«صندوق الزواج» قدّم أكثر من 60 ألف منحة خلال 17 عاماً

متوسط تكاليف زفاف المـواطن 500 ألف درهم

«الصندوق» يخطط لبرامج توعية تلفزيونية بعد رمضان تحث الشباب على ترشيد الإنفاق. تصوير: إريك أرازاس

كشفت مديرة إدارة التوجيه والإرشاد الأسري في صندوق الزواج حبيبة عيسى الحوسني، لـ«الإمارات اليوم» أن متوسط تكاليف زفاف الشاب المواطن تتجاوز 500 ألف درهم، معظمها قروض من البنوك، مشيرة إلى أن التكاليف لا تتضمن سوى حجز قاعات العرس والأطعمة والمشروبات والفرق الموسيقية، إضافة إلى مجوهرات العروس وتجهيزاتها وملابس العروسين، وذلك من دون احتساب تكاليف أو قيمة الحصول على منزل أو تأثيثه.

وذكرت الحوسني أن عدد المستفيدين من منح الصندوق تجاوز 60 ألف مستفيد، خلال 17 عاماً، أي منذ إنشائه عام ،1993 ونظم الصندوق أخيراً في خورفكان عرساً جماعياً ضم 43 عريساً بتكلفة نحو 600 ألف درهم تم تحملها مناصفة بين صندوق الزواج والمجلس البلدي في خورفكان.

وتفصيلاً، أكدت حبيبة الحوسني، أن هناك مبالغة لا مبرر لها من قبل معظم المواطنين عند إقامة أفراحهم بهدف التباهي أمام الآخرين، وذلك في ظل ارتفاع أسعار مستلزمات الزواج، مشيرة إلى أن أقل تكاليف للزواج يمكن أن يتكبدها شخص داخل الدولة لا يمكن أن تقل بأي حال من الأحوال عن 100 ألف درهم، ويكون العرس في أضيق الحدود.

 

أعدادالمستفيدين

http://media.emaratalyoum.com/inline-images/286448.jpg

عدد المستفيدين من منح الصندوق منذ إنشائه عام 1993 حتى العام الجاري تجاوز 60 ألف مستفيد :

لمشاهدة عدد المستفيدين منذ 1993 يرجى الضغط على هذا الرابط

 قيم سلبية

وأضافت أن القيم السلبية لاتزال تسيطر على الإنفاق الأسري في الدولة، ما يعيق التطور المجتمعي، وتشير البحوث التي أجراها الصندوق إلى أن الإنفاق على المهور والأعراس يحتل مرتبة متقدمة على غيرها من أوجه الإنفاق، وأن الدافع إلى ذلك ليس عقلانياً بقدر ما هو رغبة في التقليد الأعمى والمباهاة والتفاخر الاجتماعي، مطالبة في هذا الصدد باستراتيجية تتعاون فيها كل مؤسسات الدولة الرسمية والخاصة والأهلية لإحداث تغيير نوعى في القيم السلبية لتحل محلها قيم الاعتدال والحكمة والاقتصاد في الإنفاق.

وأكدت الحوسني أن تكاليف العرس تختلف من إمارة لأخرى وكذا من منطقة لأخرى داخل الإمارة الواحدة، وان كان النمط السائد هو البهرجة التي لا لزوم لها، إذ تختلف تكاليف العرس في أبوظبي عنها في الفجيرة على سبيل المثال من ناحية الحضور وتكاليف حفل الزفاف، موضحة أنه إذا تم حجز قاعة في فندق من فنادق أبوظبي فإنها ستكون ضعف تكاليف حجز القاعة نفسها في الفندق نفسه في الإمارات الشمالية مثل الفجيرة ورأس الخيمة.

وأوضحت أن عرساً جماعياً أقامه الصندوق في رأس الخيمة كشف أن القاعة تكلف الشباب 30 ألف درهم، فيما تكلف القاعة نفسها في أبوظبي من 60 إلى 70 ألف درهم، وذلك على الرغم من أن القاعتين تقدمان الخدمات نفسها من دون أي فارق ملحوظ بينهما.

وانتقدت الحوسني تجهيز أهل العريس أفخم قاعات الزفاف وأضخمها، إضافة إلى إعداد مقاعد وأطعمة ومشروبات بشكل مبالغ فيه، بحيث تكفي 500 شخص على سبيل المثال على الرغم من أن عدد المدعوين للحفل لا يتجاوز 300 فقط، ما يعنى أن هناك 200 وجبة و200 مقعد تم سداد قيمتها من دون الاستفادة منها.

وعن متوسط قيمة المجوهرات التي يقدمها العريس لعروسه ذكرت الحوسني أن هذه القيمة تقدر بأكثر من 100 ألف درهم وإن كان يختلف من شخص لآخر، مشيرة إلى أن تلك البهرجة والإنفاق المتزايد على حفلات الأعراس ليست عادات أو تقاليد موروثة ولكنها ظاهرة دخيلة على المجتمع.

وأكدت أن معظم الشباب أصبحوا يلجؤون إلى الاستدانة من البنوك لإقامة أعراسهم للظهور بمستوى الشخص الثري، الذي يمتلك أموالاً ما يؤدي إلى ظهور حالات تعثر عدة بين الشباب»، مشيرة إلى أن هناك آثاراً سلبية ضخمة تترتب على البذخ غير مطلوب في تلك الأعراس في ضوء عدم القدرة على سداد أقساط البنوك الدائنة.

وأوضحت أن من بين الأمور الإيجابية التي لاتزال موجودة في المجتمع الإماراتي حتى الآن أن عدداً قليلاً من الأسر تطلب من الزوج وجود منزل مستقل له وزوجته، ولكن معظم الأسر لا تفرض ذلك الشرط على الزوج، فيمكن أن يتزوج الشاب في منزل أهله، مبينة أن هذا ليس بالأمر الغريب على المجتمع الإماراتي.

وأشارت إلى أنه في إحدى حفلات الزفاف الجماعية التي أقيمت في منطقة جبلية داخل الدولة طلب بعض الآباء من الصندوق ضرورة تنظيم ندوات توعية للآباء والأمهات وعدم اقتصارها على الشباب الراغبين في الزواج فقط، وذلك لأن هناك عادة لدى الشباب أن يقيموا أعراسهم خارج المنطقة التي يقيمون فيها على الرغم من وجود قاعات في الأماكن المحيطة بهم.

وأكملت أنهم يذهبون لاختيار أفضل القاعات مهما كانت بعيده عن منازلهم أو مكلفة بهدف المباهاة، إذ يرغب كل منهم في إقامة عرس أفضل من الآخرين سواء كانوا أقاربه أو جيرانه أو أصدقاءه، كما ترغب العروس أيضاً في ذلك، وأن يكون حفل زفافها أفضل من حفل زفاف قريباتها أو صديقاتها مهما تكلف ذلك من مبالغ مالية طائلة قد تتجاوز 500 ألف درهم، وربما تصل إلى مليون درهم عند بعض العائلات.

وحول المنحة التي يقدمها الصندوق للشباب الراغبين في الزواج أفادت الحوسني بأن الصندوق يقدم 70 ألف درهم منحة زواج للشاب الذي لا يزيد راتبه الشهري على 16 ألف درهم.

وعن ضآلة هذا المبلغ مقارنة بتكاليف الزواج قالت إنه لا توجد أي دولة في المنطقة تقدم مثل هذا المبلغ منحة لا ترد لمساعدة الشباب على تكوين أسرة، مضيفة أن الـ70 ألف درهم ليس بالمبلغ القليل إذا تعامل العروسان بحكمة ورشدا نفقات حفل زفافهما.

وذكرت أن عدد المستفيدين من منح الزواج التي يقدمها الصندوق تجاوزوا الـ60 ألف مستفيد حتى العام الجاري، مؤكدة أن المستفيدين من المنح من إمارات الدولة كافة، من دون تفرقة، وأنه لو كان هناك شخصان أو ثلاثة أشخاص مستحقين لمنحة الصندوق وهم من أسرة واحدة فإن الصندوق يمنحهم المبلغ كاملاً من دون النظر إلى أن هؤلاء المستحقين أشقاء من أسرة واحدة، طالما أنهم مواطنون وقد انطبقت عليهم الشروط، وذلك لأن الصندوق يتعامل مع الشباب وفق شروط معينة ليس من بينها اقتصار المنحة على شخص واحد فقط في كل أسرة.

الديون البنكية

وأضافت الحوسني أن الصندوق يوعي الشباب ويوجههم في مرحلة ما قبل الزواج ويتابعهم في ما بعد لمساعدتهم على بدء حياتهم والتخطيط لها ومواجهة المشكلات وسبل تجنبها، مشيرة إلى أن الصندوق يركز في محاضراته مع الشباب على توعيتهم بضرورة أن يبتعدوا في بداية حياتهم الزوجية عن الوقوع تحت طائلة الديون البنكية والبهرجة من دون داع، وذلك حتى لا يتعثر الشاب في بداية حياته بسبب تراكم الديون عليه وعدم قدرته على السداد، مبينة أنه ينبغى على الشاب أن يخطط لحياته الأسرية المستقبلية بشكل جيد حتى يستطيع تحمل مسؤولية زوجته وأولاده ويكون قادراً على تكاليف المعيشة، لأن الشاب الذي يبدأ حياته بالديون تنتهي حياته الأسرية بالفشل.

وأعلنت أن الصندوق يجري حالياً دراستين إحداهما عن الاستقرار الأسري تتضمن مناقشة التحولات والمشكلات الاجتماعية الأسرية لدى كل فئات المجتمع من خلال طرح استبيانات في مختلف إمارات الدولة هدفها معرفة المشكلات التي تواجه الأسر، وتركز الدراسة الثانية على ترشيد تكاليف الزواج، لافتة إلى أنه سيتم الانتهاء من هاتين الدراستين في نهاية العام الجاري.

وأكملت أن الصندوق يركز على برامج التوعية التلفزيونية أكثر من الدعاية، وأن الصندوق مؤسسة خدمية، ويخطط حالياً لإجراء برامج توعية لتشجيع الشباب على الزواج وترشيد الإنفاق الأسرى، وستبدأ تلك البرامج التلفزيونية بعد انتهاء شهر رمضان الكريم.

وبينت الحوسني أن صندوق الزواج يؤكد ضرورة إجراء فحوص ما قبل الزواج والحث على أهمية توثيق العلاقات الزوجية ومساعدة الأسر على كيفية الاستفادة من الدخل، وذلك من خلال تثقيفهم بكيفية وضع موازنة الأسرة ووضع استراتيجية اقتصادية أسرية وجدول المصروفات ومقارنتها بالمدخلات والاستفادة من الفائض، وإعطاء الأسر الاستشارة والمساعدة على وضع الموازنة الأسرية «دراسة الحالة للأسرة»، من حيث الوضع الاقتصادي والمالي والاجتماعي، ومساعدتها على وضع آليات كفيلة بالارتقاء بالمستوى الاقتصادي، مضيفة أن الصندوق يسعى إلى مساعدة الأسر على وضع برنامج أسري متكامل من حيث العلاقات الداخلية في الأسرة ومعرفة الأدوار وتوقعاتها وتعزيز مهاراتهم في الحوار والتفاهم.

وتابعت أن الصندوق يطالب أسرتي العروسين بإعطاء الإرشادات والنصائح المطلوبة لهما وعدم التدخل المباشر في حياتهما من قبل أهلهما، ومحاولة الإصلاح بينهما في حال حدوث أي شقاق بينهما مع عدم الميل إلى أي جانب عن الآخر، وإعطاء الشاب والفتاة حرية الاختيار في الزواج مع ضرورة المراقبة والتدخل بالنصح والإرشاد عن كيفية الاختيار وأسسه قبل الزواج، مع دراسة الأمراض الاجتماعية الناتجة عن حالات القلق لدى الأبناء مثل العدوان وجنوح الأحوال وكراهية الوالدين والطلاق ووضع برامج نفسية اجتماعية لإعادة تأهيل أبناء المطلقين اجتماعياً ودراسياً ونفسياً. وأكملت أن الصندوق يعمل على تقديم الندوات والمحاضرات وورش العمل في كيفية مساعدة أبناء المطلقين للتكيف النفسي والاجتماعي، ووضع برامج إعلامية عن المشكلات الاجتماعية والنفسية والدراسية لأبناء المطلقين وكيفية حلها مع دعم وتعزيز جهود صندوق الزواج والجمعيات النسائية، ومراكز رعاية الأحداث والمطلقات والأرامل وغيرها من المؤسسات الأهلية والاجتماعية والأسرية حتى تسهم في خفض معدلات الطلاق سنة بعد أخرى.

وأوضحت الحوسني أن الصندوق دعا إلى نشر التوعية الأسرية في ما يتعلق بحل الخلافات الزوجية وأساليب تربية الأطفال وتوعية المواطنين بالآثار السلبية الناجمة عن شرب الكحول وتعاطي المخدرات.

يشار إلى أن صندوق الزكاة كان قد أجرى في شهر أبريل الماضي دراسة شاملة عن الطلاق داخل الدولة بالتعاون مع جامعة الإمارات، وقد أجريت الدراسة على عينة مكونة من 1335 مطلقاً ومطلقة، وذلك في إطار خطة عمل صندوق الزواج الرامية إلى بناء أسرة إماراتية مستقرة وآمنة.

تويتر