شكر الإمارات على تعاونها في تطوير المتحف الإسلامي

وزير الآثار المصري: نجهّز معـارض «عابرة للعصور» تطوف العالـم

صورة

كشف وزير الآثار المصري د. ممدوح الدماطي، في حوار خاص لـ«الإمارات اليوم» بالقاهرة، أن وزارته ستجهز للمرة الأولى معارض أثرية حول فكرة معينة وتطورها عبر العصور، وستعرض هذه المعارض عالمياً لمن يريد استضافتها، وقدم الدماطي أدلة جديدة على سلامة هرم زوسر، ودقة عملية ترميمه، مؤكداً أن الضجة المفتعلة والمتواصلة حول انهياره هي «محض شائعات»، كما كشف الدماطي عن تفاصيل اقامة «إدارة القاهرة التاريخية»، التي ستشمل خمس مناطق، في اطار عملية تطوير شامل تهدف ضمنياً الى توسيع نطاق السياحة العربية في مصر، وشدّد على أن جهود استرداد آثار مصر المنهوبة وصلت الى مستوى مرضٍ على الصعيدين الداخلي والخارجي، منوهاً باطمئنانه لقدرة البنية التشريعية الموجودة على ملاحقة سرقات الآثار شريطة «تطبيق القانون»، الذي حالت ظروف و«علاقات خاصة» في فترات سابقة دون إعماله.

وشكر الوزير المصري الإمارات التي تعاونت مع مصر في تطوير المتحف الإسلامي بشارع بورسعيد في باب الخلق، بعد ان تعرض لاتلاف وتخريب عرضي بعد التفجيرالإرهابي أمام مديرية امن القاهرة.

وقال إن «ادارة المعارض الخارجية بوزارة الآثار تجهز حالياً معارض أثرية بتصور جديد تماماً لتطوف العالم». وتابع أن التصور القديم في عمل المعارض كان قائماً على فكرة الاستجابة لطلب الدول حين تطلب معرضاً من متحف معين، أما جديد الوزارة اليوم فهو أن نقوم نحن في مصر بإعداد المعرض ثم تقديمه للعالم، بحيث يمكن ذهابه لمن يريد، كما أن المعرض نفسه سيقوم على فكرة، مثل الحرية عبر العصور، ثم تنظيم المعروضات كافة اتساقا معها.

وأضاف أن «هذه رؤية جديدة لأفكار خارج الصندوق، وهي إعادة هيكلة لعمل المعارض، تتماشى مع فكر العالم الجديد وتشمل موضوعات متعددة كما تشمل كل الآثار المصرية: الفرعونية واليونانية والإسلامية، ومن ضمنها يمكن أن تكون المجوهرات التي تعرض تاريخ الحُلي أو غيره».

وفي ما يخص هرم زوسر الذي تعرض في الفترة الأخيرة لحملات إعلامية عاصفة، اعتبرها آثاريون ظالمة وتحدثت عن تعرض الهرم للانهيار وعدم دقة عملية ترميمه، قال الدكتور الدماطي «إن القول الفصل في قصة هرم زوسر قدمناه ونواصل تقديمه، وهو أنه لا صحة على الإطلاق لما ردده البعض عن تعرض الهرم -أو بالأدق - أجزاء من بنيان الهرم للانهيار أو لوجود مشكلات في ترميمه، الهرم آمن تماماً، وتتم له أفضل عمليات الترميم، لكن هناك من يصر على ترديد اشياء لا وجود لها في الواقع، وقد عقدت مؤتمراً صحافياً دعوت فيه كل وسائل الإعلام داخل حرم الهرم نفسه، بعد أن فتحته وأعلنت من على أرضه الحقيقة الواضحة المباشرة وشاهدها كل العالم».

وتابع «رجع المشككون يقولون إن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو) هي الفيصل وإنها –أي اليونيسكو- أخرجت هرم زوسر من قائمة التراث العالمي، فأصدرنا بياناً كذبنا فيه ذلك، وأصدرت اليونيسكو بياناً نفت فيه صحة هذا الكلام، والذين قالوا ذلك هم في الأصل لا يعرفون طبيعة العمل في (اليونيسكو)، التي يتحتم عليها اجرائياً اذا أرادت اخراج هرم زوسر، أن تخرج المنطقة الأثرية التي تضمه بالكامل بما في ذلك الجبانة المنفية والجيزة وسقارة الشمالية ودهشور، ولأن هذا لم يحدث فمن الجلي أن هرم زوسر لايزال في القائمة».

واستطرد الوزير «فوجئنا بعد ذلك، بمن يقول إنه تم استدعائي من (اليونيسكو) لنقاش انهيار الهرم وسماع شهادتي في ما جرى من وجهة نظرهم للهرم، وواقع الأمر أنني كنت ذاهباً لحضور ندوة مشتركة بين اليونيسكو ومنظمة المتاحف العالمية (الايكوم)، والمنظمات الدولية لا تستدعي موظفاً حكومياً، وللمرة الثانية اصدرنا بياناً يكذب واقعة الاستدعاء وأصدرت (اليونيسكو) ايضاً بياناً بذلك».

ونوه الى أن «وزارة الآثار، المستحدثة قريباً في مصر، تخوض معارك على جبهات عدة بشكل متواز، مشدداً على أنها كانت لا تأخذ مليماً واحداً في نفقاتها من اعتمادات الدولة وتعتمد على دخلها الذاتي الذي يأتي من السياحة، وقد اضطرت بعد ثورة 25 يناير الى اللجوء للميزانية الحكومية، بعد أن وصل دخل تذاكر المتاحف والمعابد في بعض الأيام الى جنيهات، لكنه بفضل الاستقرار المعقول الذي تشهده مصر حالياً، تقترب وزارة الآثار تدريجياً الى الوضع القديم وتستهدف في فترة وجيزة جداً العودة مجدداً الى الاكتفاء الذاتي».

وقال الدماطي إن «الربط بين السياحة والآثار جوهري في عمل الوزارة، وتأتي في هذا السياق فكرة انشاء إدارة القاهرة التاريخية التي اعلنت أخيراً، حيث ركزت الوزارة على مجموعة مشروعات تستهدف مناطق القاهرة التاريخية، التي تضم القاهرة الفاطمية وغيرها، والتي تضم مجموعة من الأبنية تحتاج الى إعادة تأهيل، ووكالات قديمة مثل وكالة قايتباي خلف سور القاهرة الشمالي، بما سيفتح المجال واسعاً امام السياحة العربية». وأوضح أن «قراره الأخير بإنشاء إدارة القاهرة التاريخية، هو تنفيذ مشروع تاريخي ضخم منذ عام 1979 بوضعها على قائمة التراث العالمي، ويهدف القرار الى تجميع ممثلين لتسع وزارات من بينها الإسكان والبيئة والثقافة والأوقاف والمواصلات، اضافة لوزارة الآثار لتسهيل اتخاذ قرارات حاسمة وحساسة بتطوير المنطقة، خصوصاً أنها مأهولة بالسكان والطرق والمحال التجارية والأنشطة الاجتماعية، خصوصاً ان التطوير سيكون شاملاً يتضمن ترميم الآثار وصيانتها وإعادتها للزيارة، وتمهيد الطرق وتنظيفها وعمل طرق خاصة بالمشاة، وتأهيل البنية التحتية كالصرف الصحي والكهرباء وإغلاق مناطق اثرية بكاملها، وقد تم بناء على ذلك تقسيم الإدارة إلى خمس مناطق هي القلعة وشارع المعز وجبانة المماليك والفسطاط وشمال القلعة». وأكد الدماطي أن مشروعات التطوير الأثرية الجارية حالياً لن تشمل القاهرة فقط، بل جميع انحاء مصر، وقال «أنا زرت 14 محافظة، وهناك برنامج لزيارة بقية المحافظات، ومن ابرز الزيارات توجهي الى مدينة رشيد في محافظة البحيرة وثاني أهم مدينة في الآثار الإسلامية في مصر بعد القاهرة، والتي تضم آثاراً إسلامية ومساجد وشوارع قديمة وبيوتاً ذات طابع تاريخي، وبدأنا الاهتمام بها وعملية تطويرها وفتحها ووضعها على الخريطة السياحية».

وتطرق الوزير الدماطي إلى التعاون المصري-الإماراتي في مجال تطوير المتاحف والمزارات الأثرية، وقال «يجدر الإشارة الى أن الإمارات الشقيقة تعاونت معنا في تطوير المتحف الإسلامي بشارع بورسعيد في باب الخلق بعد أن تعرض لاتلاف وتخريب عرضي بعد التفجير الارهابي الذي حدث أمام مديرية امن القاهرة، وجارٍ الآن ترميم المتحف واستعادته لهيئته القديمة وسيتم الافتتاح عقب الانتهاء من الترميم، ونحن نقدر ونثمن وقوف الإمارات بجانب مصر كما نقدرها كدولة محترمة ومعتدلة».

سياحة دينية

أشار الوزير الدماطي إلى خطة الوزارة في الاهتمام بالآثار القبطية وتطوير مسار رحلة العائلة المقدسة في مصر أثرياً، والتعاون مع وزارة السياحة التي تتابعها سياحياً، خصوصاً بعد اتخاذ خطوة هائلة بفتح الكنيسة المعلقة التي ظلت رهن الترميم والتطوير لسنوات طويلة، وقال: «بدأنا بكنيسة (أبوسرجة) وهي إحدى المحطات التي توقفت فيها العائلة المقدسة، وسنواصل متابعة تطوير بقية المحطات، وهي علاوة على قيمتها الأثرية تروّج لمنتج سياحي حيث نسعى لعمل سياحة دينية، تواكب السياحة الشاطئية والثقافية».

استعادة المسروقة

أشار وزير الآثار المصري، دكتور ممدوح الدماطي، إلى الموضوع الأكثر الحاحاً في مصر منذ ثورة 25 يناير 2011، وهو سرقة وتهريب الآثار المصرية، الذي زادت وتيرته بسبب الانفلات الأمني، كاشفاً أن «هناك مجموعة كبيرة من الآثار رجعت في الفترة الأخيرة بالطرق الدبلوماسية، وأخرى عن طريق التقاضي، والسبب في لجوئنا إلى ذلك هو أن معظم الآثار التي هُرّبت إلى خارج مصر غير مسجلة، ولا يمكن إثبات توقيت خروجها من مصر، واتفاقية اليونيسكو بهذا الشأن أبرمت عام 1970 وشاركت فيها مصر عام 1973، والآثار التي خرجت من مصر قبل 1970 لو كانت غير مسجلة أو ليس عليها رقم تسجيل، أو لا نستطيع إثبات خروجها من المتحف أو المخزن أو المنطقة الأثرية، سيصعب علينا إثبات ملكيتنا لها، أو استردادها بيسر، وهنا يتم التقاضي».

«الآثار الغارقة»

عن معرض الآثار الغارقة، الذي تعتزم مصر القيام به، قال وزير الآثار المصري، دكتور ممدوح الدماطي، إن «جولة المعرض ستشمل ثلاث دول هي: فرنسا وإنجلترا وألمانيا، لكن لو تقدمت أي دولة عربية بطلب إقامة معرض سندرس الموضوع». وحول مواجهة ظاهرة الاستنساخ الأثري التي انتشرت، أخيراً، في العالم، وآخرها استنساخ أبوالهول المصري في الصين، قال الدماطي: «ليست الصين فقط هي التي مارست هذه الظاهرة، الاستنساخ انتشر في كل دول العالم، وعندما كان الدكتور زاهي حواس أميناً عاماً للمجلس الأعلى للآثار سعى لأن يكون هناك قانون دولي يتعلق بالملكية الفكرية في مواجهة الاستنساخ، ولكن حتى تتم أعمال الاتفاقية لابد من اتفاقات بين الدول».

ولفت وزير الآثار المصري إلى أن مشروعات التطوير الأثرية الجارية حالياً لن تشمل القاهرة فقط، بل جميع أنحاء مصر، وذكر أنه زار مناطق عدة، «وهناك برنامج لزيارة بقية المحافظات، ومن أبرز الزيارات توجهي إلى مدينة رشيد في محافظة البحيرة وثاني أهم مدينة في الآثار الإسلامية في مصر بعد القاهرة».

تويتر