عائشة عبدالرحمن: ليتني لاعب كــــــرة فاشل

«اللوال» عالجت قضايا معاصرة عبر ماضٍ متخيّل. أرشيفية

قالت الفنانة الإماراتية عائشة عبدالرحمن إنها تفكر جدياً في مقاطعة أي مشاركة مسرحية خارجية باسم الدولة، رداً على ما اعتبرته «تجاهلاً إعلامياً ورسمياً لحصد مسرحية «اللوال» ست جوائز من جملة ثمانٍ فقط متفوقة على كل المشاركات التي تضمّنها مهرجان المسرح الخليجي في دورته الخامسة التي انعقدت أخيراً في الكويت».

وأضافت لـ«الإمارات اليوم»: «يؤلمني أن أصل إلى قناعة بأنه من الأفضل أن أشارك في المهرجانات الرسمية من خلال أعمال تمثل دولاً أخرى غير بلدي كي أشعر بالتقدير الذي يحفز الفنان المسرحي على مواصلة العطاء»، مستطردة «رفع علم الإمارات في محفل ثقافي خليجي ممثلاً في مهرجان المسرح الخليجي يبدو حدثاً عابراً لا يستحق الإشادة أو حتى الإشارة كما هو الأمر على صعيد تقدير إنجازات فنانين اختير عملهم لتمثيل الدولة فكانوا عند حسن الظن تمثيلاً ونتيجة».

واستطردت عائشة التي فازت بجائزة أفضل ممثلة دور ثانٍ عن دورها في «اللوال» «حاجتي إلى كلمة (ما قصّرتم) جعلتني أتمنى للمرة الاولى أن أكون شاباً في أحد الأندية الرياضية حتى وإن كان لاعب كرة فاشلاً لأنني في تلك الحالة حتماً سأجني قدراً من الذكر يتجاوز ما يعانيه كل مسرحي سعى إلى تجويد إبداعه من أجل تشريف الإمارات في مشاركاته الخارجية».

إحباط

صاحبة شخصية أم النهام في «اللوال» التي سبق لها الفوز بـ10 جوائز مختلفة على مدار مشاركتها في أيام الشارقة المسرحية، فضلاً عن جائزة أفضل ممثلة في مهرجان المسرح الإيطالي الجوال، أشارت إلى أن الوفد الإماراتي عانى إحباطاً شديداً مرتين، موضحة «لم تكن هناك أية إشارة في الكويت دالة على أننا نمثل بلدنا، ففي الوقت الذي كانت هناك مساندة إعلامية من كل دولة من دول الخليج المشاركة كانت أسرة «اللوال» المسرحية تعاني تجاهلاً إعلامياً تاماً كان من الممكن أن يؤثر في حظوظها في المنافسة، لولا نزاهة الجمهور الكويتي الذي كان يتفاعل مع جودة العرض، من دون أن تتردد عناصر كثيرة منه في سد فراغ الغياب الإعلامي من خلال تواصله معنا في التوقيتات التي كانت مخصصة للقاءات الإعلامية عقب العرض».

وأكدت عائشة التي بدأت مشوارها المسرحي على خشبة مسرح الفجيرة عام 1986 من خلال مسرحية «الطوفة»، وسبق لها أن شاركت في مهرجان المسرح الخليجي أيضاً في مناسبتين مختلفتين عبر مسرحيتي «حبة رمل» و«المخدوع»، أكدت أن أسرة «اللوال» لم تكن تتطلع إلى استقبال الفاتحين في المطار بعد إنجازاتها في «الكويت» وفوزها بأفضل عمل مسرحي، كما أن الرغبة في التغطية الإعلامية ليس وراءها السعي إلى تضخيم ما قمنا به هناك، بل هو أمر يتعلق بحاجة الفنان إلى الحاضن لإبداعه والمؤازر له، لاسيما حينما يكون بصدد عمل يراه وطنياً لا يمثل فيه شخصه أو فرقة مسرحية بعينها، بقدر ما يجسد أحد الوجوه الحضارية المتعددة لبلاده».

إسقاط

رفضت الفنانة عائشة عبدالرحمن مقولات نقدية طالبت المؤلفين المسرحيين بالكف عن استلهام التراث الخليجي، لصالح البحث عن صور أكثر حداثة مرتبطة بشكل مباشر بالواقع المجتمعي، بعيداً عن مفردات البحر والغوص والصيد القديمة.

ورأت عائشة في مسرحية «اللوال» دحضاً عملياً لمثل تلك التوصيات التي رأت أنها تتجاهل قدرة العمل المسرحي على استثمار ثراء الرمز ومعالجة قضايا مجتمعية شديدة الارتباط بالواقع من خلال الإسقاطات غير المباشرة على الماضي الدرامي الذي يخلص الكاتب المسرحي من إشكالات رقابية ومساءلات قد يجد نفسه متورطاً في سياقها في حال ما عمد إلى المعالجة المباشرة المرتبطة بمكان وزمان واقعيين.

تضاد

وثمنت عائشة مبادرة مسرح رأس الخيمة الأسبوع الماضي بدعوة أسرة «اللوال»، وتكريمهم، مضيفة «رغم أن العمل من إنتاج مسرح الشارقة الوطني، إلا ان هذا لم يمنع مسرحاً عريقاً مثل رأس الخيمة من الاحتفاء بهذا الإنجاز الوطني، في مبادرة كنا نتمنى أن تكون جهات أخرى رسمية هي صاحبة السبق فيها».

ورأت ان ظروف الفنان الإماراتي تكاد تكون الأسوأ خليجياً في ما يتعلق بغياب الدعم والمؤازرة داخل حدود وطنه، مضيفة «مع كل تلك العقود التي انقضت على العمل الدرامي سواء المسرحي أو التلفزيوني بالإمارات، إلا أن الممثل مازال يصارع من اجل اعتراف واقعي بقدراته محلياً، في الوقت الذي تستعين بخبراته الكثير من الجهات الإنتاجية العربية والخليجية، وخصوصاً في ما يتعلق بالدراما التلفزيونية».

واستطردت «المتابع للأعمال الخليجية والمحلية سيلحظ ظاهرتين غريبتين أولاهما أن الكثير من الفنانين الإماراتيين يقومون بأدوار رئيسة ومهمة في المسلسلات الخليجية، فيما تأتي الظاهرة الثانية على الطرف النقيض من الأولى حيث سنجد أن كثيراً من المسلسلات الدرامية التي يتم إنتاجها في الإمارات يتم الاستغناء فيها عن جهود الفنانين الإماراتيين، لتتيح جهات إنتاجها الفرصة بشكل أكبر للفنانين الخليجيين على حساب الفنان الإماراتي».

وأقرت عائشة بوجود بعض التحسن في ما يتعلق بفرض الفنان الإماراتي أخيراً لاسيما في ما يتعلق بتلك المسلسلات التي تقف وراء إنتاجها مؤسسة دبي للإعلام وتستقطبها شاشتا «سما دبي» و«دبي الفضائية»، معتبرة الأمر «تحسناً نسبياً بحاجة إلى مزيد من التفعيل».

طاقات ثرية

واعتبرت عائشة أن تداخل عناصر النشاط المسرحي في سياق الدراما التلفزيونية ظاهرة صحية وواحدة من أهم ملامح الدراما الخليجية بشكل عام، مضيفة «سنجد أن أهم الأسماء المسرحية في كل دولة من دول الخليج، تكاد تكون هي نفسها في ما يتعلق بالدراما التلفزيونية، وهو أمر يعود لتنوع طاقات الممثل الخليجي الذي نشأ في الغالب على الإخلاص لفن الخشبة، الأمر الذي أكسبه أدوات فنية شديدة الثراء على اعتبار أن المسرح الحقيقي هو بالفعل أبو الفنون الذي إذا أخلص له الفنان، فتح أمامه الكثير من معرفة التفاصيل الفنية لفنون أخرى على رأسها الدراما التلفزيونية».

وضمت عائشة صوتها إلى جانب الفنانين الذين ينادون الآن بتوصيات تفريغ الفنانين واعتبار ما يقومون به من أعمال تلفزيونية ومسرحية أعمالاً تسمح لهم باستحقاق اجازات من وظائفهم الرسمية من دون التحجج بـ«ظروف العمل التي دائماً لا تسمح بغيابهم»، مضيفة أن «فنانين كثيرين لا يتمكنون من الوفاء بالتزاماتهم الفنية لاسيما في ما يتعلق بالتصوير والمشاركات خارج الدولة بسبب عدم تمكنهم من الحصول على إجازات من جهات عملهم، وهو أمر أسهم من دون شك في تقليص فرص الفنان الإماراتي في الحضور بشكل أقوى خليجياً وعربياً».

هجر «الخشبة»

قالت الفنانة عائشة عبدالرحمن إن «أسرة (اللوال) التي سبق لها أن حصدت جائزة أفضل عمل مسرحي في أيام الشارقة، لم يكن أمامها قبيل السفر إلى الكويت سوى مشروع وطني واحد وهو الحصول للإمارات على جائزة أفضل عمل مسرحي، وهو إنجاز صحبه أيضاً جني أسرة العمل لمعظم جوائز المهرجان، ما زاد من هامش توقع الجميع بأن التجاهل الرسمي والإعلامي الذي رافق عرض العمل هناك سيزول بمجرد العودة إلى الوطن».

واضافت «ظللنا نحو شهرين قبيل انطلاقة المهرجان خاضعين لما يشبه ورشة عمل دائمة من أجل تطوير (اللوال) والوصول بالعرض إلى أقصى درجة ممكنة من حرفية الأداء بغرض تحقيق إنجاز غير مسبوق للمسرح الإماراتي»، محذرة من أن «غياب التقدير الرسمي والاهتمام الإعلامي سيدفعان حتماً فنانين إماراتيين إلى هجر خشبة المسارح المحلية».

تويتر