يواكب العصر باستخدامه في الأزياء الحديثة

التطريز الفلسطيني.. التراث بخيوط ملوّنة

صورة

يعد التطريز الفلسطيني، هذا الإرث الذي بلغ من العمر ما يقارب 4000 سنة، أحد أبرز الجوانب الحضارية التي تبرز تراث فلسطين، من خلال الملابس والشالات وغيرها من الملابس والأدوات أو مقتنيات البيت والعائلة. فعبر الخيوط الملونة التي تحاك يدوياً، تتشكل الرموز التي ترتبط بالبيئة الفلسطينية، لتمنح الثوب والأزياء الكثير من الخصوصية، في تطريز يعبر عن هوية البلد وحضارته. واللافت أن هذه الحرفة لم تعد حكراً على الأزياء التراثية، حيث أدخلت إلى الكثير من الأزياء الحديثة.

أهداف الجمعية

تأسست جمعية إنعاش بمخيم فلسطيني في لبنان عام 1969، وهي جمعية لبنانية غير حكومية، قامت بإرسائها هوغيت كالات، وهي ابنة بشارة الخوري، رئيس الجمهورية الأسبق في لبنان، وذلك بمؤازرة مجموعة من السيدات اللبنانيات والفلسطينيات. وكان أول مشغل للجمعية في مخيم شاتيلا، وهدفه تدريب النساء على فن التطريز، ثم في عام 1974 تم تدشين المشغل الثاني. وتعمل الجمعية منذ 44 عاماً على تأمين مصدر دخل للنساء، من خلال تصريف إنتاجهن، وإظهار الوجه الإيجابي للهوية الفلسطينية، والتركيز على الدور الريادي لمهارة التطريز، وابتكار تصاميم إبداعية.


التطريز

تستخدم في التطريز الفلسطيني خيوط الحرير، لصناعة العديد من الأشكال الهندسية، التي ترتبط بالبيئة المحيطة بالمرأة. وترمز هذه الأشكال إلى الأمل، النجاح، الأمان. وهذه النقوش نوعان فمنها الصغير ومنها العريض، والنقوش الصغيرة هي: الزهور والعصافير، والقرنبيط، وقارورة الكحل، بينما من النقوش العريضة: العيون الواسعة، والتيجان، والنخيل، والحلزون، والريش. وهناك تطريزات تتبع المدن وتأخذ الأسماء منها، ومن المدن يافا، غزة، القدس، رام الله، بيت لحم، أريحا، الخليل، باب السبع.

وتشكل هذه الحرفة، التي تتوارثها الأجيال، مصدراً للعيش للعديد من النساء، اللواتي يقمن بتطريز الأثواب، وبيعها لتأمين متطلبات عيشها. وتقوم جمعية إنعاش التي عرضت مجموعة من الملابس المطرزة على الطريقة الفلسطينية في معرض «ذا ستايل غاليري» في دبي، بالحفاظ على هذه المهنة، ودعم النساء وتعليم الأجيال الجديدة التطريز. وعن هذا الفن قالت نائب رئيس جمعية «إنعاش»، مية شهيد، لقد «أسست الجمعية بهدف حماية التراث الفلسطيني، فالتطريز الذي نقدمه في الأزياء هو التطريز القديم، ومهمتنا الأساسية هي تنمية التراث». وشددت على أن الدفع للمطرزات يتم بعد إنجاز القطع وقبل بيعها، كما أنهم يعملون على تعليم الجيل الجديد التطريز، لأن المهنة اندثرت عند الجيل الجديد. وأكدت شهيد أن إعطاء هذه المهنة وجوهاً حديثة، يتم من خلال تطريز بعض الأزياء الجديدة، وقد تطوروا مع الوقت، فباتوا يطرزون الشالات والحقائب وكثيراً من الأغراض التي تستخدم في الحياة اليومية، كما أنهم توصلوا، أخيراً، إلى التعامل مع الفنانة منى حاطوم، التي أخذت 12 نافذة لتعرضها في فرنسا ونيويورك. وشرحت شهيد تفاصيل المشروع قائلة إنه عبارة عن 12 نافذة، وكل نافذة تمثل منطقة في فلسطين، وهو مشروع ضخم، ويعرض حالياً في غاليري بسويسرا.

وشددت شهيد على أن رسالتهم التي تهدف إلى إيصال التراث سبيلها المعارض الخارجية، وقد وصلت الرسالة إلى شريحة مهمة من الناس، لكننا نحتاج إلى مزيد من التوسع، فالمهمة الصعبة هي ألا يموت هذا التراث، وكلما كبرت الجمعية نتمكن من مساعدة المزيد من النساء، وكذلك نعلم أولادهن التطريز. وأضافت «نرغب في تعريف الثقافات الأخرى بهذا التراث، وكذلك إدخال الجيل الجديد، على أن يكون ذلك من خلال الحفاظ على التراث».

وحول أنواع التطريز، قالت شهيد، إن «هناك ما يقارب 15 نوعاً من التطريز، وكل نوع يعود إلى مدينة، كما أن كل (قطبة) لها معنى، فمنها ما يدل على الزهور، أو العصافير، أو المفاتيح، أو الشجر والكحل، وهي رموز ترتبط بحياتنا اليومية». ولفتت إلى أن هذه الرموز تتباين من منطقة إلى أخرى، فالمناطق الريفية تنتشر فيها الرموز التي تعود للطبيعة، كالشجر والعصافير، بينما تكون المناطق الأخرى غنية برموز من نوع آخر، ففي القدس على سبيل المثال يتميز عملهم، بكونه غنياً بالرموز التي أخذت من تعددية سكان المدينة.

ولفتت إلى أن ثقافة الحياة الفلسطينية مهددة اليوم بسبب الإسرائيليين الذين يعملون على محو القرى، والحفاظ على التطريز طريقة من طرق كثيرة لمقاومة ذلك، لذا يجب الحفاظ على التراث وتطويره. أما الجيل الجديد، فنسعى إلى جلبه إلى هذه المساحة، من خلال المصممين الجدد الذين نود التعاون معهم، كما أننا معنيون بمحاربة من يسرق هذا التراث، فهناك مصممان إسرائيليان أخذا التطريز الفلسطيني ونسباه إلى تقاليدهما، لذا مهمتنا اليوم صعبة، وتدخل ضمن نطاق مقاومة الإلغاء الثقافي والفني.

وشددت شهيد على وجوب إيجاد نوع من التواصل مع البلدان التي تحمل ثقافة التطريز، كي تتوسع عبر البلدان وتصل إلى الشعوب الأخرى، لكنها تحتاج إلى جهد كبير، فلابد من وجود سند ودعم ورعاية، للقيام بهذه المهمة.

تويتر