المبادرة أكملت عامها السابع

العويـس: تـقديم أعمال الفنانـيــن الإماراتيين هدايا رسمية يعكس رُقيّ الدولة

الفن الإماراتي رسالة ثقافية وحضارية إلى العالم. تصوير: أشوك فيرما

ثمن فنانون إماراتيون مبادرة وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع باختيار أعمال الفنانين المحليين لتقديمها كهدايا رسمية لضيوف الدولة، معتبرين أن المبادرة التي تم تطبيقها منذ عام ‬2006، تمثل دافعاً قوياً للمبدع الإماراتي، ومؤشراً واضحاً إلى تقدير الدولة للفن والفنانين.

وأوضح وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع عبدالرحمن العويس لـ«الإمارات اليوم» أن المبادرة التي تم اقرارها من قبل مجلس الوزراء منذ ما يزيد على سبع سنوات، شكلت قوة دفع للفنانين الإماراتيين، ووسيلة دعم مباشر وغير مباشر لهم، حيث يعمل الفنان وهو يعلم ان أعماله لن تظل حبيسة الأدراج، وقد يراها في الخارج ضمن مقتنيات الدول الأخرى التي يتم الاحتفاء بها، وتعرض في المتاحف والمعارض الفنية الكبرى.

مبادرات متعددة

إلى جانب مبادرة تقديم أعمال الفنانين الإماراتيين كهدايا رسمية لضيوف الدولة، أطلقت وزارة الثقافة والشباب عددا من المبادرات المهمة التي تهدف إلى خدمة المجتمع وتدعيم الاسس الثقافية بين مختلف فئات المجتمع، من أبرز هذه المبادرات:

الهوية الوطنية

وتأتي استرشاداً بقول صاحب السمو رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان «إن من لا هوية له، لا وجود له في الحاضر، ولا مكان له في المستقبل»، حيث تعمل الوزارة على اعتبار تنمية الهوية الوطنية هدفاً رئيساً لاستراتيجيتها وخططها الحالية والمستقبلية، لما تعنيه الهوية الوطنية من كونها قضية انتماء وولاء، تعني شعب ومواطني الإمارات العربية المتحدة، والمقيمين على أرضها، على حد سواء.

المشروع الوطني «صيف بلادي ‬2011»

يعكس مشروع «صيف بلادي ‬2011» الذي تنظمه الوزارة والهيئة العامة لرعاية الشباب والرياضة للسنة الخامسة على التوالي، مدى الحرص الذي تطمح إليه القيادات العليا لبناء جيل واع ومثقف، وعلى توفير المناخ المناسب لاستقطاب الشباب وتوفير البيئة الجاذبة لهم، وإكسابهم القدرة على منافسة ما هو مطروح على الساحة محلياً، حيث يجمع المشروع برامج متنوعة بين الترفيه والمتعة والفائدة العلمية، كما يهدف إلى ترسيخ القيم الأصيلة والحفاظ على الهوية الوطنية.

القوافل الوطنية

أعلنت وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع عن إطلاق مبادرة القوافل الثقافية تحت شعار «مجتمعنا أمانة» لتأتي انسجاماً مع دعوة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إلى التلاحم الاجتماعي في خطاب سموه بمناسبة اليوم الوطني الـ‬38، وتلبيةً لمقتضيات تعاون جهات المسؤولية المجتمعية والثقافية في الدولة في رفد مبادرة التلاحم الاجتماعي. وتهدف القوافل الثقافية التي تنطلق على مدى يومين إلى وجهة مختلفة داخل الدولة في كل مرة إلى نشر الوعي الثقافي والفكري والمجتمعي، والتنمية الثقافية والمجتمعية، والوصول إلى أبناء المجتمع أينما كانوا لتقديم الدعم الثقافي وتعزيز قيم الثقافة المجتمعية لدى جميع الأسر والأفراد على أرض الدولة.

مبادرة السنع

يمثل السنع مجموعة المفاهيم والعادات والتقاليد التي اعتادها أفراد المجتمع في الإمارات، والتي يستخدمونها في تعاملهم اليومي وعلاقاتهم الإنسانية، ويتوارثونها جيلاً بعد جيل، ولما كانت الحاجة ماسة إلى توثيق دور السنع بين الأجيال نظراً لأن الإنسان يتعلم منذ نعومة أظفاره آداب السلوك التي اعتاد الإماراتيون على ممارستها خلال فترات حياتهم السابقة، وأصبحت جزءاً من هويتهم وخصوصيتهم، فقد قامت الوزارة بإعداد مبادرة «السنع»، ومباشرة تنفيذها من خلال عدد من البرامج والأنشطة. وقد جاءت هذه المبادرة بتكليف من مجلس الوزراء الموقر للترويج «للسنع» ونشره بكل الوسائل الممكنة في المدارس وفي وسائل الإعلام وبين الصغار والكبار، وتقديم برامج مختلفة تتنوع بين الإعلامية والمنهجية الدراسية والقصص الأدبية والقصص المصورة للترويج للسنع وتعزيزه بين أفراد المجتمع الإماراتي. ويجرى العمل على تنفيذ هذه المبادرة من خلال شبكة من المتعاملين ينتمون إلى الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية والقطاع الخاص

حملة «عونك يا وطن»

هي حملة أطلقتها وزارة الثقافة في عام ‬2008 ومازالت مستمرة بهدف زرع شعور الارتباط والانتماء الى الإمارات والافتخار بهذا الانتماء والتواصل مع كل ما يعزز هذا الانتماء والتوعية باحتياج الوطن دائما لأبنائه لمساندته في كل الأوقات والمناسبات وتستهدف الشباب وكل مواطن غيور على الوطن. وتضمنت الحملة إعلانات مرئية تم عرضها على كل القنوات التلفزيونية المحلية، وكذلك إعلانات مصورة تم نشرها في الصحف الإماراتية.

ملتقى الشباب

هو ملتقى ثقافي تواصل من خلاله وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع تحقيق أهدافها الاستراتيجية والتنموية الموجهة للشباب، باعتباره العمود الفقري لتنمية المجتمعات ورصيدها الاستثماري الأكبر. ويستهدف الملتقى في مشروعه التنموي، مواجهة الشباب بشخصيات إماراتية، تعد قدوة مثالية بنجاحاتها وقدرتها على تجاوز الصعاب المجتمعية والحياتية. ويتم من خلال عقد الجلسات طرح النقاش الذي يتواصل بين الطرفين.

كذلك أطلقت وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع مبادرات أخرى من بينها: ملتقى قيم الثقافة المجتمعية، ويتم تنظيمه ضمن إطار الشراكة مع وزارة التربية والتعليم، توحيداً للجهود التي تستهدف تنشئة الأبناء وتوعيتهم بأدوارهم. وفيلم «آفاق»، وهو فيلم وثائقي بلغات عدة (العربية، والإنجليزية، والفرنسية، والألمانية) من إنتاج وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع عام ‬2009، للتعريف بحضارة وشعب وثقافة الإمارات العربية المتحدة. بالإضافة إلى مجلة «مبدع» التي تمثل مشروعاً متكاملاً لدعم إبداعات الشباب، وتوجه رسالتها إلى فئة الناشئة والشباب من عمر ‬12-‬15 عاماً سعياً لتعميق مكونات الثقافة الإماراتية في نفوسهم، وتوعيتهم بموروثهم الثقافي، وبنائهم بناءً فكرياً مرتكزاً على القيم الثابتة والمبادئ الإنسانية الأصيلة.

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2012/11/0252.jpg

وسجل العويس الشكر لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، على دعمهما للمبادرة، وحرصهما الكبير على إهداء ضيوفهما وضيوف الدولة أعمالاً لفنانين إماراتيين، وكذلك سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، الذي يولي اهتماماً خاصاً بهذه المبادرة، التي باتت تجد صدى واسعاً بين جميع الوزراء، مضيفاً: «بفضل دعم قيادتنا، أصبح لدينا عدد كبير من المبدعين الذين نتواصل معهم ونقتني أعمالهم، من بينهم مواهب شابة تستحق الدعم والتشجيع».

وأشار وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع إلى ان الأعمال الفنية التي يتم إهداؤها هي رسائل حضارية فنية تؤكد أن دولة الإمارات العربية المتحدة تتسم بالرقي، وتعبر بوضوح عما تؤمن به وتنتهجه من رقي في الحوار، وفي كل تعاملاتها مع الآخر، وتقدير للمبدع والابداع.

وذكر العويس ان اختيار الأعمال الفنية التي يتم تقديمها هدايا لضيوف الدولة يتم من قبل لجنة متخصصة تعمل وفق معايير تضمن جودة هذه الاعمال، وتميزها وارتفاع مستواها الفني، إضافة إلى تكليف بعض الفنانين بإنجاز أعمال يتم تصميمها وفقاً لهدف أو منظور محدد، لافتاً إلى ان المبادرة شملت عدداً كبيراً من الفنانين في الدولة، ولم تقتصر على فناني الصف الأول فقط، لكنها تشمل أيضاً فنانين من الجيلين الثاني والثالث بما يمثل دافعاً قوياً للجميع، ويمنح المواهب الشابة المتميزة فرصة للتواجد بقوة على الساحة.

خطوة رائدة

من جانبها، قالت الفنانة الإماراتية د. نجاة مكي، إن العويس استطاع ان يحقق نقلة نوعية بالنسبة للحراك الفني في الدولة عبر مبادرات ثقافية وفنية متعددة، واهتمام بنشر الفن ودعمه، معتبرة أن مبادرة «تقديم أعمال فناني الدولة كهدايا رسمية» هي خطوة رائدة في الخليج والمنطقة العربية.

وأشارت مكي إلى ان المبادرة تمثل دفعة كبيرة للإبداع، وتشجيعا للمبدع الذي يستشعر أهمية خاصة للتشجيع عندما يأتي من قيادات الدولة والجهات الرسمية بها، موضحة ان تقديم الأعمال الفنية الإماراتية لضيوف الدولة يسهم في نشر الفن الإماراتي، وتعريف الدول الأخرى بما حققه الفنان الإماراتي من نجاحات وابداعات. وأضافت: «الجميل في هذه المبادرة هو أنها لا تتوقف على جيل الرواد فقط، انما تشمل الرواد والشباب معاً بما يزيد من قوتها وتأثيرها لديهم».

وعبر رئيس جمعية التشكيليين الفنان محمد أحمد إبراهيم عن تقديره لفكرة المبادرة وأثرها في الساحة الفنية، مشيراً إلى انها تسهم بشكل كبير في رواج أعمال الفنانين الإماراتيين ونشرها في الداخل والخارج، وهو حراك ضروري للفن وللفنان على السواء، ويقدم دفعة قوية للإبداع والمبدعين في الدولة.

تنوع فني

الفنان محمد كاظم أعرب عن اعتزازه بالمبادرات الثقافية والفنية التي تطرح من مختلف الجهات والمؤسسات في الدولة، خصوصاً وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، وحرص الفنانين على التجاوب مع هذه المبادرات، وكذلك مع ما تشهده الدولة من أحداث وفعاليات ثقافية وفنية تثري الساحة.

ودعا كاظم إلى توسيع نطاق المبادرة لتشمل عدداً أكبر من الفنانين من مختلف الاتجاهات والمدارس الفنية، بحيث لا تقتصر على الأعمال التقليدية فقط، وتمتد للأعمال المعاصرة بما يعكس للآخرين مدى التنوع الفني والفكري في الدولة، خصوصاً أن هناك حقيقة غائبة عن الكثيرين هي ان دولة الإمارات من أقدم الدول في المنطقة العربية تعرفاً إلى الفن المعاصر عبر أعمال الفنان حسن الشريف التي قدمها منذ ‬1981، لافتاً إلى ان هناك جيلا جديدا من الفنانين التشكيليين في الإمارات يتميز بقدر كبير من الابداع والانفتاح على العالم، وكثير منهم يشارك في معارض عالمية في مختلف دول العالم بما يجعلهم سفراء للدولة، لذا من الايجابي والمطلوب أن تمتد مبادرة وزارة الثقافة وتتسع لتشمل هؤلاء الشباب، وكل الأجيال الفنية من فناني الإمارات.

مبادرة ذكية

الفنان الإماراتي محمد الاستاد أعرب عن أمله في أن تنضم المزيد من الجهات الحكومية للمساهمة في مبادرة وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع التي وصفها بـ«الذكية جداً»، جاءت من مثقف قريب من المبدعين ويشعر بمعاناتهم وعرف قضاياهم ومشكلاتهم عن قرب، داعياً إلى ان تتوسع المبادرة فلا تقتصر على الاستعانة بأعمال الفنانين الاماراتيين على الهدايا الرسمية، حيث يمكن الاستعانة بها في تزيين المباني الكبرى التي تنتشر في مختلف إمارات الدولة مثل الفنادق والأبراج والقاعات الكبرى، حتى يشاهد زوار هذه الأماكن الاعمال الإماراتية التي تعبر عن هوية الدولة والمجتمع الإماراتي وما به من خصوصية ومفردات تميزه عن غيره من المجتمعات الأخرى. كما عبر الاستاد عن أمله في ان تطرح وزارة الثقافة المزيد من المبادرات بمثل هذه الأهمية والقوة، خصوصاً ما يتعلق بتفرغ الفنانينالذي بات مطلبا ملحا في ظل التنامي الكبير في عدد وحجم الفعاليات الفنية التي تنظمها وتشهدها الإمارات على مدار العام، والتي يتطلع الفنان الإماراتي إلى المشاركة فيها بفاعلية، وأن يقدم أعمالاً تتسم بمستوى عال من الاحترافية والتميز بما يجعلها قادرة على المنافسة، وتقديم وجه مشرف للدولة، وهو ما يحتاج من الفنان إلى التفرغ والتركيز في ما يقدمه من أعمال. مقترحاً ان يرتبط التفرغ بشروط يتم الاتفاق عليها، مثل التزام الفنان المتفرغ ببرنامج احترافي خلال سنة، يحاسب في نهايته عما أنجزه من اعمال حتى يكون المشروع مثمراً.

تويتر