، في الغالب تكون زوجة الأب هي القاسية مع أطفاله من أخرى، ويكون زوج الأم حنوناً معهم وبمثابة أب لهم، بدليل كثير من القصص المأساوية عن سوء معاملة زوجة الأب لأطفاله».

يشار إلى أن الحضانة كما عرّفها قانون الأحوال الشخصية الاتحادي، هي حفظ الولد وتربيته ورعايته بما لا يتعارض مع حق الولي في الولاية على النفس.

الحضانة مقابل الطلاق

وذكر مدير إدارة الأحوال الشخصية في محاكم دبي، محمد عبدالرحمن، أن «الزوجة لا يمكنها أن تتنازل عن حضانة أطفالها مقابل حصولها على الطلاق، ذلك أن الحضانة حق للأطفال وليست لها، بينما هي تستطيع التنازل عن حق من حقوقها مقابل الطلاق كالنفقة أو المؤخر غيرهما».

ولكن عبدالرحمن بيّن أنه «غالباً يأتي الزوجان وهما متفقان على ذلك (التنازل عن الحضانة) مقابل الطلاق، ولكنهما لا يصرّحان به أمام القاضي الشرعي، ولا يُصاغ ذلك في عقد الطلاق أصلاً، وتبدو الصيغة الظاهرة للقاضي أنهما متفقان على الطلاق بسبب الضرر، وهو بالطبع حق للزوجة أن تحصل على الطلاق للضرر».

وكشف أن وزارة العدل شكلت لجاناً من مختصين (أكاديميون، قضاة، محامون، علماء دين) لحصر الملاحظات على القانون الحالي الذي صدر منذ عام ،2005 وستدرس البنود التي في القانون ومدى تطبيق الأثر المرجو منها، في مرحلة جمع معلومات يستقونها من واقع الحالات المتعلقة بالقضايا وغيرها.

البت في الحضانة

وعن مسألة بت القاضي في أمر الحضانة لأحد الأبوين أو الأقارب، أوضح عبدالرحمن أن «القاضي يستند إلى أصول قانونية متبعة في تحديد حضانة الأطفال، وضحها القانون في اشتراطات معينة يجب توافرها في الحاضن، وهي: العقل، البلوغ رشداً، الأمانة، القدرة على تربية المحضون وصيانته ورعايته، وإذا كانت امرأة أن تكون خالية من زوج أجنبي عن المحضون دخل بها، والسلامة من الأمراض المعدية الخطيرة، وألا يسبق الحكم عليه بجريمة من الجرائم الواقعة على العرض».

وتابع أنه يشترط في الحاضن زيادة على الشروط السابقة: إذا كانت امرأة أن تكون خالية من زوج أجنبي عن المحضون دخل بها، إلا في حال قدرت المحكمة خلاف ذلك لمصلحة المحضون، وأن تتحد مع المحضون في الدين.

أما إذا كان رجلاً فأن «يكون عنده من يصلح للحضانة من النساء، وأن يكون ذا رحم محرم للمحضون إن كانت أنثى، وأن يتحد مع المحضون في الدين». وأكد أنه إذا تم الإخلال بهذه الشروط يسقط حق الحاضن في الحضانة.

وأشار عبدالرحمن إلى أنه في حال لم تنطبق شروط الحضانة على أحد الأبوين، يرجع القاضي لمن الأولى بالحضانة: يثبت حق حضانة الطفل للأم للمحارم من النساء، مقدماً فيه أقارب الأم على أقارب الأب، وإذا لم توجد حاضنة من النساء انتقل الحق في الحضانة إلى العصبات من الرجال بحسب ترتيب الاستحقاق في الإرث.

ووفقاً للقانون نفسه «ففي حال رفض الحضانة من يستحقها من النساء أو الرجال، انتقل الحق إلى من يليه ويبلغه القاضي، وإذا لم يوجد الأبوان، ولم يقبل الحضانة مستحق لها، يختار القاضي من يراه صالحاً من الأقارب او إحدى المؤسسات المؤهلة».

كما أكد أن المشرّع سنّ القانون بناء على المذاهب الأربعة المتفق عليها.

تويتر