تونس.. «الكتاتيب» تزاحم رياض الأطفال

«الكتاتيب» تعود إلى الحياة في تونس بعد غياب. د.ب.أ

عادت المدارس القرآنية لتضرب بقوة في تونس، خلال السّنوات القليلة الماضية، بعد أن شارفت على الانقراض أثناء الاستعمار الفرنسي للبلاد، وخلال فترة حكم الحبيب بورقيبة 1956-،1987 أوّل رئيس لتونس المستقلة.

وكانت هذه المدارس أوشكت على الاندثار تماما نتيجة انتهاج المستعمر الفرنسي سياسة طمس كل ما يمتّ بصلة إلى هوية تونس الإسلامية، وبفعل إلغاء بورقيبة التعليم الديني الذي رأى فيه تعليما تقليديا لا يتماشى ومشروعه لبناء دولة حديثة.

ويعتقد مهتمون بالشأن التونسي أن برنامج إصلاح المدارس القرآنية الذي شرعت الحكومة في تنفيذه منذ سنة ،2002 لعب دورا حاسما في إعادة الاعتبار إلى هذه المؤسسات التعليمية الدينية التي يطلق عليها في تونس اسم الكتاتيب (جمع كتّاب).

وتقول السّلطات التونسية التي تبدي صرامة واضحة في مقاومة التطرف الديني، إن الهدف الأساسي من إصلاح الكتاتيب هو تجذير الناشئة في هويتها العربية الإسلامية، وتربيتها على قيم الاعتدال والوسطية والتسامح.

وتقع الكتاتيب داخل الجوامع أو الزوايا الخاضعة إداريا لوزارة الشؤون الدينية (الأوقاف)، وقد أوكلت الحكومة مهام الإشراف الحصري على الكتاتيب إلى هذه الوزارة التي من بين مهامها الرسمية المعلنة تطبيق سياسة الدولة في المجال الديني، ودرء أخطار الانغلاق والتطرّف.

وحدّد القانون السن الدنيا لقبول الأطفال في الكتاتيب بأربع سنوات والقصوى بخمس سنوات، وهي سن التعليم ما قبل المدرسي التي يتم فيها إعداد الطفل لدخول المدرسة الابتدائية، وتتواصل الدراسة في الكتاتيب عامين اثنين لمن عمره أربع سنوات، وعاما واحدا لمن عمره خمس سنوات.

تحوّلت الكتاتيب اليوم إلى منافس قويّ لمحاضن ورياض الأطفال في تونس، إذ تستقبل سنويا الآلاف من الأطفال، ممن هم في سن مرحلة التعليم ما قبل المدرسي (أقل من ست سنوات).

وأظهرت إحصاءات حكومية حديثة أن عدد الكتاتيب بلغ 1186 مع نهاية ،2009 وأنها استقبلت خلال العام نفسه أكثر من 31 ألف طفل (نحو نصفهم من الفتيات)، وهي أرقام غير مسبوقة في تاريخ البلاد.

وباتت الكتاتيب عاجزة عن الاستجابة لطلبات اولياء الأمور المتزايدة بتسجيل أبنائهم فيها لأن القانون لا يسمح بأكثر من 35 طفلا داخل الفصل الواحد بالكتّاب، ما دفع وزارة الشؤون الدينية إلى إصدار منشور سنة ،2008 نصّ على ضرورة أن يكون الكتّاب من المكونات الأساسية لدور العبادة الجديدة المزمع بناؤها.

وأرجع مراقبون الإقبال المتزايد للتونسيين على تسجيل أبنائهم في الكتاتيب إلى تميّز خريجي هذه المؤسسات في مراحل التعليم اللاحقة وإلى الصحوة العقائدية التي يعيشها المجتمع التونسي، بفعل تأثير القنوات الفضائية الدينية المشرقية والتي أجّجت رغبة الآباء في تربية أبنائهم تربية إسلامية.

تويتر