رواية عن رسام متواضع احتل أوروبا

24 ساعة أخيرة في حياة هتلر

كيف تحوّل من رسام متواضع فشل في دراسة الفنون والعمارة، وشخص «لا يصلح للحرب، ولا للخدمات المعاونة»، إلى زعيم نازي، أرعب أوروبا، وشغل الدنيا حتى بعد انتحاره في 30 أبريل عام 1945؟ سؤال تجيب عنه الرواية التاريخية «اليوم الأخير لأدولف هتلر» للكاتب الإسباني دافيد سولار التي ترجمتها إلى العربية حديثاً هالة عواد.

تنطلق الرواية من الـ24 ساعة الأخيرة في حياة هتلر، بعدما قرر إنهاء حياته بطلقة من مسدسه، وكان همّه هو ومساعدوه المقربون تدبير 200 لتر من البنزين لحرق جثماني أدولف وعشيقته إيفا براون التي أمست زوجته في الساعات الأخيرة، كي لا يقع جسد «الزعيم» بيد الروس الذين كانت مدافعهم تدكّ برلين، وكانوا على بعد أمتار من مخبأ هتلر الحصين تحت مبنى المستشارية الألمانية، والمفارقة أن ذلك كان خلال أيام متزامنة مع عيد ميلاد أدولف الذي ولد في 20 أبريل 1889 في بلدة نمساوية.

إلى ما قبل هتلر وما بعده، تبدو الرواية مهمومة، إذ تسجل تاريخاً عائلياً وكذلك تاريخ عام، ولا يضع الكاتب قلمه مع نهاية هتلر، إذ ينقل أحداث محاكمة من تبقى من النازيين، وكذلك مطاردة من فر منهم في أنحاء مختلفة من العالم، ويصور حال مدينة عريقة (برلين) تهدمت معالمها الجميلة من معاهد ومتاحف وقلاع، ولم ينج من الخراب سوى 110 مبان، من بينها قصر العدالة الذي سيكون شاهداً على الفصل الأخير لمحاكمات النازيين.

تتتبع الرواية حياة أدولف ومغامراته وحبيباته، في مقدمتهن إيفا براون، وترسم خريطة تفصيلية لملامح شخص لم يكن يحمل الجنسية الألمانية، صار «فوهرر» (زعيماً) على رأس السلطة، ومؤسساً لـ«الرايخ الثالث»، يتحكم بدول، ويحتلها، بعد أن كان لا يجد قوت يومه، ويمتهن أعمالاً صغيرة، أو رسم طوابع ولوحات متواضعة كيما يقتات منها، ويوفر أجرة الغرفة التي كان يسكنها، ويستطيع أن يمارس شغفه بحضور حفلات الأوبرا، والاستمتاع بروائع الموسيقار فاجنر، الذي كان يعشقه بشكل خاص. عاش أدولف حياة غريبة في البدايات؛ خسر أحلاماً بالجملة، واحداً تلو الآخر - حسب الرواية - وكذلك حبيبات، فر من السلطات النمساوية كي لا يلتحق بالخدمة العسكرية في مرحلة شبابه، لكن كان للحرب العالمية الأولى كلمتها، فانضم أدولف بعد حين إلى الجيش «مراسلاً» لا مقاتلاً، إلا أنه رقي بعد إصابة لحقت به ليصير «عريفاً» ويحمل شريطة على كتفه، تحولت في ما بعد إلى شعار للنازية وصليب معقوف أرهب كثيرين، وأرعب أوروبا ودولاً عدة.

رفاق هتلر حاضرون هم الآخرون في الرواية، حتى مشهد النهاية المأساوية، حيث «أطلق جوزيف جوبلز وزوجته النار على نفسيهما، بعد أن أعطيا السم لأبنائهما. انتحر بورجدورف في اليوم التالي، كما قتل كل من بورمان وجونشيي وموهنك بعد ساعات أثناء محاولتهم الخروج من برلين، بينما ألقى الروس القبض على فوس وباور وراتينهوبر وهيويل ولينج، ولم تعرف أي أخبار عنهم بعد ذلك. في حين اختفى رجال الأس أس الثلاثة الذين شهدوا احتراق الجثث، بين أطلال برلين».

مصير بقايا هتلر ظل موضوعاً يشغل البعض، وهو ما تتناوله الرواية، ففيما يرى البعض أن بقايا الجثة بعد الحرق قد اختفت إلى الأبد، يرى الروس الذين دخلوا المستشارية بعد يوم ونصف أنهم أخذوا بقايا هتلر ونقلوها إلى موسكو، وقام أطباء روس بتشريحها، وتأكدوا من الهوية، وأكدوا لستالين موت هتلر، وفي عام 2000 وأثناء الاحتفال بالذكرى الـ55 لانتصار الروس على ألمانيا النازية، تم عرض جزء من جمجمة وخمس قطع أسنان ذهبية قيل إنها تخص هتلر. وتعلق الرواية قائلة: «نورد هذه المعلومات لتكذيب تلك الخيالات التي تحدثت عن مشاهدة هتلر في أكثر من مدينة على وجه الأرض. في الحقيقة لابد أن نعترف بأن الألمان في تلك الأيام لم يكونوا يهتمون بمسألة سطحية مثل مكان دفن أحد الموتى، في الوقت الذي كان ببرلين آلاف الجثث غير المدفونة». وربما أيضاً ملايين الجثث الأخرى التي أتت عليها الحرب العالمية الثانية التي كان هتلر أحد مشعلي نارها البارزين.

تصنيف «اليوم الأخير لأدولف هتلر» تحت الرواية التاريخية ربما يعد تجاوزاً ما؛ إذ تبدو الكتابة أقرب إلى التاريخ منها إلى الفن الروائي، وتنشغل بهتلر دون سواه، وتستعين بأكثر من 65 مرجعاً، من بينها «الماين كامبف» (كفاحي)، ويبدو المؤلف مهموماً بالرد على ما ورد في ذلك الكتاب. يشار إلى أن مؤلف الرواية دافيد سولار هو صحافي كاتب إسباني، ولد عام 1943 في شمال إسبانيا، ويكتب بصفة مستمرة حول موضوعات تاريخية وسياسية معاصرة، وفي عام 1976 أنشأ مجلة «هيستوريا 16» التي تعنى بالدراسات التاريخية، وفي 1998 أسس مجلة «مغامرة التاريخ».

للإطلاع على الموضوع كاملا يرجى الضغط على هذا الرابط.

تويتر