معرض للفنانة الهولندية في «فن آبورتيه» بدبي

جيردين دويجـــسنز.. الموائد والسهرات بلـــــــغة لونية فرحة

صورة

تشغل الفنانة الهولندية جيردين دويجسنز تفاصيل الحياة اليومية، فنجدها تهتم بإبراز بساطة الحياة بأسلوب ممتع يطغى عليه الفرح. تدعونا الفنانة الهولندية، من خلال معرضها الذي افتتح في غاليري فن آبورتيه بدبي، أخيراً، إلى مشاهدة تفاصيل السهرات التي تجمع الناس، فتصورهم وهم يتناولون الطعام والشراب، في حفلات الاستقبال، تختزل من خلال وجوههم واقعاً يقوم على المجاملات الاجتماعية. تنتقد المظاهر الحياتية وفق لغة لونية، تبدو قريبة من التصوير الكرتوني المرح والساخر.

سيرة فنية

 

ولدت الفنانة جيردين دويجسنز في أوترخت بهولندا في عام 1951. درست في أكاديمية الفنون في أوترخت، ثم أكاديمية الفنون الجميلة في بلجيكا. لم يكن احتراف الفن والرسم من مخططاتها، لكنها لم تتوقف عن الرسم، حيث إنها تؤمن بأن المرء لا يصبح فناناً، لكنه يولد فناناً. شاركت في مجموعة من المعارض الجماعية والفردية. تناولت موضوع الموائد والأكل والشرب في لوحاتها، فباتت هذه المشاهد ملازمة لأعمالها، وهي التي أوجدت لها جمهوراً حول العالم، وقد تم إدخالها إلى مجموعة كبيرة من الفنادق والمطاعم حول العالم.


كريستال

إلى جانب الأعمال الفنية الخاصة بالفنانة الهولندية، قدم المعرض مجموعة من قطع الكريستال المنحوتة، التي تعود إلى مالــــــيراس الســــويدية.

تضم القطع المعروضة مجموعة من قطع الكريستال المنحوتة على شكل وجوه تحمل الملامح البشرية، فيصبح الكأس وجهاً بملامح بشرية تتباين ألوانه بين الزجاج الشفاف والأسود، ما يسمح للتفاصيل بالبروز أكثر.

إلى جانب ذلك، تضم المجموعة بعض القطع المنحـــــــوتة عــــــلى شكـــــــل طيــــور وزهـــــــور مــــــــلونة بالأحـــــمــــر.

وتتسم المجموعة بكونها تحمل الكثير من المهارة والدقة العالية في نحت الكريستال، حيث إن هذه المادة تحمل الكثير من التحديات في النحت، لجهة الكسر والخدش والتلميع.

تلجأ الفنانة الهولندية إلى تبسيط الحياة والمشاهد التي تراها، فتحدد من خلال الواقع الذي ترصده رؤيتها للعالم المحيط، والتي تعتبر هي أيضاً جزءاً منه، فلا تعيش حالة من الانفصام بين مثالية تبحث عنها وبين الواقع الذي يحمل الكثير من الشوائب والآفات أو الظواهر غير الصحية. هذا الانتماء إلى الواقع يتجلى في طرح القضايا البسيطة التي تؤرق الفنانة، والتي تعتبر من عاداتنا اليومية، كتناول الأكل والشرب، والحركات الروتينية البسيطة، تدلل من خلالها الرسامة على التكلف داخل الإنسان. تأخذ النساء والرجال من الحفلات والاجتماعات، وتحلل تعاطيهم مع بعضهم بعضاً، وحبهم للظهور، كأنها تبحث في الدواخل والنوازع النفسية، لطرح حب الإنسان لذاته بالدرجة الأولى، دون أن يكون ذلك من جهة ونظرة نقدية. تبرز دويجسنز انغماسناً في القشور، ومحاولتنا تسليط الضوء عليها، كما لو أنها الجوهر في حياتنا، دون أن نبدي محاولة للتغيير في المحيط، لأننا ببساطة جزء منه ونتبعه وننغمس فيه وفي ظواهره وعاداته. ترسم السيدات البدينات والرجال أيضاً، وهم في السهرات بكامل أناقتهم، السيدات في فساتينهن الملونة، والمزركشة، والرجال ببدلاتهم الرسمية، يتسامرون تارة، ويستمتعون بالعزف على الكمان تارة أخرى. هذه العادات التي تقدمها الفنانة في اللوحات لا تقتصر على طبقة معينة، فهي تتعمد في إحدى اللوحات إبراز العادات نفسها عند الطباخين، لتدلل على عموم الظواهر التي ترصدها. أربعة عناصر أساسية في لوحة دويجسنز، هي: الوجوه والناس والاحصنة والتجريد. كل منها تقدمه الفنانة بأسلوب منفرد، فالوجوه منتفخة ولا تحمل أي ملامح، فهي فقط تحمل الفم وبعض الرموش، كما تصورهم وهم يعانون البدانة الواضحة على أشكالهم. أما الأحصنة، فتبرز الجانب الحركي في أعمالها ولوحاتها من خلالهم، حيث يركب الخيال على الحصان ويجري به. هذا الركض تقدمه بإيقاع لوني سريع، يبدو متجلياً في لوحاتها التجريدية أيضاً، والتي تجعل اللوحة مقسمة إلى تراكمات لونية تأخذ مداها من خلال الضربات السريعة. التجريد يحمل الكثير من ألوان الطبيعة، كما تتسم لوحاتها بالتجريد العبثي، وليس المقسم إلى أشكال هندسية.

واللافت أن خلف المرح والسعادة المطروحة في اللوحات هناك مشاعرة مناقضة تماماً، تبدأ بالوحدة وتنتهي بالحزن، فالرموز التي تحملها اللوحات ومنها الكؤوس الفارغة، ترمز إلى شيء من الحزن في اللوحة. هذا النوع من التناقض يفرض نوعاً من التوازن في الحياة التي ترسمها على اللوحة، فتبدو أنها على مسافة واحدة من الحالات الإنسانية المتعددة.

وقالت دويجسنز، عن معرضها الذي يستمر حتى 29 أكتوبر الجاري، لـ«الإمارات اليوم»، إنه «ليس هناك مفهوم محدد للمعرض، لكنه يأتي للتوجه للكثير من القضايا والرسومات بين الواقعية والتجريد، تبقى الحركة في العمل هي الأساس، فالأحصنة تركض وتتحرك، والناس يقومون بفعلٍ ما». وأضافت «ما اريد أن أظهره ليس فقط الأكل والشرب، بل أيضاً الغرور، فهم بأنوف مرفوعة، وهذا يظهر كيف أن الناس لا يكونون مشغولين بالآخر في الحفلات، بل بأنفسهم بالدرجة الأولى، وهذا ما لا أحبه كثيراً، لكن هذا لا يعني أنني أقول للناس لا تفعلوا هذا، فأنا أقوم به أيضاً في أوقات معينة».

وأردفت قائلة: «هناك أشياء بسيطة تقودنا إلى المجتمع بشكل يومي، على الرغم من أننا قد نرغب في الابتعاد احياناً، لكنها الحياة، يجب أن نكون ضمن المجتمع، لكني رسامة، ولا أحب ان أخرج مع مجموعة من الناس، فبالنسبة لي إن الناس في المجتمعات العامة يجدون الكثير من الأشياء المشتركة». ورأت أنه في المستقبل قد لا يكون المسرح ضرورياً في الحياة، حيث إن لكل إنسان حياته، وهذا مغرٍ جداً، وهذه الحياة التي نتعرف إليها في تفاصيلها هي غنية تماماً، كما لو أنها مسرحية لشكسبير، لأن المرء يملك حياته الكاملة، وكل شخص يملك حياة خاصة، كل شخص يختلف عن الآخر وهذا بحد ذاته غنى. وحول دبي قالت: «دبي مدينة مهمة، وفيها حياة جميلة، كما أنها غنية بالثقافات والجنسيات، والكثير من الأحداث تقام هنا بشكل سنوي، لكنها في طور التقدم والتطور».

تويتر