«الثقافة» نظمت فعاليات «اليوم الوطني» على امتداد الوطن

العالم يشارك «الإمارات» فرحتها

صورة

مع احتفالات اليوم الوطني، التي تحولت عبرها العديد من الساحات والمسارح والقاعات، وحتى الشوارع والحدائق والأروقة المختلفة، إلى منصات لاستقبال فعالياتها، فإن الجمهور يبقى دوماً مع مفاجآت متوالية، احتفالات تكتسي مع كل عام جديد، ثوباً قشيباً، وأكثر بهاء، ويبقى الجميع على موعد مع ما يتطلع إليه من منتج فني أو ثقافي، عبر مشهد متنوع تسوده الفرحة.

ومع تعاقب إطلاق الاحتفالات التي تقام برعاية وتنظيم وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، تبدو الصورة أكثر اتضاحاً، فالاحتفالات لم تظلل فقط فنوناً وفعاليات وعروضاً بانورامية فقط، بل أسهم في صنعها هذا العام قطاع عريض من الفنانين وأصحاب المواهب المختلفة، الذين قد يختلفون في المدارس الفنية، أو حتى في وسيلة أو أداة نتاجهم الفني.

كرنفال الثقافات

لعل إحدى أبرز الفعاليات التي عكست الصيغة العالمية للثقافات «كرنفال الثقافات»، الذي اختير له منطقة ممشى الجميرا بكل ما تحيل إليه من حداثة في التشييد، وعراقة في الموقع المطل على مياه الخليج العربي، التي تشكل جسراً لعمق الثقافة المحلية.

وعلى الرغم من خصوصية احتفال سابق بمرور أربعة عقود على تأسيس الاتحاد، ظن البعض حينها أن مظهراً احتفالياً أكبر لن يتكرر إلا على رأس كل عقد جديد، إلا أن النسخ المتتالية لم تقل رونقاً، وصولاً إلى النسخة الحالية من الاحتفالات التي شهدت مشاركة دولية قياسية، على أكثر من صعيد، ليكون المشهد المرئي والمشاهد هو أن العالم ممثلاً بثقافات متنوعة ومتباينة، انسجم هنا في معزوفة احتفالية لاتزال قائمة، يواكب عبرها فرحة الوطن بذكرى اتحاد «إماراته». هذا المشهد العالمي لم يغيّب مشهداً محلياً موازياً، تحولت فيه مؤسسات الدولة المختلفة، وشوارعها وميادينها وساحاتها إلى مساحة لمشاعر الفرح ذاتها، عبر خيوط عضدت نسيج الفرح، كان فيها الفنان الإماراتي حاضراً في صدارة المشهد، سواء من خلال الأوبريتات والأغاني الوطنية الحية، التي أنتجتها وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، وشهد الكشف عنها، في معظمه، حضوراً جماهيرياً كثيفاً، أو عبر ألبوم متكامل، يوثق لهذا النتاج الفني الثري، ويضعها بين أيدي الجمهور عبر أسطوانة مدمجة.

ولعل إحدى أبرز الفعاليات التي عكست الصيغة العالمية للثقافات «كرنفال الثقافات»، الذي اختير له منطقة ممشى الجميرا بكل ما تحيل إليه من حداثة في التشييد، وعراقة في الموقع المطل على مياه الخليج العربي، التي تشكل جسراً لعمق الثقافة المحلية، فيما تحيل فكرة الجسر، أو الممشى، إلى حقيقة الوصال الذي تبدع الإمارات في صنعه بين ثقافات العالم المختلفة، وهو ما انعكس بشكل آخر في شعار الاحتفالية «كلنا الإمارات»، والتي شهدت مشاركات من 24 دولة مختلفة. هذا المشهد العالمي رشح إقامة فعاليات «ترضي جميع الأذواق»، حسب وكيل وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، عفراء الصابري، التي رأت في فعالية «فلكلور الشعوب»، نموذجاً آخر لحقيقة أن الإمارات جسر ثقافي، ومحطة التقاء بناءة وإيجابية لحضارات العالم المختلفة.

ثراء وتنوع

وأكدت الصابري، التي ترأس اللجنة التنفيذية المنظمة للاحتفالات أيضاً، على الحرص على أن تتسم مختلف الفعاليات التي تقيمها «الثقافة»، بالإضافة إلى القيمة الفنية والإبداعية، على قدرتها على تلبية توقعات قطاع عريض من الرواد، وهو ما يفسر التنوع الملحوظ في أجناس الفنون المشاركة في الفعاليات، من موسيقى وشعر وطرب، وتشكيل، وفنون شعبية وحرف يدوية واستدعاء للبيئات التراثية المختلفة المتوارثة محلياً سواء بحرية أو صحراوية أو حضرية، بالإضافة إلى العديد من مظاهر الفنون الحديثة والمعاصرة الأخرى، وغير ذلك من عروض وفنون متنوعة.

«التنوع والشمولية وجودة الفعاليات المختارة» ثلاثة عناصر رئيسة يؤكد عليها ايضاً مدير إدارة التراث والفنون، بوزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، وليد الزعابي، في ما يتعلق باحتفالات اليوم الوطني، مؤكداً أن الإعداد المبكر لفعاليات الاحتفال وفق توجيهات الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، ووجود ثوابت منطلقات لتنظيم هذه الاحتفالات تنسجم والرؤية الاستراتيجية للوزارة، كان بمثابة بوصلة محددة لتميز الاحتفال بالذكرى الـ44 لتأسيس الاتحاد.

في رحاب الفنون

في هذا الإطار يشير الزعابي إلى القيمة الفنية والثقافية لتلك الفعاليات، وهو الثراء الذي واكبه زخم واهتمام جماهيري أيضاً، سواء في ما يتعلق بالأعمال التي تمت استضافتها في أبوظبي، مثل أوبريت «رسالة إلى أم الإمارات»، أو الفعاليات التي تواصل معها المواطنون والمقيمون والزوار في دبي والإمارات الشمالية، وسائر إمارات الدولة، وهي فعاليات تنوعت ما بين الغناء والطرب والدراما المسرحية والعروض الشعبية والتراثية وغير ذلك. وعلى الرغم من أن الشاعر علي الخوار، المعروف بـ«شاعر الوطن»، ليست المرة الأولى التي يعهد إليه بالإشراف على مجمل أعمال وطنية يتم إنتاجها للاحتفال باليوم الوطني، إلا أن الخوار الذي عهدت إليه وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، مجدداً هذه المهمة، ونجح في أن تخرج إلى النور 12 عملاً وطنياً بأصوات كوكبة من المطربين، أكد أنه يعيش في كل دورة مشاعر وطنية تكبر وتتجدد كل عام، مشيراً إلى أنها أحد أسرار قدرة الشاعر خصوصاً، والفنان عمومأً، في أن يفاجئك بالجديد المبهر، في مجال الأعمال الوطنية، مشيراً إلى أن الاحتفاء بيوم الشهيد أضفى مزيداً من معاني البذل والتضحية على المحتوى الشعري، لاسيما أن البواسل ضحواً بأثمن ما يمكن أن يقدم فداءً للوطن، وهو أرواحهم الطاهرة، ودماؤهم الزكية.

تكليف وتشريف

لا مجال للاعتذار، أو التفكير في ألا تكون في ركب التكليف والتشريف حينما يكون العمل مرتبطاً بهكذا مناسبة، هذا ما يؤكده مختلف الفنانون المشاركون في الأعمال الوطنية، حيث يرى الفنان حسين الجسمي أن المشاركة في احتفالات اليوم الوطني تبقى العمل الفني الأهم بالنسبة له على مدار العام، مضيفاً: «جميع الأعمال يمكن أن تؤجل، وقد أضطر للاعتذار عنها، إلا عمل يغنى على منصة الاحتفاء بالوطن». الفنانة بلقيس أيضاً تؤكد المعنى ذاته، حيث تشير إلى أن «الغناء للإمارات يبقى تشريفاً لا تعادله منصات الطرب الأخرى، وكل فنان إماراتي يتمنى أن لو كان العام كله احتفاء بالوطن، ليتغنى بما يعشق». المنتمون إلى المسرح الإماراتي العريق والدراما عموماً، لم يتخلفوا عن ركب المشاركة في الاحتفالات عبر صيغ كثيرة، بعضها اتخذ في السنوات الماضية منحى اجتماعياً وإنسانياً من خلال تنظيم «الثقافة» زيارات لشخصيات فنية يلتقون فيها ببعض من يخضعون للعلاج خارج الدولة، وهي زيارات قام بها كل من حبيب غلوم وسميرة أحمد ورزيقة طارش وأحمد الجسمي، وغيرهم، لكن هذا العام اتخذت المشاركة مساراً فنياً عبر عدد من الأعمال الدرامية التي أفردت لها خشبات المسارح المختلفة المنضوية تحت مظلة «الثقافة».

ويبرز هذا العام عمل فني يجمع فناني الطرب والدراما سوياً في حب الوطن، وهو أوبريت «إخوان شما» الذي يضم 17 فناناً مختلفاً، ويشرف على إنتاجه أيضاً الشاعر علي الخوار، وهو العمل الذي أوقف من أجل إتمامه الفنان أحمد الجسمي مشاهد لأحدث أعماله التلفزيونية من أجل إنتاجها، مشيراً إلى أن بعض الاحتفالات استوجب حضوره بشكل متتالٍ في كل من إمارات أبوظبي ودبي والشارقة، مضيفاً: «حينما يكون العمل من أجل الوطن، فإن أكبر وأصغر فنان إماراتي وجميع من بينهما، يتشرفون بأن يكون جوابهم: لبيه يا وطن».

فرحة بكل اللغات

على اختلاف ضيوف الإمارات الذين جاؤوا لمواكبة فرحة وطن يزهو باتحاده، حظي مشهد الفعاليات المتنوع، بمبدعين اجتهدوا أن يعبروا بأدواتهم المختلفة عن مشاركتهم المواطن والمقيم بهجة الاحتفال باليوم الوطني.

ومع تصدر الموروث المحلي لمشهد الاحتفالات، ضمن استراتيجية وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، لدعم الهوية الوطنية، فإن العديد من اللوحات الفنية استلهمت ثقافات عالمية متنوعة، لكنها جاءت متناغمة ايضاً مع حقيقة كون الإمارات جسراً لتلاقي الثقافات، وموقعاً لحوار حضارات، يعيشه مقيموها على تنوّع جنسياتهم، واقعاً يومياً.

ولم تكن فعالية «كلنا الإمارات» الممتدة حتى الجمعة من خلال «كرنفال الشعوب» باستيعابها عروضاً من 24 دولة مختلفة، أو حتى فعالية «الفلكلور العالمي» بانتشارها في مختلف إمارات الدولة، هي الوحيدة التي عكست هذه التعددية، بل إن المنصات الاحتفالية الأخرى التي أطلقتها وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، شهدت معايشة لفرحة الاحتفال بالذكرى الـ44 لليوم الوطني، من سائر أبناء الجاليات المختلفة.

لا اعتذارات

لا مجال للاعتذار حينما يكون العمل منوطاً بالاحتفاء بالوطن، ويبقى هذا الاعتذار في موقع «المحال»، خصوصاً عندما تكون الدعوة عنوانها «الاحتفاء بذكرى تأسيس الاتحاد، حسب العديد من الفنانين المشاركين في احتفالات وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع هذا العام.

الفنان القدير أحمد الجسمي رصدت «الإمارات اليوم» اعتذاره عن مواصلة تصوير بعض أعماله الدرامية الخاصة، من أجل المشاركة في أوبريت «اخوان شمة»، وهو الموقف الذي تكرر مع محمد العامري المشغول بمشاركاته المسرحية والتلفزيونية، وهو موقف ينسحب أيضاً على نجوم الطرب حسين الجسمي وعيضة المنهالي وبلقيس، وغيرهم.

مدير إدارة التراث والفنون، وليد الزعابي، ووكيل وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، عفراء الصابري، رئيسة اللجنة التنفيذية لاحتفالات اليوم الوطني، أشادا بالتجاوب الكبير الذي التزم به الفنانون.

تويتر