مريم البلوشي وراشد بن لاحج يبحران في جماليات الماضي

«سفر الذاكرة» و«عيال الفريج» يجتمعان في «مرسم مطر»

صورة

على الرغم من أن الأول يقف عند حاجز عام 2015، والثاني يعود بقارئه إلى حكايات من ستينات القرن الماضي، إلا أن ازدهار التأليف، ورواج صناعة النشر، وما ارتبط بعام القراءة من تحفيز المؤلف الإماراتي، جمع بين كتابي «سفر الذاكرة» لمريم البلوشي، و«عيال الفريج» لراشد بن لاحج، في حفل توقيع وندوة حوارية استضافهما، أول من أمس «مرسم مطر» في دبي.

وتحولت المناسبة إلى ليلة احتفائية مميزة، تخللتها مناقشة حوارية بين الكاتبين، ورواد الحدث، الذي استعار ثقافة «السجادة الحمراء» من مهرجانات السينما، متزيناً بجماليات المكان، في ما تزين المرسم بنخبة من الأعمال التشكيلية.

مريم البلوشي:

«(سفر الذاكرة) بمثابة تجربة مختلفة كلياً عن الكتابين السابقين، لاسيما في ما يتعلق بارتباط كل تفاصيل الإصدار بالمكان، وليس الشخصيات، أو حتى الأحداث، من خلال 41 فصلاً مختلفاً».

راشد بن لاحج:

«جميع القصص التي أوردتها في (عيال الفريج) حقيقية، لكن مع إدخال بعض التعديلات التي تجعلها أنسب لحبكة الحكاية، فضلاً عن تغيير بعض أسماء الشخوص الحقيقيين».


انتقاد ودفاع

وصفت الدكتورة رفيعة غباش الآلية التي ظهرت عليها الندوة الحوارية التي تلت توقيع الكتابين بأنها أقامت حاجزاً نفسياً بين الكاتبين اللذين اعتليا المنصة، وبين الحضور.

وبالفعل قضت غباش وقتاً طويلاً عن مكانها، لتعود آخر الندوة، كما انتقدت أيضاً أداء مقدم الندوة، الشاب عبدالرحمن الحمادي، واصفة تقديمه بأنه أنسب لبرامج «التوك شو».

وتقبل الحمادي بدماثة خلق انتقاد غباش، منوهاً إلى استفادته منها، فيما دافع الفنان التشكيلي مطر بن لاحج عن وجهة النظر التنظيمية، مضيفاً: «سعينا لكسر نمطية أحداث توقيع الكتب، وترسيخ الموقع على أنه معرض كتب، وليس معرضاً تشكيلياً فقط، ولدينا خطة لتشجيع إقبال الكتاب الإماراتيين على التأليف الذي يضيف لمكتبة الكتب الوطنية».

وفي الوقت الذي غابت فيه أي علاقة موضوعية تربط بين الكتابين، اللذين ينتميان لداري نشر مختلفتين، إلا أن بادرة توقيع أكثر من كتاب في مناسبة واحدة، بدت في مصلحة الجميع، سواء كلا الكاتبين، أو رواد الحدث، الذين وجدوا أنفسهم يتعاملون مع ليلة مضاعفة الفائدة.

الحضور كان على موعد من خلال الكتابين مع رحلتين إلى الماضي، تقود أولاهما إلى الماضي القريب من خلال «سفر الذاكرة»، فيما الآخر، وهو «عيال الفريج»، يذهب إلى ماض بعيد نسبياً بالمقاييس الزمنية.

وبعد توقيعها كتابين هما «ولكني أستطيع»، و«لم أفشل»، وقعت البلوشي كتابها الثالث «سفرالذاكرة» لتوثق بأسلوب يأخذ طابع القصة أو الحكاية، كنمط أدب الرحلات، أسفاراً في 22 دولة مختلفة، قادتها إلى الكثير من التجارب الإنسانية ونسج وشائج حميمية مع المكان، وذلك خلال ستة أعوام متتالية، متوقفة عند المدن التي زارتها حتى عام 2015.

وقالت البلوشي إن «سفر الذاكرة» بمثابة تجربة مختلفة كلياً عن كتابيها السابقين، لاسيما في ما يتعلق بارتباط كل تفاصيل الإصدار بالمكان، وليس الشخصيات، أو حتى الأحداث، من خلال 41 فصلاً مختلفاً.

وأضافت البلوشي التي تعمل بالأساس مهندسة طيران، إن ميلها الذاتي إلى الدقة والتدوين لعب دوراً كبيرا في إنجاز «سفر الذاكرة»، مضيفة: «لجأت إلى مدوناتي الشخصية التي كنت ألجأ إليها، سواء على أوراق مبعثرة، أو على جهاز الكمبيوتر، فلا طقوس بعينها أنتظرها لمناسبة الكتابة، التي تتحول إلى فعل ممكن الحدوث دوماً بالنسبة لي، بغض النظر عن المكان والزمان».

وأشارت مؤلفة «سفر الذاكرة» إلى أن المتغير الرئيس في فصول الكتاب سيبقى مرتبطاً لدى القارئ بتعمق الخبرة، والاستغراق بشكل أعمق في حقائق الأشياء، والسعي للوصل إلى ما وراء الرصد المباشر، مضيفة: «السنوات المتتالية في الأسفار خلقت خبرة تراكمية، ووعياً قد يبدو أعمق في السفرات المتأخرة عنها في المبكرة». وتحدث راشد بن لاحج عن كتابه الأول «عيال الفريج»، الذي حمل غلافه رقم «1»، مشيراً إلى أن ثمة جزءاً أو أجزاء أخرى لاحقة له، كاشفاً أن الجزء الثاني أضحى مطبوعاً بالفعل، في حين أن محتوى العديد من الأجزاء التي تصل بالتسلسل إلى «5» شبه محفوظ لديه أيضاً. وأشار بن لاحج إلى أنه سعى إلى استدعاء حكايات تحيل إلى طبيعة الحياة الشعبية، بكل ما فيها من قصص حقيقية تعكس الكثير من تفاصيل تلك الفترة، بما فيها الألعاب الشعبية، وغيرها. وتابع: «جميع القصص التي أوردتها في (عيال الفريج) حقيقية، لكن مع إدخال بعض التعديلات التي تجعلها أنسب لحبكة الحكاية، فضلاً عن تغيير بعض أسماء الشخوص الحقيقيين».

وكشف بن لاحج أنه كان يعمد إلى الكتابة في وقت مبكر، لكنه توقف على مدار 20 عاماً، قبل أن يعود بكتابه الأول، الذي كانت مادته حكايات جمعها ليس بغرض النشر، بقدر ما سعى فيها إلى البوح عبر تدوينها، لتتطور الفكرة في ما بعد إلى النشر.

ورفض صاحب «عيال الفريج» إدراج مؤلفه بشكل مباشر في إطار «أدب الأطفال»، مشيراً إلى أن أسلوب الكتابة، واستخدام مفردات تراثية عدة، تجعل عملية قراءته حصراً من قبل الشرائح العمرية الدنيا صعبة، لكنه رحّب بفكرة الاستفادة منه عموماً في أعمال كرتونية، ستكون ذات فائدة عظيمة في تثقيف الأطفال بتفاصيل تراثية تعود إلى مرحلة الستينات، والسبعينات، وهي الفترة التي يعود إليها المؤلف في كتابه.

تويتر