اعتبر مشروع وكالة الإمارات للفضاء بداية جديدة لنـــهضة علمية في المنطقة

فاروق الباز: الإماراتيون على خطى زايد وراشد

صورة

صورة يعود تاريخها إلى عام 1976، التقطت له مع المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رآها العالم المصري العالمي الدكتور فاروق الباز، مدير مركز الاستشعار عن بعد في جامعة بوسطن الأميركية، وعضو فريق وكالة «ناسا» الأميركية التي أطلقت رحلة «أبولو» الشهيرة إلى سطح القمر، تحيل إلى «أصل الحكاية» في ما يتعلق بالعلاقة الوطيدة بين نهضة الإمارات والاهتمام بالعلوم الحديثة، وإعلان صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، عن إنشاء وكالة الإمارات للفضاء، ودخول الدولة قطاع صناعات الفضاء.

محمد المر: حضور ملهم

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/09/199142.jpg

وصف رئيس المجلس الوطني الاتحادي، الأديب محمد المر، حضور الباز في افتتاحية الموسم الثقافي الجيدد لندوة الثقافة والعلوم بـ«الملهم» للشباب العربي، مثمناً مسيرته المملوءة بالعلم والاجتهاد والمثابرة في مجال علوم الفضاء.

وتساءل المر، بناءً على افتراضية اعتمد عليها أحد الكتب التي قرأها، حول «مستقبل البشرية»عن السكنى المستقبلية على كوكب المريخ، باعتبارها النجاة الوحيدة من فناء الأرض، حسب وجهة نظر المؤلف، ومدى إمكانية تحقق ذلك علمياً. ولم يستبعد الباز الفكرة من الناحية العلمية، مضيفاً: كان لدينا مخطط لمدينة دائمة على سطح القمر، ودارت معظم الحلول حول الصخور البازلتية، وعلاقتها بالماء، لكن هناك مشكلات عدة تتعلق بدرجة الحرارة وغيرها من العوامل الطبيعية، التي يمكن أن يتغلب عليها العلم».


كاملة العدد

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/09/198951.jpg

جاءت المحاضرة التي أقاها الدكتور فاروق الباز في ندوة الثقافة والعلوم، مساء أمس الأول، بعنوان «دخول الإمارات عصر الفضاء.. ماذا يحمل من دلالات وأثره على فهم الصحراء»، كاملة العدد، وشهدت إقبالاً استثنائياً في الانطلاقة الأولى للموسم الثقافي الجديد لـ«الندوة».

الصور التذكارية التي حرص عليها الحضور مع الباز حملت طابع تقدير قدر العلماء من جهة، وتواضع العالم من جهة أخرى، حيث لم يضن الباز بوقته، وجهده، وتحمل وقتاً طويلاً تلبية ذلك.


صورة دالة

إحالة الأديب، علي عبيد، إلى صورة تجمع الباز مع المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مع عدد من رواد فضاء رحلة «أبولو» الشهيرة، رآها رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم، سلطان صقر السويدي «شديدة الدلالة، في تأصل حب العالم العربي العالمي للإمارات».

وتعود تاريخ الصورة إلى عام 1976، في الوقت الذي يحتفي العالم نفسه بمشروع وكالة الفضاء الإماراتية الجديدة، الذي يهدف إلى وضع الدولة على خارطة الدول الكبرى في مجال علوم الفضاء عام 2021.

وأضاف السويدي: «الشعب الإماراتي يعرف مذاق التحدي وثماره، وبعد النهضة العمرانية والاقتصادية، وتأسيس الدولة على نهج المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والمغفور له، الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، يجيء التحدي الجديد، بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بالعلم، الذي اعتزمت الإرادة السياسية أن يكون هو سبيل الرقي في المرحلة المقبلة.


نهضة حقيقية

أشار فاروق الباز إلى أن العديد من الدراسات الفضائية يمكن أن يستفاد منها في مشروعات النهضة الحقيقية، وأن «منتصف الصحراء العربية هي أكثر الأماكن التي تصل إليها الشمس، ومن أكبر مناطق تكون الرمال قبل مسيرتها عبر خطوط الهواء والريح اللذين يشكلان العامل الأهم في الكثبان الرملية، سواء على الأرض أو المريخ».

وقال الباز لـ«الإمارات اليوم»: «الإماراتيون الآن على خطى المؤسسين زايد وراشد، فأول لقاء جمعني بالمغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، كان في عام 1974، وسألني أسئلة تفصيلية عن القمر، والكواكب الأخرى، ورواد الفضاء، وأبدى اهتماماً واسعاً بمعرفة ما نقوم به في وكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، الأمر الذي جعلني أرشح الإمارات لاستضافة لقاء تعريفي لرواد مركبة الفضاء، إذ كان هذا مؤشراً قوياً لديّ بأن هناك رغبة قوية من مؤسسي الاتحاد في الاهتمام بالعلوم الحديثة، وبالفعل سعيت لترتيب زيارة لعدد من طاقم رحلة (ابولو) للإمارات، حيث اجتمع ثلاثة من المشاركين في هذه الرحلة مع المغفور له الشيخ زايد، واستمع لشروحهم من خلال بعض المجسمات».

ورأى الباز أن مشروع وكالة الإمارات للفضاء، الذي أعلن عنه في منتصف يوليو الماضي، هو دليل قاطع على أن الفكرة التي بدأت في رأس مؤسس الدولة، ظلت حية لدى قادة الإمارات ورجالها، حتى آن ميقات تحويلها إلى واقع، قد حان»، مثمّناً بشكل خاص وجود أفق زمني للمشروع وهو عام 2021، ومراهنة حقيقية على الكوادر العلمية الإماراتية.

جاء ذلك خلال استضافة ندوة الثقافة والعلوم، مساء أمس الأول، في دبي، للباز، حيث قدم محاضرة جاءت بمثابة الاستهلال للموسم الثقافي الجديد، بعنوان «دخول الإمارات عصر الفضاء.. ماذا يحمل من دلالات وأثره على فهم الصحراء»، وقدمه الدكتور عيسى البستكي.

ورأى الباز أن نجاح الإمارات في هذا المجال من الممكن أن يكون معبراً لنقلة حضارية في تاريخ المنطقة، مضيفاً: «لا يوجد مبرر لتوقع عدم النجاح، وقد نجح غيرنا بلا سابق خبرة أو معرفة، والتجربة اليابانية والتجربة الكورية ليست بعيدة عنا، بل إننا نمتلك الطموح للذهاب بتجربتنا أبعد من ذلك».

وقال الباز إن هناك أهمية كبيرة لدخول العالم العربي عصر دراسات الفضاء بجدية، داحضاً دعاوى البعض بأن «دراسات الفضاء ذات الكلفة المادية الكبيرة، تبقى بمثابة أعباء هائلة دون طائل على ميزانيات الدول»، مضيفاً: «الجهلاء لا يقدرون أهمية دراسات الفضاء، وتكفي الإشارة إلى أن الدراسات الحديثة أثبتت أن كل دولار تم إنفاقه في الولايات المتحدة الأميركية على مجال أبحاث الفضاء أدر دخلاً قيمته 142 ضعفاً».

وتابع: «الدين الإسلامي الحنيف أيضاً أمرنا بالتدبر والتمعن في الكون، والدراسات العلمية في الفضاء هي تمعن حقيقي في صنع الله وبديع خلقه، وليس من التأمل على سبيل المثال أن نرى أشكالاً مختلفة للقمر، دون أن نتمعن في تكوينه، وكذلك الأمر في ما يتعلق بالكواكب الأخرى».

وتابع: «لم يكن من الممكن أن نستمتع بثمار الاختراعات الحديثة دون هذه الدراسات المرتبطة بالفضاء، ولن تكون هناك وسيلة لنقل الصوت أو الصورة بين قارات العالم المختلفة، في ذات اللحظة، وغيرها من منجزات التكنولوجيا المعاصرة، في حال غياب تلك الدراسات».

وأشار الباز إلى أن أميركا في الستينات كانت فقيرة جداً في دراسات الفضاء، على عكس ما تبدو الآن، لكنها التفتت مبكراً إلى أهمية تلك الدراسات، لافتاً إلى أنه في وكالة «ناسا» لعلوم الفضاء كان هناك اتجاهان بعد نجاح رحلة «أبولو»، أحدهما التركيز على إطلاق مركبات فضائية عبر صواريخ، تستطيع المساعدة في الأبحاث، لكنها تدمر ولا تعود إلى الأرض، والاتجاه الآخر أن يتم ذلك عبر مكوك فضائي يعود إلى الأرض، ويمكن أن يعاد استخدامه، وهو الأكثر كلفة على المدى القصير، وهو الاتجاه الذي ساد، وأدخل الوكالة الأميركية في ميزانيات طائلة.

وتوقف الباز مطولاً عند طبيعة الصحراء العربية، معتبراً إياهاً مدخلاً رئيساً لأي تنمية حديثة، مؤكداً أن هناك تشابهاً كبيراً بين طبيعة تلك الصحراء ونظيرتها على كوكب المريخ، وبصفة خاصة في ما يتعلق بالكثبان الرملية.

وذكر الباز أن طبيعة ولون الرمال خصوصاً تنبئ بالعمر الزمني الذي قطعته تلك الرمال، قبل أن تستقر كثباناً في منطقة بعينها، معتبراً أن اكتساء بعض رمال الإمارات، خصوصاً في الصحراء القريبة من إمارة أبوظبي ومدينة العين، دليل على أن هذه الرمال سارت بفعل الرياح مسافات طويلة جداً، وهو ما أدى إلى اكتسابها هذا اللون، بسبب حملها ذرات دقيقة من أكسيد الحديد.

وأشار الباز إلى أن العديد من الدراسات الفضائية يمكن أن يستفاد منها في مشروعات النهضة الحقيقية، وأن «منتصف الصحراء العربية هي أكثر الأماكن التي تصل إليها الشمس، ومن أكبر مناطق تكون الرمال قبل مسيرتها عبر خطوط الهواء والريح اللذين يشكلان العامل الأهم في الكثبان الرملية، سواء على الأرض أو المريخ».

 

تويتر