احتفاء سنوي بالكتاب أسسه زايد

«أبـوظبي للكــتـاب» مسيرة تضيئها المعرفة

صورة

التاريخ هو الهوية الحقيقية للأمم والشعوب، وهناك علامات فارقة في تاريخ الشعوب والدول لا يتشابه ما قبلها مع ما بعدها، كما في تاريخ الثاني من ديسمبر 1971، الذي يمثل في حقيقته جوهر تاريخ دولة الإمارات، واللبنة الأساسية التي بنيت عليها أسس قيام الدولة وتطورها ونموها، واستناداً إلى أهمية هذا التاريخ، وإلى حقيقة أن «تاريخ الإمارات المشرق لا يقل أهمية عن حاضرها الزاهي»، جاءت مبادرة «1971»، التي أطلقها سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، بهدف الإسهام في توثيق تاريخ الدولة في جميع المجالات.

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/05/34413_EY_03-05-2015_p30-2p31-1%20(2).jpg

واستلهاماً لهذه المبادرة المهمة، تأتي هذه الصفحة الأسبوعية التي تقدمها «الإمارات اليوم»، بالتعاون مع «الأرشيف الوطني»، التابع لوزارة شؤون الرئاسة، للتعريف بشكل الحياة في الإمارات قبل الاتحاد، وخلال بداياته الأولى، والجهد الكبير الذي بذله الآباء المؤسسون للدولة من أجل قيامها.


منذ بداية توليه الحكم، التفت المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، إلى أهمية العلم والثقافة والمعرفة كمكونات رئيسة للمجتمع الحديث الذي يسعى إلى أن يكون القاعدة التي تنهض عليها دولة الإمارات العربية المتحدة. وعمل بجد لتوفير كل السبل التي تؤدي إلى تحقيق هذه الرؤية، ما مهد الطريق، في ظل مواصلة قيادة دولة الإمارات الانفتاح على الثقافة العالمية وعدم الاكتفاء بموقع المتفرج بين دول العالم، لتصبح دولة الإمارات مركز ثقل على الساحة الثقافية العالمية، وواحة للتسامح والتنوع الفكري والثقافي.

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/05/34413_EY_03-05-2015_p30-2p31-1%20(3).jpg

بين كثير من الإجراءات المهمة، والفعاليات التي أسهمت في دعم العلم والثقافة في الدولة، يبرز معرض الكتاب الذي كان له أبلغ الأثر في نشر الثقافة بين فئات الشعب، ودفع الحراك الفكري والثقافي خطوات إلى الأمام، فقد نجح المعرض منذ دورته الأولى في استقطاب جمهور عريض من مختلف الأعمال، ومع تطور مسيرته بات حدثاً سنوياً لافتاً يضم أفضل دور النشر العربية والعالمية تحت سقف واحد، ويستقطب عشرات الأسماء البارزة في سماء الفكر والثقافة والمعرفة، لتقديم خلاصة أفكارهم وتجاربهم لجمهور المعرض ضمن برنامج ثري ومتعدد.

في عام 1981 كانت الدورة الأولى لمعرض أبوظبي للكتاب، وأقيمت تحت اسم «معرض الكتاب الإسلامي»، في مبنى المجمع الثقافي، على نفقة الشيخ زايد الخاصة، تشجيعاً للعلم وتأصيلاً للثقافة، وبمشاركة نحو 50 ناشراً من مصر ولبنان، بالإضافة إلى المكتبات ودور النشر المحلية، ولم يقتصر اهتمام الشيخ زايد، رحمه الله، بالمعرض على قيامه بافتتاحه والاطلاع على معروضات الأجنحة فقط، فجاءت مكرمته لتسعد الجميع عندما أمر الشيخ زايد بشراء جميع ما تبقى من كتب المعرض، وتوزيعها على الجهات المعنية والمؤسسات الثقافية والمكتبات العامة، كما كانت بعض تلك الكتب نواة لتكوين دار الكتب الوطنية في الدولة. وفي ختام جولته بالمعرض، أكد أن الكتاب هو وعاء العلم والحضارة والثقافة والمعرفة والآداب والفنون، وأن الأمم لا تقاس بثرواتها المادية وحدها وإنما تقاس بأصالتها الحضارية، والكتاب هو أساس هذه الأصالة. واستمر المعرض يقام لمدة خمس سنوات بعنوان «معرض الكتاب الإسلامي».

في 1986، بدأ المعرض مرحلة جديدة من تاريخه، إذ جاءت هذه الدورة بعنوان «معرض الكتاب الأول في أبوظبي»، وتلتها الدورة الثانية بعد سنتين، أي في عام 1988، في حين أقيمت الدورة الثالثة سنة 1993، بعد توقف دام ثلاث سنوات بسبب ظروف المنطقة وقيام حرب الخليج، وفي هذا العام تم إقرار انتظام الحدث بشكل سنوي ليأخذ شكل التظاهرة الثقافية التي تجذب مزيداً من الجمهور، واستضاف كبريات دور النشر، ورموز الحركة الثقافية والفكرية، وبدأت العديد من المبادرات تزيده إنعاشاً. وفي هذه الدورة، انتقل المعرض بعيداً عن المجمع الثقافي ليقام على أرض المعارض، التي تحمل الآن اسم مركز أبوظبي الوطني للمعارض، الذي استضاف أيضاً الدورة الرابعة في 1994، ليعود المعرض من جديد إلى مبنى المجمع الثقافي في 1995، التي تم فيها اعتماد شروط ومعايير تنظيمية للمشاركة في المعرض. وفي 1997 لم يغادر المعرض المكان لكنه ترك جدران المجمع ليقام في الساحة الخارجية للمجمع، لإتاحة الفرصة ليتوسع أكثر ويحتل مساحة أكبر مع تزايد عدد دور النشر المشاركة.

من جديد، تترك الأحداث الجارية في المنطقة بصمتها على مسيرة المعرض، إذ تم تأجيل الدورة 13 لمعرض الكتاب التي كان من المقرر أن تقام في 2003 إلى موعد لاحق، نظراً لحالة القلق والترقب لسير الأحداث التي رافقت غزو العراق من قبل قوات التحالف، رغم ذلك لم يتوقف الحراك الثقافي، فقام المجمع الثقافي في تلك الفترة بتنظيم عدد من المعارض المصغرة للكتاب الإماراتي، إضافة إلى ندوات ومبادرات وخطط نشر مجموعة من العناوين الجديدة، ليعود المعرض في العام التالي بزخم أكبر، فبلغ عدد دور النشر المشاركة نحو 800 دار نشر عربية وأجنبية، إلى جانب عدد كبير من الفعاليات الفنية والثقافية من محاضرات وأمسيات شعرية ودورات تدريبية وبرامج توقيع الكتب الجديدة، وغيرها من الأنشطة التي تناسب جميع فئات المجتمع من الكبار والصغار وذوي الاحتياجات الخاصة.

اليوبيل الفضي

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/05/8ae6c6c54aa0819a014d15810dbc043f.jpg

أعلنت هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة عن اختيار المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، شخصية محورية لمعرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته الـ25، احتفاء باليوبيل الفضي للمعرض، الذي يقام خلال الفترة من السابع إلى 13 مايو الجاري، ويأتي الاحتفال من خلال ندوات تستعيد قبساً من سيرته وإنجازاته، بالإضافة إلى أجنحة متخصصة وعدد من الإصدارات التي تلقي الضوء على شخصية القائد المؤسس، وتصاحب ذلك عروض فنية تشمل حفلاً موسيقياً، وأمسية شعرية، ومعارض، وأفلاماً سينمائية قصيرة، إلى جانب طرح مجموعة من الإصدارات الحديثة تقدم لمحة عن تراث دولة الإمارات، علاوة على إصدار يستعرض تاريخ المعرض منذ تأسيسه، وتفاصيل العمل الثقافي وتاريخه في المجمع الثقافي الذي ضم المعرض والأنشطة الثقافية في العاصمة أبوظبي.

كما ستكون دولة أيسلندا ضيف الشرف لهذه الدورة، إذ تتناول سلسلة من الندوات الحوارية موضوعات تتعلق بالفايكنغ، والملاحم، وروايات الجريمة الإسكندنافية، وأدب الأطفال، وغيرها.

وحملت الدورة الـ15 لمعرض أبوظبي للكتاب التي أقيمت في 2005، اسم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وتضمن برنامج المعرض معرضاً خاصاً بالمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، حمل اسم «منجزات زايد في صور»، بينما كانت الدورة الـ16 هي الأخيرة التي تقام في المجمع الثقافي، وبعدها ودع المعرض المكان لينتقل إلى «مركز أبوظبي الوطني للمعارض»، ويبدأ مرحلة جديدة في ظل تولي «أبوظبي للسياحة والثقافة»، وكانت وقتها تحمل اسم «هيئة أبوظبي للثقافة والتراث»، تنظيمه.

ويواصل المعرض هذا العام نموه المطرد، فقد توسع بنسبة 20% مقارنة بالعام الماضي، ووصلت المساحة الكلية له إلى 31.962 متراً مربعاً، وهي مساحة تغطي كل قاعات مركز أبوظبي الوطني للمعارض، فيما وصل عدد دور النشر المشاركة إلى 1181 دار نشر من 63 دولة، ما يعد مؤشراً إلى أهمية المعرض بالنسبة إلى الناشرين العالميين الذين يتطلعون إلى أسواق تحترم تقاليد النشر، وتدعم صناعة الكتاب.

أرقام وأحداث

2011

إطلاق ركن الرسامين في معرض أبوظبي الدولي للكتاب، وشهد حضوراً جماهيرياً كبيراً، ودعماً من مجتمع الرسامين.

2014

استحدث المعرض تقليداً جديداً العام الماضي باختيار شخصية محورية للاحتفاء بها، وكان أبوالطيب المتنبي في 2014.

80 ألفا

شهدت الدورة العاشرة للمعرض عام 2000 مشاركة 451 دار نشر ونحو 80 ألف عنوان باللغات العربية والأجنبية.

500

في عام 2004 اجتمع في المعرض أكثر من 300 ألف عنوان عربي وأجنبي من نحو 500 دار نشر.

تطور مستمر

شهد معرض أبوظبي الدولي للكتاب عام 2009 مشاركة 637 دار نشر من 52 دولة من مختلف أنحاء العالم، ما يمثل ارتفاعاً بنسبة 32% في عدد الناشرين مقارنة بالدورة التي أقيمت في 2008. وفي عام 2011 بلغت مساحته 21,741 متراً مربعاً، وضمت أكثر من 875 دار نشر قدمت أكثر من نصف مليون عنوان. وفي دورته الـ22 عام 2012 جاءت عناوين الكتب في 33 لغة عالمية من 54 دولة، وصار المعرض معروفاً ببرنامجه الثري بالعلم والمعرفة، ويحفل بالأنشطة والفعاليات التي تقام على هامشه، وبالجوائز التي تشهدها أيامه، كجائزة الشيخ زايد للكتاب التي تأسست عام 2006، والجائزة العالمية للرواية العربية التي أُطلقت في أبريل عام 2007.

 مكرمة

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/05/8ae6c6c54aa0819a014d15810df540441%20(2).jpg

في أبريل 2007 وجّه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بدعم مشتريات طلاب المدارس والجامعات من معرض أبوظبي الدولي للكتاب بما قيمته ثلاثة ملايين درهم، وذلك في إطار اهتمام سموه بتشجيع الطلبة على القراءة والتزود بما يستجد من العلوم والمعارف. ومنذ ذلك الوقت تتواصل المكرمة كل عام، إذ تم وضع آليات محددة لصرفها بما يحقق أفضل فائدة ممكنة منها.

دار الكتب الوطنية

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/05/8ae6c6c54aa0819a014d15810df540441%20(1).jpg

تأسست دار الكتب الوطنية عام 1981، لتكون واحدة من أضخم كنوز المعرفة في الإمارات العربية المتحدة، ومورداً بالغ الأهمية للمفكرين والباحثين والعلماء. وتعمل دار الكتب الوطنية على تطوير وتوسيع أنشطتها في كل أرجاء إمارة أبوظبي عبر افتتاح مكتبات مكرّسة لخدمة مختلف المناطق والتجمعات السكنية والأطفال، بالإضافة إلى المكتبات المتنقلة، وقد كان لها إسهامها الكبير في نشر العلوم والثقافة في المجتمع المحلي. وتولت دار الكتب الوطنية منذ 1988 مسؤولية جمع وحفظ وعرض المخطوطات العربية والإسلامية القديمة، وتقتني حالياً ما ينوف على 4000 مخطوط، تتوزع بين مختلف فروع العلم والأدب والدين والفنون.

للإطلاع على الموضوع كاملا يرجى الضغط على هذا الرابط.

تويتر