معرض مروة عادل في «آرت سوا» غاليري بدبي

«شجرة الحياة».. الرجل والمرأة بين الحوار والصراع

صورة

تبني الفنانة المصرية مروة عادل «شجرة الحياة» من خلال العلاقة بين المرأة والرجل، فنجدها تحمل في معرضها الأخير الذي افتتح في «آرت سوا» بدبي، الأوجه المتعددة للحياة بينهما، فتستخدم الجسد للتعبير عن الحالات التي يمكن أن تمر بها العلاقة. تبدأ عادل من حالات الانسجام والحب والشغف، لتصل الى البعد والجفاء والخوف والفشل، فهي حالة من الصراع والحوار بين الرجل والمرأة.

تطرح عادل من خلال المعرض الذي يستمر حتى التاسع من يناير، مجموعة من التساؤلات حول طبيعة الرجل والمرأة، ما الذي يختلفان فيه، وما الذي يتفقان عليه، سواء أكانا معاً أم كانا متباعدين؟ كيف تبنى العلاقة رغم كل الاختلافات؟ وكيف تبقى العلاقة بينهما أسيرة المجتمع والخوف من الفشل؟ كأنها تحاول ايجاد الأجوبة حول الأسباب التي تربط الرجل بالمرأة رغم كل التناقضات، فهل هي الحاجة إلى الآخر أم الفطرة؟ وكيف يمكن الحفاظ على العلاقات وانقاذها من الفشل رغم التناقضات؟ تسعى عادل الى اظهار الكثير من المشاعر، فتبني أعمالها التصويرية التي تعالجها عبر الكمبيوتر من خلال لغة الجسد، فبالاقتراب أو البعد، والالتصاق تبرز الكثير من حالات النجاح أو الفشل في العلاقات.

تبدو المرأة في أعمال عادل هي المحرك الأساسي للعلاقة بينها وبين الآخر، فأحياناً تحاول أن تبرزها وحيدة ولكنها سعيدة بوحدتها، بينما تكون هي الحاضنة للرجل في عمل آخر كأنها أمه التي تنحني عليه وتسنده، في حين نجدها في حالة معاناة حين تقف محاولة النظر الى الخلف حيث يدير لها الآخر ظهره. نجد في الحالات التي تطرحها عادل هامشاً من الإفصاح عن المشاعر، وإن بطريقة غير مباشرة، كأنها تطرح مشاعرها ومشاعر صديقاتها أو نساء يحطن بها وتعرف قصصهن عن قرب، فهي تبدو كأنها تجسد كل النساء، وكذلك لا أحد محدد في الوقت عينه. أما الرجل في اللوحات فيبدو أحياناً هو من يقود العلاقة، بينما تبدو المرأة في أحيان أخرى ممسكة بزمام العلاقة، الرجل يبدو أنه يجد الأمان بالقرب من المرأة، فبالقرب منها يجد السكينة والاستقرار.

قد يكون أكثر ما يلفت في أعمال عادل أنها تتسم بالجرأة، فبعد أن كانت تصور النساء وحيدات على مدى سنوات، نجدها اليوم تتجه الى العلاقة مع الآخر. وتحمل الأعمال جرأة تتجلى في كون الفنانة تلجأ الى إظهار الأجساد كأنها عارية، علماً أنها في الواقع ليست في حالة عري على الاطلاق، بينما يأتي هذا الشعور من خلال الأبيض والأسود وكذلك من خلال الإيحاءات التي تضيفها الفنانة على الصور. هذا بالإضافة الى الأوضاع التي تصور بها الشخصيات. وتعتبر عادل تجربة خاصة وتثير أعمالها اهتمام الكثيرين نظراً لاعتنائها بالتفاصيل في التصوير، فهي لا تكتفي برصد الحالات والأجساد، بل تملي على الصورة الكثير من الإضافات من خلال أوراق الأشجار والأقمشة التي تستخدمها.

وقالت عادل لـ«الإمارات اليوم»، إن «الهدف من المعرض هو إلقاء الضوء على ما تورثه المرأة لأولادها من العلاقات الخاطئة، فهي تعلم أولادها الخطأ نتيجة العلاقات الخطأ، ولذا فالاثنان عليهما الكثير من المتطلبات، فعلاقتهما يجب أن تكون قائمة على الأمان والراحة». وأضافت «المرأة هي مصدر الأمان للرجل، تماماً كما المرأة تشعر بالراحة حين تكون في علاقة مع الرجل، ولكن القلق من خسارة الآخر هو المحفز الأول على بقاء العلاقة جيدة، وأن العلاقات بحاجة الى مجهود مستمر، حتى بين الأم وابنها، فالحب يحتاج الى البناء بشكل مستمر».

اعتبرت عادل ان الجرأة في الطرح هي من الموضوعات التي لا تخشاها كثيراً، لأنها تؤكد أن ما تقدمه لا يتعارض مع مظهرها كونها ترتدي الحجاب أولاً، وثانياً كون الطرح الذي تقدمه لا يحمل مشاهد مثيرة، وإنما هي حالة من المشاعر. واعتبرت أن المرأة التي ترى الأعمال سترى نفسها داخل الصورة، وبشكل تلقائي، وكذلك الرجل، فهي تحاكي الإنسان وليس الغريزة. ورأت انه من الممكن ألا تقبل أعمالها لأنها سيدة وشرقية، علماً ان المشاهد لا تزيد على ما يمكن أن يحمله تصوير رقص الباليه.

أما التقنية التي اعتمدتها المصورة المصرية، فارتبطت بالثيمة الخاصة بالمعرض، فالعلاقة بين الرجل والمرأة تستمر مدى الحياة، ولا تنتهي، ولفتت الى أنها تأخذ الصور على أكثر من مرحلة، وكان هناك الكثير من الحالات المشتركة، فيما كانت الحالة الأكثر اشتراكاً بين الناس هي التي يكون فيها الثنائي قريباً جداً من حيث المسافة ولكنهما بعيدان، الى جانب الثنائي الذي يتواجه، فهما في حالة صراع. أما اختيارها للأبيض والأسود فيأتي لحبها للونين، وكذلك لأنها تحاول أن تبرز النقيض، ولأن العلاقات التي تعمل عليها هي علاقات انسانية تحمل التناقض، مشيرة الى أن معرضها القادم سيحمل الألوان. ونوهت بأن الفنان يجب ان يقدم ما هو جديد للمتلقي بين العام والآخر، ولكن يجب أن يكون ذلك بالحفاظ على الهوية الخاصة.

بداية

 

تؤكّد الفنانة المصرية أن «بدايتها مع الرسم كانت منذ طفولتها، وذلك حين سألتها معلمتها أن ترسم رسمة، تعكس من خلالها لحظات سعيدة. ومنذ ذلك الوقت وهي تشعر بالسعادة في التقاط لحظات السعادة وترجمتها عبر الرسم». أما بعد أن درست الفنون في الجامعة، فكانت مشدودة إلى الكاميرا وما توفره هذه الوسيلة من قدرة على عكس ما تشعر به وما تترجمه وتؤمن به.

سيرة فنية

ولدت الفنانة مروة عادل في القاهرة عام 1984، وتحمل درجة الماجستير في الإعلان، وتقدم محاضرات في جامعة حلوان للفنون. تركز عادل على الجسد في أعمالها، فهي تحرص على إبراز الاختلاف بين الروح والمادة والصورة والفكرة.

وقدمت مجموعة من المعارض الفردية في دبي ومصر، بينما شاركت في مجموعة من المعارض الجماعية بين لبنان وواشنطن ونيويورك وروما ولندن.

ومن المعارض العالمية، شاركت في بينالي بلجيكا، وبينالي الشارقة، وبينالي الفن الإفريقي المعاصر، وبينالي امستردام في هولندا. حصلت على العديد من الجوائز، ومنها أفضل مصوّرة عربية في الشارقة، والميدالية الذهبية في جائزة آل ثاني للتصوير في الدوحة، والجائزة الذهبية في المهرجان الأوروبي التاسع للتصوير العربي في ألمانيا.

 

 

تويتر