‏‏‏نتيجة الخجل الاجتماعي وغياب الثقافة الأمنية

معظم جرائم التحرش بالأطفال لا يصل إلى الشرطة‏

أظهرت احصاءات شرطة دبي أن نسبة بسيطة من قضايا التحرش ضد الأطفال تصل إلى مراكز الشرطة، اما غالبية هذه الجرائم فتتكتم عليها الأسر.

 ‏لجنة عُليا لحماية الطفل‏

‏أصدر الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، قراراً وزارياً بشأن استحداث لجنة عُليا دائمة لحماية الطفل، في وزارة الداخلية، برئاسة الأمين العام لمكتب سموه اللواء ناصر لخريباني النعيمي، على أن يكون ممثلاً للإمارات في القوة العالمية الافتراضية.

ونص القرار على تخويله بالتوقيع على مذكرات تطوير الشراكات مع الجهات الحكومية والخاصة داخل الدولة وخارجها في ما يتصل بحماية الطفل.

وحسب القرار تضم اللجنة ممثلين من كل الأجهزة المعنية في وزارة الداخلية و14 عضواً من الجهات الحكومية «الشركاء الاستراتيجيين»، ومنها وزارة العدل وهيئة الإمارات للهوية وهيئة تنظيم الاتصالات.

وقال النعيمي إن القرار حدّد اختصاصات اللجنة في إنشاء مركز لحماية الطفل يُعنى بالجرائم التي يتعرض لها الأطفال والظواهر التي تشجع على استغلالهم ووضع حلول ومبادرات تكفل توفير الحماية لهم، ورصد ومراقبة جرائم الأطفال عبر الإنترنت، مثل الاستدراج والتغرير بالأطفال ورصد ومراقبة الإساءات الجنسية أو محاولات الاستغلال التي يتعرض لها مستخدمو الشبكة الإلكترونية من الأطفال والمراهقين، ومراقبة التجاوزات التي ترتكب في مقاهي الإنترنت والشبكات العامة عن طريق توثيق هوية المستخدمين، وسجل الاستخدام، ونشر الوعي عن كيفية الاستخدام الأمثل للإنترنت على مستوى الأسرة والفرد.

وأوضح الأمين العام أنه بموجب القرار سيتم رصد المعاملات المالية المشبوهة التي تتم عبر الإنترنت ذات الصلة باستغلال الأطفال، والتعرف إلى الأشخاص الذين يرتكبون جرائم الاستغلال الجنسي بحقهم أو بإنتاج أو توزيع أو حيازة هذا النوع من الملفات، لافتاً الى انه سيتم بناءً على القرار الإشراف على إنشاء قاعدة معلومات متكاملة حول هذه الجرائم.أبوظبي ــ الإمارات اليوم‏

وعزت مديرة إدارة سجن النساء في شرطة دبي الخبيرة الأمنية في شؤون المجتمع، المقدم فوزية محمود الملا، تستر الأسر على تلك القضايا إلى «الخجل الاجتماعي وغياب الثقافة الأمنية عن تلك الأسر».

وقالت الملا في الملتقى الأسري العاشر الذي نظمته مراكز التنمية الأسرية في الشارقة تحت عنوان «براءتي أمانة فاحفظوها من الخيانة» أول من أمس، إن «75٪ من جرائم التحرش الجنسي ضد الأطفال، تصدر عن أقرباء للضحية، ولا يحتاج المتحرش سوى خمس دقائق ليعتدي على ضحيته، في غياب ذويه»، لافتة إلى أن «القانون عرّف التحرش على أنه فعل مقصود يأتي من شخص بالغ، وغالباً ما يتم في الخفاء بعيداً عن رقابة ذوي المجني عليه».

ويجرم القانون التحرش إذا لُمست مناطق حساسة في جسد الطفل، أو أُجبرت الضحية على لمس أعضاء الجاني، لإشباغ رغبات جنسية، وأوضحت الملا أنه «غالباً ما يراقب المتحرش ضحيته ويستدرجها لممارسة فعله الشاذ، ويستهدف الأطفال من عمر سنتين إلى ست سنوات، أما الطفل البالغ من العمر 10 سنوات فيقع عليه فعل التحرش عرضيا، نتيجة عدم وجود رقابة كافية من قبل ذويه»، لافتة إلى أن «المتحرش قد يكون قريب للطفل، يعتدي عليه لسنوات، ويعوّده تدريجياً على ممارسة الفعل، الأمر الذي يحول الطفل إلى شاذ».

 تحرشات سابقة

واستعرضت الملا قضايا تحرش واعتداء جنسي على أطفال لم يتجاوزوا السادسة من العمر، منها القضية التي تنظرها محكمة جنايات دبي، المعروفة بقضية طفل العيد، وذكرت أن «التحرش يبدأ بفعل غريزي وينتهي بقتل الضحية، إذ أثبت التحليل النفسي الجنائي لمتهم «قضية طفل العيد» أن التوتر كان غالباً عليه أثناء محاولته تفريغ الشحنة الغريزية والسيطرة على الطفل، الأمر الذي دفعة إلى القتل».

وفي قضية أخرى، نفذ حكم الإعدام على مغتصب (متزوج بامرأتين) طفلة الطوار، البالغة من العمر ست سنوات، التي عثر على جثتها ملقاة في حاوية قمامة في منطقة الطوار، وتعرض جهازها التناسلي للتهتك وكسر في عظام الحوض والفخذين، نتيجة اغتصاب بالإكراه، وتبين من التحقيقات أن الجاني استدرجها إلى منزله بمساعدة قريبه، واعتدى عليها في حظيرة المواشي، ولفتت الملا إلى أن «ذوي الطفلة لم يلحظوا تغيبها إلا بعد 10 ساعات». وشددت الملا على ضرورة استمرار الحوار بين أولياء الأمور واطفالهم وتوعيتهم وتثقيفهم جنسياً ومراقبة سلوكهم وتصرفاتهم، مؤكدة أهمية أخذ الطفل إلى مركز الشرطة والإبلاغ حال وقوع تحرش، من دون إزالة الأدلة الجنائية ودلائل الواقعة عن جسد الطفل.

خط النجدة

إلى ذلك تلقى خط نجدة الطفل، التابع لدائرة الخدمات الاجتماعية في الشارقة، 713 بلاغاً من ضحايا خلال ثلاث سنوات، وقالت مدير عام الدائرة عفاف المري، في الملتقى، إن «50٪ من البلاغات وردت لخط النجدة من أولياء أمور يشكون وقوع عنف ضد أطفالهم، وسجل الخط 291 اعتداء على أطفال و77 طلب استشارة أسرية»، لافتة إلى أن 50٪ من البلاغات سجل في الشارقة».

وأوضحت أن «خط نجدة الطفل يقدم خدمات اجتماعية ونفسية وقانونية للضحية، ويخدم الإمارات كافة، ويوفر الحماية ويبعد الأذى ويزيل آثار الاعتداء عن الضحية إضافة إلى حل المشكلات التي تواجهها». وذكرت أن خط النجدة يواجه تحديات عدة منها الصورة الذهنية الراسخة في أذهان أفراد المجتمع، الذين يعتبرون أن خدمات الخط تدخل في خصوصياتهم وشؤونهم الداخلية، إضافة إلى تخوف الأطفال من الاتصال والابلاغ عن الاعتداءات الممارسة ضدهم، لاعتقادهم أن خط النجدة مرتبط بالشرطة، في المقابل يستغل أطفال خدمة خط النجدة في تهديد ذويهم. وأكدت المري أن «دائرة الخدمات الاجتماعية تسعى إلى استحداث وظيفة (مندوب الحماية) لديه صفة الضبط القضائي يتولى سحب الطفل الضحية من منزل ذويه إذا ثبت عدم رعايتهم له».

تجربة تحرش

إلى ذلك، استعرضت المستشارة التربوية والرئيسة الإقليمية لمؤسسة «الوالدية الفعالة» في الشرق الأوسط الدكتورة هند عبدالرحمن الرباح، في ورقة عمل بعنوان «طرق الوقاية وحماية الأطفال من التحرش الجنسي»، تجربة تعرض ابنتها لتحرش جنسي من عامل في أحد محلات بيع مستلزمات الأطفال قبل 11 سنة.

وقالت إن العامل استغل غفلتها عن مراقبة طفلتها أثناء تسوقها، ودفع بالصغيرة إلى مخزن المحل محاولاً التحرش بها، إلا أن صوت استغاثتها أفزع العامل ودفع بالطفلة خارج المخزن.

وحددت الرباح ملامح الطفل المتعرض للتحرش قائلة «تظهر على الضحية أربعة عوارض منها تكرار السلوك الشاذ ثلاث مرات، وفقدان الدافعية وتدني المستوى الدراسي إضافة إلى اعاقة النمو»، لافتة إلى أن «أحاديث الوقاية من المشكلات وفي مقدمتها التحرش، تبدأ بتحديد المشكلة والمشاركة بالأفكار والمشاعر، إضافة إلى وضع الحلول والبحث عن البدائل».‏

تويتر