منتجون يشيرون إلى «خسائر».. وفنانون يفضلون الحفلات

«ألبومات العيـد».. كعكة منتهية الصلاحية

الحفلات الغنائية.. خيار آخر يزدهر في العيد للتغلب على خسائر سوق الألبومات الغنائية.

تتغير إطلالة العيد، وتبقى بعض المهن أكثر ارتباطاً من غيرها بعودته، وإذا كان أصحاب المحال التجارية يستعدون لموسم العيد، بتوفير الثياب التي تلاحق الصرعات الحديثة، فيما يسعى التجار إلى توفير ما يتوقعون أن تطلبه الأسر في العيد، فإن قطاع أصحاب شركات الإنتاج الفني يبقى هاجسهم الربحي معلقاً بالشباب، الذين يشكلون القطاع الأكبر لزبائن أسواق الكاسيت والأسطوانات المدمجة تحديداً، فضلاً عن دور السينما.

وإذا كانت السينما استطاعت أن تطور نفسها من خلال أشكال عدة، منها الخدمات المصاحبة للعرض، وتوفير فئات متعددة للمشاهدين، بما في ذلك خدمة «المقاعد الذهبية»، ومقاعد «كبار الشخصيات»، على النحو الذي يجعل تجربة مشاهدة فيلم، أشبه باللجوء إلى مركز استجمام، فضلاً عن الصعوبة في نسخ المادة الفيلمية وتحميلها مقارنة بالغنائية، فإن سوق الألبومات الفنية تعاني انعدام الأفكار التي تساعد على التغلب على حقيقة تراجع مبيعاتها.

جزء من الأزمة يعود إلى الإحصاءات المغلوطة التي كان الكثير من شركات الإنتاج يزج بها، في إطار منافساتها مع نظيراتها، حيث كانت معظم الشركات تصدر تقارير مبالغاً فيها عن حجم مبيعات ألبومات مشاهير الفنانين، لأغراض دعائية، ما أسهم في إحباط العاملين المرتبطة أرباحهم بشدة الطلب على الألبومات الغنائية، وتحويل كعكة سوق الألبومات الغنائية المتنافس عليها إلى كعكة «منتهية الصلاحية».

«القرصنة الفكرية»، ووجود مواقع تتيح خدمات تحميل الأغاني فور صدورها، هما أهم الأسباب التي تتفق عليها جهات الإنتاج والفنانون في تراجع سوق مبيعات الألبوم، وهو ما جعلهم يطالبون الجهات المعنية في كل دولة باتخاذ الإجراءات القانونية تجاه مشغلي تلك المواقع.

الملكية الفكرية

إحدى أكبر شركات الإنتاج الفني، وهي شركة روتانا، تعد الأكثر تضرراً من تراجع سوق الألبومات الفنية، وفق المدير التنفيذي للشركة، سالم الهندي، لـ«الإمارات اليوم»، الذي شدد على أن «القرصنة والنسخ غير المشروع للألبومات يكبد الشركة خسائر باهظة»، مؤكداً أنه «يجب التعامل مع القضية ليس فقط بمعايير المكسب والخسارة، بل الفنية والأدبية أيضاً».

وأضاف «علينا أن نستشرف واقع الأمر، إذا استمر هذا الواقع لفترات أطول، فشركات الإنتاج لا تستطيع أن تستمر في تحمل خسائر طويلة الأمد، وستتأثر حركة الإنتاج الفني، ولن تكون هناك قدرة على تحويل الأفكار الغنائية والموسيقية المبدعة إلى منتج حقيقي، قادر على الوصول إلى الجمهور».

وطالب بتفعيل قوانين حماية الملكية الفكرية، في مختلف البلدان العربية، وإيجاد رقابة حقيقية وفاعلة على المواقع والمنتديات، التي توفر هذا النسخ غير الشرعي للأعمال الفنية.

ظاهرة القرصنة

المطرب المصري هاني شاكر عزا تقليصه إصدار ألبومات فنية في المرحلة الأخيرة إلى ظاهرة «القرصنة الفكرية»، مشدداً على أنه يجب أن تعالج هذه الظاهرة في بعدين: أولهما قانوني، والآخر أخلاقي، مضيفاً «يجب أن يتم إبراز حقيقة أن النسخ غير الشرعية للمنتج الفني هي بمثابة (التعدي) على حقوق الآخرين، وأنها توازي تماماً وربما تفوق التعدي على ممتلكاتهم الحقيقية».

ورد تردي الذوق الفني العام إلى هذه الظاهرة تحديداً، مضيفاً «في هذه الأجواء فإن البقاء في الساحة يبقى مرتهناً بالأعمال الرخيصة، وغير المكلفة، بل على العكس، فإن النسخ غير المشروع يبقى أكثر جدوى لأصحابها، لأنهم يحققون عبرها انتشاراً أكبر».

الفنان الإماراتي عبدالمنعم العامري، من جانبه، أكد أن الكثير من الحسابات التجارية تغيرت مع تراجع مبيعات الألبومات الغنائية، مضيفاً «لا يمكن أن تحل هذه الإشكالية بالاعتماد على الجانب القانوني والرقابي وحده، ولابد من الحرص على وجود توعية حقيقية بأهمية شراء المنتج الأصلي، من أجل الحفاظ على حقوق الجميع، سواء شركة الإنتاج، أو المطرب المفضل لمن يقوم بعملية الشراء نفسها، لأنه ببساطة في حال تكريس الحصول على نسخ غير أصلية، ستحقق شركة الإنتاج خسائر، ولن يكون بمقدور الفنان ضمان تقديمه جديداً مستقبلاً». وعلى الرغم من ذلك لاتزال شركات الإنتاج تراهن على الإنتاج، خصوصاً خلال الأعياد، حيث أعلن عدد من الشركات عن إنتاج ألبومات عدة، بعد أن تجاوزت المرحلة التمهيدية التي تسرب فيها أخبار عن اقتراب طرح ألبومات جديدة لمطربيها، حيث طُرح للفنان عمرو دياب ألبوم «شفت الأيام»، كما طرحت العراقية شذى حسون ألبوم «ولهانة»، لكن ألبومات عيد الفطر عموماً سجلت كمياً تراجعاً ملحوظاً، مقارنة بعدد الألبومات التي رافقت إجازة عيد الأضحى الماضي.

سالم الهندي: خسائر غير «مادية»

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/10/2025709%20(2).jpg

قال المدير التنفيذي لشركة روتانا للإنتاج الفني، سالم الهندي، إن خسائر القرصنة الفكرية، والنسخ غير المشروع للأعمال الغنائية، ليست مادية فقط، بل «أدبية وفنية» أيضاً. وتابع «لن يكون بمقدور الشركات تحمل تبعات الخسائر، وستقلص، ثم توقف نشاطها». وعلى الرغم من أنه أقر بأن الحفلات قد تبقى إجراء «آخر»، يمكن أن يعوض الخسائر المتوقعة من سوق الألبومات الفنية، لكنه أكد أن «هذا الحل لا ينطبق بالضرورة على الجميع، كما أنه ليست كل الشركات قادرة على تنظيم حفلات ذات مردود مادي».

هاني شاكر: سيادة «الرخيص»

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/10/2025709%20(3).jpg

رأى الفنان المصري هاني شاكر أن الخسائر، التي تمنى بها سوق الألبومات، تسببت في تقليص فنانين من نطاق إصدارهم ألبومات جديدة، ما أفسح الساحة لسيادة أعمال رخيصة، فنياً وإنتاجياً. وأضاف «السائد كما الآن في سوق الألبومات هو الأعمال الشعبية، التي تعتمد على موسيقى وألحان منسوخة، ومشوهة للتراث الشعبي للأغنية، كما أن أصحابها لا ضرر لديهم من دخول أعمالهم سوق النسخ والقرصنة الإلكترونية، لأنها تحقق لهم مزيداً من الانتشار، كما أن كلفة إنتاجها بالأساس شبه معدومة».

عبدالمنعم العامري: الحل «جماهيري»

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/10/2025709%20(1).jpg

صاحب ألبوم «العامرية»، الفنان عبدالمنعم العامري، رأى أن حل معضلة خسائر الألبومات يبقى بأيدي الجمهور، مضيفاً «الحل يبقى في وعي الجمهور، الذي عليه أن يتأكد أن الفنان لن يكون بمقدوره مواصلة تقديم الجديد، في حال تسببت مبيعات ألبومه في خسائر للشركة المنتجة».

هذا السبب الذي جعل العامري يؤكد أنه يبقى في قمة سعادته بشكل أكبر، حينما يكون وسط الجماهير، مضيفاً «الفنان الإماراتي حظه محدود في ما يتعلق بالحفلات، نظراً لسيطرة شركات غير إماراتية على تنظيم الحفلات، لكن حفلات الأعراس، رغم أنها لا تسوق الفنان إعلامياً، تبقى بالنسبة لي، وللعديد من الفنانين الإماراتيين، أهم صلة مباشرة بالجمهور».

 

 

تويتر