8 فنانين في «إيدج أوف أرابيا»

الفن السعودي.. سفـــر ثلاثي الأبعاد

الأعمال جسدت كل ما نختبره في المطارات. تصوير:تشاندرا بالان

لم يكن عنوان معرض الفن السعودي المعاصر «تيرمينال» وحده المرتبط بفكرة السفر، فلدى دخول غاليري «ايدج اوف اريبيا»، الذي افتتح فيه المعرض أخيراً في المركز المالي في دبي، يخال المرء كأنه يدخل المطار، حيث يخوض زوار المعرض تجربة السفر الواقعية لمجرد دخولهم الغاليري، بدءاً من اجراءات الحجز، وجواز السفر الخاص بالمعرض، ثم التفتيش، مروراً بختم الجوازات وبوابة المغادرة، وأخيرا السوق الحرة. كل هذا السيناريو الذي يرافقنا عند باب المعرض، شكل مقدمة واضحة وصريحة لما يمكن ان نشاهده داخل المعرض الذي تميز بأعماله الثلاثية الأبعاد.

بدا الجانب التقني هو المسيطر على الأعمال التي قدمت في المعرض الذي شارك فيه ثمانية فنانين سعوديين، إذ أخذت معظم الاعمال أشكال مجسمات ثلاثية الأبعاد، طرحت تجربة السفر بأسلوب فني متعدد الاتجاهات والمدارس، الأبعاد الانسانية لم تكن غائبة عن الأعمال، فالفنانة هلا علي التي قدمت لدى دخول المعرض عملا قائما على برنامج تقني يحتسب جنسيات الناس، تماماً كما يحدث في المطارات، حاولت التركيز على العامل البشري، فيما ساندتها مها ملوح التي قدمت مجسمات لأجهزة تفتيش الحقائب والصور التي قد تصدر عنها، محملة إياها مزيدا من القضايا، طارحة قضية حقوق المرأة. فيما قدم الفنان عبدالناصر غارم مجسمات تظهر أرقام الناس عندما يصبح مرورهم مرفقاً بأختام تحدد هوياتهم.

سوق حرة

ظهرت في نهاية المعرض سوق حرة، عرضت فيها مجموعة من البضائع التي تحمل الملامح العربية، ورسومات على سترات تحمل شعارات أو حتى كتابات عربية. وقال المسؤول عن هذا المشروع السعودي غسان عبدالعزيز العشمان «بدأت بمشروع أخذ رسومات عربية من فنانين معروفين في السعودية والعالم العربي والغربي، بسبب عدم وجود ما هو عربي ويتحدث عنا في الأسواق». واعتبر أن العالم العربي يفتقد الى ملامح الهوية في الكثير من الأمور، والملابس جزء منها، و«لهذا فالمشاركة في هذه المعارض مهمة بالنسبة لي، لأنها تجعلني قادراً على تقديم ما هو وطني ومحلي للدول العربية».

وبعد الانتهاء من إجراءات التفتيش وختم الجوازات، حملنا الفنان أحمد يسري الى غرف التدخين الموجودة في المطارات، وبعض الأعمال التصويرية حول التدخين، ثم كان العمل الخاص بالفنانة منال الضويان، التي أبرزت من خلال مجسم لبعض طيور الحمام، كيفية خروج الأطفال من المطار في السعودية، فهم يحتاجون إلى أذونات خروج حاولت تقديمها بأسلوب مباشر بإسقاطها على الحمام. وعلى الرغم من الترابط في الاعمال إلا أنه لا يمكن نفي وجود بعض الاعمال التي لا ترتبط بفكرة السفر، منها عمل الفنانة هلا علي، الذي جسدت فيه غسل الدماغ من خلال الصحف التي وضعتها مكدسة على الأعمدة التي تستخدم في محطات غسيل السيارات. بينما قدم الفنان حمزة صيرفي، الساعات الهجرية، بأسلوب روائي يوثق تاريخ هجرة الرسول، بينما اكتفى أحمد ماطر باعتماد التقنية لتقديم جُمل مضاءة بأسلوب فني بحت، بينما قدم سامي التركي صوراً عن الحفارات التي لا تنزع من الأرض ما هو راسخ في أعماقه لتجعله يطفو على الوجه، تماماً كما يبدو الانسان سعيداً وهادئاً من الخارج، ولكن أعماقه تكون أحياناً مملوءة بالآلام.

وقالت الفنانة السعودية هلا علي «حاولت أن أقدم عملاً يبرز غسل الدماغ من خلال الصحف التي تبدو كأنها تغسل مخ الشعب». واعتبرت أن المعرض مهم للفنانين السعوديين، فهو يبرز ما وصل اليه الفن المعاصر في السعودية، ولاسيما للذين يعيشون في السعودية، فليس لديهم دعم كبير، وبالتالي المشاركة تساعد الفنان السعودي الذي لديه موهبة. ولفتت الى أن الفن التشكيلي أو النحت في السعودية حديث نسبياً، فهم يلتفتون الى الشعر أكثر، مشيرة إلى أن التقنيات الحديثة دخلت مجال الفن بشكل واسع، وبالتالي غيرت مفاهيم الفن، ونوعت في الاساليب المطروحة وهذا يغني الساحة الفنية.

بينما أكد الفنان حمزة صيرفي، أنه قدم الساعات الهجرية التي تباينت فيها الأرقام. واعتبر أن الوقت هو النسيج الذي تصنع منه الحياة، وبالتالي لدى دخولنا المطار دائما نرى الساعات. ولفت الى أن مفهوم الساعات كان انطلاقاً من بحث عن تاريخ هجرة الرسول، ولذا «أبرزت من خلال الأرقام أهم المحطات، وأوضحت في كل ساعة الارقام الخاصة بهذه الهجرة». ولفت الى أن عقارب الساعات تتشابه بالتكوين في الانتماءات، وهي تحاول التشابه ولكنها تتكسر. واعتبر ان الفن فكرة، والعمل هو الذي يحمل الفكرة للناس، فهو وسيط، وبالتالي فالمتلقي يفهم من العمل ما يتوافق مع تكوينه الشخصي. ولفت الى أن الحضور في دبي من الأمور المهمة، لأن دبي هي بداية الايقاع للحراك التشكيلي الحاصل في الخليج، وهذه البداية أنتجت أكثر من حدث في أكثر من دولة للخليج، وبالتالي ستظل دبي أحد المنابع التي تحدد اتجاه الفن التشكيلي على مستوى الساحة الفنية العالمية بالنسبة للفن العربي.

بينما أكدت الفنانة مها الملوح، أن أعمالها تعد من الأعمال التي ارتبطت بفكرة المطار، وبالتالي حرصت على أن تقدم التصوير في الغرف السوداء، وعملها كله نتيجة تجارب، كما أنها تحب أن تجمع هذه الاشياء في العمل الواحد، لتؤكد أن الفن في النهاية لابد أن يبرز قضايا المجتمع بطريقة ما.

تويتر