قضايا العالَم المضطرب لا تغيب عن أفلامه

مهرجان «كان».. السحرية في عالم واقعي

صورة

في كل ربيع يصل مهرجان «كان» الدولي السينمائي حلماً براقاً إلى العالم السينمائي السحري المتجدد أبداً. ولكن هذا المهرجان يحدث في مكان ما من العالم الواقعي، أي في فرنسا التي بالإضافة إلى انها مكان استضافة هذا المهرجان العالمي للسينما، فإنها تلك الدولة التي عانت المتاعب أخيراً قبيل افتتاح النسخة 68 من المهرجان.

الطليان يقتحمون «كان»

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/05/314275.jpg

خلال مجد السينما الإيطالية اعتاد المخرجون الكبار الثلاثة فيليني، وانتونيونوي، وفيسكوتي التنافس في ما بينهم في مهرجانات الأفلام. ولكن في هذا العام فإن ثلاثي المخرجين المعاصرين هم ماتيو غارون، وناني موريتي، وبابلو سورينتينو، وجميعهم لديهم أفلام مشاركة في المنافسة الرسمية في الدورة 68 لمهرجان كان السينمائي الدولي.

وغارون وسورينتينو في الأربعينات من العمر ويعرضان أفلامهما باللغة الإنجليزية هذا العام، وهما يمثلان جزءاً من جيل شاب أكثر انسجاماً مع الأساليب العصرية وغالباً ما يكونان أكثر قتامة في الأفكار التي يتبنيانها. وأما موريتي،61 عاماً، فقد تطور في عمله عبر سنوات عمله من إخراج افلام كوميدية استثنائية مستلهماً أسلوب المخرج والكاتب الأميركي وودي ألان، إلى اخراج أعمال درامية كئيبة عائلية كالتي يقوم بتقديمها هذا العام.

وعندما سئل المخرج غارون عن سبب التنافس الشديد بين العديد من الأفلام الإيطالية للمرة الأولى منذ سنوات على جائزة السعفة الذهبية، قال إنه سعيد بذلك في نهاية المطاف. وفي عام 2008 كان فيلم غارون الذي يحمل عنوان «عمورة»، الذي يتحدث عن الجريمة المنظمة في نابولي، قد حصل على جائزة لجنة التحكيم في كان. وفي عام 2012 كان فيلمه «الحقيقة» الذي يتحدث عن رجل مهووس دائماً بأنه يتحدث على التلفزيون، قد شارك بالمنافسة في «كان» أيضاً. وفي مهرجان العام الجاري يقدم غارون فيلماً بعنوان «حكاية الحكايات»، وهو فيلم يتمتع بميزانية ضخمة من بطولة سلمى حايك، وفينسنت كاسيل وتوبي جونز.


مخرجو تايوان: منعطف في فنون القتال

قبل ثماني سنوات جرى عرض فيلم المخرج التايواني هو هسياو هسين، الذي يحمل عنوان «طيران المنطاد الأحمر» من بطولة الممثل جولييت بينوشي في مهرجان كان السينمائي الدولي. وخلال هذه السنوات الثماني، كرس هذا المخرج المشهور بأفلام فنون القتال، معظم طاقته لإنشاء السينما المستقلة في تايوان وعمل مديراً لمهرجان تايبيه السينمائي، ومهرجان الحصان الذهبي السينمائي في تايبيه. ويقول «هو» 68 عاماً، إنه كان هناك سبب آخر لغيابه الطويل فقد كان يقوم بصنع فيلم القاتل. وتحدث في مقابلة من تايبيه عبر سكايب الأسبوع الماضي عن الجهود المضنية التي بذلها من أجل اخراج هذا الفيلم الذي يعتبر أحدث انتاجاته، والذي يرجع إلى فترة حكم اسرة تانغ الصينية وتجري أحداثه من خلال فنون القتال.

ويستند الفيلم إلى أسطورة شعبية عن اسرة تانغ، حدثت في عام 809 وهي تحكي قصة فتاة شابة، قامت بلعب دورها الممثلة شوقي.

وربما تبدو هذه الفكرة مختلفة تماماً عن حياة المهرجان السينمائي الدولي، حيث القضايا الأكثر الحاحاً للنقاش هي ما يشاهده الجمهور من أفلام. ولكن بالنسبة لإطلاق الأحكام على الأفلام الموجودة على لائحة الأفلام المرشحة هذا العام، وعلى الرغم من أنها مختلفة من حيث الملامح والشكل إلا أنها تتحدث جميعها عن الحقائق التي تعصف بالعالم على نطاق واسع، حيث المصاعب الاقتصادية ومشكلات الهجرة، والاتجار في البشر وتهريب المخدرات، والعديد من الويلات والمشكلات التي اخذت طريقها نحو عالم السينما.

وكان الشعور بالقلق الاجتماعي قد تمت الإشارة إليه من خلال خيار المهرجان للأفلام المشاركة. ويحكي فيلم الافتتاح «الوقوف الشامخ» للمثلة والمخرجة الفرنسية ايمانويلا بيركوت، قصة الجهود التي يبذلها قاضٍ ومدرس لإبعاد الشباب عن الجنح الجنائية. وأما في اليوم الأخير للمهرجان فتم اختيار فيلم يتحدث عن موضوع تغير البيئة، وهو عادة ما يكون فيلماً وثائقياً، بعنوان «الجليد والسماء» للمخرج لوك جاكيت.

وهناك العديد من الأفلام التي تعرض للمرة الأولى، والتي تناقش الحقائق الصعبة في عالمنا المعاصر المضطرب. وكان الفيلم المشارك في المنافسة للمخرج جاك اوديارد يتحدث عن مقاتل في نمور التاميل، هاجر إلى باريس قادماً من سريلانكا، في حين أن المخرج المالي يعود بعرض خاص لفيلم «بيتنا» الذي يركز على مضاربات العقارات والخداع. وهناك أيضاً على هامش المهرجان ثلاثية المخرج ميغويل غوميز بعنوان «ألف ليلة وليلة»، الذي يعتمد على الأوصاف الواقعية التي يقدمها المواطنون البرتغاليون عن الحالة الاقتصادية المتدهورة في بلادهم.

ويعتبر المخرج إدوارد وينتروب المدير الفني للمهرجان أن فيلم غوميز يمثل تعبيراً عن المزاج الذي يعيشه العديد من الناس العاديين والمخرجين، وقال وينتروب «إنه من الواضح أن الدول التي تعصف بها أزمات أكثر قسوة، استجابة الحكومات فيها، كما يقول غوميز في فيلمه، لا تستند إلى مبدأ العدل الاجتماعي». وثمة أفلام متوقعة بصورة كبيرة تتقاطع مع الماضي وليس مع الحاضر وتتضمن «كارول» من اخراج تود هاينز وبطولة الممثلة كيت بلانشيت وروني مارا، حيث يتحدث عن نساء نيويورك اللواتي كن يغرمن في خمسينات القرن الماضي. وآخر بعنوان «حكاية الحكايات» للمخرج ماتيو غارون وهي مقاربة لحكايات خيالية من القرن الـ17، بطولة الممثلة سلمى حايك، وفنسنت كاسل وجون ريلي، وكذلك فيلم المخرج هو هسياو هسين الذي طال انتظاره بعنوان «القاتل»، الذي يروي حكاية اسرة تانغ الصينة وفنون القتال. ويعتبر فيلم القاتل تطوراً في وتيرة عمل المخرج «هو»، بالنظر إلى ميزانيته الضخمة. وثمة آفاق عمل مشابهة من حيث الميزانية، تجري بالنسبة للعديد من المخرجين الشبان الواعدين ايضاً. وكان مهرجان كان السينمائي قد أعد العديد من المخرجين السينمائيين عن طريق ظهورهم سابقاً في قطاعات أخرى من المهرجان. ولكن مهرجان 2015 يعد وبصورة حاسمة عام القادمين الجدد للتنافس في المهرجان، اذ إن هناك تسعة مخرجين ينافسون على الفوز بالسعفة الذهبية للمرة الأولى. وعلى سبيل المثال فإن المخرج الأسترالي جاستن كورزيل ينتقل من فيلمه «بلدة الثلج» الذي يحكي قصة القتل المثيرة والعنيفة، إلى معالجة قصة عنف وقتل أقدم منها زمنياً، هي فيلم «ماكبيث».

تويتر