عبدالرحيم سالم.. ريادة فنية

مسيرة التجريب

صورة

درس سالم (مولود عام 1955) في السبعينات النحت الميداني في مصر، وبعدها بدأ مع مجموعة من الفنانين الإماراتيين مرحلة التأسيس للحركة الفنية، وعمل في وزارة التربية والتعليم، ولايزال حتى اليوم يعمل في الوزارة. أسس سالم في تلك المرحلة مع مجموعة من الأصدقاء، الذين يعدون الرعيل الأول في الحركة الفنية التشكيلية في الإمارات، جمعية الفنون التشكيلية، وكان ذلك مع محمد يوسف، ونجاة مكي، وعبيد سرور، وحسن شريف، وغيرهم من الجيل الأول. أما معرضه الأول في الإمارات، فكان جماعياً، وقد أقامه عام 1981.

تأثر سالم بمجموعة من الفنانين وكان من بينهم ليوناردو دافنشي ومايكل أنغلو، ولكنه في مرحلة لاحقة تأثر بفكر الفنان البريطاني فرانسيس بيكون. أما أعماله فتشهد أنه من الفنانين الذين يواظبون على التجريب في حياتهم الفنية لتقديم الأفضل.

اهتم الفنان الإماراتي في مراحل فنه الأولى بقراءة الكتب الخاصة بالسحر والعالم الذي يحمل الخير والشر في آن، ليعرف الأسباب التي تدفع الناس إلى اللجوء لهذا العالم، وقادته المعرفة في المجال إلى التعرف إلى قصة مهيرة التي كان جنونها بسبب السحر. رافقته مهيرة في أعماله وكانت الأساس لمجموعة من اللوحات، وبعدها بدأت تأخذ أشكالاً رمزية، وتحولت في اللوحة من مجسم امرأة إلى أشكال مثلثات ومربعات.

تروي أعمال عبدالرحيم سالم ثنائية الحياة والموت، وقد حاول من خلال هذه اللعبة، كما يسميها، أن يقترب من الحياة والموت، والحضور والغياب، ومنها كانت أعماله عن «مهيرة» التي كانت تجسد الموت، وكان يحاول استعادتها في الحياة، فيمنحها حضوراً قوياً يعادل المستقبل والحياة.

قدم سالم خلال مسيرته عدداً كبيراً من الأعمال الفنية، فراوح عدد أعماله التي بيعت بين 300 و 350 عملاً، بينما يملك اليوم ما يزيد على 700 عمل. تتفاوت هذه الأعمال التي يملكها سالم في أحجامها، ولكن بالنسبة إليه يبقى عمل «الوسادة» الذي قدمه من الباستيل، العمل الأقرب إلى قلبه ولا يمكن أن يبيعه أو يستغني عنه، فهو العمل الذي يمثل المرحلة الانتقالية من اللون إلى التجريب، حيث جسد من خلال العمل فكرة الأحلام والذاكرة والصور التي تمر في حياة الإنسان. هذا العمل الذي نفذه عام 1993 يعد مهماً لسالم لكونه جسد مرحلة انتقالية في مسيرته الفنية، ومكنه من الفوز بجائزة بينالي الشارقة. أما المعرض الأبرز الذي قدمه والذي كان متميزاً بحضوره فهو «أبيض وأسود» حيث قدم سالم عرضاً للفن الأدائي، حيث قام بالرسم بجسده أمام الجمهور.

زار سالم مجموعة من البلدان، ولكن كانت له تجربة مميزة في الدنمارك، التي مكث فيها 21 يوماً من أجل إنتاج أعمال فنية، وقد تمكن خلال تلك الفترة من إنتاج أعمال ضخمة وصل بعضها إلى 10 أمتار.

أما أعماله فقد اقتنيت من قبل مجموعة من الجهات الخاصة والرسمية، ومنها التي في متحف وزارة الثقافة في البحرين، وفي مصر والمغرب، إلى جانب مجموعة من أعماله ضمن مجموعة وزير الصحة، عبدالرحمن العويس، هذا بالإضافة إلى مجموعة من اللوحات في شركة أدنوك للبترول، وبعض المؤسسات والمجموعات الخاصة في الإمارات.

حقق سالم في حياته الفنية مكانة مميزة، لكنه لايزال يسعى إلى الأفضل ويختبر في فنه، إلا أن ما يميزه هو عمله الدائم مع طلابه، حيث يرى أنه لابد من الانطلاق من الجيل الصغير في التثقيف الفني، لأنه في الختام ضمن كل مهنة يجب أن يكون الإنسان ملماً بالفن كي يتمكن من الإبداع والابتكار، ويبتعد عن الروتين في مهنته.

أما اللون الأسود الذي سيطر على أعماله، فلا يربطه الفنان بنظرة تشاؤمية، بل يرى أن هناك نظرة نمطية من قبل الناس للون الأسود، وبالنسبة إليه يبتعد عن النمطية، ويحاول أن يقدم رؤية جديدة بأسلوب جديد. وحاز جائزة الإمارات التقديرية في الفنون عام 2008، إلى جانب الجائزة الثانية في بينالي بنغلاديش في التسعينات، حيث أصابته بعدها حالة إحباط وقرر التوقف عن الفن، ثم تراجع عن قراره.

تويتر