أول موقع إماراتي مدرج على قائمة «اليونسكو»

«واحة العين».. رحلة بين أفلاج المياه والتاريخ

صورة

«أقرأ عن وطني»

مساحة من المعرفة تخصصها «الإمارات اليوم» لتعريف القرّاء من مختلف الأعمار بدولة الإمارات، من خلال طرح موضوعات ترتبط بالهوية الوطنية، وتاريخ الدولة وثقافتها، وتراثها ولهجتها وإنجازاتها، وكل ما يرتبط بهوية ومكونات الدولة، والشخصية الإماراتية، وهو ما يصبّ في تحقيق أهداف نشر المعرفة والثقافة التي يستند إليها «عام القراءة».


تمتلك مدينة العين مكانة خاصة بين المواقع التاريخية والتراثية في دولة الإمارات العربية المتحدة، ما أهَّلها لأن تكون أول موقع إماراتي مدرج على قائمة اليونسكو للتراث العالمي الإنساني، وتم ذلك عام 2011، نظراً لوجود العديد من المواقع الأثرية والتاريخية فيها، مثل مقابر جبل حفيت، التي يعود تاريخها إلى العصر البرونزي، والتجمعات البشرية الأثرية في منطقة هيلي، وآثار ما قبل التاريخ في بدع بنت سعود، وست واحات خصبة من بينها واحة العين، التي تم افتتاحها أخيراً لاستقبال الجمهور، بهدف توفير تجربة ثقافية ثرية للزوار من مختلف الجنسيات، حول التاريخ التراثي والثقافي الغني لمدينة العين وإمارة أبوظبي.

4000 سنة

هو عُمرُ واحة العين في قلب مدينة العين، وتعتبر أكبر واحاتها، وأحد أقدم التجمعات البشرية المأهولة في العالم. وتمتد الواحة التاريخية القديمة على مساحة تزيد على 1200 هكتار، وتحتوي على أكثر من 147 ألف نخلة من 100 نوع.

تقع واحة العين في قلب مدينة العين، وتعتبر أكبر واحاتها وأحد أقدم التجمعات البشرية المأهولة في العالم، حيث يعود تاريخها إلى أكثر من 4000 سنة. وتمتد الواحة على مساحة تزيد على 1200 هكتار، وتحتوي على أكثر من 147 ألف نخلة من 100 نوع. ويوجد بالقرب من الواحة متحف العين الوطني شرقاً، ومتحف قصر العين غرباً، وتشتهر بنظام الري بالأفلاج، وهي مجموعة من القنوات المائية المتصلة التي تنقل المياه العذبة من منابعها بسلسلة جبال الحجر المجاورة إلى مزارع النخيل.

ولتعريف الجمهور بواحة العين وما تضمه من مناطق مختلفة، قامت هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة التي تتولى الإشراف على تطوير الواحة وتحديث تجربتها التراثية الثقافية، بتصميم وإنشاء منطقة «الواحة المصغرة»، لتمثل تجربة تفاعلية تحاكي الواحة الحقيقية، لتمكن الزائر من اكتشاف أبرز المعالم الطبيعية للواحة، والطراز المعماري الفريد لمبانيها ومرافقها، ومن أهم هذه المعالم شبكة نظام الفلج، التي تنقل المياه إلى مزارع النخيل من الجبال القريبة. أما ملامح العمارة المحلية قديماً؛ فيمكن التعرف إليها في منطقة «البلازا»، التي تتكون من عدد من المباني المنخفضة الارتفاع، استلهم تصميمها من خطوط الهندسة المعمارية التجريدية البسيطة، واستخدم في بنائها المنتجات ومواد البناء التقليدية الموجودة في البيئة المحلية.

وتقدم منطقة «معرض البوابة الغربية» تجربة تفاعلية للزوار، للتعريف بنظام الري عبر الممرات المائية المتدفقة في المنطقة إلى مزارع النخيل، في حين تقدم «حديقة الواحة» فرصة للتعرف إلى نموذج الزراعة الثلاثية الدورات، التي أسهمت في تحقيق الاكتفاء الذاتي لسكان العين قديماً، وخلق مناخ بيئي تنفرد به الواحة.

ويوفر «المركز البيئي» للزوار تجربة شاملة، تتضمن العديد من المرافق والمجسمات والألعاب التعليمية والمعروضات، والتي تروي قصة نشأة الواحة، وأهميتها بالنسبة لأبناء العين وأبوظبي ككل. ويعكس تصميم المركز، الذي يعتمد على استخدام مواد صديقة للبيئة، التكوين العضوي لعناصر الواحة، ويضم كسوة مستوحاة من سعف النخيل المتشابك.

وتتفرد «نقطة النجفة» بأصالتها وتميزها وبيئتها الصحراوية، حيث تتيح للزوار مشاهدة المناظر الطبيعية لمدينة العين. بينما يعد حوض «الشريعة» مكوناً مهماً من نظام الفلج، استخدمه الأجداد في الماضي لري عطشهم وظمأ حيواناتهم. ولعب «الشريعة» دوراً اجتماعياً مهماً باعتباره فضاء للحوار والترفيه والاستخدامات اليومية.

كما تتضمن تجربة زيارة «واحة العين» التعرف إلى العديد من العناصر التراثية الأخرى، التي تجسد تقاليد الحياة اليومية في الواحة، كما تقدم الجولة عرضاً للبيئة الصحراوية والهندسة المعمارية التاريخية والتراث الثقافي والممارسات التقليدية، إلى جانب تعريف الزوّار بنظامها البيئي، الذي استطاع التعايش والتغلب على الظروف المناخية القاسية في الصحراء، ما يتيح آفاقاً واسعة للدراسات والأبحاث المتخصصة في البيئات المناخية الصعبة.

كذلك يمكن للزوار القيام بجولة تعريفية بالحفريات الأثرية، التي تعود إلى العصرين الحجري والبرونزي، تروي سيرة تطور المجتمعات في المنطقة على مر التاريخ، وما امتلكه أبناء المنطقة من براعة ومرونة للتكيف على تحدي الصعاب. وترسم هذه المواقع الأثرية صورة واضحة للتحول الثقافي، عند الانتقال من المجتمعات المرتحلة إلى المجتمعات المستقرة حول الواحات، والتي شكلت مهداً لازدهار الثقافة الإماراتية. وتعتبر هذه الجولة عنصراً محورياً في التجربة المتكاملة في واحة العين، حيث تؤكد قدرة سكان المنطقة على التكيف مع البيئة الصحراوية القاسية، وتأسيس مجتمعات مستقرة، عاشت بها بشكل مستمر منذ العصر الحجري الحديث حتى اليوم.

ومع افتتاح الواحة أمام الجمهور؛ حرصت هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة على اعتماد ممارسات دقيقة ومعايير عالمية، لضمان عدم تأثير افتتاح الواحة في نظامها البيئي الدقيق، بينما تسمح للزوار بالتعلّم ومشاهدة المناظر الطبيعية، والتفاعل مع الأنشطة وعناصر الموقع الفريدة، في إطار التزامها باحترام وصون الأهمية البيئية والمجتمعية لواحة العين، المدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي.

تويتر