قال إنه مهووس منذ زمن بما يسمى «الحكمة الطائرة»

عادل خزام يرى «بعين ثالثة»

عادل خزام: أدرك تماماً أن الكتاب ليس جماهيرياً وأن قلةً من المثقفين والقراء هم من يقبلون على قراءته فالنجاح الجماهيري ليس هدفاً بالنسبة لي. تصوير: نجيب محمد

قال الكاتب الإماراتي، عادل خزام، إن كسر الأطر المتعارف عليها في الكتابة الأدبية، أو تقديم عمل يخرج عن الأصناف الأدبية المعروفة، يمنح الكاتب فرصة أكبر للتعبير عن ذاته، ولكنه في الوقت نفسه لابد أن يستند إلى خبرة وتجربة واسعتين حتى يكون الكاتب مدركاً لخطوط العمل ومتحكماً في أدواته حتى لا تميع كتابته، «فكسر القوالب الأدبية ليس بالسهولة التي يتصورها البعض، حيث يظل في النهاية هناك سياق ما يتم الالتزام به».

3 مسارات

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/10/210720.jpg

أشار الكاتب خالد بن ققة في قراءة سريعة لـ«الحياة بعين ثالثة» إلى أن هناك ثلاثة مسارات للحركة في الكتاب تتباعد وتتداخل لتعبر في فلسفة وجودية عن كثير من القضايا التي تهم الإنسان، وعن حركة الزمان والمكان والبشر، وذلك من خلال ثلاث شخصيات هي الحكيم والشاعر والشاهد بينهما، الذي يمثل الإنسان.

ولفت بن ققة إلى أن الكتاب يختلف عن الرواية والقصيدة والمقال الفلسفي، ويكاد يجمع بينها جميعاً، وهو ما يميزه ويزيد من صعوبته، داعياً إلى الاهتمام بهذا النوع من الكتابة الجديدة والرؤية الأخرى «فإلى جانب المتعة التي يخلقها الكتاب، وجدت نفسي أعيد تصحيح كثير من أفكاري الشخصية الخاصة بقضايا مثل التعامل مع الآخر، وكأنك تنفض الغبار عن أشياء بداخلك كاد يخفيها الزمن».

موضحاً أن خروجه عن التصنيف التقليدي للكتابات والأجناس الأدبية في كتابه «الحياة بعين ثالثة» جاء ليمنح نفسه مساحة أكبر للتعبير «وجدت أن الأصناف الأدبية المحددة لا تتيح لي أن أقول كل ما لدي لأنها ترتبط بسياقات ما، في الوقت الذي يُطالب الكاتب فيه بتجاوز النمطية، فوجدت أنه من الجيد أن يأتي كتابي خارج الأطر الجاهزة ودون قيود».

وأضاف خزام: «هذا الكتاب كان حلماً بالنسبة لي، فالكتب التي هزتني وأثرت في شخصيتي قليلة جداً، وتمنيت أن أقدم كتاباً يمكن أن يصل إلى هذه المرحلة مع القارئ. وقبل خمس سنوات قررت أن أكتبه، وبالفعل أشعر أنني استطعت تحقيق جزء كبير من هذا الحلم»، مشيراً خلال الأمسية التي نظمها اتحاد كتاب وأدباء الإمارات ــ فرع أبوظبي، مساء أول من أمس، في مقره بالمسرح الوطني، لمناقشة كتاب «الحياة بعين ثالثة»، وقدم الأمسية الكاتب والإعلامي خالد بن ققة، أن الكتاب يتناول رؤية فلسفية للحياة وجوهر الوجود، طارحاً أسئلة حول الكثير من المعاني المرتبطة به، الحرب والحب والحرية والتمرد، وغيرها.

وأضاف: «أنا مهووس منذ زمن بما يسمى (الحكمة الطائرة) التي تطورت في أعمالي الأدبية، إلى أن قدمت كتاب (مسكن الحكيم) في 2010 الذي تضمن الحكمة الفلسفية في سياق أدبي، وربما كان هذا الأمر سبباً في النجاح الذي حققه. وعبر هذا المشوار تدربت وتمرست على التأمل والتفكير الفلسفي وشاركت في جلسات متخصصة في التأمل، وقرأت في هذا المجال والمجالات المتعلقة به، مثل الفلسفة وتطوير الذات، وغيرهما، إلى جانب أن كتاباتي في هذا الاتجاه ليست تعبيراً مجانياً، لكنّ لدي خطاباً أريد أن أقوله، وتطوراً في الرواية كما في روايتي (الظل الأبيض) في 2013».

وأوضح صاحب «تحت لساني» 1993 و«الوريث» 1997، أنه تأثر بالأحداث التي تشهدها المنطقة من ثورات واضطرابات «فعندما نتحدث عن الوجود لابد أن نتطرق إلى ركائز مثل الحب والحرب، ولكن في تطرقي للثورات كان الحديث عن تحولها إلى ثورة للداخل ثورة على الذات ينظر فيها الإنسان إلى الداخل، وكذلك الشعوب أيضاً»، واصفاً ثورات «الربيع العربي» بالمجانية، التي تفتقر إلى مشروع محدد.

عن نخبوية «الحياة بعين ثالثة»؛ قال عادل خزام «أدرك تماماً أن الكتاب ليس جماهيرياً، وأن قلة من المثقفين والقراء هم من يقبلون على قراءته، فالنجاح الجماهيري ليس هدفاً بالنسبة لي. كما أدرك أن من يقرأه سيعود لقراءته مرة أخرى وهذا مهم. رغم ذلك أعتبر أن الكتاب ليس بهذه الصعوبة، فالحكمة فيه ترتدي قالباً جمالياً شعرياً يبحث في الوجود ويتطرق إلى الحياة بعيداً عن النصح والإرشاد»، مشيراً إلى أن سؤال الأدب لا يقف على الأكثر نجاحاً أو مبيعاً، بقدر ما يعتمد على الأثر الذي يحدثه الكتاب، واستمرارية هذا الأثر، «فالكاتب الحقيقي يخلص لإبداعه، ولا يغير من أسلوبه من أجل جمهور أو حسابات أخرى».

وأشار خزام إلى أن شخصيتي الشاعر المحب للحياة والحكيم الذي يبحث في ما وراء الأشياء وينظر للحياة بعين ثالثة، في الكتاب يمثلان القلب والعقل، وهما وجهان لعملة واحدة هي الإنسان الذي يسافر في الحياة متأرجحاً بين قلبه وعقله، مضيفاً: «دائماً تسكنني حالة الغريب وحياته في المدن البعيدة، فرغم كل ما لديه يظل الحنين إلى المكان الأول ملحاً، مفضلاً العودة ليموت في بلده مثل أسماك السلمون».

تويتر