«الداخلية» تؤكد عدم الاعتداد بها.. و«السفارة» ترى أنها في مصلحة الطرفين

أصحاب مكاتب خـدم: السفـارة الفلبينية تفـــرض عقوداً مجحفة لجلب العمالة

السفارة حظرت سفر عمالها إلى الدولة خصوصاً الخادمات ومربيات الأطفال. تصوير: أشوك فيرما

قال عملاء وأصحاب مكاتب خدم إن «السفارة الفلبينية تفرض عقود عمل مجحفة على الكفلاء المحليين الذين يجلبون عمالة منزلية من الفلبين، مخالفة لعقود التوظيف الموحدة التي تفرضها وزارة الداخلية داخل الدولة، في ما يتعلق بتحديد حد أدنى للأجر».

وأكد وكيل وزارة الداخلية المساعد لشؤون الجنسية والإقامة والمنافذ اللواء ناصر العوضي المنهالي، لـ «الإمارات اليوم»، إن اجتماعات عدة ومتواصلة تم عقدها بين ممثلين عن القنصليات والسفارات وبين إدارات الجنسية والإقامة لمناقشة العديد من الموضوعات، ومن بينها ظاهرة هروب الخادمات من كفلائهن بعد تكبد تكاليف جلبهن من الخارج، وأبلغت الوزارة الجهات كافة أنها لن تعتد بأية عقود أو أوراق رسمية يتم توقيعها بين الكفيل المواطن أو المقيم وأية جهة أخرى.

فيما ذكر المسؤول العمالي في السفارة الفلبينية ناصر منذر، إن «العقود التي ألزمت السفارة وكالات جلب العمالة بها هدفها حماية العمالة المنزلية الفلبينية، ومحاولة مساعدتها لمصلحة الطرفين».

وتفصيلاً، أكد عملاء وأصحاب مكاتب خدم أن «السفارة حظرت بالفعل سفر عمالها إلى الدولة، خصوصاً من الخادمات ومربيات الأطفال والسائقات وغيرهن من العمالات المنزليات، إلا عن طريق وكالات التوظيف في كل من الإمارات ودولة الفلبين، بعد أن الزمت هذه الوكالات بالعقود الجديدة، وهو ما يضاعف التكاليف المالية لجلب العامل».

عقود العمل

تضمنت عقود السفارة الفلبينية تحديد حد أدنى للأجر الشهري للعامل قيمته 1500 درهم، إضافة إلى تخصيص غرفة خاصة وعدم حجز جواز سفره لأي سبب، وضرورة أن يكون مع العامل أو العاملة جواز السفر باستمرار، والسماح له باستخدام الهاتف يومياً والتواصل مع السفارة. كما أورد العقد ما ينص على ضرورة أن يحضر الكفيل إلى مقر السفارة في أي وقت يتم استدعاؤه، والتوقيع على بيان به تفاصيل الأسرة وعدد أفرادها وأعمارهم، وأن يقر بأن المعلومات الواردة صحيحة، وأنه يتحمل المسؤولية القانونية طبقاً لقانون دولة الفلبين والدولة المضيفة في حال كانت المعلومات خاطئة.

وقال مدير مؤسسة بن عواس لخدمات جلب العمالة محمود محمد، إن «هذه العقود إجبارية ولا تستطيع أي وكالة توظيف أو مكتب جلب عمالة أن يتحايل عليها، لأن االسفارة تلزم العاملين في مكاتب الخدم بتقديم نموذج من هذه العقود موقع عليه من الكفيل، إضافة إلى صورة من جواز سفر الخادمة وتأشيرة دخولها وصورة من جواز سفر الكفيل، وبعد التصديق عليها يتم إرسالها إلى المؤسسة الفلبينية للتشغيل في الخارج لاستكمال الإجراءات، ولا يسمح بخروج الخادمة من بلدها إلا بعد استكمال هذه الإجراءات».

وشرح أن بعض العملاء يتذمرون من هذا العقد، إلا أنهم يستجيبون في النهاية لأنهم مضطرون، كما أنه أمر خارج عن إرادة مكاتب الخدم.

نظام محدد

قال مدير مكتب الأمانة للخدمات عصام قيامي، إن «السفارة الفلبينية تصر على أن تتم عملية استقدام الخادمة للعمل من خلال نظام محدد، يبدأ بالتعاقد مع أحد مكاتب الخدم داخل الدولة، وبعدها تصديق عقد العمل وبقية الوثائق من السفارة، وتالياً إرسال الوثائق إلى مكتب تشغيل داخلي في الفلبين، لتوثيقها من بقية الجهات الحكومية هناك، وبعدها تبدأ إجراءات سفر الخادمة.

وأفاد قيامي بأن «السفارة وافقت منذ فترة على خفض الراتب المدون في هذه العقود من 400 إلى 300 دولار، أي ما يعادل 1100 درهم، حتى نهاية العام الجاري، حتى يكون الراتب متوافقاً مع طبيعة العمل والظروف الاقتصادية لأغلب الأسر». وأشار إلى أن مكاتب الخدم لا يمكنها التلاعب في هذه العقود، لأن السفارة جهة حكومية تابعة لدولة أجنبية، مؤكداً أنه «تكبد خسائر تقارب 18 ألف دولار نتيجة إيقاف السفارة عقود عمل لخادمات».

وأكّد في الوقت نفسه أن هناك مكاتب لاتزال تتحايل على هذه العقود حتى تستطيع مواصلة عملها، إلا أن ذلك يتسبب في الكثير من المشكلات للكفلاء، لأن كثيراً من الخادمات يستغل عقد السفارة للحصول على الراتب المسجل به، رغم أن هناك اتفاقاً ضمنياً بينها وبين الكفيل على راتب آخر، وعندما يمر الشهر الأول ولا تحصل على راتبها كاملاً، فإنها تحمل حقيبتها وتذهب إلى السفارة التي تشجعها وتدعمها، خصوصاً أن هناك نموذجاً لكشف الرواتب، على الخادمة أن توقع فيه شهرياً بما يفيد حصولها على الراتب.

وقال قيامي إن «أبسط إجراء يمكن أن تتخذه السفارة ضد الكفيل الذي يخالف العقد هو ترحيل الخادمة، وتالياً خسارته التكاليف التي تكبدها عند جلب الخادمة، إضافة إلى منعه من تشغيل خادمة تحمل الجنسية الفلبينية مستقبلاً».

وذكرت مسؤولة في مكتب الاتحاد لخدمات استقدام العمالة إلجي إيرا، إن «الكثير من الأسر داخل الدولة أصبح على علم بمضمون هذه العقود ويتفهمها، لأنها ليست عقوداً جديدة وإنما هي موجودة منذ فترة طويلة»، مؤكدة أن شكاوى المواطنين أقل من شكاوى بقية الجنسيات، ربما بسبب ارتفاع قيمة الرسوم الإضافية التي يدفعها الأجانب»، معتبرة أن راتب 400 دولار المسجل في هذه العقود ليس كبيراً قياساً بارتفاع الأسعار داخل الدولة.

إلغاء بطاقة

قالت مديرة حسابات في شركة خاصة، مها محمد علي، إنها «اضطرت لإلغاء بطاقة خادمة فلبينية كانت تعمل لديها سنوات عدة، لأسباب خاصة بالخادمة، التي أرادت تشغيل أختها بدلاً منها، بعد أن رأت حسن المعاملة، وبالفعل أصدرت تأشيرة دخول للخادمة على كفالة زوجها وأرسلتها إليها مع صورة من عقد العمل المعتمد في إدارة الجنسية والإقامة، وحجزت لها تذكرة طيران بنحو 2500 درهم، إلا أن السلطات رفضت خروجها من بلدها، وتالياً ضاعت قيمة تذكرة الطيران، وكان سبب الرفض هو أنها تم تشغيلها من دون اللجوء إلى شركة توظيف، وهو ما اضطرها إلى اللجوء لأحد مكاتب التوظيف الداخلية ودفع 8000 درهم عمولة، على الرغم من أن المكتب لم يتكبد أي مشقة، لأن اختيار الخادمة تم بعيداً عنه. فيما قال الموظف حسن حمد، إنه أستصدر تأشيرة دخول لخادمة فلبينية، ودفع لمكتب الخدم نصف العمولة المتفق عليها وهي 9000 درهم حتى استكمال الإجراءات، إلا أنه فوجئ بأن المكتب يطلب منه بعد إصدار التأشيرة التوقيع على عقد السفارة الذي رآه غير منطقي، ويحمّله الكثير من المسؤوليات القانونية داخل الإمارات والفلبين.

وقال إن «مدير المكتب حاول إقناعه بأن العقد صوري وغير معترف به داخل الدولة»، متسائلاً، إذا حدث نزاع بينه وبين الخادمة وتدخلت السفارة وحرّكت ضده دعوى قضائية في الفلبين أليس من الممكن توقيفه إذا ما اضطرته الظروف للسفر هناك في مهمة عمل؟»، مؤكداً أن هذا التدخل من جانب السفارة غير لائق.

عقد موحد

أوضح وكيل وزارة الداخلية المساعد لشؤون الجنسية والإقامة والمنافذ اللواء ناصر العوضي المنهالي، أنه يوجد عقد موحد يتسلمه الكفيل عند استخراج تأشيرة الدخول للخادمة، ويتم توقيعه من الكفيل والعامل، ويحتوي على الحقوق والواجبات التي يلتزم بها الطرفان، بما فيها الراتب وأوقات الراحة وغيرها. وتابع «في حال وجود منازعة بين الطرفين لا يلتفت إلا إلى العقد الذي تم توقيعه عن طريق إدارة الجنسية الإقامة، إذ إن العقود الأخرى إلزامية في بلد العامل وليس في بلد الكفيل، لأن هذه الأمور تعتبر اختصاصاً مكانياً، ووزارة الداخلية لها شروط معروفة لإصدار تأشيرة الدخول للعمالة المنزلية، ليس من بينها التوقيع على عقود السفارات». وأفاد بأن وضع العمالة المنزلية داخل الدولة جيد، لأن كثيراً من الكفلاء يخصصون رواتب لعمال المنازل أكبر من الرواتب التي تطالب بها السفارات.

400 دولار

وأفاد المسؤول العمالي في السفارة الفلبينية ناصر منذر، بأن الراتب الذي حددته السفارة هو 400 دولار، أي ما يعادل نحو 1462 درهماً شهرياً إلى جانب الرعاية الصحية والطعام والملبس، وهو راتب مناسب وغير مبالغ به، خصوصاً أن الخادمة تعمل أحياناً لمدة 18 ساعة متواصلة من دون أن يدفع الكفيل أجراً عن ساعات إضافية. وتابع أن «السفارة تحاول من خلال إجراءاتها أن تساعد الخادمة، ليس فقط ضد صاحب العمل، وإنما ضد وكالة التوظيف أيضاً». وأكمل أن «الإجراءات التي أقرتها الجهات المعنية بدولة الفلبين تحظر خروج أي فلبينية من الدولة إلا عن طريق وكالات توظيف التي يتعين عليها الحصول على موافقة الإدارة الفلبينية للتوظيف في الخارج «aop»التي تصدق عقد العمل الذي تفرضه السفارة، إضافة إلى تأشيرة الدخول شرطاً للسماح بسفر العامل خارج الفلبين».

تويتر