الخشبة الإماراتية والمساندة العربية أوصلتاه إلى رئاسة الهيئة الدولية للمسرح

الأفخم: المســــرح العربي كسر عزلته التاريخية

المسرح العربي مطالب بتعزيز حضوره عالمياً من خلال مزيد من المشاركات الخارجية. أرشيفية

لم يشكل فوز الإماراتي محمد سيف الأفخم، ابن منطقة دبا الفجيرة، قبل أيام قليلة، برئاسة الهيئة الدولية للمسرح، رسالة مهمة على الصعيد المحلي فحسب، ومؤشر ثقة بالحراك المسرحي الإماراتي، وقدرته على الذهاب بعيداً، للوصول إلى المنصة العالمية الأهم، بل كانت رسالة مهمة عربياً، سواء على صعيد الإبداع، أو على صعيد القدرة على التواصل مع «الآخر» من خلال منتجه الإبداعي نفسه.

وبالإضافة إلى الدلالات الإيجابية لتصدر المرشح الإماراتي انتخابات الحصول على هذا المنصب الدولي، بحضور 120 دولة، وما يعكسه من ثراء الحراك المسرحي المحلي، ومع المساندة العربية الهائلة للمرشح الإماراتي، فإن المسرح الإماراتي تمكن خلال السنوات القليلة الماضية، من نسج علاقات وطيدة مع منصات مسرحية عالمية ودولية متعددة.

تأثير وتأثر

قال الأمين العام للهيئة الدولية للمسرح إن المسرحي العربي مطالب بأن يكون حاضراً بشكل أقوى في سياق المشهد المسرحي العالمي، وبصفة خاصة في ظل المعطيات الثقافية الراهنة، التي تغيّب المشهد العربي المشرق في مجالات الثقافة والفنون والآداب، وتحصر حضورها في المشهد السياسي والأمني المضطرب في بعض الدول العربية. وتابع «لا بديل لنا سوى أن نكون فاعلين في طرفي التعاطي الثقافي مع العالم، من خلال تأثير وتأثر، وأن نتخلى عن الاكتفاء بالتأثر وحده، وهو أمر لن يتأتى سوى بثقتنا في منتجنا الإبداعي، والارتقاء به، وليس فقط الاكتفاء باغتنام فرص الاحتكاك مع الآخر». وتابع: «المشهد العربي ظل لفترات طويلة هو سقف الإبداع للمسرحي العربي، وهو تقوقع جعلنا ندور في ذات السياق الإبداعي، والمطلوب الآن هو مزيد من الانفتاح (الواعي) على المشهد العالمي، مع الاحتفاظ بملامح الإبداع الأصيلة المرتبطة بالهوية، واستثمار هذا المخزون التاريخي الثري للمسرح العربي».

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/11/227973.jpg


الترجمة هي الحل

«الترجمة هي الحل» من وجهة نظر الفائز بمنصب الأمين العام للهيئة الدولية للمسرح، الإماراتي محمد الأفخم، الذي أكد أن المسرح العربي قادر على الوصول إلى الآخر، من خلال عروض احترافية مصحوبة بترجمة «فنية» تعي خصوصية المسرح ولغته الإبداعية.

وأضاف: «الترجمة أيضاً وسيلة يجب أن يتم تفعيلها في الاتجاهين، فهناك أعمال مسرحية عالمية، ونصوص رائعة، تمثل استضافتها وترجمتها محطة مهمة لنشر الثقافة المسرحية، وإدخال الجمهور والفنان العربي معاً في سياق المشهد الإبداعي العالمي»، مشيراً إلى أن مهرجان الفجيرة للمونودراما انتخب أفضل 10 نصوص من أجل توفير طبعات مترجمة بلغات ثلاث هي العربية والإنجليزية والفرنسية.

وأكد الأفخم أن المسرح «هو أكثر فنون القول تمسكاً بجماليات اللغة العربية»، مضيفاً: «من حسن الطالع أن يتوافق هذا الخيار الجمالي، مع استراتيجية رسمية تعتمد اللغة العربية مقوماً رئيساً من مقومات الهوية الوطنية».

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/11/227970.JPG

وفي حواره لـ«الإمارات اليوم» رأى الأفخم أن المسرح العربي عموماً، تمكن من كسر عزلته التاريخية مع الآخر، وأضحى بمثابة جسور حقيقية تضع هذا الآخر في عوالم إبداعاته، سواء من خلال احتضانه لفعاليات مسرحية دولية مهمة، أو عبر وجوده في الكثير من تلك الفعاليات العالمية.

وأضاف الأفخم، الذي يدير مهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما، الذي تنظمه الإمارة كل عامين «منذ تأسيس مهرجان الفجيرة الدولي، كانت هناك عين على الآخر، وضرورة أن يكون حاضراً ومشمولاً في السياق الإبداعي للمهرجان، الذي تحول في ما بعد إلى مهرجان ذي حضور قوي على أجندة الفعاليات العالمية المسرحية عموماً، والمرتبطة بفن المونودراما خصوصاً». ورأى الأفخم أن كسر محلية المسارح العربية، كان مشكلة قُطرية ترتبط بمختلف الدول العربية، في سياق تعاطيها خارج المنظومة الثقافية العربية، مضيفاً أن «السقف العربي - العربي، كان هو الأفق الأعلى لأي فرقة مسرحية، أو حتى هيئة أو مؤسسة ثقافية عظيمة التأثير، في حين أن تعاطينا مع المسارح العالمية، لا يتخطى التأثر، ولا يتجاوزه مطلقاً إلى صحية التأثير والتأثر، لذلك كانت دعوات إقامة علاقات ثقافية مع المسارح العالمية، مقتصرة على استضافات عربية لبعض العروض، من دون أن تكون هناك فرص مناظرة لاستيعاب العروض العربية، ضمن تظاهرة تحتفي بالمسرح العالمي، باستثناء حالات معدودة».

وأكد الأفخم أن مجرد الترشيح لهذا المنصب الدولي المهم، يعكس الدور الثقافي والحضاري الذي ينهض به المسرح الإماراتي، مشيراً في هذا السياق إلى الوجود المهم على مدار السنوات الماضية، في عضوية الهيئة العالمية للمسرح، وتأثير ذلك في حظوظ المسرح العربي، وحضوره في المشهد المسرحي العالمي.

ولفت الأفخم إلى أنه فضلاً عن الفوز برئاسة الهيئة الدولية للمسرح، فإن الإمارات كانت أول دولة عربية تدخل هذا السباق وأن هذه رسالة للعالم تؤكد المكانة الثقافية التي وصلت إليها الإمارات والدعم الذي تقدمه للمسرح وللمسرحيين في العالم. ولفت الأمين العام للهيئة الدولية للمسرح، محمد الأفخم، إلى أن إمارة الفجيرة أنشأت مكتباً ثانياً للهيئة الدولية للمسرح ليكون المقر الثاني للهيئة منذ خمس سنوات تقريباً، وهي تعمل على استضافة الاجتماعات الدورية للهيئة وتقيم فعالياتها الثقافية المختلفة على هامش مهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما.

وحول جمعه بين منصب المدير العام لبلدية الفجيرة، وتأسيسه في الوقت نفسه لحراك مسرحي نشط في إمارة الفجيرة، لفت الأفخم إلى أنه «يتشرف بأنه ابن هذه الحركة المسرحية النشطة التي تحتضنها إمارة الفجيرة، من خلال عضويته التأسيسية لفرقة مسرح دبا الفجيرة، وجمعية الفجيرة للثقافة والفنون، فضلاً عن رئاسته للرابطة الدولية للمونودراما، على الرغم من تخصصه الأكاديمي الهندسي».

ورأى الأفخم أن تفعيل المشاركات الخارجية العربية هو محطة مهمة لتوفير فرص احتكاك قوية بمدارس مختلفة في المسرح العالمي، مؤكداً أنه سيعمل على تنمية وإذكاء هذا الاتجاه وتفعيله خلال المرحلة المقبلة، ليس على الصعيد الإماراتي فقط، بل على الصعيد العربي أيضاً.

ورأى الأفخم أن بعض الاستضافات يجب ألا تقتصر على العروض، لافتاً إلى أهمية الورش الفنية والندوات واللقاءات التي تتم بين الوفود المسرحية المختلفة، وما تمثله من تبادل للخبرات والتجارب.

ولم يكن دعم الإمارات للفوز بهذا المنصب العالمي مقتصراً على حضور أكبر وفد دولي لمتابعة اجتماعات الهيئة الدولية للمسرح، على مدار تاريخها، ودعم عربي ملحوظ تمثل في إعلان الوفدين المصري والسوداني تأييدهما للمرشح الإماراتي، بل إن الرئيس السابق للهيئة، روماندو ماجومدار، نفسه أشار إلى دعمه ترشيح الإمارات نظراً إلى ما تبذله الإمارات من دعم في تطوير آلية العمل بالهيئة وتقديم كل الاقتراحات المستقبلية لها، وتمكين عمل الهيئة في عدد من عواصم العالم، وهو ما أشار إليه كذلك المسرحي السوداني، علي المهدي، نائب رئيس الهيئة الدولية للمسرح بتأييده ترشيح الإمارات.

تويتر