اعتبرت فوز المجلة بجائزة محمد بن راشد للغة العربية تأكيداً لنجاحها

السعد المنهالي: علاقتي بـ «ناشيونال جيوغرافيك» مثل الحلم

صورة

طموحها لا يعرف حدوداً؛ ونجاحها يستند إلى خبرات متعددة أهّلتها لتتولي منصب رئيسة تحرير مجلة «ناشيونال جيوغرافيك» في طبعتها العربية، التي تصدر عن «أبوظبي للإعلام»، بالتعاون مع المجلة الأم التي تعد من أقدم المجلات على مستوى العالم.. إنها الإعلامية الإماراتية، السعد المنهالي، التي تولت مسؤولية المجلة منذ ما يقرب من العامين؛ وتصف علاقتها بمجلة «ناشيونال جيوغرافيك» بالحلم، وترى فوز المجلة، الشهر الماضي، بجائزة محمد بن راشد للغة العربية، لحظة خاطفة في حلم يقظة بدأ مع رؤيتها للإعلان عن الجائزة.

شراكات ناجحة

أشارت الكاتبة السعد المنهالي إلى أن «ناشيونال جيوغرافيك» لديها بالفعل شراكات وأشكال تعاون مع الكثير من الجهات البيئية والتعليمية، ومراسلات مستمرة في حالة وجود استفسارات حول مواد علمية في الإمارات، معربة عن طموحها في تحقيق أشكال تعاون أكبر وأوسع، خصوصاً مع المؤسسات المعنية بالهدف ذاته.

لغة جذابة

اعتبرت السعد المنهالي أن قراء مجلتها هم كل أفراد المجتمعات العربية، وكل أفراد الأسرة، موضحة أنها ليست مجلة متخصصة، وإنما مجلة تقدم كل العلوم المتخصصة بلغة سهلة وجذابة لغير المتخصصين من الناس، لدفعهم لفهم واقعهم الإنساني والبيئي، وإدراك الشراكة الأوسع بينهم وبين كل كائن ومخلوق على وجه المعمورة، وذلك للحفاظ على الكوكب.

ورأت أن القارئ العربي لديه هذا الشغف بالاطلاع، ولكن هذا يتعلق بقدرة الأداة التي أمامه على استثارة هذا الشغف فيه، وتحريكه بشكل سليم وعلمي وجاذب، وهذا ما تفعله مجلة «ناشيونال جيوغرافيك»، فما أن تصل المجلة ليد القارئ العربي ويتصفحها بروح منفتحة وراغبة إلا ويقتنع بها.

وأكدت أن هذا الفوز بمثابة إعلان نجاح المشروع الذي أقدمت عليه «أبوظبي للإعلام» عبر تبنيها مشروع «ناشيونال جيوغرافيك»، ويؤكد للجميع أن اللغة العربية لغة فاعلة، وقادرة على التعاطي مع العلوم بمختلف تخصصاتها من دون عوائق، على عكس ما يروج له البعض «فحصولنا على الجائزة تأكيد على أننا على الطريق السليم، لقد أصبحنا نقدم نموذجاً (معتمداً) يمكن أن يكون مرجعاً لآخرين لهم الغاية ذاتها». وأضافت السعد المنهالي، في حوارها مع «الإمارات اليوم»، أن «عملي في مجلة دولية وتعاملي المباشر بإدارة التحرير بواشنطن، ذات الخبرة المتراكمة عبر 127 عاماً، إضافة إلى الكثير من الميزات العلمية والمعرفية التي سنحت لي أثناء عملي بهذه المجلة، تبدو لي رغم تقلدي مهام رئيسة تحرير للمجلة منذ أكثر عن عامين، تبدو للآن وكأنها حلم. أما ما حدث مع الجائزة، فقد كانت لحظة خاطفة في حلم يقظة، فقد وقعت عيني على الإعلان عن انطلاق الجائزة في يوليو العام الماضي، وأثناء استعراضي السريع للفئات تأكدت تماماً أن المجلة ستتوج بالجائزة كأفضل عمل إعلامي لخدمة اللغة العربية. ستة أشهر كانت بين اطلاعي على الخبر وبين تاريخ قبول الترشيحات، وهي فترة كانت كافية لعمل ملف مناسب يليق بالمجلة، ويحظى بالقبول لدى لجنة تحكيم الجائزة».

مسيرة 127 عاماً

وأشارت السعد المنهالي إلى أنه لم يكن من الصعب تحقيق الشروط والأسس التي حددتها جائزة محمد بن راشد للغة العربية، عبر موقعها الإلكتروني، من كتابة الوصف التفصيلي لمشروع «ناشيونال جيوغرافيك»، وتحديد الأهداف والفئات المستهدفة والنتائج المتحققة، وإثباتات كفاءة المبادرة على الواقع العربي «ومن دون أي مبالغة، تقدم مسيرة المجلة العالمية نموذجاً يجب الاحتذاء به في الإعلام العلمي والمعرفي، فهي مسيرة علمية ومعرفية قديمة منذ 127 عاماً، وعبر 42 لغة مترجمة في العالم بدأت منذ عام 1995. وهناك تفاصيل بالأساس نعمل على تحقيقها من خلال المجلة، وذلك عبر الاستمرار في تشجيع الناس، والمتابع عبر كل وسائلنا الإلكترونية، على للقراءة والاطلاع على المعرفة والعلوم، ودفع الجيل إلي الإبداع والابتكار، والتعمق أكثر في فهم واقعه البيئي وإدراك الشراكة الأوسع مع كل كائن ومخلوق على وجه المعمورة، والتقرب أكثر مع غيره من شعوب الأرض لفهمها، وغير ذلك من الأهداف التي تحاول كل موضوعات المجلة تحقيقها، وهي الموضوعات التي أخذتُ بعضها إلي ملف الجائزة بلغة عربية سليمة ورصينة وسلسلة».

رغم تفرد المجلة وتميزها؛ تعتبر المنهالي أن «كل عدد من المجلة يمثل تحدياً جديداً، تحدياً في كل سطر وفقرة من المجلة، ولكن يتم التعاطي معه بطرق متفاوتة وعلى مستويات مختلفة، بدءاً من المترجم المحترف المتخصص في ذلك النوع من العلوم أو ذاك، وما يتبع من تدقيق وإعادة ترجمة وتحرير وتوضيح وتفسير من خلال عمل بقية فريق التحرير، فالجميع يشارك في هذه العملية، لضمان أن تصل المادة لمختلف القراء من دون صعوبة أو ركاكة، عبر لغة عربية راقية تليق بمجلة عالمية بعراقة (ناشيونال جيوغرافيك)، لغة تحترم المفردات العلمية وتحترم إرث اللغة العربية الثري، وهو دور يقوم به المترجمون والمدقق بشكل كثيف وممنهج عبر المراجع المتخصصة ومعاجم اللغة ومجامع اللغة العربية».

تأثير ملموس

وعن رؤيتها لما حققته المجلة وهي على أبواب عامها الخامس؛ ذكرت المنهالي أن إكمال المجلة عامها الخامس منجز يدعو للفخر، موضحة أن التأثير الثقافي والمعرفي للمجلة في المواطن العربي تتلمسه كل يوم من رسائل القراء المتابعين، ومن تقدير كل من تقابله سواء في الإمارات أو خارجها، ومن زيادة الإقبال لدى الجمهور للحصول علي اشتراكات المجلة. وأضافت «لدي طموح أكبر لإنجاح المجلة عربياً، وهو ما سيؤدي بالتأكيد للحصول على المزيد من الجوائز المتعلقة بتخصص المجلة في المنصات التي تعمل فيها، وأن نتمكن أنا وفريق العمل في المجلة من تحقيق ذلك، طالما لدينا حب وشغف بما نقوم به، ورسالة نؤمن بها».

من جهة أخرى؛ أكدت رئيسة تحرير «ناشيونال جيوغرافيك»، أن المعايير الصارمة جداً التي تضعها المؤسسة الأم لاحترام الخط التحريري العالمي، لا تشكل عائقاً لإدارة النسخة العربية، خصوصاً أن المعايير مهنية بحتة لا تتعرض للأمزجة والرغبات، وهي من أهم سمات التعامل مع إدارة التحرير في واشنطن، لافتة إلى أنه في ظل تلك الصرامة، هناك خيارات قابلة للنقاش، خصوصاً ما يتعلق بالطبيعة الخاصة لكل ثقافة ترجمت فيها المجلة، في كل نسخة مترجمة، فهناك طبيعة سوق محلية، وثقافة عامة للمكان، وخصوصية دينية وأخلاقية لكل بلد، وهذا تحترمه تماماً الإدارة في واشنطن، بل تبادر بتقديم خيارات للدول التي تترجم المجلة. رغم ذلك؛ أوضحت السعد المنهالي أن هناك صعوبة كبيرة في الحصول على موضوعات محلية أو عربية تتسم بالاحترافية في التناول والتنفيذ، وذلك بسبب عدم وجود احترافيين في هذا العمل، فليس كل عالم أو مستكشف أو مصور يمتلك مهارة تحريرية تمكنه من تقديم منتجه للمجلة. «فالمنطقة العربية غنية بعناصر فريدة طبيعية وثقافية، ولكن من يملك القدرة على تقديم ذلك؟ أعتقد أن الوقت، ووصول المجلة لأكبر عدد ممكن من العرب، سيسهمان بالتأكيد في استثارة رغبة البعض بالمضي في طريق البحث والاستكشاف والرصد».

وعن مدى توافق خصوصية «ناشيونال جيوغرافيك» مع خلفيتها المهنية التي احتلت الصحافة اليومية مساحة كبيرة منها؛ قالت إن «خلفيتي المهنية أساساً (بحثية)، ومن هذا المنطلق عملت في التحرير الصحافي، ومن ثم الصحافة الإلكترونية، وهي تراكمات أسهمت في وصولي لهذا المنصب، والبحث العلمي أساس دراستي الأكاديمية، والمعرفة العلمية والإنسانية هي شغفي الخاص وهوايتي، وبالتالي توافرت كل عناصر الرضا الوظيفي في مهمة عملي كرئيسة تحرير لمجلة (ناشيونال جيوغرافيك)، أما الانفرادات فلا أكثر منها في مجلتنا».

تويتر