توجّه لخفض محكومية سجناء أبوظبي «المتعلّمـين»

السجناء يكملون دراستهم لتنمية مهاراتهم أثناء فترة العقوبة. تصوير: جوزيف كابيلان

كشف مدير إدارة المنشآت الإصلاحية والعقابية بشرطة أبوظبي العميد يوسف عبدالكريم أن «هناك دراسة، يجري العمل عليها حالياً، لخفض مدة محكومية السجناء في حال أتموا دراستهم الجامعية داخل السجون، وكذلك دراسة فتح أبواب الجامعات أمام نزلاء المنشآت العقابية للدراسة في كل التخصصات بنظام المنازل أسوة بما هو معمول به بالنسبة لكليات التقنية العليا حالياً».

ولفت إلى أن عدد المستفيدين من برامج الدراسة داخل سجون إمارة أبوظبي بلغ 196 نزيلاً، بينهم 128 في برنامج التأهيل لسوق العمل بالتعاون مع كليات التقنية، و68 في مراحل التعليم الإعدادي والثانوي بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم ومنطقة أبوظبي التعليمية.

وأكد عبدالكريم تشجيع السجناء لإكمال دراستهم الإلزامية والجامعية وتنمية مهاراتهم أثناء فترة العقوبة، وتوفير كل أشكال الدعم المعنوي والمادي للعملية التعليمية داخل سجون الإمارة بما يعكس الصورة الحضارية والإنسانية لأوضاع السجون داخل الدولة، ويسهم في تقويم سلوكيات السجناء بما يجعلهم أفراداً صالحين في المجتمع.

وقال إن «عدد المستفيدين من نزلاء إدارة المنشات الإصلاحية والعقابية في الوثبة في برنامج التأهيل لسوق العمل الذي تنفذه كليات التقنية العليا بالتعاون مع وزارة الداخلية بلغ 128 نزيلاً، بينهم 58 تخرجوا في الدفعة الأولى، 28 الدفعة الثانية سوف تتخرج في يونيو المقبل، 25 الدفعة الثالثة، 18 الدفعة الرابعة».

وأوضح أن «24 مواطناً من النزلاء أكملوا مدة محكوميتهم وتخرجوا من برنامج التأهيل منهم 19 خريجاً التحقوا في العمل بالقطاعين الحكومي والخاص من بينهم ثمانية خريجين استقطبتهم شركة أبوظبي للإعلام للعمل لديها وفقاً لبرنامج تدريبي متكامل».

وأضاف أن «برنامج تأهيل نزلاء سجن الوثبة لسوق العمل جاء بناء على مذكرة تفاهم وقعت قبل ثلاث سنوات مع كليات التقنية، وهو البرنامج الوحيد على مستوى المنطقة وبدأ العمل بها في مارس العام 2007 وتم استحداث فصول دراسية حديثة في السجن، مجهزة بمكتبة ومختبر كمبيوتر وأحدث التقنيات التعليمية، بما في ذلك اللوحات الإلكترونية، وجهاز التسليط الضوئي ووصلات الإنترنت، في أجواء جامعية لا تختلف كثيراً عن نظيرتها في الخارج حتى لا يشعر الطلبة بالاختلاف».

شهادة «إنجاز»
وقال العميد عبدالكريم إن مذكرة التفاهم مع كليات التقنية تهدف إلى «تأهيل السجناء لسوق العمل بعد قضائهم فترة العقوبة عبر تدريبهم على مجموعة من البرامج التعليمية يحصلون في نهايتها على شهادة «إنجاز»، وتلتزم كليات التقنية بتوفير فرص عمل للحاصلين على تلك الشهادة بعد الإفراج عنهم»، لافتاً إلى أن «السجناء المفرج عنهم يستكملون دراستهم في البرنامج خارج السجن حتى تخرجهم والحصول على الوظيفة».

وحول كلفة تعليم السجين الواحد في برنامج التأهيل لسوق العمل، أوضح أنها «تصل إلى 86 ألف درهم عن أربعة فصول دراسية حتى التخرج ثم التوظيف في إحدى الشركات الحكومية أو الخاصة».

وأشار إلى أنه بالتنسيق مع وزارة التربية ومنطقة أبوظبي التعليمية تم توفير قاعات تعليمية لنزلاء سجن الوثبة وأحداث المفرق والعين للدراسة في شهادات المرحلة الإعدادية والثانوية، ويبلغ عدد الدارسين في سجن العين 23 نزيلاً في المرحلتين الإعدادية والثانوية نظامي، و33 نزيلاً في المفرق في المرحلتين الإعدادية والثانوية نظامي، و12 نزيلاً في سجن الوثبة بنظام المنازل بمجموع 68 دارساً.

وكشف مدير إدارة المنشآت الإصلاحية والعقابية بشرطة أبوظبي عن وجود لجنة مشتركة بين النيابة والشرطة تسعى لإيجاد وسائل لتخفيف العقوبات بالنسبة للدارسين بحيث يمكن خفض مدة العقوبة المقررة على السجين في حال أكمل دراسته الجامعية، لافتاً إلى أن هناك ما يسمى الإفراج الشرطي الذي تتبعه إدارة المنشآت الإصلاحية والعقابية مع حسني السير والسلوك إذ «تمنح أولوية الإفراج الشرطي أو العفو في المناسبات والأعياد الوطنية للسجناء الذين يتمكنون من إنهاء دراستهم بنجاح في إطار نهجها الذي يسعى إلى تشجيع السجناء على طلب العلم والمعرفة بما يعود عليهم وعلى مجتمعهم بالنفع بعد خروجهم من السجن».

وتابع «هناك أيضاً مشروع قيد الدراسة لفتح أبواب الجامعات أمام نزلاء المنشآت العقابية للدراسة في كل التخصصات بنظام المنازل أسوة بما هو معمول به مع كليات التقنية العليا، مؤكداً أن هذه الخطوة تكمل رؤية القيادة في توفير فرص تعليمية متنوعة للسجناء وتلبي متطلباتهم في الحصول على التعليم الذي يناسبهم وينفعهم مستقبلاً».

دوام دراسي
ويقول ياسين ساسي مدرس في برنامج كليات التقنية في سجن الوثبة إن «اليوم الدراسي يبدأ الساعة التاسعة صباحاً وينتهي الثالثة عصراً، ويحضر السجناء إلى قاعات الدراسة تطوعياً دون إجبار»، موضحاً أن برنامج كليات التقنية يضم أربعة فصول دراسية يدرس خلالها السجين اللغة الإنجليزية والحاسب الآلي والرياضيات وغيرها من المواد المقررة، وبعد إنهائه مدة الدراسة واجتيازه الاختبارات النظرية والعملية بنجاح يحصل على شهادة «إنجاز».

وأكد أن هناك انضباطاً بين السجناء أثناء الدراسة والمحافظة على الدوام الدراسي إذ تعاقب اللوائح المنظمة الطلاب بالتحذير في حال تغيبوا بنسبة 5٪ والفصل في حال وصلت نسبة الغياب إلى 10٪، مشيراً إلى أن هناك حرصاً ملحوظاً من قبل السجناء على الحضور والالتزام بنسبة قد تفوق معدلاتها في الخارج إذ «تعتبر كليات التقنية في السجن متنفساً لكثير منهم فضلاً عن أن السجين يشعر تماماً أنه داخل جامعة نظامية وليس في مقاعد دراسية داخل السجن

التأهيل لسوق العمل

بدأت فكرة برنامج التأهيل لسوق العمل في العام 2001 بناءً على توجيهات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، بهدف توفير الفرص التعليمية السانحة للدارسين الذين لم يحالفهم الحظ ولم تتوافر لديهم القدرات والمهارات اللازمة، كفرصة أخيرة لاكتساب المهارات العملية التي تؤهلهم للتوظيف.

وفي العام ،2006 أطلقت وزارة الداخلية، وبالتعاون مع كليات التقنية العليا، برنامجاً تدريبياً مصمماً خصيصاً لتزويد نزلاء السجن بالمهارات والقدرات الفنية التي تساعدهم على الالتحاق ببيئة العمل عند إطلاق سراحهم والمساهمة في خدمة المجتمع كمواطنين صالحين. وباشرت كليات التقنية العليا في فبراير 2007 بتطبيق البرنامج «شهادة التأهيل لسوق العمل» في سجن الوثبة الإصلاحي. ويتألف البرنامج من قسمين رئيسين: الأول هو برنامج أكاديمي ومهني يساعد النزلاء على الالتحاق بالمساقات الدراسية لكليات التقنية العليا اللازمة للحصول على شهادة في برنامج التأهيل لسوق العمل، وذلك عن طريق الدراسة لمدة 25 ساعة أسبوعياً ولأربعة فصول دراسية. وتركز المساقات على احتياجات القطاعين العام والخاص لسوق العمل: اللغة الإنجليزية، والتواصل في مجال إدارة الأعمال، والرياضيات، ومهارات الكمبيوتر بما في ذلك الرخصة الدولية لقيادة الكمبيوتر (ICDL). والثاني يركز على إعادة التأهيل الشخصي والنفسي للنزلاء، حيث يتم تحديد الطرق والأساليب التي بموجبها يتم التغلب على الأنواع العديدة للانحراف، ومن الناحيتين النظرية والعملية. ويشجع النزلاء على تلبية الاحتياجات الشخصية والمهنية.

تويتر