بالمهرجان الوطني الأول للصناعات التقليدية

100 حِرفي إماراتي في مكان واحد

صورة

يجمع المهرجان الوطني الأول للحرف والصناعات التقليدية أكثر من 100 حرفي وصانع تقليدي من كل إمارات الدولة في مكان واحد، ويقدمون طيفاً متعدداً من الأدوات والمنتجات التقليدية بلمسات عصرية.

وكان المهرجان قد افتتحه يوم الخميس الماضي سمو الشيخ هزاع بن طحنون بن محمد آل نهيان، وكيل ديوان ممثل الحاكم في المنطقة الشرقية، في منطقة سوق القطارة التراثي في العين.

ويهدف المهرجان الذي تنظمه هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة ويستمر حتى 29 الجاري، إلى تسليط الضوء على أهمية الحرف والصناعات التقليديّة في التراث الإماراتي، وتعزيز الجهود التي يقوم بها ممارسو هذه الحرف من أجل صونها وإحيائها وتعليمها للأجيال المقبلة.

منتجات مطوّرة

يقام في المهرجان سوق شعبي كبير يعرض فيه الحرفيون منتجات مطورة لافتة، وهي متنوعة ما بين الألبسة التقليدية والأقمشة التي كانت رائجة قديماً، وقطع عصرية من علاقات المفاتيح وأغلفة الهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية المصنوعة من نسيج السدو أو الخوص أو التلي بألوانه البراقة، بالإضافة إلى قطع الأثاث المصنوعة من جذوع النخيل، والأعمال الخشبية والفخارية، والعطور والبخور والأعشاب، والمأكولات الشعبية، وغيرها من التذكارات والهدايا المتنوعة.


دعم

تمنح الهيئة دعماً لهذه الأسر لتواصل إنتاجها ومزاولة الحرف وتطوير منتجاتها التقليدية، ونقل خبراتها من جيل إلى آخر داخل الأسرة الواحدة، ويتمثل هذا الدعم في توفير المكان لعرض وتسويق المنتجات في مختلف الفعاليات التي تقيمها الهيئة، كما أنها تغطي تكاليف النقل من مكان إلى آخر وتكاليف الإقامة

ويقام المهرجان على مساحة واسعة حول سوق القطارة التراثي وقرب مركز القطارة للفنون التابع للهيئة، إذ تم بناء قرية تراثية في الهواء الطلق وفق النسق التقليدي القديم باستخدام مواد البيئة المحلية من سعف وجذوع النخيل والحبال يدوية الصنع، ليتكامل المشهد العام للموقع مع معمار سوق القطارة التراثي المبني من الطين، والذي تم ترميمه وإعادة افتتاحه عام 2012، كما يتواءم مع معمار مركز القطارة للفنون الذي رمم قبلها ليكون موقعاً حيوياً في قلب المدينة لتعلم الفنون.

وقال مدير إدارة التراث المعنوي في الهيئة، الدكتور ناصر علي الحميري «يعد المهرجان فرصة للهيئة لتعيد إحياء الحرف والصناعات التقليدية التي تفنن في ابتكارها أجدادنا، كما أنه محطة مهمة لحصر ممارسي الحرف التقليدية، ورصد نشاطهم ودعمه وتطويره، فهذه الحرف تعد أحد مكونات هويتنا الوطنية التي نعمل على حفظها، كما أننا نعمل على نقل هذا التراث الغني إلى الأجيال المقبلة».

كما يستعيد المهرجان تقليد سوق الجمعة الذي كان يقيمه الأهالى في المنطقة قديماً لبيع منتجهم اليدوي، إذ سيبقى السوق مفتوحاً للجمهور في أيام الخميس والجمعة والسبت من كل أسبوع حتى شهر مايو المقبل. كما يتضمن السوق العديد من المرافق والخدمات التي توفر للزائرين والمتسوقين الراحة، مثل المقهى الشعبي الذي يقدم مجموعة من المأكولات الشعبية اللذيذة، إلى جانب القهوة العربية الأصيلة والحلويات الإماراتية الشهيرة.

من جهته، قال رئيس قسم الحرف والمنتجات التقليدية في الهيئة، سعيد الكعبي «سيتمكن زوار المهرجان من التعرف إلى أكثر من 100 حرفي تقليدي، فيشارك في سوق الجمعة 30 أسرة منتجة من مدينة العين، أما السوق الشعبي فتشارك فيه 70 أسرة منتجة من كل إمارات الدولة بالتنسيق مع وزارة الشؤون الاجتماعية».

ويرى الكعبي أن المهرجان مناسبة ليلتقي الحرفيون والصناع بالجمهور، وهو إحدى الوسائل المهمة لترويج منتجاتهم، ومن الممكن ايجاد آلية لتسويق منتجاتهم بحيث تكون متوافرة في الأسواق، بالإضافة إلى شراء الهيئة بعض المنتجات ذات الجودة العالية وتقديمها هدايا لكبار الزوار والمسؤولين، فبعض البضائع يتم تكليف الأسر المنتجة بتنفيذها بشكل مخصوص.

وأضاف «عبر السنين لاحظنا تطوراً وجودة في تقديم منتجات تقليدية قادرة على المنافسة، فمنذ أن أطلقنا المشروع قبل نحو ثماني سنوات كان عدد الحرفيين قليلاً ومنتجاتهم بسيطة، أما الآن فقد زاد عدد المهتمين بتعلم وتطوير الحرف، وابتكر العديد منهم قطعاً فنية ذات فائدة من الحرف اليدوية وبالخامات الأصلية نفسها، حتى الجمهور أصبح أكثر وعياً بهذه المنتجات ويقدرها ويطلبها. إننا ندعم التطوير في المنتج التراثي بشرط الحفاظ على مواده الأصلية المستمدة من البيئة المحلية وأن تكون يدوية الصنع، وبعض المنتجات تم تحسين شكلها أو تكبير حجمها حتى تواكب الاستخدامات الحديثة».

وأشار الكعبي إلى التعاون والتنسيق القائم بين هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة وهيئة المعايير والمواصفات، لوضع معايير ومواصفات لمنتجات السدو، الذي تم اعتماده في القائمة التمثيلية للتراث البشري غير المادي من قبل منظمة اليونسكو، والتنسيق جار أيضاً للنظر في معايير منتجات الخوص التقليدية، وهناك لجنة مشكّلة من جميع الهيئات المعنية بالتراث في الدولة لتطوير هذا الأمر.

وذكر أن الورش التعليمية أثناء المهرجانات التراثية والمناسبات المختلفة التي تقيمها الهيئة أسهمت في توعية الجمهور بالصناعات التقليدية وفنياتها، لاسيما تلك الورش التي يشارك فيها طلاب المدارس الذين لم يشهدوا الحياة القديمة. وأضاف «إننا ننظر إلى الورش التعليمية التي تنشأ داخل البيوت بشكل طبيعي، إذ تتعلم البنت من أمها، أو الأبن من أبيه حرفاً يدوية، فنقدم لهذه الأسر التي تورث أبناءها التراث الغني دعماً معنوياً خاصاً بزيارتهم في بيوتهم ومتابعة أعمالهم، وقد نطلب من البعض تنفيذ طلبيات خاصة لمنتج متميز يقدمونه حتى يستمروا في العمل، علماً بأن مردود المبيعات في كل الفعاليات يعود إلى الأسر المنتجة بشكل كامل ومباشر، وهذا خلق جواً تنافسياً بين الأسر لتجوّد وتبتكر أكثر».

وكشف الكعبي أن بعض الأسر حققت مردوداً جيداً من العمل في إحياء حرف تراثية، فمن خلال برنامج «صوغة» للسدو حققت بعض الحرفيات المتميزات مردوداً مادياً يراوح بين 20 و30 ألف درهم شهرياً.

تويتر