«التربية» تبدي استعداداً للتوعية بمخاطر الزواج بأجنبيات ضمن مناهجها

مختصـون يطالبـون بـ «خاطبة» حكومية

شباب إماراتيون يدّعون أن زواجهم بمواطنات يكلّفهم مبالغ مالية كبيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرة. أرشيفية

طالب مختصون في العلاقات الزوجية، والمشورة الأسرية، في صندوق الزواج، الجهات الحكومية بـ«تبني برنامج وطني لتشجيع زواج المواطنين بمواطنات»، وإنشاء مكاتب خاطبة حكومية تهدف إلى تعريف الطرفين ببعضهما، تحظى برقابة شرطية تهدف إلى التوفيق في الحلال، إضافة إلى نشر ثقافة الزواج بمواطنات من خلال المناهج التعليمية لطلاب الثانوية، فيما أكدت وزارة التربية والتعليم، استعدادها للتواصل مع صندوق الزواج لزيادة التوعوية بزواج المواطنين بمواطنات، في حدود ما تسمح به المناهج الدراسية.

مشروع قومي

وتفصيلاً، قالت خبيرة المشورة الأسرية في صندوق الزواج، عائشة الحويدي، إن ظاهرة «العنوسة» موجودة بصورة كبيرة في المجتمع، لذا لابد من بذل جهود أكبر لعلاجها، وتبني مشروع قومي لمواجهة تأخر سن الزواج.

وأضافت أن «هذه الظاهرة أنتجت لنا مهنة (الخاطبة الربحية)، التي تحصل على أموال من أهل العروس، وأصبحت الأمهات اللاتي يسعين إلى زواج بناتهن لابد أن يدفعن ما لا يقل عن 5000 درهم للخاطبة، التي تحصل أيضاً من العريس على أموال، لكي تقول كلاماً جيداً في حقه».

وأشارت الحويدي إلى أن انتشار «الخطبة الربحية» خلق نوعاً من الزيجات المبنية على الغش، التي سرعان ما تنتهي بالطلاق، لان هدفها الاساسي هو المال، إذ تحصل من الزيجة على 13 ألف درهم، (خمسة من أهل العروس وثمانية من العريس)، لذلك تقوم بنقل صورة مغالطة، وتستخدم الغش والتدليس لإتمام الزيجة لتحصل على الأموال.

وأرجعت الحويدي زيادة أعداد الفتيات غير المتزوجات إلى «تركيز بعض الشباب الاماراتي عند اختيار العروس على الاوصاف الاجنبية المنتشرة في الدولة، متناسين أن الفتيات الاماراتيات معروفات بالبشرة السمراء، وأصبح هناك بعض البيوت بها ثلاث وأربع فتيات من دون زواج، نتيجة السطحية في اختيار الشباب لزوجاتهم، والتركيز على الجمال على حساب المضمون والاصل»، قائلة «بناتنا يعانين ولا احد يدري، ونزولهن للعمل لم يقلل الظاهرة، ولم تعد لديهن طلبات وشروط مبالغ فيها».

ولفتت إلى أنه كان هناك مشروع بصندوق الزواج يُدعى «توافق»، هدفه التقريب بين راغبي الزواج، وترشيح عرائس للشباب، ولكنه فشل، لانه كان قائماً على مبادرات شخصية، ولم يجد مساندة من المسؤولين.

وطالبت بضرورة تبني الدولة هذا المشروع وإحيائه مرة أخرى، ووضع خطة استراتيجية عاجلة لمواجهة هذه الظاهرة، عن طريق تضافر كل الجهود، ومساهمة الجميع، مشيرة إلى أن «رجوعه من خلال إنشاء مكاتب خاطبة حكومية يتعين أن يكون بمشاركة أناس ثقات، يتمتعون بحفظ الاسرار، إذ إن المشروع يعتمد على سرية اسماء الفتيات المتقدمات، حتى لا تهان بناتنا».

طلبات العروس

ذكر الخبير الأسري، والمأذون الشرعي، عبدالعزيز الحمادي، أن «العزوف عن الزواج من مواطنات أصبح موضوعاً شائكاً، والمؤيدون له يسوقون العديد من المبررات، منها كثرة طلبات العروس، وارتفاع المهور».

وأضاف أن «هذه المبررات كلمة حق يراد بها باطل، لان من يتزوج بأجنبية بدافع قلة تكلفة الزيجة، يخدع نفسه، لانه سيكون مطالباً بتوفير شقتين، واحدة هنا وأخرى في بلد زوجته، إضافة إلى السفر السنوي إلى بلدها، بجانب المشكلات الاخرى التي تتعلق باختلاف الثقافات»، مشدداً على أن «العاقل هو من يتزوج بمواطنة، لانه بذلك يسعى إلى الاستمرارية وتكوين أسرة متجانسة».

وحذّر الحمادي من انتشار مهنة «الخطبة الربحية»، لانها لا توجد رقابة عليها، وتعرّض سمعة الفتيات للخطر، خصوصاً أنها تحصل على صور للعروس لعرضها على الراغبين في الزواج، ما يعرضها لمشكلات مستقبلية.

وطالب الدولة بـ«تبني مشروع يعالج مسألة تأخر سن الزواج لدى العديد من الفتيات، وأن تتولى جمعيات أو مكاتب خاطبة هذا الأمر، تحت مظلة وزارة الشؤون الاجتماعية، وأن تكون على هذه الجمعيات رقابة من الشرطة، للحفاظ على الأعراض».

وأوضح الحمادي أن الجميع يتحدث عن ارتفاع نسب العنوسة، لكنهم يرمون بالكرة خارج ملعبهم، لذا لم يظهر أي حل حتى الآن، و لابد من تكاتف الجميع للبدء الفوري في معالجة هذه الظاهرة.

وأشار إلى إمكانية الاستعانة بخبرات خارجية في هذا الموضوع، والاستفادة من تجارب دول خليجية أخرى، وتطبيقها بما يتناسب مع مجتمعنا، مثل التجربة السعودية التي يوجد بها الآن ما يزيد على 50 مركزاً حكومياً خاصاً بالتوفيق في الحلال بين المواطنين راغبي الزواج، مشدداً على أن أي حل لابد أن يكون حكومياً، لخطورة انفراد القطاع الخاص بهذا الموضـوع، لانها أعراض يجب الحفـاظ عليها.

وأكدت المحاضرة في صندوق الزواج، اعتدال الشامسي، ضرورة البدء في معالجة هذه الظاهرة من مرحلة التعليم الثانوي، وأن تضمّن المناهج دروس توعية بأهمية زواج المواطنين بمواطنات، لما له من اهمية في تكوين اسرة إماراتية سليمة، وتكوين كوادر وطنية في المستقبل. وقالت «يجب أن يكون هناك مشروع متكامل يعالج هذه الظاهرة من جميع الجوانب، وان يكوّن المسؤولون لجنة على مستوى الدولة، من الرجال والنساء من أهل الحكمة والعلاقات الاجتماعية، لمناقشتها ووضع الحلول لها».

تكاتف

من جانبها، أكدت مديرة ادارة المناهج في وزارة التربية والتعليم، الشيخة خلود القاسمي، أن الزواج بغير المواطنات مشكلة تهدد قيم المجتمع وجذوره، وتعصف ببنيته الاجتماعية والتركيبة السكانية، وتحتاج إلى تكاتف جميع المؤسسات الوطنية، للعمل على رأب هذا الخلل الذي يكاد يتسع.

أوتابعت القاسمي، أن «إدارة المناهج ترحب بكل دعوة من شأنها أن توجد الوعي لدى الشباب بمشكلات مجتمعهم وتحدياته، وتنمي لديهم روح المسؤولية الوطنية، وتعلي في المقابل من حسهمأ الوطني في مواجهة ما يعترضهم من تحديات».

وأضافت «كان لهذه المشكلة حضور عند بناء مناهج التربية الإسلامية والتربية الوطنية، مثل غيرها من المشكلات المجتمعية، إذ تم تناول هذه المشكلة من الجانب الوقائي بتبصير الشباب في المرحلة الثانوية بمخاطرها، وإيجاد الوعي المبكر بها، تضييقاً لنطاقها، وتداركاً للأخطار والسلبيات الحاصلة والمحتملة منها».

وشددت مديرة إدارة المناهج، على استعداد وزارة التربية والتعليم للتواصل مع صندوق الزواج، لزيادة جرعة التوعية في حدود ما تسمح به المناهج الدراسية، التزاماً منها بالوقوف والمساعدة في أي مشكلة تواجه المجتمع، والمساهمة الفعالة في حلها.

تويتر