قضت قبل أن تحتفل بزواج ابنتها.. والعائلة المواطنة تتكفّل براتبها

خادمة تنقذ 4 أطفال مواطنين من الموت غرقاً في أبوظبي

صورة

قضت خادمة بنغالية في العقد الثالث، تدعى صفية، غرقاً في منطقة شاطئ الضبعية بأبوظبي، يوم الجمعة، أثناء محاولتها إنقاذ أربعة أطفال مواطنين، من العين وأبوظبي، إذ دفعتهم بقدميها ويديها خارج الماء، وقدمت حياتها ثمناً لذلك، على الرغم من محاولات إسعافها، والمسارعة في نقلها إلى مستشفى المفرق.

وعمّقت التفاصيل التي رواها المواطن (أبوعبدالله)، والد الطفل عبدالله، الذي كان على وشك الغرق في الشاطئ، حجم التضحية التي قدمتها الخادمة (صفية) لإنقاذ الأطفال، خصوصاً أنها كانت تستعد لزفاف ابنتها، الشهر المقبل، وتعد الترتيبات المطلوبة لإتمامه.

دعم عائلة «صفية»

أكدت (أم عبدالله) أن عائلتها ستدعم عائلة (صفية) في بنغلاديش، وترد التقدير لها على دورها البطولي في إنقاذ حياة عبدالله والأطفال الثلاثة.

وقالت إن «(صفية) لم تكن مجرد عاملة في المنزل، فقد كنا نشعر بها قريبة جداً من جميع أفراد الأسرة بتعاملها الراقي وأسلوبها الرائع مع الأطفال. وكنا نساعدها كثيراً، خصوصاً أنها كانت تسعى إلى توفير الحياة الكريمة لأولادها الأربعة في بنغلاديش».

وأكدت أن «الموقف كان عصيباً أمام الشاطئ، فقد كنا نشعر بأن أولادنا على وشك الموت بسبب وجودهم داخل المياه، وبعد أن قذفتها المياه حاولنا إسعافها بكل الوسائل قبل وصول الاسعاف، لكن محاولاتنا لم تُجدِ نفعاً، وكنا نعرف أنها لديها خبرة في السباحة، لكن الموقف كان صعباً وسط أجواء من التوتر».

وأشارت إلى أن «نساء العائلة أسهمن طواعية بمبلغ مالي لتقديمه إلى عائلة صفية في بنغلاديش، تقديراً لما قامت به. كما أننا نخطط لمساعدتها بطريقة أخرى بالتشاور مع زوجي أبوعبدالله».

وقالت إن القدر لطف بولدها عبدالله والأطفال الثلاثة وفتاة أخرى كانت تحاول المساعدة في إنقاذ الأطفال، فتسلحت بجرأة كبيرة لإنقاذها، وتم نقلها إلى مستشفى المفرق لتلقي العلاج، وقد استجابت بسرعة للتنفس الاصطناعي، ولم تكن حالتها تشبه ما حدث لصفية، التي قاومت الخطر لإنقاذ الأطفال. وكان يمكن أن يطال خطر الغرق ستة أطفال من العائلة كانوا بالقرب من الشاطئ.

وذكرت أن نجلها (منصور ــ ثلاث سنوات) عاد من الروضة حزيناً بعد يومين من وفاة صفية، وأخبر معلمته التي سألته عن سبب حزنه، أن «صفية راحت في الشاطئ، ولن تعود».

وقال إن مجموعة من العائلات غادرت منطقة العين لتمضية بعض الوقت في الشاطئ مع أطفالهم، وأثناء تأدية صلاة الجمعة، غادر أربعة أطفال منطقة الشاليهات باتجاه الشاطئ مع النساء والخادمات، ولكنهم توغلوا داخل المياه، وبدا أنهم ذهبوا الى منطقة عميقة، ولاحظت صفية ذلك، فأسرعت نحوهم».

وأوضح أن الوضع، حسب التفاصيل التي روتها له (أم عبدالله)، كان صعباً جداً، بسبب اللحظات العصيبة التي واجهتهم، مضيفاً أن «صفية ركضت بسرعة كبيرة إلى داخل الشاطئ، وسحبت الأطفال الأربعة بيديها وقدميها من المياه، وأثناء ذلك كانت تبتعد عنهم وتختفي تحت المياه، ثم تظهر مجدداً». وقال (أبوعبدالله) إن «بعض المحاولات الفاشلة من النساء الأخريات لإنقاذ الأطفال كادت تودي بحياتهن، خصوصاً أن المكان داخل الشاطئ كان عميقاً، فتم سحب الأطفال الأربعة وفتاة أخرى من عائلتنا بسلام، إثر نجاتهم من موت كان وشيكاً».

وأشار إلى أن الخادمة ظهرت على السطح بعد وقت قصير خائرة القوى، بعدما قذفتها المياه، فتم انتشالها والاتصال بالإسعاف على الفور.

كما جرت محاولات لإنعاشها وإخراج الماء من رئتيها، وإجراء التنفس الاصطناعي لها، لكن كل المحاولات لم تُجدِ نفعاً حتى حضور الإسعاف، ففارقت الحياة في موقف أثار الحزن الشديد عليها، على الرغم من السعادة الكبيرة التي علت الجميع بسلامة الأطفال».

شجاعة نادرة

وأضاف (أبوعبدالله) أن نجله عبدالله (ست سنوات) كان مع ثلاثة أطفال من العائلة تراوح أعمارهم بين ثماني وتسع و10 سنوات، وقال: «لا أستطيع وصف ما حدث، لكن أشعر بأننا ندين لهذه الخادمة، التي أمضت معنا نحو أربع سنوات في العمل داخل المنزل، بما لا نستطيع الوفاء به، فقد كانت سبباً في إنقاذ حياة عبدالله والأطفال الآخرين من العائلة، بفضل شجاعتها ونبلها، وعدم ترددها في التضحية بحياتها».

وتابع: «هذا قضاء وقدر، لكن أكثر ما يحز في نفسي رغبة هذه الخادمة في إنقاذ الأطفال، وعدم اكتراثها بحياتها التي دفعتها ثمناً غالياً لهذه الخطوة الشجاعة».

وتابع: «حتى داخل المنزل، كانت تطلب مني عدم معاقبة أطفالي حال ارتكابهم أخطاء، فشعرت بأنها قريبة جداً من أسرتي بحبها لأولادي ورغبتها في حمايتهم من الأذى، وربما يعود السبب في ذلك إلى المعاملة الحسنة التي نقابلها بها في المنزل. كما أنها تؤكد، بهذا التصرف الرائع، ضرورة تقدير الدور المهم لخدم المنازل، وعدم التعرّض لهم، حتى لا يقع الضرر على الأطفال الأبرياء، خصوصاً إذا قررت أي خادمة الانتقام من سوء المعاملة».

ولفت (أبوعبدالله) إلى أنه أبلغ أسرتها في بنغلاديش بخبر وفاتها، ووجد منهم ردة فعل شجاعة جداً، فقد أبلغوه بأنها فعلت المتوقع منها مع الأطفال الأربعة، وأنها شهيدة الواجب».

وقال إنه سيتواصل مع عائلة صفية في بنغلاديش لترتيب الأمور المالية التي تساعدهم على مواجهة الحياة بعد رحيلها، كما أن أفراد العائلة بادروا من تلقاء أنفسهم بجمع مبلغ مالي لتقديمه إلى عائلتها وأولادها في بنغلاديش.

أمنية لم تتحقق

وكشف (أبوعبدالله) أن (صفية) كانت تخطط للاحتفال بزواج ابنتها في بنغلاديش، وطلبت مساعدة من والدته، بسبب ظروفها الصعبة، فوعدتها بمساعدتها على إكمال مراسم الزواج، وهذا يدل على التقدير الذي تحظى به من عائلتنا، لأننا لم نرَ منها سوى الأعمال الحسنة والواجب الرائع مع الأطفال في المنزل، إلى جانب سمعتها الطيبة وأخلاقها العالية، علماً بأنها أم لولدين وابنتين. وكان مقرراً الزواج الشهر المقبل، وأخطط لتخصيص الراتب الذي كانت تتقاضاه المتوفاة شهرياً لأسرتها في بنغلاديش، تقديراً لتضحيتها العظيمة التي قامت بها مع الأطفال الأربعة.

حزن يخيّم على العائلة

وعبّر جد الطفل (عبدالله) عن حزنه لوفاة (صفية) بسبب تفانيها في العمل داخل المنزل منذ نحو أربع سنوات، وقال إنه سمع بنبأ وفاتها أثناء عودته إلى المنزل بعد صلاة الجمعة، وقال: «الحقيقة أنها كانت تحظى بتقدير كبير من الجميع، فلم أسمع شكوى من الأطفال أو ولدي وزوجته منها، كما أنني كنت أسألها عن حال أسرتها وأولادها، وأمنحها 20 أو 25 درهماً وأقول لها تحدّثي مع أهلك في بنغلاديش للاطمئنان عليهم.

وأوضح أن الحزن خيّم على العائلة والأهل والجيران بعد وفاة (صفية)، وتلقينا العزاء من جانبهم بعد علمهم بشجاعتها والدور الذي قامت به لإنقاذ الأطفال.

وشهد العامل الهندي في منزل (أبوعبدالله)، نور خان، الذي يعمل معهم منذ نحو 10 سنوات، بالدور الرائع الذي كانت تقوم به (صفية) مع الأطفال، مؤكداً أنه يشعر بحزن شديد لوفاتها.

تويتر