رفيعة غباش: دبي جاهزة لتكون عاصمة دائمة للثقافة

«بيت البنات».. مشروع وطني يحتفـــي بالمرأة

متحف المرأة يقع في أكثر المناطق حيوية وارتيادا في دبي. تصوير باتريك كاستيلو

على الرغم من عمره القصير الذي لا يتعدى الأربعة أشهر، حظي متحف المرأة (بيت البنات)، الكائن في منطقة الأسواق الشعبية في منطقة الرأس بدبي، بإقبال جماهيري كبير، لم يقتصر على الأجانب والسياح فقط، بل تعداه ليشمل مواطنين ومقيمين على حد سواء، الأمر الذي ولّد أمنية «جعل دبي عاصمة دائمة للثقافة لا موسمية»، في نفس مؤسِسَته الدكتورة رفيعة غباش.

غباش قالت لـ«الإمارات اليوم»، إن الإقبال الكبير الذي حظي به «بيت النبات» خلال فترة وجيزة، ولَّد في نفسها أمنية جعل دبي عاصمة دائمة للثقافة لا موسمية، «لاسيما أنها جاهزة لذلك وفق معايير ومواصفات، تقف الفعاليات والمرافق الثقافية فيها شاهدة عليها، ومنها متحف المرأة الذي انبثقت فكرته من اهتمامي بالثقافة والتراث، وعلى نحو خاص ما يتصل منها بقضايا المرأة، أقدم من خلاله للأجيال المتعاقبة تاريخَ الأمهات والجدات، وأبرز فيه دورهن الفعال وإسهاماتهن الأصيلة في بناء الوطن».

حيوية المكان

غباش أضافت أن رسالة متحف المرأة (بيت البنات) «تتمثل في تأسيس مركز ثقــافي توثيقـيّ يهتم بتاريـخ المرأة في الإمارات وحاضرها، وكل ما يتعلق بجوانب حياتها من فكر وثقافة وفنون وتراث وتاريخ ومفردات حياتها اليومية، وتتجسد أهدافه في التعريف بمجتمع الإمارات من خلال مكانة المرأة وتاريخها وحاضرها، هذا إلى جانب إبراز الأدوار المختلفة التي مارستها قديماً وربطها بحاضرها الجميل، والتأسيس لمركز دراسات يبرز نشاطها في الفكر والثقافة والفنون والتراث، فضلاً عن تعريف ضيوف الدولة والجيل الناشئ بنمط الحياة اليومية بكل تفاصيلها».

وحول خطوات إنشاء «بيت البنات»، قالت غباش: «حرصتُ على أن يكون المتحف في أكثر المناطق بالإمارة حيويةً وارتياداً، حتى يكون منبراً لإبراز تاريخ وتراث مجتمع الإمارات، من خلال تاريخ المرأة، فهو محور مُغيَّـب في معظم المراكز الثقافية، وعليه جاء اختياري لمنطقة سوق الذهب مركزاً له»، وأشارت «لم يكن شراء أرض في موقع سوق الذهب بالأمر اليسير، ولكني وفقت في العثور على بيت قديم كان معروضاً للبيع في حينه، وصادف أن جاء مُسمَّاه القديم متماشياً مع طبيعة المشروع وهو (بيت البنات)، الذي جابهتنا خلاله صعوبات وتحديات، ولكننا وفقنا في تجاوزها». مضيفة أنها عملت بمساعدة فرق متعاونة منهن طالبات، «سعدت بتجاوبهن وحماسهن، لكتابة وتوثيق تاريخ المرأة والتنقيب والبحث عن ما يرتبط به، وجمع ما يحتاجه المتحف من أدوات ومقتنيات من بيوت أسر مواطنة مازالت محتفظة بها، لتزويد مرافق المتحف التثقيفية والتوثيقية».

مرافق غنية

تتوزع مرافق «بيت البنات» التثقيفية والتوثيقية بين «ذاكرة المكان»، «متحف المرأة»، «أم الدويس للعطور والهدايا والتذكارات»، و«قهوة بنات بوغانم»، هذا إلى جانب «قاعة بنت البنات-‬1» «معرض الشيخ زايد وتمكين المرأة- ‬2» «معرض الفنانات الإماراتيات»، و«غرفة فاطمة بنت الزينة للأطفال»، بالإضافة إلى «ديوان عوشة بنت خليفة»، و«مركز دراسات المرأة».

ويمثل «ذاكرة المكان» المدخل الأساسي للمتحف، ويضم تصميم جدارية تحكي بالصور قصصاً وحكايات، لا تستأثر فيها المرأة الإماراتية، بل تقاسمها فيها وجوه بارزة في المجتمع أسهمت وأثرت فيها.

وإلى جانب الصور التي حرصت غباش على جمعها من أرشيف البيوت الإماراتية، ومنها «مجموعة من ألبوم صور الوالدة وأسر أخرى نحيي بها الذاكرة»، تضم «ذاكرة المكان» مجموعة من الوثائق والمقتنيات القديمة التي تعيد الذاكرة إلى الماضي الجميل.

أما «متحف المرأة» فيعد المكون الرئيس لـ«بيت البنات»، والذي يحتل الدور الأرضي فيه، ويحتضن مجموعة واسعة من المعلومات الموثقة حول تاريخ المرأة ومساهماتها في مجالات مختلفة في الماضي والحاضر، والمتجسدة في وثائق وصور ومستندات، بالإضافة إلى أدوات وأغراض ومستلزمات نسائية متعددة.

ويسلط «متحف المرأة» الضوء على جوانب مختلفة في حياة المرأة الإماراتية قديماً وحديثاً ودورها فيها، ومنها التعليم الذي أقبلت عليه الفتيات قديماً على يد «المطوعة»، انتقالاً إلى التعليم النظامي، والتجارة التي مارستها من الخمسينات، والتي تبرهنها الوثائق القديمة التي حصلت عليها غباش عن طريق دائرة الأراضي والأملاك، فضلاً عن الاقتصاد والعمل التطوعي الذي تشهد عليه الجمعيات النسائية التي عملت على تأسيسها وجوه نسائية إماراتية بارزة منذ نهاية الستينات حتى اليوم.

ويصعب حصر مقتنيات ووثائق «متحف المرأة» في سطور، نظراً لغناها وتميزها، ومن أبرزها مجموعة فريدة لقطع ذهب تقليدية «شاركت بها نساء إماراتيات، منهن شاعرات مشهورات وشيخات».

وإلى جانب «ذاكرة المكان» و«متحف المرأة» في الدور الأرضي، خصص المتحف مكاناً للعطور الهدايا والتذكارات يضم باقة منوعة ذات طابع تقليدي وحديث، تقدم مجتمعةً للزوار تحت عنوان «أم الدويس للعطور والهدايا والتذكارات»، بالإضافة إلى «مقهى بنات بوغانم» يستخدم للعرض الدوري لبعض أعمال الفنانات المواطنات للتعريف بالحركة التشكيلية النسائية في الدولة، وبه ركن لبيع الهدايا المرتبطة بنشاط المتحف.

ويشمل طابق «الميزانين» في المتحف قاعتي معارض، الأولى المغفور له الشيخ زايد وتمكين المرأة، نظراً للدعم الكبير الذي حظيت به الإماراتيات من الوالد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والذي لعب دوراً كبيراً في تحقيق إنجازاتها. ويضم مجموعة واسعة من اللوحات والصور النادرة، بالإضافة إلى فيلم توثيقي حول ذلك الدعم. وأشارت غباش الى أن «القاعة من المتوقع أن تفتح أبوابها للأعمال الفنية كمعرض مفتوح للجمهور كل ستة أشهر».

أما الثانية «معرض الفنانات الإماراتيات» فتفتح أبوابها لعرض أعمال الفنانات الإماراتيات بشتى أنواعها. كما يضم «الميزانين» غرفة «فاطمة بنت الزينة للأطفال» لبراعم الأمهات الإماراتيات، حيث خصصت للنشاط المتعلق بالأطفال بهدف استقطاب المهتمين منهم بالفنون والتراث للمشاركة الفعلية في المتحف، الأمر الذي يسهم في بناء جيل يرتبط بهذا التراث وينتمي إليه.

«نساء في حياتهن»

كان سموّ الشيخ ماجد بن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس هيئة دبي للثقافة والفنون، افتتح أخيراً، المعرض الأول لـ«قاعة بنت البنات-‬2»، «معرض الفنانات الإماراتيات»، الذي حمل عنوان «نساء في حياتهن»، وذلك تزامناً مع الاحتفالات السنوية بـ«يوم المرأة العالمي» (‬8 مارس)، الذي يجسد اعترافاً بجهود وإنجازات المرأة، بوصفها شريكاً في التقدم الذي أحرزته البشرية على جميع الصعد، إذ سلط المعرض الضوء على أعمال فنية للمواهب الإماراتية.

ويحتضن الطابق الأول في «بيت البنات» قاعة خاصة بالتراث الشعري الذي أسسته الشاعرة الإماراتية القديرة عوشة بنت خليفة السويدي المعروفة بـ«فتاة العرب»، وتوثق سيرتها الذاتية وتعرض تجربتها الشعرية بالصوت والصورة، مع تسليط الضوء على أبرز وأهم المحطات في حياتها.

وتتميز قاعة «عوشة بنت خليفة السويدي» بجدرانها المميزة التي خط على ديكورها المعماري الخطاط اللبناني باسم زبيب، وزوجته الفنانة الإماراتية نرجس نور الدين، باقة مميزة من أشعارها بخط الثلث لمدة ثمانية أشهر.

ويضم الطابق الأول للمتحف كذلك «مركز دراسات المرأة» الذي يعد وحدة بحثية توثيقية تعمل في إطار المتحف، تؤسس لمركز دراسات مرجعي لكل المعنيين بالأبحاث المتعلقة بالمرأة في الإمارات والوطن العربي. وسيبدأ العمل فيه بتوفير قاعدة معلومات عن أهم الأبحاث والمؤلفات المرتبطة بها في الإطار الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي. ويشمل المركز كذلك مكتبة تحتوي على نتاجات المرأة الإماراتية الفكرية وكل ما كتب عنها.

للإطلاع على الموضوع كاملا يرجى الضغط على هذا الرابط.

تويتر