أدرجتها الأمم المتحدة ضمن التراث العالمي

موسيقى «الفادو».. إحساس بالحياة

صورة

لاتزال موسيقى الفادو تحظى بشعبية كبيرة في العاصمة البرتغالية لشبونة حتى يومنا هذا، وتم أخيراً تخليدها رسمياً؛ حين أدرجت منظمة الأمم المتحدة للثقافة والتربية والعلوم (يونسكو) في عام 2011 هذه الموسيقى التراثية التي تتضمن عناصر عربية على قائمة التراث الثقافي العالمي. وتفيض نغمات موسيقى الفادو، التي تماثل موسيقى البلوز الإنجليزية وموسيقى الفلامنكو في إسبانيا، بالحزن والشجن، وتعتمد هذه الموسيقى على عزف بضعة أشخاص على الجيتار مع غناء حزين يؤلم القلب؛ فموسيقى فادو تُعد تقليداً وإحساساً بالحياة، من يقترب منها يعرف العديد من الأشياء عن مدينة لشبونة وساكنيها.

ويقول ريكاردو المرشد بمتحف الفادو في مدينة الفاما (لشبونة القديمة)، إن «الفادو أكثر من مجرد موسيقى؛ فهي تعبير عن إحساس البرتغاليين بالحياة؛ فهي مفعمة بالحنين والولع»، وتكمل سارا بريرا، مدير متحف فادو الحديث قائلة إن «الفادو كانت موسيقى الأشخاص الفقراء المنحدرين من أحياء العمال في مدينة لشبونة».

الفرح والحزن معاً

أضافت بريرا أن موسيقى الفادو ليست مجرد موسيقى حزينة؛ فمن الممكن أن يكون لها صدى مفرح أيضاً، على كل حال فالفادو بها شيء من الحنين إلى الماضي، الأمر الذي يتناسب مع لشبونة والمهووسين بسحرها. وتعيش المدينة الجبلية الواقعة على نهر التاجة أبهة الأيام الخوالي، وتعطي إيحاءً قليلاً بأنها أصبحت خارج الزمن.

وتعتبر اماليا رودريجيز أيقونة موسيقى الفادو، ويستطيع الزوار مشاهدة أفلام تحكي عنها داخل متحف الفادو، وكانت رودريجيز عندما تبدأ في الغناء يبدو ذلك في بعض الأحيان كأنه هدير؛ فترى الجفون وقد تحركت والشفاه وقد ارتجفت وتبدأ في الضرب على صدرها قبل أن يهدر صوتها مفعماً بكل مآسي العالم والألم، ثم يلوح بعد ذلك الرضى، الذي يعتبر في النهاية رضى بالألم، هكذا يبدو غناؤها. ولايزال تأثير رودرجيز باقياً على نطاق واسع حتى الآن - كما تقول بريرا - وقد تم تخصيص متحف خاص بها في المنزل الذي كانت تقيم فيه، والذي صار اليوم مقصداً يهفو إليه عاشقو الفادو. وفي منطقة بيليم الواقعة عند الطرف الغربي للشبونة، لا يفوت الزائرون مشاهدة نصب تذكاري للمكتشفين البرتغاليين، مثل فاسكو دا جاما، ويعتبر ساحل بيليم نقطة الانطلاق للرحلات البحرية لهؤلاء المكتشفين. ويمتلئ المنظر هنا بعبق البحر، وفي الناحية الأخرى من الساحل يترآى أمام الأنظار غروب الشمس، يعقبه منظر آخر للقمر بدراً.

جذور الفادو

يعتقد الكثيرون أن هذا المنظر الطبيعي البديع الذي يثير مشاعر الحزن والشجن يُشكل جذور موسيقى الفادو؛ حيث كانت النساء الحزينات على فراق أزواجهن الذين ركبوا أعالي البحار يقفن على الشاطئ في انتظار عودتهم، لكن بريرا تقول إن «هذا مجرد خرافة». ويُعد ماريو باتشيكو من النجوم المعاصرين لموسيقى الفادو، ويبدي باتشيكو اعتزازه بأنه صاحب اماليا رودريجيز بجيتاره، واليوم يدير باتشيكو نادي «كلوب دي فادو»، وهو معهد في مدينة الفاما.

وتقدم المطاعم في لشبونة للسياح عروضاً لموسيقى الفادو بإمكانات كبيرة، فيما يعرض هواة إمكاناتهم في هذه الموسيقى في حانات صغيرة، وتقول بريرا، إنه «بغض النظر عن نوعية العروض التي يفضلها رواد لشبونة، فلابد أن تحافظ كل هذه العروض على إتيكيت الفادو، فيبدأ العرض عندما تخفت الأضواء، ويسود الصمت، كما أنه ليس من دواعي الأدب الاستمرار في تناول الطعام بعد بدء فنان الفادو في الغناء». لكن بريرا تقول إن حانات الهواة يسود فيها مبدأ المسرح المفتوح، حيث يمكن لكل فرد أن يشارك في الغناء.

 

تويتر