‏‏«اليوم العالمي للمرأة» فرصة لرؤية إنجازاتهن النور

‏قصص نجــاح بطلاتهـا نسـاء فـي الظلّ‏

عايدة معوض: هدف تربية أبنائي يمدني بالقوة. تصوير: لؤي أبوهيكل

غالباً ما يشكل اليوم العالمي للمرأة، الذي يصادف الثامن من مارس من كل عام، فرصة لتسليط الضوء على نساء حققن إنجازات في أعمالهن، سواء في الاقتصاد أو السياسة أو المجالات الاجتماعية، فيما يتم نسيان أخريات، كونهن لا يشغلن مراكز مهمة في أعمالهن، وإنما تعيش كل واحدة منهن في الظل، وفي حياتها اليومية من أجل غيرها، ولاسيما في مجتمعات عدة لا تنصف المرأة، وتوجه إليها نظرات الاتهام لمجرد أنها صنفت في خانة معينة وبحالة اجتماعية محددة.

قالت عايدة معوض التي تعمل في قسم التطوير بإحدى المدارس في دبي، «إنني امرأة عادية، ولا يمكن أن أقول ان انجازاتي ضخمة على الصعيد المهني، ولكن صديقاتي وجدن في قصة حياتي ما يثير للمشاركة في المسابقة». وروت معوض (سورية)، قصتها لـ«الإمارات اليوم» قائلة «فقدت زوجي فجأة بعد تعرضه لحادث سير، وفجأة أصبحت مسؤولة عن ثلاثة أولاد، ولم يكن الأمر سهلاً ولاسيما أنني أعيش في غربة وبعيدة عن أهلي، وبالتالي أعيش صراعا يوميا كي أحافظ على المستوى المعيشي نفسه لأولادي وكذلك المستوى التعليمي».

ولفتت إلى أن ما يحزنها هو صمت المجتمع وظلمه، على حد تعبيرها، مضيفة أن المجتمع «يريد للأرملة أن تموت إن مات زوجها، لذا كانت لي صرخة في وجه المجتمع وكذلك القضاء الذي لم ينصفني بعد وفاة زوجي»، مشيرة إلى أنها كتبت روايتين، الأولى بعنوان «امرأة على جدار الذاكرة»، والثانية «ولايزال الصمت مستمراً»، ولكنها لم تتمكن من نشرهما وطباعتهما بسبب ظروفها المادية الصعبة.

صمود

وأكدت معوض أن الكتابة أتت تعبيراً بديلاً عن الصمت، لأن هناك الكثير من النساء اللاتي يلعبن أدوارهن في المجتمع بشجاعة وصمت، والإيمان هو الذي جعلها تصمد. وحول يوميات عملها قالت «يومياً يبدأ نهاري عند الخامسة صباحاً وينتهي عند الثانية عشرة والنصف من صباح اليوم التالي، وأحياناً أشعر بأنني وصلت للذروة ولا يمكنني الاستمرار، لكن الهدف الذي أعمل من أجله وهو تعليم بناتي لأتمكن من أن أسلحهن بالعلم، يمدني بالقوة من جديد».

وذكرت معوض التي تعاني من مشكلات صحية في القلب أنه على الرغم من كثرة المتاعب التي تواجهها في تدبير أقساط جامعات بناتها، وعلى الرغم من أن ابنها لم يكمل دراسته الجامعية، حيث تركها بعد وفاة والده ليعمل ويساعدها على تعليم البنات، هناك دائماً طلقات رحمة يرسلها الله حين تكون وصلت إلى بداية الشعور باليأس، وهذا يجدد الأمل داخلها.

وتساءلت عن حقوق المرأة حتى في القوانين التي لا تنصفها وإن كانت تربي وتعلم أولادها، فدائماً هناك من يأخذ حقوقها، وفق معوض التي أكدت أنها لم تذهب في إجازة إلى بلدها منذ تسع سنوات بسبب ظروفها المادية، لافتة إلى أنها لا تجعل أولادها يشعرون بالملل، بل تحضر لهم نشاطات في المنزل وتقوم بعروض مسرحية، أو جلسات تصوير، أو حلقات أشعار لأنها لا تريد لمعاناتها اليومية في تحصيل المال أن تنعكس سلباً على نفسيتهم.

وأبرز ما تقوله للمرأة في يومها أنها «لابد أن تصمد في وجه ما تتعرض له، وأن تثابر لتحقق أهدافها، لأنه دائماً هناك أمل في الحياة، فعندما أكون في أشد الحاجة إلى المال لدفع مستحقات الجامعة، فجأة تصل إلي مساعدة تفرج عني همومي».

«ألهمي غيرك»

أتاحت مسابقة «ألهمي غيرك» التي نظمتها أخيراً شركة فيلادلفيا لمناسبة يوم المرأة العالمي الذي يصادف اليوم، الفرصة لـ25 امرأة في الإمارات، بالإضافة إلى نساء من قطر والكويت، المشاركة ضمن المسابقة وعرض قصصهن، وسيتم في أبريل المقبل اختيار القصة الفائزة، إذ ستكرم صاحبة أفضل قصة بجائزة نقدية قيمتها 10 آلاف دولار، تشجعها على الارتقاء بعملها والوصول إلى الأفضل. وبالاضافة الى الفائزة الأولى سيتم ترشيح فائزتين، في المركزين الثاني والثالث، تحصل كل واحدة منهما على جائزة نقدية قيمتها 5000 دولار. ‏


زينة حابي: المجتمع يوجه للمرأة دائماً علامات استفهام كثيرة. من المصدر

رحلة

أما المواطنة إلهام القاسمي التي تحضر لرحلة إلى القطب الشمالي، فقالت «بدأت للتخطيط لرحلتي إلى القطب الشمالي منذ شهر أكتوبر الماضي، وخضعت بالتالي للكثير من التمرينات الرياضية، علماً بأنني فتاة عادية أحب السفر والأزياء، ولم أعتد على الجليد أو على هذه المخاطر»، معتبرة أن التحديات تنقسم إلى قسمين: جسدية، وفكرية، فيما تكون التحديات الأخيرة هي الأشد، لذا عمدت إلى الخضوع إلى الكثير من دروس اليوغا كي تكون مرتاحة مع نفسها.

وأكدت المواطنة التي تعيش حالياً في فترة إجازة من العمل لتحضر نفسها للانطلاق، ان الدافع الأساسي الذي حفزها للقيام بهذه الرحلة هو تحدي الصعوبات، وكذلك التقدم في الحياة، لافتة إلى أن مجرد الاستعداد للرحلة غير كثيراً في حياتها، وجعلها متصالحة مع ذاتها أكثر، كما أن اعتيادها اليومي على الرياضة والتمارين التي تقوم بها أمن لها الشعور بأن جسمها أكثر صحة.

ولفتت القاسمي إلى أنها تريد من خلال الرحلة أن تغير الصورة النمطية عن المرأة الإماراتية، فهي يمكن أن تدرس وتعمل وكذلك تقوم بهذه الرحلات التي غالباً ما تكون حكراً على الرجل، معتبرة ان التحضير لرحلتها قربها من عائلتها، و«على النساء أن يحاولن القيام بهذه التحديات، لأن على المرأة أن تتطلع إلى نفسها وكيف يمكنها أن تتقدم في الحياة».

تحديات رياضية

وأكدت المدربة الرياضية الأردنية زينة حابي أن أول الصعوبات التي واجهتها في بداية حياتها المهنية، عدم تقبل الناس لفكرة أن تكون مدربة رياضية، إذ يعتبرون أن هذا الأمر يمكن أن يكون هواية ولكن ليس مهنة، مشيرة إلى أنها بعد أن تزوجت انتقلت إلى الإقامة مع زوجها في دبي، وبالتالي بدأت تأسيس عملها، ولكن زواجها لم يدم لفترة طويلة، ما دفع عائلتها إلى حثها على مغادرة دبي والعودة إلى الأردن بعد طلاقها مباشرة.

وأضافت حابي «عدت الى الأردن بعد طلاقي لأنني من عائلة محافظة كانت ترفض فكرة أن أقيم وحدي في دبي، ولكن ربما يمكن القول ان الطلاق سهل قليلاً تقبل أهلي للفكرة لاحقاً، فقد أقنعتهم بوجوب متابعة حياتي المهنية وتمكنت من العودة إلى دبي، حيث تمكنت خلال سنتين من تحقيق انجازات مهمة في الحياة المهنية، وبالتالي أصبحت الشركة التي أسستها مع شريك لي رائدة في مجال الخدمات الرياضية التي نقدمها»، معربة عن حزنها لما تواجهه المرأة من كلام ولغط من قبل كثيرين في المجتمع، موضحة «على الرغم من أنني امرأة منشغلة جدا في حياتي المهنية وأنام باكرا كوني رياضية، إلا أن المجتمع ينصف الرجل ويوجه للمرأة دائما علامات استفهام حول كل ما تقوم به، فقط لأنها مطلقة أو لأنها تعيش بمفردها».

وذكرت حابي أنها في يوم المرأة العالمي تريد أن تقول للنساء ان «التحديات التي تواجهها النساء ليست سهلة ولكن المرأة قادرة على العطاء دون حدود»، مشيرة إلى أن المرأة يجب أن تكون ذكية جدا، وتعمل من اجل نفسها، وليس من الضروري أن تكون ضد الزواج، لأن الزواج سنة الحياة، ولكن ما يحصل في مجتمعنا العربي هو أن المرأة بحاجة إلى أن تبذل جهدا أكبر من الرجل لتبرز أعمالها ونجاحها في حياتها المهنية.‏

تويتر