تجتذب المراهقين عبر مواقع التواصل.. والمدارس ترد بتحذيرات ورسائل توعية

«تحدي الحوت الأزرق».. رحلة إلى الموت تستغرق 50 يوماً

أثار ظهور لعبة «تحدي الحوت الأزرق» على مواقع التواصل الاجتماعي، أخيراً، قلق أولياء الأمور على أبنائهم، حيث يستهدف القائمون على هذه اللعبة المراهقين، من خلال إغوائهم لممارستها لمدة 50 يوماً، تبدأ بالتسجيل فيها عبر المواقع الإلكترونية، وتمر بمراحل عدة، تنتهي المرحلة الأخيرة منها بانتحار المتسابق. وطالبوا الجهات المعنية بحظر مثل هذه الألعاب الخطرة، حفاظاً على سلامة الأطفال والشباب الذين ينساقون وراءها بدافع حب المغامرة.

الرقابة الجادة

أكد الأستاذ في علم الاجتماع الدكتور أحمد العموش، أن العالم الافتراضي يموج بسيل عرم من الأفكار والمعلومات، يختلط فيه الغث بالسمين، والجيد بالرديء، ما يجعل الحاجة للمراقبة على هذه المواقع أمراً ملحاً، خصوصاً إذا كان ما تنشره يستهدف المجتمع.

ولفت إلى أن انغماس الأطفال واليافعين في العالم الافتراضي من خلال متابعتهم شبه الدائمة لوسائل التواصل الاجتماعي، والمواقع الإلكترونية، جاء نتيجة غياب الرقابة الجادة من قبل الأسر والمدارس للأبناء والبنات، ما أدى إلى إدمانهم هذه المواقع، للبحث عن تعويض النقص العاطفي، الذي تسبب فيه انشغال الأهل عنهم، لافتاً إلى أن ذلك يجعلهم مؤهلين لارتكاب أخطاء وجرائم بحقهم أو ضد المجتمع، وهذا ما ظهر جلياً في تتبع كثير من المراهقين لألعاب خطرة، من بينها لعبة «تحدي الحوت الأزرق»، وانتهى بهم الأمر إلى الانتحار.

وأضاف أن وقوع هذه الجرائم في دول أخرى يدق ناقوس الخطر، ويؤكد ضرورة تكاتف الجميع لمواجهة هذا الخطر الذي يحيق بالمجتمع، من خلال استهداف أبنائه وبناته، مطالباً بأن يتكاتف الجميع من أسرة ومدرسة وجهات مختصة، لتحصين المجتمع من هذه الظواهر القاتلة، ومن الضروري أن تعلِّم الأسرة والمدرسة معاً الأطفال عدم الانسياق وراء الآخرين بالتقليد الأعمى، من خلال مقاومة تأثير سلوكيات الأصدقاء غير المرغوب فيها.

وبدورها، دعت عضو في المجلس الوطني الاتحادي، وزارة التربية والتعليم وهيئة تنظيم الاتصالات والنوادي والمجالس ووسائل الإعلام، إلى الاضطلاع بأدوارها في التوعية ضد الظواهر والألعاب الخطرة على مواقع التواصل الاجتماعي، التي تتنافى مع عادات وتقاليد المجتمع.

فيما أكدت هيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي، أن دورها يتمحور حول اتخاذ الإجراءات الإدارية اللازمة، إذا تم اكتشاف أي حالة سقطت في فخ لعبة «الحوت الأزرق»، أو غيرها من الألعاب التي تمثل خطورة على حياة ومستقبل طلبة مدارس الهيئة.

وتفصيلاً، طالبت مروة صبري، والدة طالبين، الجهات المختصة بتشديد الرقابة على المواقع التي تنشر الألعاب الخطرة كلعبة «الحوت الأزرق»، وحظرها، لما لها من انعكاسات سلبية على الطلاب والطالبات، خصوصاً من هم في سنّ المراهقة، لافتةً إلى أن رقابة أولياء الأمور والأسرة لن تكون كافية لمنعهم من الدخول على الإنترنت، والبحث عن هذه المواقع، لأن الأبناء والبنات في هذه السنّ يشعرون بالاستقلالية، فضلاً عن أن رقابة الأسرة أو المدرسة لن تكون لصيقة بهم على مدار الساعة، مشيرةً إلى أن ابنها الذي يدرس في الصف الحادي عشر لا ينصاع إليها دوماً عندما تطلب منه عدم متابعة الإنترنت لفترات طويلة، ومن ثم فإنها تشعر بالقلق من احتمال وصوله إلى مواقع تبث أفكاراً متطرفة في أذهان متابعيها.

وذكر مصطفى عبداللطيف، والد طالبة في المرحلة الثانوية، أنه شعر بالقلق عندما قرأ عن لعبة «الحوت الأزرق»، التي تستدرج الشباب إلى منافسة نهايتها الموت، مضيفاً أن «ظهور حالات كضحايا لهذه اللعبة في دول غربية وأجنبية، يعني أننا لسنا بمنأى عن تأثيرها، لأن اللعبة تنتقل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصاً (فيس بوك)، ما يعني أنها في متناول أيديهم، إضافة إلى ذلك فإن الشباب في سنّ المراهقة يحبون المغامرة، ما يدفعهم إلى خوض التجربة حتى نهايتها».

ولم تخفِ مريم عبدالله، أم لثلاثة طلاب، قلقها من انتشار لعبة «الحوت الأزرق» على وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكدة توعيتها المستمرة لأبنائها ضد ما ينشر عبر الشبكة العنكبوتية.

ورأت أن متابعة الأطفال والمراهقين لوسائل التواصل الاجتماعي تجعلهم يفضلون العزلة عن محيطهم، وتدفعهم لاتخاذ قرارات متهورة قد تضرهم في نهاية المطاف.

وقالت منال الحبال، مشرفة قسم اللغة العربية في إحدى المدارس الخاصة، إن إدارة المدرسة وجهت المعلمين بتوعية الطلبة، خصوصاً في المرحلة الثانوية، ضد مخاطر الألعاب الإلكترونية الخطرة، ومن بينها لعبة الحوت الأزرق، التي تنتهي بموت المتسابقين فيها، كما حثت أولياء الأمور على متابعة أبنائهم وبناتهم عند استخدام وسائل التقنية الحديثة، وتوعيتهم ضد الأفكار المنحرفة والألعاب الخطرة، أو التي تبث أفكاراً متطرفةً وغريبة عن عادات وتقاليد مجتمعاتنا.

وطالبت المديرة التنفيذية في هيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي، فاطمة غانم المري، المدارس والأسر بتوعية الطلبة ضد مخاطر الألعاب الإلكترونية بشكل عام، لأنها تصيب متابعيها بالأنانية والانطوائية، وعدم التفاعل مع المحيطين بهم، ما يجعلهم غير إيجابيين في المجتمع، إضافة إلى أن الألعاب المنتشرة على المواقع الإلكترونية غير موثوق بها، وغير مراقبة بشكل كافٍ، ما يجعلها مصدراً للتشويه الفكري لدى متابعيها، كما أنها تغرس في نفوسهم صفات سيئة مثل حب الانتقام، أو إيذاء أنفسهم أو الآخرين.

وأكدت ضرورة أن تتخذ كل مدرسة الإجراءات اللازمة للمحافظة على طلابها وطالباتها ضد أي مخاطر، خصوصاً المخاطر الإلكترونية، لافتة إلى أن دور الهيئة يتمحور حول اتخاذ الإجراءات الإدارية اللازمة، إذا تم اكتشاف أي حالة سقطت في فخ لعبة «الحوت الأزرق»، أو غيرها من الألعاب التي تمثل خطورة على حياة ومستقبل طلبة مدارس الهيئة.

وطالبت عضو المجلس الوطني الاتحادي، عائشة بن سمنوه، أولياء الأمور والجهات المختصة، بالقيام بأدوارهم للتصدي للظواهر الغريبة عن المجتمع، التي ظهرت أخيراً، كظاهرة الرقصات الشعبية، إضافة إلى ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحصين الشباب والأطفال من الألعاب الإلكترونية الخطرة، ومنها لعبة «الحوت الأزرق»، التي ظهرت في دول أخرى، ونتج عنها انتحار مراهقين أحبوا المغامرة، فانتهت بإزهاق أرواحهم، مضيفةً أن «الجميع سواء أولياء الأمور أو وزارة التربية والتعليم أو هيئة تنظيم الاتصالات أو النوادي والمجالس، مطالبون بتوعية شبابنا وأبنائنا ضد ما تنشره المواقع الإلكترونية من سلوكيات وألعاب وأفكار سيئة ومخالفة لعادات وتقاليد المجتمع الإماراتي».

ودعت بن سمنوه وزارة التربية والتعليم إلى الاضطلاع بدورها في توعية ومراقبة الطلبة ضد هذه اللعبة، لافتةً إلى أن الطلبة يقضون في المدرسة معظم أوقات اليوم، ما يجعل متابعتهم من المعلمين والإدارات المدرسية أكبر من متابعة أولياء الأمور، مطالبةً هيئة تنظيم الاتصالات بتشديد الرقابة على الشبكة العنكبوتية وما يبث عليها، وحظر المواقع التي تنشر مثل هذه السلوكيات والألعاب الخطرة.

ولفتت إلى أن «الفكر العربي غائب عن إنتاج ألعاب تعزّز الانتماء والأفكار الجيدة في المجتمعات العربية، وتحولت هذه المجتمعات إلى متلقٍّ لما يقدمه الآخرون لها».

تويتر