يمثل السلطة الرابعة في الدولة

«المجلس الوطني».. خطوات حثيثة تكرس الديمقراطية

صورة

تكريساً لمبدأ الشورى الذي طالما آمن به المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وحرص على تطبيقه دائماً، جاء تأسيس المجلس الوطني الاتحادي في 12 فبراير 1972، ليشكل خطوة جادة تخطوها الدولة الوليدة نحو تأسيس مؤسساتها الرئيسة، ليشكل المجلس إحدى السلطات الاتحادية الخمس التي نص عليها الدستور وهي المجلس الأعلى للاتحاد، ورئيس الدولة ونائبه، ومجلس وزراء الاتحاد، والمجلس الوطني الاتحادي، والقضاء الاتحادي.

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/10/Zayed-bin-Sultan-Al-Nahyan-(1).jpg

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/10/29123_EY_11-01-2015_p28-p29-1.jpg

التاريخ هو الهوية الحقيقية للأمم والشعوب، وهناك علامات فارقة في تاريخ الشعوب والدول لا يتشابه ما قبلها مع ما بعدها، كما في تاريخ الثاني من ديسمبر 1971، الذي يمثل في حقيقته جوهر تاريخ دولة الإمارات، واللبنة الأساسية التي بنيت عليها أسس قيام الدولة وتطورها ونموها، واستناداً إلى أهمية هذا التاريخ، وإلى حقيقة أن «تاريخ الإمارات المشرق لا يقل أهمية عن حاضرها الزاهي»، جاءت مبادرة «1971»، التي أطلقها سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، بهدف الإسهام في توثيق تاريخ الدولة في جميع المجالات.

واستلهاماً لهذه المبادرة المهمة، تأتي هذه الصفحة الأسبوعية التي تقدمها «الإمارات اليوم»، بالتعاون مع «الأرشيف الوطني»، التابع لوزارة شؤون الرئاسة، للتعريف بشكل الحياة في الإمارات قبل الاتحاد، وخلال بداياته الأولى، والجهد الكبير الذي بذله الآباء المؤسسون للدولة من أجل قيامها.


مقر المجلس القديم

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/10/374027.jpg

تمّ بناء مقر المجلس الوطني الاستشاري داخل قصر الحصن في قلب أبوظبي في الفترة من 1968 إلى 1970، بحسب التحليلات التي أجريت على العديد من الصور الجوية التاريخية لأبوظبي. وتم بناء هذا المبنى ليكون المكان الذي سيتم فيه توحيد المشايخ أو الإمارات المتصالحة، ولاحقاً أصبح المبنى الذي شهد العديد من القرارات التاريخية الحاسمة واستضاف المناقشات الوطنية والاتحادية حتّى أواخر التسعينات، مقراً للمجلس الوطني الاستشاري والمجلس الوطني الاتحادي، بما أهله ليشهد على المستويين المحلي والوطني تطوير نظام حكم حديث له جذوره المرتبطة بالمفاهيم التقليدية للمجلس والشورى. وأتاح مهرجان قصر الحصن الذي يقام سنوياً في العاصمة للزوار القيام بجولة داخل القصر تتضمن دخول المجلس الاستشاري، والاستماع إلى مقاطع صوتية حول القرارات الحاسمة التي تمّ اتخاذها والاجتماعات التي عقدت داخل المجلس.


نقلة نوعية

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/10/374017.jpg

شهدت مسيرة العمل البرلماني في عهد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، نقلة كبيرة ترجمة للبرنامج السياسي الذي أعلنه سموه في عام 2005 وما تضمنه من تعديلات دستورية رقم 1 لسنة 2009، ومشاركة المرأة في الحياة السياسية وإجراء الانتخابات عامي 2006 و2011 وتوسيع مشاركة القاعدة الانتخابية استكمالاً لمرحلة التأسيس ولتمكين المجلس من ممارسة اختصاصاته الدستورية بمشاركة المواطنين في صنع القرار. وجسدت أول انتخابات أجريت في شهر ديسمبر من عام 2006 تحت إشراف «اللجنة الوطنية للانتخابات» أول تجربة للمشاركة الشعبية في اختيار نصف أعضاء المجلس، وشهدت فوز إحدى العضوات بالانتخاب. فيما تم تعيين ثماني أخريات في عضوية المجلس ليصل عدد المقاعد التي شغلتها المرأة في المجلس في فصله الـ14 تسعة مقاعد بنسبة بلغت 22.3% من مجموع المقاعد البالغ عددها 40 مقعداً.

منذ انطلاق الدورة الأولى للمجلس، حرص الشيخ زايد على افتتاح أدوار الانعقاد السنوية للمجلس، والالتقاء بأعضاء المجلس والاستماع لهم، وتقديم التوجيهات والنصح لهم. كما كان يشارك أحياناً في بعض جلسات المجلس ونقاشات الأعضاء، بالإضافة إلى حرصه على استقبال لجان المجلس والوفود البرلمانية الزائرة. هذا الاهتمام بالمجلس وأعضائه كان ينبع من إيمان المغفور له الشيخ زايد بالدور الذي تقوم به هذه المؤسسة الوطنية، وبقدرة أعضائها على المساهمة بإيجابية في خدمة وطنهم وشعبهم، من هنا كان الشيخ زايد يستغل كل فرصة يلتقي فيها أعضاء المجلس لتأكيد ضرورة اقترابهم من تطلعات المواطنين وهمومهم ومناقشتها بكل جرأة وتجرد، وفي حال وجدت عقبات تعوق تحقيق هذه المتطلبات والاحتياجات يتم رفعها إليه لحلها وتذليل ما يعترضها من عقبات.

في الجلسة الافتتاحية لدور الانعقاد العادي الأول من الفصل التشريعي الأول للمجلس، ألقى الشيخ زايد خطاباً شكل محطة بارزة في مسيرة عمل المجلس، وفي طبيعة الدور والمهام والنشاط الذي سيقوم به لتحقيق المشاركة الأساسية في عملية البناء، وفي بناء مستقبل مشرق من خلال تحقيق آمال شعب الإمارات، نحو بناء مجتمع الكرامة والرفاهية، ومما قاله في خطابه: «في هذه اللحظات التاريخية الحاسمة التي يجتمع فيها مجلسكم الموقر فإن جماهير الشعب على هذه الأرض الطيبة المؤمنة بربها ووطنها وترابها تتطلع إليكم، واثقة من أنكم بعون الله ستشاركون في تحقيق آمالها في العزة والمنعة والتقدم والرفاهية». وفي خطابه أمام المجلس الوطني الاتحادي، في افتتاح دور الانعقاد الثالث من الفصل التشريعي الثالث، أكد أهمية المشاركة الشعبية في مسؤولية النهوض بالوطن، وقال «إن مسؤولية بناء النهضة في هذا البلد لا تقع على الحكومة وحدها، ولكن الشعب الذي تمثلونه يشارك في هذه المسؤولية، يشارك بالرأي والفكر والمشورة، وبالعمل الدائب والجهد الخلاق والتعاون المخلص».

من خلال الجلسات التي اهتم الشيخ زايد بحضورها، واصل توضيح المنهج الذي يجب على أعضاء المجلس اتباعه للنجاح في مهمته وفي خدمة قضايا الوطن والمواطن. وتعد الجلسة الـ13 من دور الانعقاد العادي الثاني من الفصل التشريعي الثاني التي عقدها المجلس يوم 29 أبريل 1975 جلسة تاريخية، بحسب ما يشير تقرير أصدره المجلس بمناسبة الذكرى الـ11 لرحيل الشيخ زايد التي صادفت 19 رمضان الماضي، إذ شهدت الجلسة مشاركة الشيخ زايد في مناقشات المجلس حول دور وواجبات الأعضاء، في التعامل مع قضايا المواطنين. وقال «يطيب لي أن أكون بينكم وأتكلم معكم بكل صراحة، وأناشدكم الصراحة الكاملة، كما يصارح الواحد منا نفسه في خلوته، فيجب على كل فرد منا في دولة الإمارات أن يكون صريحاً، من دون تردد مع إخوانه، من الرئيس إلى أعضاء المجلس الوطني، إلى أفراد الشعب، الإخلاص لا يمكن أن يتحقق من دون صراحة، فكيف أن يقول إنسان أنا مخلص، ومن جهة أخرى يكون مجاملاً، هذا غير ممكن والصراحة مطلوبة بين الأهل والإخوان والأبناء، لأن الصراحة هي الإخلاص، وصراحة كل واحد منكم ومن أفراد الشعب هي واجب، وتأتي قبل كل واجب، لأننا ككل في هذه الدولة نعتبر ركاب سفينة واحدة إذا نجت السفينة نجونا، أما إذا غرقت فمن يضمن لنا السلامة».

هذا الدعم والاهتمام من قيادة الدولة بالمجلس الوطني ودوره مازال متواصلاً، من خلال حرص وتوجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وإخوانهما أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات، لتمكين المجلس وتفاعله مع قضايا الوطن والمواطنين من خلال تعزيز دوره ليكون سلطة داعمة ومساندة للسلطة التنفيذية. هذا الاهتمام انعكس في الخطاب الذي وجهه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، إلى المجلس الوطني في دور الانعقاد العادي الأول من الفصل التشريعي الـ14 للمجلس الذي افتتحه يوم 12 فبراير 2007، والذي وصفه سموه باليوم التاريخي، والمنعطف المهم في مسيرة الوطن، مؤكداً أن «الآمال لا سقف لها وطموحات المواطنين لا تحدها حدود، وأن قمة ما يسعون له من المشروع النهضوي الذي يأملونه للإمارات هو تحويل الرؤية التطويرية بما تتضمنه من معان ومفاهيم إلى استراتيجيات عمل وقيم سلوكية يمارسها المواطن في حياته اليومية وينتصر لها ويدافع عنها ويصون مكتسباتها وهذه غاية التمكين وقمة المسؤولية والولاء».

حرص المغفور له الشيخ زايد على تطبيق مبدأ الشورى وإرساء الديمقراطية ظهر في تجربة أخرى سبقت قيام الاتحاد، إذ أعلن في يوليو 1971 عن إنشاء أول مجلس استشاري وطني من 50 عضواً، وكان الهدف منه تأسيس ذراع تشريعية للحكومة تقدم المساعدة للحاكم ومجلس الوزراء في أداء مهماتهما، ومن ثَمّ كان يعدّ مثالاً لمشاركة الشعب في معالجة شؤون البلاد، بحسب ما يذكر الكاتب غريم ويلسون في كتابه «خليفة رحلة إلى المستقبل» الصادر عن الأرشيف الوطني، مشيراً إلى انه عند تدشين المجلس الاستشاري الوطني في 3 أكتوبر 1971، بأبوظبي، أوضح الحاكم جلياً أن المجلس لن يكون مؤسسة شكلية مهمتها الموافقة على قرارات الآخرين، وأن أعضاءه سيكونون محصنين من الانتقاد لأي تصريح أو رأي يدلون به في جلسات المجلس. وصرّح الشيخ زايد في خطابه الموجَّه إلى شعبه، الذي نقلته محطات الإذاعة والتلفزة بأن هذه الإجراءات الإدارية الجديدة التي وضعتها أبوظبي هي حجر الأساس في هيكل اتحاد الإمارات، مضيفاً أن القوانين الجديدة التي صدرت ستمهد الطريق لتأسيس نظام برلماني ديمقراطي متكامل في المستقبل القريب.

أرقام وأحداث

هي مدة العضوية في المجلـس تبدأ من أول اجتماع، ويطلقها الفصل التشريعي. ويتم دعوة المجلس إلى الانعقاد وفض الدورة بمرسوم يصدره رئيس الدولة.

للمجلس 8 لجان دائمة، أضيفت إليها لجنة جديدة باسم (لجنة المسائل العاجلة).

هي فترة انعقاد المجلس الدور العادي للمجلس سنوياً، الذي يبدأ في الأسبوع الثالث من شهر أكتوبر من كل عام.

انعقد المجلس عام 2007 لأول مرة بأعضاء نصفهم منتخبون وبمشاركة واسعة للمرأة الإماراتية لأول مرة في الحياة البرلمانية.

حضور نسائي فاعل

الدكتورة أمل القبيسي هي أول إماراتية تدخل المجلس الوطني الاتحادي عبر انتخابات تشريعية، وكان ذلك في عام 2006، لتكون بذلك أيضاً الخليجية الأولى التي تصل للبرلمان عبر الاقتراع. وهي أيضاً أول إماراتية تترأس جلسة المجلس الوطني السادسة التي انعقدت في يناير 2012. ومنذ 2006 وحتى الآن شهد المجلس مشاركة فاعلة من المرأة الإماراتية سواء في طرح الموضوعات والقضايا، أو في النقاشات التي تجري.

اللجنة الوطنية للانتخابات

تم تشكيل اللجنة الوطنية للانتخابات في عام 2006، بموجب المادة الرابعة من قرار صاحب السمو رئيس الدولة رقم (3) لسنة 2006 بشأن تحديد طريقة اختيار ممثلي الإمارات في المجلس الوطني الاتحادي (وتعديلاته). وللجنة الصلاحيات كافة اللازمة للإشراف على العملية الانتخابية، وتتمثل اختصاصات اللجنة في رسم الإطار العام للعملية الانتخابية والإشراف العام على سير الانتخابات، إلى جانب الإسهام في جهود التوعية والتثقيف المتعلقة بالانتخابات ووضع القواعد الإرشادية لسير العملية الانتخابية وتحديد المراكز الانتخابية في كل إمارة، إلى جانب اعتماد الإجراءات التنظيمية لتكوين الإطار القانوني للانتخابات.

السلطة الرابعة

المجلس الوطني الاتحادي هو السلطة الاتحادية الرابعة من حيث الترتيب في سلم السلطات الاتحادية الخمس المنصوص عليها في الدستور. ويتشكّل المجلس الوطني الاتحادي من 40 عضواً وتوزّع هذه المقاعد على إمارات الدولة كالآتي: ثمانية مقاعد لكل من أبوظبي ودبي، وستة مقاعد لكل من الشارقة ورأس الخيمة، وأربعة مقاعد لكل من عجمان وأم القيوين والفجيرة. ويتم انتخاب نصف أعضاء المجلس من قبل الهيئات الانتخابية، بينما يتم تعيين النصف الآخر، وقد تم اعتماد هذه الآلية وتطبيقها في عام 2006، أي منذ بداية تطبيق المرحلة الأولى من برنامج التمكين السياسي لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة.

لمشاهدة الصور التاريخية بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط.

تويتر