أزمة تبدأ في الصغر وتحتاج إلى برامج لمساعدة «ضحاياها»

السخرية من بدانة الطفل.. عواقب نفسية وخيمة

عدم الرضا عن شكل الجسم يمكن ملاحظته في مرحلة مبكرة من العمر. بي.نت

تتعدد الدراسات حول تأثير السخرية في المدرسة على الطفل، ومدى تأثيرها في ثقته بنفسه وإضرارها بهذا الجانب من نفسيته، إلا أن دراسة أميركية جديدة كشفت أن نوعاً محدداً من الاستفزاز والسخرية، وتحديداً حول الوزن الزائد، يمكن أن يكون له تأثير واضح وعميق في نظرة الأطفال والمراهقين لأنفسهم وأجسامهم.

وتعتبر الدراسة، التي نشرت في دورية «علم نفس الأطفال»، واحدة من أوائل الدراسات التي بحثت تأثير السخرية المبنية على البدانة تحديداً، في الأطفال المقبلين على فترة المراهقة، إضافة إلى تسبب هذا النوع من السخرية بمشكلات صحية وعاطفية أخرى، وعواقب نفسية سيئة.

وبينت رئيسة الدراسة مساعدة البروفيسور في علم النفس في جامعة نبراسكا- لينكولن تيموثي دي. نيلسون أنه «لطالما كان هناك ميل للاعتقاد بأن الحساسية المفرطة حول المظهر وشكل الجسم، مرتبط بفترة المراهقة وما يمر به الطفل من مشاعر حساسة، إلا أن دراستنا كشفت عن أن بذور عدم الرضا عن شكل الجسم يمكن ملاحظتها في مرحلة مبكرة قبل المراهقة بكثير».

مشيرة إلى أن السخرية من الوزن تحديداً، يمكن أن تسهم في تعزيز مشكلات قد تتخذ بعداً أكبر بكثير من المشكلات العامة حول عدم الثقة بالنفس، ولا تقتصر عليها.

استطلاعات

قامت نيلسون وفريق بحثها بإخضاع المئات لاستطلاعات رأي، في المدارس العامة، وتحديداً على الطلبة حتى عمر 10 سنوات، كما تم قياس أطوال وأوزان هؤلاء الطلبة، إضافة مؤشر كتلة الجسم لديهم، ليتم لاحقاً دراسة العلاقة بين موضوع السخرية المتعلقة بالوزن، وبين نظرة الأطفال لأنفسهم.

وأظهرت نتائج الدراسة، أن الأطفال في المرحلة السابقة لمرحلة المراهقة من زائدي الوزن، الذين عانوا من مواجهة سخرية الآخرين حول أوزانهم، كانوا أكثر ميلاً للحكم والتحدث عن أجسامهم بطريقة قاسية، وكانوا أقل رضا عن قياساتهم مقارنة بأولئك الذين لم يعانوا من سخرية الآخرين منهم، كما كشفت الدراسة وضوح وعمق تأثير السخرية المبنية على البدانة، الأمر الذي كان واضحاً حتى بعد إزالة معلومات مؤشر كتلة الجسم من تحليل الدراسة، وكان ذلك لمحاولة الفصل بين نظرة الأطفال لأنفسهم وتفاعلهم، وبين المظهر الحقيقي لهم، بحسب نيلسون.

نتائج

اقترح الباحثون أن نتائج هذه الدراسة يجب أن تكون إشارة لمزيد من التحقق والتدخل المبكر ووضع الجهود المطلوبة في المدارس، خصوصاً أن الأطفال الذين تخلق لديهم نظرة سلبية حول أجسامهم يكونون أكثر ميلاً لمواجهة المخاطر النفسية والاجتماعية وتطوير عادات غذائية سيئة وغير منتظمة.

وتبين نيلسون أنه بطريقة ما تعتبر السخرية من الوزن واحدة من آخر أشكال السخرية الاجتماعية قبولا بين الأفراد، فهناك غالباً شعور داخلي بين الأفراد أن البدناء يستحقون السخرية، أو يعتقدون أن التذكير الساخر الدائم حول الوزن يمكن أن يكون حلاً لتخفيفه، إلا أن الدراسة كشفت، أن هذا النوع من السخرية يعمل على رفع إحساس عدم الرضا عن النفس والجسم لدى الضحية، الأمر الذي تبين في دراسات سابقة أنه عامل لزيادة الوزن بشكل أكبر ودخول الأطفال لبرامج التحكم في الوزن، وتحول الأمر إلى دائرة قاسية لا تنتهي. وأظهرت الدراسة أن نظرة الأطفال لمظهرهم وأجسامهم هي تفاعل معقد بين الشكل الواقعي لهم، والتأثير الاجتماعي للآخرين، إذ تعتبر سخرية الأقران من الوزن عاملاً اجتماعياً يمكن أن يؤثر في كيفية تفسير الأطفال وقراءتهم لمظهرهم الواقعي.

حلول محدودة

قالت رئيسة الدراسة مساعدة البروفيسور في علم النفس في جامعة نبراسكا- لينكولن تيموثي دي. نيلسون، إن «الدراسة يجب أن تكون مرتبطة بفهم النتائج وعواقب السخرية حول الوزن، واقتراح حلول وتدخلات لمساعدة الأطفال قبل فترة المراهقة، خصوصاً أولئك الذين يعتبرون هدفاً مستمراً ودائما من أقرانهم».

وأضافت أنه وعلى الرغم من أن موضوع السخرية حول السمنة يعد أمراً واضحاً وتم تحديده، إلا أن البرامج التي تستهدف حل هذه المشكلة الاجتماعية لدى الأطفال لا تزال محدودة.

مبينة أنه يجب التعرف المبكر إلى الأطفال الذين يعانون من الاستهداف الساخر الدائم حول الوزن، للتمكن من تخفيف هذا التأثير السلبي فيهم.

تويتر