«ليس أمس سوى ذكرى اليوم».. معرض جماعي في غاليري المرسى

فنانون روّاد ومعاصرون يلتقون في دبي

صورة

«ليس أمس سوى ذكرى اليوم».. عبارة جبران خليل جبران الشهيرة هذه، كانت عنواناً لمعرض افتتح، أخيراً، في غاليري المرسى، والذي حمل في مضمونه اللوني فحوى هذه العبارة، حيث يربط الماضي بالحاضر، فيجمع أعمال الستينات مع الأعمال المعاصرة. يقدم المعرض لمحات من تاريخ الإنتاج الفني، الذي قدم منتصف القرن الماضي في شمال إفريقيا، فيبرز تنوع التاريخ، ووحدة المنهجية اللونية بين الأجيال المختلفة، وإن اختلفت الموضوعات التي تؤرق الفنانين، بحسب الأمكنة والعصور التي عاشوا بها العديد من الأحداث.

فنانون مشاركون

يقدم المعرض مجموعة كبيرة من الأعمال، التي تعود إلى الستينات، وكذلك التي تعود إلى السنوات القليلة الماضية، ومن بين الرواد التونسي علي بن سالم، الذي توفي عام 2001، والجزائري محمد إيسياخيم، الذي توفي عام 1985، والجزائرية باية المتوفية عام 1998، ونجيب بلخوخة الذي رحل عام 2007، وفريد بلكاهية الذي رحل عام 2014. أما من الفنانين المعاصرين، فيقدم المعرض أعمال كل من نجا المهداوي، محجوب بن بلا، رشيد قريشي، قويدر تريكي، خالد بن سليمان، مريم بودربالة، حليم ثارة بيبان، محمد راشدي، آمنة مصمودي، أسماء منور، عمر باي، ثيليلي رحمون، عاطف معطلة، ثامر ماجري، سليمان الكامل.

يحمل المعرض العلاقة بين رواد الفن والجيل الشاب والمعاصر، فيضم أعمال الفنان حاتم المكي وعبدالقادر غرماز، إلى جانب مجموعة كبيرة من الفنانين المعاصرين، منهم نجا المهداوي، ورشيد قريشي، فيوجد حواراً لونياً بين الأمس والحاضر. كما يبرز المعرض، الذي يقام حتى 30 يوليو المقبل، كيف يتتابع الفن بتأثيراته عبر الزمن، فيكون الوقت أو الحقبة الزمنية المحرك الأساسي لعمل الفنان ونهجه، وكذلك تأثره بالمكان، وما يلم به من أحداث.

التأثر الأوروبي واضح في الأعمال التي قدمها المعرض، وهذا يبدو جلياً في أعمال عبدالقادر غرماز، الذي هاجر إلى فرنسا في الستينات، إذ يعتمد صيغة أحادية اللونة، فتهيم التفاصيل الصغيرة في خلفية بيضاء ناصعة، تتيح إيجاد الكثير من الرموز التي تعبر عن هواجس الفنان في تلك المرحلة. هذه النزعة اللونية تتجانس مع النزعة التأملية للفنانة التونسية آمنة مصمودي، التي تقدم لوحتها بألوان زاهية، مع نزعة تأملية، تمنح العمل بعداً فلسفياً يوازي الجمال اللوني، وهي فلسفة أوروبية تتشارك بها مصمودي مع أسماء منور، ومريم بودربالة، حيث يبدو التأثر الغربي بصمة خاصة في اللوحات، فتضع منور الخربشات الزهرية والحمراء في اللوحة على هيئة خدوش، بينما تميل بودربالة إلى تطعيم اللوحات بالهيئات الشبحية العائمة، فتظهر كما لو أنها منحوتات على القماش، تصيغ من خلالها الفنانة الهوية الخاصة بها.

أما التوجه المعاصر، فأبرز تأثر الجيل الجديد باستمرار اضطراب الوضع السياسي في تونس، وكذلك في الدول العربية، فاستمروا في تقديم أعمال تعكس الوضع الراهن. واللافت في الأعمال الشبابية أن بعضها توجه إلى التعبيرية، وابتعد عن المنحى السريالي الذي برز في بعض أعمال الرواد. ونجد الأعمال كأنها تصور حالة هروب من الواقع إلى عالم آخر، فترصده بشكل هزلي، وبعناصر تضخم السوداوية التي تسيطر على العالم. ويقدم الفنان ثامر ماجري، في لوحته «الأزمة، السكين»، الكثير من العناصر التي يدمجها في لوحة تحمل الكثير من الفن الانطباعي والتعبيري، لكنه لا يبعده عما يعيشه في الواقع، فهو يبرز الألم في انحناءات وحركات الأجساد، التي يضعها في وضعية مقلوبة تماماً، بينما توجد حالة الغضب في إطلاق النار. هذا التوجه في إبراز المعاناة لا يختلف كثيراً عما يقدمه سليمان الكامل، الذي يضمِّن لوحته التفاصيل الموجعة بشكل مكثف، وبلغة لونية تقوم على الأجزاء الصغيرة والتكرار في إبراز الفكرة أو المعاناة، فيستخدم عناصره كما لو أنه يقوم برسم العالم المحيط به بكل اختلافاته وأوجهه، فتبدو كما لو أنها إعادة رسم للمحيط، أو نافذة يطل من خلالها على العالم. وفي السياق ذاته، نرى أعمال الفنان عمر باي، الذي يبدو شاهداً على الخذلان الذي يشعر به الإنسان، نتيجة انعدام القدرة على التغيير، إلا أنه لا يتوانى عن تطعيم اللوحة بقليل من الأمل بمستقبل مزهر وجميل. هذا الألم نجده يتكدس في لوحات الفنان عاطف معطلة، الذي يستخدم الوجوه للتعبير عن التعب، فيستخدم الملامح لتقديم شخوصه مثقلة بالهموم، والهواجس والأفكار، على الرغم من الخلفيات اللونية الزاهية والصافية التي يضعهم بها. يستكمل هذا الحزن في عمل ثيليلي رحمون، وعنوانه «بين نساء الجزائر»، حيث يصور العمل المرأة بحالات متباينة بين العجز والخضوع. ولا تغيب الرموز عن الأعمال المعاصرة، حيث نجدها بقوة في أعمال كل من نجا المهداوي، الذي استخدم الشكل التجريدي في العمل، وكذلك في أعمال محجوب بن بلة، ورشيد قريشي.

تويتر