إنهاء سلطة صاحب العمل بعد «التعاقد».. ويبدأ تطبيقه يناير المقبل

نظام جديد لـ «تدوير» العمالة داخل الدولة

الإجراءات الجديدة استندت في مــــــــــــــــــــــــــــــــــــجملها إلى السعي إلى إيجاد المزيد من المرونة في سوق العمل. تصوير: إريك أرازاس

ألغت وزارة العمل، أمس، بموجب قرار أصدره وزير العمل صقر غباش، نظام نقل الكفالة وإجراءاته المقررة المعمول بها منذ إنشاء وزارة العمل منذ أكثر من 30 عاماً، والتي تحظر إمكانية انتقال العامل في القطاع الخاص من شركة إلى أخرى من دون الحصول على موافقة صاحب العمل الأصلي، سواء أثناء سريان العلاقة التعاقدية أو بعدها، وهو ما كان يعرض العديد من العمال في المستويات الوظيفية كافة للعديد من الممارسات السلبية من جانب بعض أصحاب العمل، من خلال المساومة على نقل كفالة العامل، وتالياً التسبب في كثير من المشكلات التي ظلت تعانيها سوق العمل.

ويلغي النظام الجديد سلطة صاحب العمل على انتقال العامل بعد انتهاء علاقة العمل بينهما، سواء بعد انتهاء مدة العقد أو قبله، كما يقلّص مدة التزام العامل بالبقاء على كفالة صاحب العمل من ثلاث سنوات إلى سنتين فقط، ويسمح لجميع العمال بالانتقال إلى منشأة أخرى بعد انتهاء مدة السنتين، في حال عدم تجديد العلاقة التعاقدية وفق الضوابط الجديدة، وهو ما من شأنه اعتبار العامل المنتهية علاقة عمله بالاتفاق مع صاحب العمل عاملاً جديداً داخل الدولة.

ويتضمن نظام انتقال العمال الجديد إلغاء شرط «عدد مرات نقل الكفالة»، إذ سيكون أمام جميع فئات العمال خيارات مفتوحة للانتقال وفق الضوابط المنصوص عليها، ولمرات عدة من دون وجود سقف محدد لعدد مرات نقل الكفالة، وهو الأمر الذي كانت تحصره الإجراءات في العمّال الحاصلين على شهادة الماجستير والدكتوراه ممن تمضي على فترة خدمتهم سنة على الأقل في وقت تحدد مرات الانتقال للحاصلين على شهادة البكالوريوس لمرتين طوال مدة عملهم المستمرة في الدولة، شريطة أن تكون مدة خدمتهم سنتين على الاقل ولمرة واحدة للعمال من بقية الفئات الذين تبلغ مدة خدمتهم ثلاث سنوات على الاقل.

وتتيح الإجراءات الجديدة التي يبدأ تطبيقها بداية من يناير المقبل للعامل الانتقال إلى أي منشأة أخرى بعد مرور السنتين، بحسب شروط وضوابط معينة، دون التقيد بفترة «الستة أشهر» التي كان يجب مرورها قبل التحاقه بعمل جديد، دون الحصول على موافقة الكفيل الأصلي، والتي اصطلح على تسميتها «NOC»، حيث يمكن للعامل الانتقال إلى المنشأة الجديدة بشرطين، أولهما انتهاء علاقة العمل بين الطرفين، وأن يكون العامل قد أمضى عامين لدى صاحب العمل، وهي مدة الصلاحية الجديدة لبطاقة العمل التي سيتم العمل بها ابتداء من الأول من يناير المقبل أيضاً، على أن يستثنى من مدة العامين جميع العاملين في المستويات المهارية الأول والثاني والثالث، المنتهية علاقة عملهم، إذ يستطيع العامل بموجب هذه الإجراءات الانتقال إلى منشأة أخرى في حال قام صاحب العمل بإنهاء خدماته، إذا كانت الوظيفة المنتقل إليها في المستويات الأول والثاني والثالث والراتب 12 ألف درهم، و7000 درهم و5000 درهم.

منح التصريح

ويحدّد قرار وزير العمل حالتين يجوز بمقتضاهما منح تصريح العمل الجديد بعد انتهاء العلاقة التعاقدية دون اتفاق الطرفين على هذا الإنهاء، تشمل الحالة الاولى إخلال صاحب العمل بالتزاماته المقررة قانوناً او اتفاقاً، أما الحالة الثانية فهي إنهاء علاقة العمل التي لا يكون العامل سببا فيها، وذلك في حالات الشكوى المرفوعة من قبله على المنشأة، شريطة وجود تقرير من قطاع التفتيش في الوزارة يثبت عدم مزاولة المنشأة نشاطها لمدة تزيد على شهرين، على أن يكون العامل قد راجع الوزارة خلال هذه المدة، إضافة الى حالة الشكوى العمالية المحالة من الوزارة إلى المحكمة شريطة صدور حكم نهائي لمصلحة العامل متضمناً أحقيته في أجر شهرين على الأقل، أو التعويض عن الفصل التعسفي أو فسخ العقد المحدّد قبل نهايته، أو أية حقوق أخرى لم يعطها صاحب العمل للعامل، على ألا يتضمن الحكم ما يفيد بترك العامل للعمل من تلقاء نفسه دون سبب يقره القانون أو حرمانه من مكافأة نهاية الخدمة، إلى جانب حالة قيام صاحب العمل بإنهاء أو عدم تجديد علاقة العمل من تلقاء نفسه، ودون تقديم استقالة من قبل العامل.

على أن يتم تطبيق الإجراءات الجديدة على جميع العمال داخل الدولة بداية من الأول من يناير المقبل، وليس فقط على العمال الذين سيستفيدون من بطاقة العمل الجديدة التي ستكون مدة صلاحيتها عامين فقط.

واستناداً الى القرار يلغى التصريح الممنوح طبقاً للنظام والاجراءات الجديدة اذا تبين للوزارة عدم صحة البيانات التي منح التصريح بناء عليها، او تبين للوزارة عدم استمرار بقاء الشروط والحالات السابقة.

وأشار وزير العمل صقر غباش، إلى أن «الإجراءات الجديدة استندت في مجملها إلى السعي نحو إيجاد المزيد من المرونة في سوق العمل والتوازن في العلاقة التعاقدية بين صاحب العمل والعامل، والتي تنتهي بانتهاء العقد المبرم بينهما أو بطلب أي من الطرفين بما لا يتناقض مع بنود التعاقد التي تستظل بمظلة قانون العمل، وهو ما ينعكس ايجاباً على استقرار السوق».

وأكد غباش أن «الوزارة لن تتدخل في العلاقة التعاقدية بين صاحب العمل والعامل إلا في حال تبين لها وجود إخلال في الالتزامات الواردة في العقد المبرم بينهما، وذلك بإتاحة المجال أمام العامل للانتقال إلى صاحب عمل آخر بعد استيفاء الشروط الموضوعة، مؤكداً في المقابل حرص الوزارة على ضمان حقوق طرفي العلاقة بالشكل القانوني انطلاقاً من أننا نعيش في دولة قانون ومؤسسات».

وأضاف أن منح عمال القطاع الخاص المزيد من الحرية في الانتقال وفق الضوابط الموضوعة ينعكس تلقائياً على أصحاب العمل من حيث الحفاظ على مصالحهم عبر اتاحة خيارات عدة أمامهم، لتوظيف العمال من ذوي المهارات وفق معادلة العرض والطلب، ما يرفع مستوى الانتاجية لدى المنشآت العائدة إليهم، لاسيما في حال توافر بيئة العمل المناسبة القائمة على اساس الالتزام بنصوص العلاقة التعاقدية. وأوضح أن «الاجراءات الجديدة لمنح التصاريح لانتقال العمال من منشأة الى أخرى خضعت للنقاش والتشاور مع الجهات المحلية المعنية، وذلك تنفيذاً لتوجيهات القيادة الرشيدة بضرورة العمل على إيجاد سياسات وتشريعات تتوافق مع مستجدات سوق العمل، وتحد من أية ممارسات خاطئة»، مشيراً الى ان تلك الاجراءات تعتبر ركنا مهما ورئيسا في منظومة التشريعات والسياسات الاصلاحية في السوق، التي طبق بعضها على فترات سابقة، وسيتم تطبيق البعض الآخر في المستقبل القريب.

وتابع أن الدور الذي ينتظر أن تلعبه تلك الاجراءات في إطار المساهمة الفاعلة بالجهود الرامية الى الارتقاء بسوق العمل وتعزيز مفهوم التنافسية والتحول نحو اقتصاد المعرفة، الابقاء على العمالة الماهرة المدربة ذات الانتاجية العالية لدى مؤسسات ومنشآت القطاع الخاص الذي بات ركيزة أساسية ومهمة في اقتصادات غالبية الدول.

وقال إن «سوق العمل ستجني خلال المرحلة المقبلة ثمار الاجراءات الجديدة بشكل ملموس وكبير من حيث تنقل الخبرات والكفاءات من العمالة بين منشآت القطاع الخاص في ما يشبه عملية (التدوير)، الأمر الذي من شأنه ايجاد نمط جديد لتلبية متطلبات المنشآت من العمالة، وبالتالي تقليل معدلات جلبها من الخارج والاطراد في أعدادها الذي يحمل الدولة عشرات المليارات من الدراهم سنوياً».

5 مستويات

وتتضمن المستويات المهارية بحسب التصنيف الخليجي الموحد للوظائف، الذي يعتمد على التصنيف العربي والدولي، خمسة مستويات مهارية: المستوى الأول هو الوظائف الاختصاصية التي يحمل أصحابها شهادات جامعية فما فوق، والمستوى الثاني هو المستوى الفني والمهني ولابد للعامل في هذا المستوى أن يحمل شهادة فوق الثانوية، والمستوى الثالث هو العامل الماهر الذي يحمل شهادة الثانوية، أما المستوى الرابع فهو العامل محدود المهارة، والمستوى الخامس هو العامل غير الماهر. كما يسمح للعامل بالاستثناء من شرط مرور العامين، كذا، في حال إخلال صاحب العمل بالتزاماته المقررة قانوناً تجاه العامل أو الحالة التي لا يكون فيها العامل سبباً في إنهاء علاقة العمل وفق الحالات المشار إليها، أو في حال انتقال العامل إلى منشأة أخرى يملكها أو يشارك فيها صاحب العمل الذي كان يعمل لديه العامل.

تويتر