بن دلموك: البطولة تؤكد أن تطوير الفنون الموروثـــة مُعطى مشترك للأجيال

«فزاع للناشـئين لليولة» تدخل مرحلة الـ 10 «الكــــــــبار»

صورة

أفرزت بطولة فزاع للناشئين لليولة، في دورتها التاسعة، التي تقام برعاية سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، وينظمها مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، قدرة الأجيال الجديدة على استيعاب الموروث المحلي، على الرغم من تيارات الحداثة، وفرض عولمة أضحت واقعاً، وحقيقة ملموسة، من خلال استيعاب مراحل سنية مبكرة، في سياق منافسة تقوم على إجادة هذا الفن التراثي.

أطفال في عمر الزهور، وآخرون لم تفصلهم عن مرحلة المهد سوى سنوات قليلة، يمارسون هذا الفن المورث عن الآباء، ويتنافسون على الإجادة فيه، مشهد لافت في «دبي فيستفال سنتر»، الذي يستضيف هذا الحدث، في ظل ترقب جماهيري تزداد وتيرته وصولاً إلى الجولة الختامية المنتظر لها أن تقام مساء بعد غد، لتشهد تتويج فارس يولة فزاع للناشئين هذا العام.

ووفق تقاليد يولة «فزاع» فإن اسم «كبار» يؤشر إلى المتسابقين الأكثر مهارة، وهو ما أهّل كلاً من عيسى خميس الكندي وسيف سلطان إلى أن يكونا ضمن «الكبار»، رغم أن سن كل منهما لا تتجاوز 13 عاماً.

وستبدأ البطولة في مرحلة منافسات الـ10 «الكبار» اعتباراً من غد، إذ سيتنافس المتسابقون المتأهلون من أجل الوصل إلى المربع الذهبي ثم الجولة الختامية.

أكثر ما يلفت الانتباه إليه الرئيس التنفيذي لمركز حمدان بن محمد لإحياء التراث عبدالله حمدان بن دلموك، هو أن بطولة الناشئين أثبتت أن «تطوير الموروث الذي أرسى دعائمه الآباء والأجداد على توالي العصور، مرهون بالأجيال العمرية الأحدث، وأنه لا تناقض بين أصالة الموروث وتطويره أو تحديثه، بشكل تلقائي مع توالي الأجيال».

وأضاف بن دلموك لـ«الإمارات اليوم»: «مع دورتها التاسعة تثبت بطولة فزاع للناشئين، أنها إلى جانب بطولة اليولة المدرسية تشكل أساساً رئيساً، ليس لإنجاح بطولة فزاع للكبار فقط، بل لممارسة هذا الموروث المحلي الأصيل على نطاق محلي وخليجي أوسع».

وشهدت تصفيات أول من أمس منافسة شديدة بين 10 متسابقين، ضموا إلى جانب ثمانية متسابقين من داخل الدولة متسابقاً من سلطنة عمان، وآخر من المملكة العربية السعودية.

وتصدر المتسابق الإماراتي عيسى خميس الكندي (13 عاماً) هذه الجولة بعد أن حصد أعلى عدد من نقاط لجنة التحكيم، وهو 28 نقطة، ليضمن أولى بطاقات التأهل عن هذه المجموعة، ويصعد مباشرة إلى دور الـ10 «الكبار»، وهو المصطلح الذي أصبح يرتبط بأصحاب المهارات الأفضل والأقرب إلى كأس البطولة، بغض النظر عن أعمار المتسابقين.

وعلى الرغم من كونه أول الصاعدين إلى ساحة الميدان، فإن استعراض الكندي غلب عليه الثقة والاتزان والهدوء النفسي، وهو ما أشارت إليه لجنة التحكيم المكونة من الثلاثي راشد حارب الخاصوني، وخليفة بن سبعين المعمري، ومسلم العامري، إذ امتدح الأخير خصوصاً أداء المتسابق، مشيداً بقدرته الفائقة على التحكم بسلاح اليولة.

ثاني المتأهلين عن هذه المجموعة كان للمفارقة أيضاً آخر الصاعدين إلى ساحة الميدان، وهو المتسابق سيف سلطان الكتبي (13 عاماً)، الذي حصل على 27 نقطة من نقاط لجنة التحكيم البالغة 30 نقطة، إذ نوّع الكتبي بين مهارات اليولة الأرضية والعلوية على نحو لافت، وأبدى إتقاناً ملحوظاً في مهارة الرمي بصفة خاصة.

الأداء الجيد عموماً سيطر على معظم عروض متسابقي هذه الجولة، فيما لم تخلُ أيضاً من بعض الأخطاء التي تقبلتها لجنة التحكيم بصدر رحب وتفهم، من دون أن تغفل أهمية إسداء النصح الفني، وهو ما تكرر لدى محمد حمد الكتبي، ثاني المتسابقين صعوداً للميدان.

أداء أصغر متسابقي هذه الجولة، وهو العماني عبدالله المزروعي (أربع سنوات) كان بمثابة فرحة وبهجة أخرى لجمهور البطولة، الذي تفاعل بشكل واضح مع هذه الموهبة الصغيرة، ولم يتوانَ عن تشجيعها، حتى حينما سقط السلاح الثقيل من يد الطفل في نهاية الاستعراض لم يتوقف الجمهور عن التصفيق والإشادة به، وهي السن التي يحرص منظمو البطولة على وجودها، دعماً لتشجيع الأسر لأبنائها على ممارسة هذا اللون الفني من الموروث المحلي.

من ناحيته، أشاد عضو لجنة التحكيم مسلم العامري، بأداء المتسابق منصور الفلاسي، مشيراً إلى أنه قريب من أدائه في بعض الفنيات من أداء «يويل» قديم، كانت له بصمته الفنية الخاصة.

فيما اعتبر خليفة بن سبعين المعمري، أداء عبيد المحرمي مقبولاً نظراً لكونها مشاركته الأولى. وقدم راشد الخاصوني نصائح مهمة للمتسابق محمد حمدان ذيبان من أجل تلافي الأخطاء.

وتميز أداء السعودي سعيد يسلم العامري بالتركيز على مهارة الرمي، لدرجة أن إحدى الرميات اقتربت كثيراً من سقف القاعة رغم ارتفاعها الواضح، وعلى خطى ابن عمه الذي سبق له حمل كأس البطولة، جاء حمد عيسى فولاذ للمشاركة بأداء جيد، ليترك الساحة بعده إلى المتسابق خالد حمد بن صراي، قبل أن يكون ختام فقرات أداء المتسابقين للمتأهل الثاني سيف سلطان الكتبي.

من جانبها، أشادت مديرة إدارة البطولات التراثية في مركز حمدان لإحياء التراث، سعاد إبراهيم درويش، بالمتابعة الجماهيرية الكثيفة للدورة التاسعة للبطولة، على الرغم من إدخال تعديلات على موعد إقامتها، فضلاً عن الحرص الشديد سواء من الأسر أو المتسابقين الناشئين أنفسهم على المشاركة في المنافسات.

وأكدت درويش أن البطولة رغم مضي تسع سنوات على انطلاقتها، تشهد في كل عام تطوراً وتحديثاً مستمراً، مشيدة في الوقت نفسه بالاهتمام الإعلامي الملحوظ بالمسابقة، بما في ذلك الإعلام المرئي ممثلاً في قناة «سما دبي»، التي تقوم بنقل أدق تفاصيل البطولة للجمهور الذي لم يتمكن من متابعة أحداثها بنفسه داخل مركز «دبي فيستفال سنتر».

طفولة

 

الأعمار السنية الحديثة والأطفال كانوا بمثابة الفرحة الحاضرة في مختلف جولات بطولة فزاع للناشئين، إذ تحرص العديد من الأسر الإماراتية والخليجية على تحفيز أبنائها على ممارسة فن اليولة الإماراتية.

مسابقة تشجيعية

على هامش بطولة فزاع لليولة للناشئين، تقام مسابقات أخرى يومية تستوعب من لم يتمكنوا من التسجيل في البطولة، أو حتى غير المتأهلين بشكل رسمي، كما أنها تشجع الفئات السنية الأصغر على ممارسة هذا الفن من الموروث المحلي.

وقبيل بدء البطولة واعتباراً من الرابعة عصراً يشهد «دبي فيستفال سنتر»، إقبالاً ملحوظاً من الأسر لمؤازرة أبنائهم حتى في هذه البطولة، ليكون مشهد الأطفال والناشئين في التدريب قبل التقدم إلى ساحة الميدان لافتاً، ومستوقفاً للمتسوقين الذين لا يترددون في التقاط الصور التذكارية للمشهد.

تأخير غير مبرر

 

بعد أن تعذر قدومه أول من أمس، جاء المطرب الشاب محمد الشحي قادماً من رأس الخيمة قبل انتهاء الفقرة الأخيرة من الجولة بدقائق معدودة، معتذراً دون أن يقدم تبريراً واضحاً لهذا التأخير، ليقدم أغنية وحيدة هي «سلبني خصره». وعلى النقيض من الشحي في إطلالته الأولى التي لم يستطع أن يغتنمها جيداً بسبب «التأخير»، كان نظيره المطرب الشاب محمد المنهالي على الموعد في افتتاحية البطولة، وهو ما أتاح له لقاءات أكبر سواء مع الجمهور أو وسائل الإعلام.

المنهالي الذي أصبحت طلته معتادة في بطولات فزاع لليولة أكد أنه يحرص على الالتزام بالموعد، ويعتبر «الالتزام» عموماً أولى أوراق الفنان الرابحة.

تويتر