مهرجان الرطب يحتفي بالمرأة والحرف التقليدية والمشروعات الرائدة

حاميات التراث وقطار الاتحاد..الأصالة تجاور المعاصرة في «ليوا»

صورة

ترسم الدورة الـ11 لمهرجان الرطب 2015 لوحة جميلة متكاملة للتراث العريق، ولكل ما هو جميل في إمارات الخير، إذ يحتفي المهرجان الذي تختتم فعالياته غداً في مدينة ليوا بالمنطقة الغربية بأبوظبي، بالأصالة والمعاصرة معاً، فتتجاور بين جنباته الحرف التقليدية التي تغزلها أنامل الجدات (حاميات التراث)، والتعريف بمشروع رائد وهو «قطار الاتحاد».

ويسعى مهرجان ليوا للرطب 2015 إلى إبراز دور المرأة الإماراتية، من خلال الجدات المشاركات والعاملات في الحرف التراثية، اللواتي تغزل أناملهن تحفاً تقليدية جميلة، ويعرفن الجمهور الزائر بالمعروضات، كما ينقلن ذلك الشغف بالماضي إلى بناتهن وفتيات الأجيال الجديدة.

وتأبى المرأة في المنطقة الغربية إلا أن تبرز مشاركتها في فعاليات مهرجان ليوا للرطب 2015، من خلال مشاركتها في السوق الشعبي وسوق العرض للحرف اليدوية التراثية والتقليدية، والمسابقات التراثية، فمن خلال المحال التي خصصتها اللجنة المنظمة للمهرجان في السوق الشعبي للنسوة المشاركات، تبرز المرأة دورها ومشاركتها الفاعلة من خلال إنتاج وعرض إنتاجها من الأشغال اليدوية المرتبطة بالنخلة ومنتجاتها من الرطب والتمور.

كما تخلل السوق الشعبي مشاركات لنساء أكدن أن التراث حاضر في قلوبهن وأعمالهن، إلى جانب مراعاة التطور في إبداعاتهن.

فرصة

طقس طيب الرائحة

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/07/8ae6c6c54e486ff2014ed5747f921862.jpg

للعود والبخور ودهن العود رواية متألقة مع مهرجان ليوا للرطب 2015، إذ لا تكاد تمر من أمام محل من المحال أو جناح حتى تشتم أجود أنواع البخور، فهي تعد من أهم طقوس الحياة اليومية في الإمارات، وملمحاً احتفائياً بكل المناسبات السعيدة على اختلافها، فلا غنى عنها في الأعياد والمناسبات وحتى الحياة اليومية العادية مع كل خروج، ويكاد لا يخلو مجلس من المدخن الذي تفوح منه الروائح الجميلة كعادة أصيلة للترحيب بالضيوف، وتعبير عن حسن استقبالهم، والتهادي بالعود والبخور أكثر قيمة عند تبادل الهدايا في المناسبات.

وترى فاطمة المزروعي، المشاركة بالمهرجان، أنّ العود والبخور والدهن من مفردات الترحيب، ولذلك تنشط بشكل كبير تجارة العطور والبخور والدهن، وتتنافس المحال على عرض أفضل ما لديها من بضائع لجذب الزبائن إليها، كما أنّ المهرجانات التراثية تعد من أهم المواسم التي تشهد إقبالاً كبيراً على شراء العطور والعود والبخور والدهن بكل أنواعه، نظراً لأنها تمثل طقساً خليجياً خاصاً في كل البيوت التي يعشق أهلها الروائح الذكية، ويقدمونها في مناسباتهم السعيدة.

قالت فاطمة، إحدى المشاركات في المهرجان، إنّ «السوق الشعبي أتاح الفرصة لها لعرض مشغولاتها من الأدوات المنزلية، والتعرف إلى سيدات يقمن بعملها نفسه، كما ساعدها في التعرف إلى زبائن جدد، والترويج لمنتجاتها اليدوية». واعتبرت أن المهرجان في نسخته هذه قد تطور عن الدورات السابقة، وأتاح المجال لها ولغيرها من النساء بشكل أوسع، خصوصاً أنهن تمكّن من عرض مشغولاتهن أمام زوار سياح أجانب وعرب من مختلف البلدان حول العالم.

وتابعت فاطمة التي تملك محلاً في السوق الشعبي إنّ «مهرجان ليوا للرطب هو عرس ثقافي تراثي يذكرنا بالماضي الجميل، ويحملنا مسؤولية الحفاظ على هذا التراث من خلال تشجيعنا ودعمنا في سبيل الاستمرار في ممارسة هذه الحرف اليدوية والترويج لها كمظهر من مظاهر الحياة الإماراتية، كما أنها تقرّب الجيل الجديد من ماضي الآباء والأجداد».

ورأت أن المرأة الإماراتية هي الراوي الأساسي في مهرجان ليوا للرطب، فتجدها حاضرة في كل ركن في سوق الرطب، أو في السوق الشعبي، وفي الأجنحة المشاركة، وفي بعض المسابقات.

إنجاز كبير

بابتسامة ورغبة شديدة في إطلاع زوار مهرجان ليوا للرطب على معلومات كافية عن مشروع الاتحاد للقطارات، تحت شعار «قطارنا قادم»، يقوم شبان الدولة، ومن داخل عربة القطار الذي يعد بمثابة منصة تعريفية بتقديم شروحات وافية عن المرحلة التي وصل إليها القطار. و«الاتحاد للقطارات» هي أحد أهم الرعاة لمهرجان ليوا للرطب في دورته الـ11.

وتقدم شركة الاتحاد للقطارات المطوّر والمشغّل لمشروع السكك الحديدية الوطني لدولة الإمارات، مجموعة متنوعة من الأنشطة التعريفية المتميزة في جناحها الخاص على شكل عربة قطار مفتوحة للجمهور من زائري مهرجان ليوا للرطب 2015، تمحورت حول طبيعة المشروع الذي بدأته لبناء خط سكة حديد عابرة للإمارات، من أقصى الجنوب عند الغويفات على الحدود الإماراتية السعودية، وصولاً إلى أقصى نقطة في إمارتي الفجيرة ورأس الخيمة من الإمارات الشمالية عند الحدود مع سلطنة عمان، والذي ينتهي العمل به في عام 2017.

وينقسم المشروع، بحسب القائمين على جناح الشركة ضمن المهرجان، إلى مراحل ثلاث، تشتمل المرحلة الأولى على تمديد خطوط السكك الحديدية المخصصة للشحن الاقتصادي كمرحلة تجريبية، ثم الركاب والبضائع، على مسافة طولها 264 كليومتراً، وتمتد من منطقة واحات ليوا مروراً بمزيرعة ومدينة زايد وحبشان ثم طريف حتى مدينة الرويس، أما المرحلة الثانية فتغطي خطوط السكك الحديدية فيها إمارتي أبوظبي ودبي من الغويفات حتى مدينتي دبي والعين، بمسافة طولها 628 كيلومتراً، وتمتد خطوط السكك الحديدية في المرحلة الثالثة والأخيرة عبر إمارات الشارقة وعجمان وأم القيوين وصولاً إلى إمارتي الفجيرة ورأس الخيمة، على مسافة 279 كيلومتراً.

ويقدّم جناح شركة الاتحاد للقطارات في المهرجان خارطة ضوئية لمسار شبكة السكك الحديدية عبر الإمارات السبع، ومادة فيلمية مصورة، تشرح أهمية المشروع، وتتيح للجمهور فرصة الاطلاع على الإنجاز الكبير المتحقق لدولة الإمارات في مجال مشروعات البنية التحتية بمواصفات عالمية حديثة. وبحسب القائمين على الجناح، إضافة إلى توفير الشركة واحدة من أحدث وأرقى خدمات الشحن، فإنها تقدم خدمات نقل الركاب أيضاً، حيث شارك وتعاون في تخطيط هذه الخدمات مع الاتحاد للقطارات شركاء رئيسون، كدائرة النقل، وهيئة الطرق والمواصلات، اللذين تشكل شبكاتهما عنصراً أساسياً وحاسماً في رحلات الاتحاد للقطارات ذات الوجهات البعيدة، ويؤكد القائمون على الجناح أنه عند إتمام المشروع بالكامل، فإن شبكة الركاب ستقوم بوصل وربط المراكز الرئيسة للسكان عبر كل الإمارات، ومن ثم دول مجلس التعاون الخليجي المجاورة، لتقدم واحدة من أكثر وسائل النقل أماناً وكفاءة وأكثرها راحة وملاءمة للبيئة.

ويتم حالياً إنشاء العديد من نقاط العبور للغزلان والجمال والزواحف، وتقوم الشركة بالعديد من التدابير والرصد الدقيق لضمان الحفاظ على البيئة، وتجنب مرور شبكة السكك الحديدية على مواقع تعشيش الطيور النادرة، أما في ما يتعلق بالغطاء النباتي، فتعمل الشركة في حال الحاجة إلى نقل بعض الأشجار على إعادة زراعتها، محافظةً بذلك على استمرارية الحياة النباتية.

جسر المقطع

أثبتت مسابقة أجمل مجسم تراثي، التي تقام ضمن فعاليات مهرجان ليوا للرطب 2015 أنّ التراث يجذب كل الأجيال، خصوصاً الشباب الذين يروجون له، ويبدعون في تصميم المجسمات، ويلفتهم كل ما هو تراثي.

وتحظى المجسمات المعروضة في المهرجان بإقبال متميز، ومن بينها مجسم لجسر المقطع، كما كان عليه في السابق، مع معلومات تاريخية وافية عن أهمية هذا الجسر، والمكانة التي تبوأها بالنسبة للعاصمة أبوظبي سابقاً، مع صور تظهر ما كان عليه البرج في الماضي، وما أصبح عليه اليوم.

وأظهر صاحب المجسم براعة في دقة التصميم، ومطابقة الشكل مع الجسر فيما كان عليه في السابق، والمكانة التي مثلها بالنسبة للسكان.

وبرج المقطع، أو بوابة أبوظبي ومركز حمايتها الأول، كانت القوافل تصطف أمامه انتظاراً للجزر وانحسار الماء حتى تتمكن من العبور إلى الجزيرة، ومنه كانت تنطلق إشارت التحذير والإنذار في حال الاشتباه باقتراب أي خطر يتهدد أبوظبي، وفيه كانت أول نقطة للجمارك والجوازات في المدينة، ويمثّل برج المقطع، مثل غيره من الأبراج والقلاع والحصون، علامة بارزة في تاريخ أبوظبي والإمارات تستحق التوقف عندها.

إلى جانب كونه من أهم معالم أبوظبي، عاصر برج المقطع أحداثاً تاريخية كثيرة، وكان موضع اهتمام حكام أبوظبي على مر العصور، باعتباره شاهداً حضارياً مميزاً لمدينة أبوظبي، ونموذجاً بارزاً على النمط المعماري المحلي، قبل ظهور الأنماط الأخرى التي وردت من الخارج.

ورش تراثية للصغار

تشهد الورش التراثية الخاصة بالأطفال في مهرجان ليوا للرطب إقبالاً متميزاً من قبل أطفال المنطفة الغربية مع أهاليهم الذين يأتون للاستمتاع بهذا العالم التثقيفي التعريفي المتميز.

وتهدف الورشات إلى ربط الجيل الجديد من الأطفال بثقافة وتراث الإمارات، وتقدم «الورشة الأولى» شرحاً كافياً عن كيفية صنع نموذج مصغر من «قلعة مزيرعة»، إذ تقوم الفتاة الموجودة في القرية بالإشراف على مجموعة من الأطفال، وتعليمهم كيفية صنعها، وبعد أن يكتمل تشكيل نموذج مصغر منها، يتم إهداؤها إلى الأطفال المشاركين، لتكون ذكرى خاصة من قبل المهرجان.

وتعلم الورشة الثانية (أصول الحرف اليدوية في الإمارات) الأطفال كيفية صنع المشغولات الحرفية بطريقة مبسطة لتسهل عليهم حفظها وتعلمها؛ وبعد الانتهاء من الورشة يأخذ الأطفال معهم مشغولاتهم اليدوية، ليفرحوا بأنهم مارسوا مهنة الأجداد بطريقة جميلة.

أما الورشة الثالثة فترتكز على مخيلة الأطفال في صنع المزرعة التي يحلمون بها، فمنهم من يحلم بمزرعة كبيرة مع منزل صغير، ومنهم من يحلم بمنزل كبير ومزرعة صغيرة، وفي النهاية تكون المزرعة النموذجية حلم كل الأطفال رفيقة دربهم إلى المنزل هدية من مهرجان ليوا للرطب 2015.

وقال مدير المشروعات في لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية التي تنظم المهرجان، عبدالله القبيسي، إن «الاهتمام بالفعاليات التراثية يهدف في المقام الأول إلى غرس مجموعة من العادات والتقاليد التي تربينا عليها، ونحرص على توصيلها للأجيال الجديدة، كي تساعدهم على صقل شخصياتهم».

وأضاف «تكمل الأنشطة التراثية التي تنظمها اللجنة دور البيت في غرس معاني الهوية والقيم والسلوكيات المرتبطة بأهل الإمارات، لأن الجيل الجديد يحتاج منا أن نوليه هذا الاهتمام، ونعرفه بتراث الأجداد وماضي الحياة في دولة الإمارات، لأنه تاريخ مشرف، ويستحق منا أن نفتخر به».

تويتر