روّادها عاشوا ليلة استثنائية مع العرض العالمي «بلاسيدو دومينغو»

«أوبرا دبي» أيقونة ثقافية تُضاف إلى معالم الإمارات

أيقونة جديدة انضمت إلى الصروح الثقافية والفنية العالية، اعتباراً من الثامنة مساء أول من أمس، وقت رفع الستار عن أول عروض «أوبرا دبي»، التي شهدت إقبالاً استثنائياً من روّاد الفنون والجمهور، لحضور باكورة فعالياتها، عبر أجواء استمدت إبهارها من ألق العرض الافتتاحي، وفرادتها عبر خصوصية دبي، بإرثيها الحضاري والثقافي.

200 فعالية

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2016/09/532289.jpg

كشف الرئيس التنفيذي لـ«أوبرا دبي»، جاسبر هوب، عن وجود ما يقارب 200 فعالية يتم توزيعها وفق جدول يراعي التنوّع الهائل، واختلاف أذواق روّاد الأوبرا، وذلك على مدار عام كامل، تكون بعدها «أوبرا دبي»، قد رسّخت موقعها كأحد أهم القلاع الثقافية المعنية بالفنون الراقية في كل المنطقة، وصولاً إلى العالمية، التي تعرفها دبي في شتى المجالات.

لقطات للذكرى

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2016/09/532254.jpg

كل روّاد الليلة الافتتاحية للأوبرا بدوا في حالة تأهب لاكتشاف سحر «أوبرا دبي» في يومها الأول، لكن كثيرين أبوا ألا تمرّ هذه اللحظات من دون توثيق الكاميرا، خصوصاً «السيلفي»، لذلك نشطت وسائل التواصل الاجتماعي بشكل ملحوظ، من خلال تلك الصور التي نشرها أصحابها على صفحاتهم الخاصة.

استقبال بالورود

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2016/09/532256.jpg

استقبلت «دار أوبرا دبي»، روّاد عرضها الأول بالورود، فبمجرد الولوج من باب البهو الرئيس، كانت تقوم إحدى الفتيات بإهداء الزائر كوكبة من الورود الموصولة على شكل (أسورة)، يسهل تزيين معصمه بها.

درّاجة وملابس رياضية

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2016/09/532255.jpg

ليس كل من توافد إلى ساحة الأوبرا الخارجية من حاملي تذاكر الدخول، بل جاء الكثير من أجل متابعة ومعايشة هذا الحدث الثقافي الفني المهم، مع ملابس الأوبرا الرسمية، والأزياء المخملية، ظهر البعض بملابس منها الرياضية، خصوصاً بالنسبة لضيوف دبي من القاطنين في الفنادق المحيطة بمنطقة برج خليفة، وجادة محمد بن راشد.

70 عازفاً على آلات «الكمان والتشيلو والهارب» شاركوا في الحفل.

في مشهد مهيب حظي العرض الأول «بلاسيدو دومينغو» باستقطاب واسع للجمهور.

تصميم المركب الشراعي التقليدي، وقارب «البوم» المرتبط بموروثي الغوص والصيد، تجاوز التصميم الخارجي للأوبرا، وصولاً إلى المقاعد العلوية التي بدا كل منها بمثابة مركب مبحر في فضاء القاعة الرحبة، ووقوع الأوبرا نفسها بجوار المعلم المعماري الأبرز في العالم، «برج خليفة»، ليقدما ثنائية أصالة ومعاصرة، هي بعض من مفردات بشّرت الحضور، بأن هنا سحراً خاصاً.

ثلاثة أدوار تتميز ساحاتها الخارجية بالرحابة، وحفاوة استقبال أسهم تعدّد مداخلها إلى القاعة الرئيسة في انسيابية بالغة، فيما أسهم تصميم مواقف السيارات وسرعة التعامل مع خدمات صف السيارات، في استيعاب الأعداد الغفيرة لروّاد الحدث، الذين مرّوا جميعاً من مدخل واحد، عبر سجادة الحدث الحمراء.

«لا نمتلك تذاكر دخول.. ولكن لا بأس من إلقاء نظرة تجعلنا جزءاً من هذه اللحظة التاريخيىة، انطلاق العروض بأوبرا دبي».. هكذا كان لسان حال الكثيرين ممن جذبهم ألق الحدث، خصوصاً من زوّار دبي، الذين يقيمون في فنادق مجاورة، أو تصادف مرورهم في جادة الشيخ محمد بن راشد، ومنطقة «برج خليفة».

صورة تذكارية.. وفي الخلفية «برج خليفة» و«أوبرا دبي».. خيار يكاد يكون أساسياً للمارّين على السجادة الحمراء، وهي صور أصبح كثير منها - بعد ثوان - ضمن الصور الأكثر انتشاراً على وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بأصحابها.

وفي مشهد مهيب حظي العرض الأول «بلاسيدو دومينغو» باستقطاب واسع للجمهور، الذي حرص على شراء تذاكر الحضور فور طرحها، ليصبح الحصول على مقعد في ليلة الافتتاح مطلباً ملحاً، من الصعوبة بمكان تلبيته، حسب الطاقم الإداري والتنظيمي للأوبرا، الذي أكد أن السعة الإجمالية للأوبرا، وهي 2000 مقعد كاملة العدد تماماً.

وعلى الرغم من أن «أوبرا دبي» لم ترفع شعار العديد من دور الأوبرا في العالم، وهو الحضور بالملابس الرسمية، خصوصاً رابطة العنق، إلا أن الأناقة كانت عنوان روّاد «أوبرا دبي»، وكأن الجميع في حضرة عرس ثقافي فني، تم الاستعداد والاهتمام بتفاصيل الهندام، فيما قبل اللقاء.

وبمفهوم العرس أيضاً، بدا الطريق إلى الأوبرا نفسه وكأنه يحتفي باستقبال جمهورها الأول، فكل الإشارات المؤقتة توضح كيفية الوصول الأيسر لمقرها، على الرغم من أن وجودها بجوار أشهر معالم العالم المعمارية، «برج خليفة»، وزهوها بمسمى «أوبرا دبي» يجعلانها حقيقة «غنية عن التعريف» والاستدلال.

هنا «الأوبرا».. هنا تدخل الإمارة المفعمة بالنشاط الاقتصادي المزدهر، والتأنق العمراني، والألق السياحي، عالماً جديداً، يعضد مكانتها أيضاً في مجالات الثقافة والفنون، ولكن هذه المرة في العالم الذي يحلو للبعض باعتباره مخملياً أو نخبوياً، في حين أن مشهد اللحظة في دبي، يؤكد: «الأوبرا.. للجميع».

هكذا تؤشر ثقافات الروّاد، فالقادمون للاستمتاع بـ«بلاسيدو دومينغو»، الذي طاف أكثر من 123 مدينة مقدماً إبداعاته لنحو مليار شخص، متبايني الثقافات والأصول، لكن الجميع هنا يتواصل بلغة الموسيقى والفنون في أوج عظمتها، فن الأوبرا الذي طالما اعتقد البعض أنه ربما يذوب مع إيقاعات المدنية الحديثة، ليبقى أشبه بالمورث العتيق، لتفاجئ دبي العالم باستحضارها له، جنباً الى جنب أعلى برج في العالم.

كل شيء هنا مهيأ لاستمتاع الجمهور، بدءاً من اختيار أحد أشهر الفنانين الأوبراليين في العالم، «بلاسيدو دومينغو»، مروراً بقائد الأوركسترا الفذ جيناتو ريونيت، الذي يقود 70 عازفاً على آلات الكمان والتشيلو والهارب، وغيرها من الآلات الإيقاعية في إبداع منسجم مع الأداء الأوبرالي الفريد، بطابعه الرومانسي الحالم، وكأن العمل بمثابة اقتطاع مؤقت، عن صخب الإيقاع اليومي المتسارع، على نحو يحيل المتلقي إلى زمان آخر، أهدأ إيقاعاً، من خلال تلك الرومانسية الحالمة التي يزخر بها العرض.

التواجد في دار أوبرا بحد ذاته، في انتظار العرض داخل قاعتها المهيبة، تجربة لها رونق خاص، والأمر الآن أصبح مختلفاً عن تواجد سابق مخصص لممثلي وسائل الإعلام، القاعة الممتلئة عن آخرها بروّادها تبث حياة، والمكان يبدو بمثابة تحفة فنية، لاسيما مع تأهب المسرح لبداية الحكاية.

مقطوعة موسيقية قطعت صمت الانتظار لتعلن انطلاق أول العروض الحية على «أوبرا دبي»، لتكون الكلمة للموسيقى الأصيلة، والفن الراقي، عبر دقائق أتاحت للحضور إبحاراً استهلالياً، ليتضاعف التأكد أننا بصدد ليلة بهية وحالمة، يتقاطر فيها الحدث التاريخي ممثلاً بانطلاق أول عروض دار «أوبرا دبي» الفني، عبر الأسطورة بلاسيدو دومينغو، الذي لم يكن حتى اللحظة ولج إلى المسرح.

ولم ينتظر روّاد الليلة الافتتاحية طويلاً فـ«دومينغو» كان موعده مع المقطوعة الثانية، التي شهدت انسجاماً يصل حد الثنائية بينه وبين قائد الأوركسترا، التي كانت تعزف وكأنها أصابع لرجل واحد، على الرغم من تجاوز عددهم لـ70 عازفاً، وبين صوت دومينغو، الذي ينوّع في طبقاته، فينقل حالة نفسية متناغمة مع كل هذا المشهد.

صوت السوبرانا ماريا مارتينيز، الحائزة جائزة «غرامي» في نسختها الأخيرة، كان مفاجأة المقطوعة الثالثة، لتستعرض إمكانات استثنائية في الصوت الأوبرالي القادر دوماً على الإبهار، من خلال العمق والتنوّع الهائلين في طبقات الصوت، وفق إحساس عال، جعل نحو 2000 مشاهد تغص بهم القاعة، في حالة تعايش دقيق مع أداء مارتينيز.

وما بين الأداء الفردي لمغني التنور العالمي فلامينغو تارة، ومارتينيز تارة أخرى، ثم الثنائي، عاش الحضور تفاصيل ليلة استثنائية امتدت لأكثر من ساعتين مع الموسيقى الراقية، ليخرج الجميع في حالة من الإشباع، عبر سهرة أوبرالية أولى، في دار «أوبرا دبي»، التي سيتواصل إشعاعها وفق برنامج ثري على مدار العام.

تويتر