حققت نتائج عالية في جودة المخرجات.. ومهنة التدريس الأكثر إقبالاً

فنلندا تسعى إلى تصدير التجربة التعليمية إلى مدارس الإمارات

تدريب طلبة على مهارات حياتية خلال الدوام المدرسي. الإمارات اليوم

أكد مسؤولون فنلنديون اهتمامهم وسعيهم إلى تعزيز التعاون والشراكة مع الإمارات في مجال التعليم، والتوسع في تطبيق التجربة التعليمية الفنلندية في عدد أكبر من المدارس الحكومية في أبوظبي خلال الأعوام الدراسية المقبلة، في إطار شراكة تربوية مع مجلس أبوظبي للتعليم، إذ تطبق مدرستان حكوميتان النموذج التعليمي الفنلندي، وهما «الأمين» في أبوظبي، و«هيلي» في العين.

ويعمل الجانب الفنلندي في إطار الشراكة مع المجلس على نقل خبراته وأساليب التدريس الحديثة إلى المعلمين المواطنين، بهدف نقل المعرفة، ورفع المستوى التحصيلي للطلبة، وذلك وفق معايير ترتبط بالبيئة المحلية الإماراتية، والأخذ في الحسبان الثقافة المجتمعية والهوية الوطنية.

مشروع «ماي سيتي»

تنفذ الحكومة الفنلندية مشروعاً تربوياً، أطلقت عليه «مي آند ماي سيتي»، فاز بجائزة أفضل مشروع ابتكار عالمي في قمة التعليم عام 2014، وهو مشروع تعليمي يستهدف أطفال المدارس، ويشجعهم على روح المبادرة والعمل، وتدريبهم على المهن المختلفة، ويمارسون هذه المهنة بين بعضهم بعضاً داخل مؤسسة تعليمية مجهزة بكل الأدوات والوسائل التعليمية.

اتفاق الشراكة

أسفرت العلاقة بين مجلس أبوظبي للتعليم وفنلندا عن اتفاق شراكة تربوية في 2010، ويتم تنفيذه بالتنسيق مع شركة «إديو كلاستر» الفنلندية، من أجل استقدام مديري مدارس ومعلمين من فنلندا، للمساعدة على الدمج بين التجربة التعليمية الفنلندية والإماراتية في مدرستين حكوميتين في مدرسة الأمين للبنين في أبوظبي، ومدرسة الراقية للبنات في العين، وشارك العديد من المعلمين المواطنين في برنامج التطوير المهني الذي تنظمه الشركة بالتعاون مع كلية التربية بجامعة يوفاسكولا.

وتم تدريب معلمين مواطنين على التجربة الفنلندية أخيراً، وأنهت الدفعة الثانية منهم، العام الماضي، برنامجاً تدريبياً حول طرائق وأساليب التدريس من جامعة يوفسكولا الفنلندية، حيث أنهت 18 معلمة مواطنة 60 ساعة معتمدة من الدراسات التربوية، ما أتاح لهن الفرصة لدراسة الماجستير في جامعة يوفسكولا، التي تعد من أبرز الجامعات الفنلندية المتعددة التخصصات العلمية، والتي تستضيف أكثر من 15 ألف طالب من مختلف أنحاء العالم.

واطلع وفد إعلامي، ضم صحافيين من الإمارات والسعودية وعمان ومصر، بدعوة من وزارة الخارجية الفنلندية، أخيراً، على أسرار نجاح وتفوق فنلندا في مجال التعليم على مستوى العالم، من خلال لقاء عدد من المسؤولين، وزيارة مدارس ومؤسسات تعليمية مختلفة.

وقالت مدير العمليات الدولية في مؤسسة «إديو كلاستر»، المعنية بنقل التجربة التعليمية الفنلندية إلى الخارج، ايلسا ترافانن، إن «المؤسسة صدرت تجربتها التعليمية إلى 20 دولة في العالم، منذ 2010»، مشيرة إلى أن «نظم التعليم الفنلندية حظيت باهتمام واسع النطاق من دول العالم خلال السنوات الماضية، لما حققته من تفوق وتميز على مستوى النتائج والمخرجات».

وأضافت أنه «تم توقيع شراكة مع مجلس أبوظبي للتعليم، لتطبيق التجربة الفنلندية في عدد من المدارس، وتدريب المعلمين على نظم التدريس المعتمدة لدى فنلندا، وتم تطبيقها بالفعل في مدرستين، ومن المتوقع أن يبدأ التوسع في تطبيق التجربة على مدارس أخرى قريباً».

وأكدت أن «فنلندا تسعى إلى تصدير تجربتها المتميزة في مجال التعليم إلى الشركاء الدوليين، وما يرتبط بها من استشارات تعليمية وبرمجيات وأدوات تعلم حديثة وخدمات تدريب المعلمين وبرامج تربوية وتعليمية».

ولفتت ترافانن إلى أن «مفهوم تصدير التجربة التعليمية يمثل تعاوناً أكاديمياً وليس تجارياً، بهدف دعم النظم التعليمية في الدول الأخرى بالأدوات والنظم التعليمية الفنلندية، بما يتناسب مع المتطلبات المحلية والتقاليد والعادات، ويشتمل ذلك على التطوير المهني للمعلمين، وإكسابهم أساليب التدريس، وتزويدهم الألعاب الرقمية التعليمية والبرمجيات».

وتعد فنلندا من البلدان الرائدة تعليمياً على مستوى العالم منذ سنوات طويلة، وذلك من واقع النتائج المتميزة لطلبتها في المرحلة الثانوية، وحافظت على هذا المستوى المتميز طوال العقد الماضي.

ويتميز الفنلنديون بسمعة عالمية على مستوى التحصيل العلمي لطلابهم، مقارنة بنظرائهم على مستوى العالم، ويحظى الطالب في كل المراحل الدراسية برعاية صحية عالية، إذ لا يسمح له بإحضار أي أنواع من المأكولات أو المشروبات إلى المدرسة، وإنما يتم توفير كل احتياجاته الغذائية في مطعم المدرسة، ويتم تحضيرها بتوصيات خبراء تغذية.

فضلاً عن ذلك، تخصص المدارس حصصاً يومياً، لتفريغ طاقة الطلبة، واستعادة نشاطهم أثناء اليوم الدراسي، وتضم المدرسة صالات رياضية متنوعة لكل الأنشطة التي يرغب الطالب في المشاركة فيها، فضلا عن جولات خارجية.

ويحظى المعلم الفنلندي بتقدير خاص في المجتمع على مختلف المستويات، ويحصل على رواتب في المعدل نفسه الذي يحصل عليه نظراؤه من الأطباء وأساتذة الجامعات والمهندسين، وفي الوقت الذي تُعاني فيه مختلف دول العالم عزوف الشباب عن الالتحاق بسلك التدريس، فإن فنلندا على العكس من ذلك، تجد إقبالاً كبيراً على العمل في هذا القطاع.

وليس من السهل أن تصبح معلماً في فنلندا، إذ يتطلب دراسة خمس سنوات، والحصول على درجة الماجستير، لتصبح معلماً، وتكون متخصصاً في إحدى المواد.

ونجحت فنلندا على مدار سنوات في وضع برامج متطورة لتدريب المعلمين وتطويرهم مهنياً، استناداً إلى نتائج البحث العلمي من أجل المساعدة على إثراء معارف المعلمين، وأساتذة كليات التربية، وغيرهم من أعضاء هيئات التدريس، بما يؤدي إلى تطوير أساليب وممارسات التدريس.

ويخضع المعلم لتدريب مكثف على أساليب التدريس والتربية العصرية، وكيفية تعزيز العلاقة مع الطالب، ويتمتع بدرجة عالية من الحرية المهنية والثقة في عمله.

وعدد سكان فنلندا لا يتجاوز خمسة ملايين نسمة، ولديها نحو 100 ألف معلم يعملون في 3000 مدرسة في مختلف المراحل الدراسية، واعتمدت التجربة التعليمية على ركائز أهمها تمتع المدارس باستقلالية تامة في إدارة العملية التعليمية، ومستوى تأهيل الطاقم التدريسي، إذ يشترط على المعلم أن يكون من حملة الماجستير، وهو أمر تفتقده العديد من الأنظمة التعليمية في العالم، إضافة إلى مرونة النظام التعليمي بالدمج بين الطلبة ذوي المستويات والقدرات المختلفة، وكذا إكساب الطلبة المهارات الأساسية من خلال أساليب التعلم التي تعتمد على الاكتشاف والألعاب الرقمية، وتفعيل طرق البحث عن المعلومات على الإنترنت والمكتبات.

وتوفر فنلندا التعليم المجاني لجميع أفراد شعبها، ما يجعل الطلاب ذوي المستوى الضعيف يدخلون الصفوف نفسها مع أقرانهم من الطلاب الأقوياء أكاديمياً، الأمر الذي قد يرفع من مستواهم الأكاديمي.

 

تويتر