مسرحية هندية وأخرى صينية في «مول الإمارات».. و«سنافر» الحليان طارت إلى «عجمان»

المسرح الإمـــاراتي.. غريب في دبي

المسرح المحلي.. رهين خشبات المهرجانات وبرامج «المواسم». أرشيفية

لا يدري الفنان الإماراتي مرعي الحليان لماذا تم الاعتذار له في اللحظات الأخيرة عن عرض مسرحيته في قرية التراث بالشندغة، في دبي، أثناء إجازة العيد، ما اضطره إلى عرضها على مسرح مركز الثقافة والفنون بعجمان، ويرى أن الأمر مرتبط بظاهرة أكبر يشاطره الرأي فيها العديد من الفنانين، وهي أن المسرح الإماراتي، في الوقت الذي تشهد فيه دبي فورة هائلة في الاهتمام بمختلف الفنون، إلا أنه يبدو كأنه في حالة «اغتراب» حقيقي عن خشبته.

استضافة مسرح دبي الاجتماعي لمسرحية هندية هي «عصمت أبا كي – نام» وأخرى صينية كوميدية ضمن أجندة برنامج العيد في دبي، في الوقت الذي خلت الفعاليات من أي مسرحية إماراتية تعضد من فكرة غربة المسرح المحلي في دبي، التي يختزل الألق المسرحي فيها كل عام على مهرجان مسرح الشباب.

مرعي الحليان: ادعمونا

طالب الفنان مرعي الحليان، بأن تتضافر كل الجهود من أجل حضور ألق المسرح الإماراتي في مختلف إمارات الدولة، لكنه رأى أن هناك دوراً كبيراً يمكن أن تلعبه هيئة دبي للثقافة والفنون، من أجل تفعيل هذا الألق في دبي خصوصاً.

وأضاف الحليان الذي قام بتحمل كلفة إنتاج مسرحية «عودة السنافر» مع زميله الفنان إبراهيم سالم قبل أن يتم اخطاره بإلغاء عرضها في قرية التراث بالشندغة: «الفنان الإماراتي بحاجة إلى دعم حقيقي من أجل الحفاظ على وجود المسرح المحلي، في ظل عوامل كثيرة، جميعها تجعله يعمل في ظروف غير مواتية للإبداع».

وتابع: «لا يمكن أن يظل المسرح الإماراتي معتمداً على نتاج المهرجانات، لأنها نخبوية وطاردة للجمهور، ويجب أن تكون هناك مساندة للفنان المسرحي المحلي من أجل أن يتمكن مسرحه من اللحاق ببعض التجارب الخليجية، خصوصاً في الكويت التي نجحت في الوصول إلى آليات ناجحة تربطها بـ «اقتصاد شباك التذاكر».

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/10/206001.jpg


يوسف غريب: ميزانيات شحيحة

أكد رئيس مجلس إدارة مسرح دبي الأهلي يوسف بن غريب، أن مسارح دبي على اختلافها قادرة على إنتاج أعمال مميزة تشهد استقطاباً للجمهور المحلي والخليجي في مرحلتها الأولى، وتمتد إلى الجمهور العربي من المقيمين والزوار في مرحلة تالية.

وأضاف: «الاستثمار في الثقافة والفنون معادلة لا تعرف الخسارة، لكنها منطقية ايضاً، فالعمل المسرحي المتكامل الأركان هو وحده القادر على استقطاب الجمهور، ونقطة السر في المسرح الجماهيري ليست الكوميديا كما يعتقد البعض، بل النجم الجماهيري، ومن قبله المسرح الجيد المجهز لاستقبال الجمهور، فضلاً عن عناصر المسرح الأخرى، سواء فنية، أو سواها».

واستشهد بن غريب بنجاح مسرحية «حسون الملايين» التي أنتجها دبي الأهلي منذ سنوات عدة، مضيفاً: «ميزانية العمل، والدعم الذي وفرته هيئة دبي للثقافة والفنون له حينها كانا عاملين حاسمين في نجاحه، وفي حال توافر عناصر النجاح، وتجاوز الميزانيات الشحيحة التي تئن في ظلالها معظم مسارح دبي حالياً، فإنها بكل تأكيد قادرة على تجاوز أزمة غياب انتاج أعمال نوعية قادرة على استعادة المسرح المحلي لجمهوره».

المحاولات التي رأيناها تتكرر في بعض المواسم بوجود عروض مسرحية إماراتية في موسم الأعياد أو غيرها، تبخرت تماماً، وربما كانت مسرحيات مثل «حسون الملايين» للفنان جابر نغموش، وبعض مسرحيات مجموعة من الشباب منهم مروان عبدالله وحسن يوسف وطلال محمود وغيرهم، بمثابة المحاولات الأخيرة في هذا الصدد قبل أعوام عدة.

الحليان الذي تكفل مع زميله الفنان إبراهيم سالم بإنتاج مسرحية «عودة السنافر» تحت مظلة مسرح دبي الشعبي، رأى أن هناك دوراً غائباً لهيئة دبي للثقافة والفنون في هذا الصدد، مشيراً إلى أن «هناك تفاوتاً كبيراً في ألق حضور المسرح بين الإمارات المختلفة، لكن يبقى خفوت الاهتمام بفن المسرح في دبي، هو علامة الاستفهام الأكبر في المشهد البانورامي الفني الذي تتمتع به الإمارة» من وجهة نظره.

تواضع الأنشطة المسرحية في دبي يترجمها ايضاً غياب مسارحها تماماً عن استضافة أي عرض من عروض الموسم المسرحي العاشر الذي أطلقته جمعية المسرحيين، ويتضمن عروضاً في الشارقة وعجمان ورأس الخيمة وغيرها.

وعلى الرغم من الورش المسرحية المتعددة التي تطلقها بعض مسارح دبي، خصوصاً مسرحي دبي الأهلي ودبي الشعبي، وبعضها يتم بالفعل بالتنسيق مع هيئة دبي للثقافة والفنون، إلا أن هذا الحراك الأكاديمي المحدود، يسدل الستار عليه بحفل تسليم الشهادات للمتدربين، أو في أحسن الأحوال يشكلون نواة للمشاركة في عمل ضمن مهرجان مسرح الشباب، دون ان يكون هناك وجود حقيقي بعيداً عن فعالية هذا المهرجان.

وإذا كان من المبرر أن تحتضن دبي عروضاً مسرحية عالمية وعربية متنوعة، في ظل الزخم والتنوع الثقافي الهائل لسكانها، إلا أن غياب المسرح المحلي يبقى بمثابة غياب لجزء مهم من المشهد الثقافي والفني الإماراتي، لا سيما أن الحركة المسرحية الإماراتية ظلت بمثابة القاطرة لهذا المشهد لسنوات طويلة، وفنانوها كانوا حلقة الوصل لألق الدراما التلفزيونية والسينمائية، حتى قبل تأسيس المهرجانات المتعددة سواء في دبي مثل مهرجاني دبي والخليج السينمائي، أو في أبوظبي كمهرجان أبوظبي السينمائي ومهرجان أفلام من الإمارات، فضلاً عن الإنتاج التلفزيوني.

رئيس مجلس إدارة مسرح دبي الشعبي الفنان عبدالله صالح يرى أن «إدارات المسارح المختلفة تبذل قصارى جهدها من أجل الحفاظ على صورة النشاط المسرحي، من خلال ميزانيات شحيحة للغاية، لا يمكن أن تكون قادرة في ظلها على تمويل أعمال جماهيرية قادرة على المنافسة على مشاهد أصبح له خيارات عديدة، من ضمنها عروض سينمائية عالمية وصالات سينما مجهزة على أعلى مستوى».

وأضاف صالح: «لا يمكن أن تعود للمسرح جماهيريته في ظل ارتباط الأغلبية العظمى من العروض، بالمهرجانات، خصوصاً مهرجان ايام الشارقة المسرحي، ويجب أن تكون هناك عروض مستمرة للأعمال على مدار العام، والحيلولة دون أن يتحول النشاط المسرحي إلى موسمي، لكن هذا الأمر يتطلب إلى إصلاح المنظومة بشكل كامل، بدءاً من تجهيز امكانات المسارح، مروراً بإعداد الممثل والمخرج والمؤلف، وميزانيات تلك المسارح، وغيرها من العوامل المعيقة».

من جانبه، يرى رئيس مجلس إدارة مسرح دبي الأهلي يوسف بن غريب أن غياب الدعم المادي، والقدرة على تمويل أعمال قادرة على استقطاب الجمهور من أكبر عوامل تراجع المسرح الجماهيري في دبي خلال المرحلة الأخيرة، مستشهداً بنجاح عروض مسرحية «حسون الملايين» حينما توافرت لها معطيات هذا النجاح.

وأضاف: «توجد قاعدة فنية ثرية في المسرح الإماراتي، سواء في ما يتعلق بالتمثيل أو الإخراج أو العناصر الأخرى للمسرح، من كتاب وحتى فنيين، بدليل الجوائز المهمة التي تحققها الأعمال المسرحية الإماراتية خليجياً، فضلاً عن الإشادات العربية بالعديد من العروض الإماراتية التي يكتب لها أن تمثل الدولة في المحافل الخارجية، لكن يبقى نجاح العروض داخلياً وقدرتها على جذبها الجمهور متعلقة بإمكانات العرض نفسه، وهو ما يوفر في المقام الأول العنصر الجيد، والممثلين الأكثر جذباً للنجوم، وكذلك تأجير خشبة مسرح في قاعة مجهزة بشكل جيد لاستقبال الجمهور».

تويتر