«وكيل الوزارة» صباحاً.. الفنان والكاتب بعد الظهر

ناجي الحاي.. من «الهوا غربي» إلى «أيام اللولو» شائعات اعتزال وشغف لا ينتهي

صورة

من يقترب من الفنان ناجي الحاي، يعلم أن الدقة في التفاصيل، إحدى سمات شخصيته، وواحدة من أبرز السمات التي يفصح عنها أي بورتريه يرصد ملامحه، لذلك فعلى الرغم من تجاربه المتعددة في مجالات الكتابة والإخراج، فإن كل تجربة منها تأخذ وقتها الكافي في بحثه حولها، وتعمقه في سبر أغوارها، واستلهام خباياها.

من إبداعات الحاي

«الصراخ»، «الأرض بتتكلم أوردو»، «الإمبراطور جونز»، «رحمة»، «وحده ضد المدينة»، «جسر آرتا»، «مأساة الحلاج»، «مقهى بوحمدة»، «أعراس»، «ما كان لأحمد بنت سليمان»، «سفر العميان»، «الأشجار لا تموت»، «يا ويلي من تاليها»، و«الهوا غربي»، وغيرها.

- «الكتابة بالنسبة لي مرتبطة بساعات ما قبل السحور، التي تبقى بالنسبة لي أكثر سحراً».

- «لا أمتلك رئتين.. ولكني أمارس وظيفتي بشغف، وأغوص في تفاصيل المسرح بحب».

وعلى الرغم من أن «أيام اللولو»، التي قدمها العام الماضي، في أيام الشارقة المسرحية، جاءت بعد سنوات طويلة فصلت بينها، وبين سابقتها، ما اعتبره البعض انسحاباً ولو مؤقتاً من الساحة، إلا أن هذا التأني لم يسبقه انقطاع على الإطلاق، بل مراقبة ورصد، وتحليل، يسبق عادة نتاج الإبداع لديه.

يستمر الفنان ناجي الحاي ممارساً لعمله الوظيفي (الوكيل المساعد لشؤون التنمية الاجتماعية بوزارة تنمية المجتمع) بدأب ونشاط وإقبال في رمضان، لاسيما أن هذه الوزارة من الجهات التي تبقى في أوج نشاطها في هذا الشهر الكريم، في حين يحافظ على ووجوده المسائي في مسرح الشباب للفنون، الذي يتحول إلى مظلة تجمع الشباب ومحبي المسرح مساءً.

المساء الرمضاني مناسبة أيضاً عند الحاي لاستكمال مشروعه التأليفي الجديد، حيث يشير إلى أن تلك المساحات الزمنية قد تبقى فرصة، لما لا يتوافر إنجازه في سابقاتها، حيث يضيف: «الكتابة بالنسبة لي مرتبطة بأجواء المساء، والساعات الأولى من الليل قبل السحور، التي تبقى بالنسبة لي أكثر سحراً».

ويؤكد الحاي لـ«الإمارات اليوم»، أن «جمعه بين العمل في وزارة تنمية المجتمع، لم يحل مطلقاً دون تواصله الدائم مع الخشبة، من زوايا مختلفة»، مضيفاً «لا أمتلك رئتين كما يصف البعض.. لكني أمارس عملي الوظيفي بشغف، وأغوص في تفاصيل المسرح بحب».

وتابع: «أتعب حينما أبعد عن المسرح، وفي بعض الأحيان يكون التوفيق صعباً بين المهام الوظيفية ومشروع مسرحي ما، لكنه الصعب الذي يصاحبه متعة تحقيق ما تصبو إليه».

وعلى الرغم من جمعه بين المسؤولية الرسمية كعمل يقضي فيه جل ساعات الصباح والنهار، وبين رئاسة مجلس إدارة مسرح الشباب للفنون، الذي يحضر فيه بصفة «فنان» في الجزء الثاني من اليوم، إلا أن الحاي يجتهد لفسحة يخصصها، بين الحين والآخر، لمشروعه الكتابي، غالباً ما يكون المساء ساحتها الزمنية.

ويقر الحاي أنه مدين في جانب من نزعته التحليلية لدراسته الأكاديمية، بحصوله على شهادة بكالوريوس في علم النفس عام 1985 من جامعة الإمارات، وهو الجانب الذي انعكس بشكل جلي في العديد من النصوص المسرحية التي قام بكتابتها.

من هنا نجد الحاي أحد أكثر الفنانين الذين ارتبط اسمهم بشائعات اعتزال الإبداع، أو التفرغ للعمل الإداري، ليعود الحاي في كل مرة بعمل مجدد يتناسب مع حالة التأني والتمهل التي تسبقه عادة.

وكشف الحاي، الذي عرف طريقه إلى الخشبة عام 1981، من خلال التمثيل في «أغنياء ولكن» لمسرح دبي الأهلي من تأليف عمر غباش وإخراج محسن محمد، أنه مشغول حالياً بمشروع جديد يعكف على تأليفه، نافياً أن يكون هناك ثمة خطة زمنية صارمة لإنجازه، ليكون بمثابة حبة جديدة في مسبحة أعمال مسرحية تحمل بصمة الحاي، مؤلفاً ومخرجاً، فضلاً عن الأعمال العديدة المهمة في مكتبة المسرح الإماراتي، التي شارك بها ممثلاً، بكل ما فيها من شغف برصد العوالم النفسية والداخلية لأبطاله، وصولاً إلى طرح ما يلح عليه من قضايا فكرية واجتماعية مختلفة. ووصل الحاي بالمسرح الإماراتي الى منصة العروض العالمية، من خلال أعمال متعددة، منها (ما كان لأحمد بنت سليمان) في مهرجان أفينيو الدولي بفرنسا، ثم (باب البراحة) في مهرجان طرطوشة بأسبانيا، وأخيراً (أيام اللولو) في مهرجان شاكي الدولي بأذربيجان. وحصد الحاي العديد من الجوائز، من بينها جائزة أفضل عرض مسرحي في مهرجان المسرح المحلي عام 1991، جائزة أفضل نص مسرحي معروض من المهرجان نفسه، جائزة أفضل عرض من مهرجان أيام الشارقة المسرحية عام 1995، جائزة أفضل نص في مهرجان المسرح الخليجي في البحرين عام 1995، وجائزة أفضل تأليف في مهرجان أيام الشارقة المسرحية في عمله الأخير.

ويعكف الحاي بشكل ملفت على طرح الأسئلة والبحث في عمق الشخصيات التي يتناولها، وهو دائماً وأبداً ينتصر للممثل، ويعتقد أن التمثيل عنصر أساس في نجاح أي عرض مسرحي.

تويتر