زارت متحف المرأة في سوق الذهب بدبي ونوهت بدور مؤسِسـته

مي آل خليفة: المثقفون حـــماة الهوية

صورة

قالت الشيخة مي آل خليفة، وزيرة الثقافة البحرينية، لـ«الإمارات اليوم»، إن للثقافة دوراً جباراً وأساسياً، لاسيما في هذه الفترة الاستثنائية التي تشهد خلالها المنطقة تغيرات كبيرة، معتبرة أن «الجيوش تحمي الحدود، والمعنيون بالثقافة يحمون هوية المكان والزمان، الأمر الذي يتجسد بوضوح في مسيرة التاريخ التي قدمت أمثلة وفيرة لهذا الدور الذي يجب المحافظة عليه والعمل على تعزيزه وتنميته»، مشددة على أن «التهاون أو التقاعس عن تأدية هذا الواجب المتمثل في العمل على حماية الهوية، بشتى أشكالها المادية والمعنوية، من شأنه طمس ملامحها وزعزعة مكانتها، وتقف شاهدةً على ذلك مظاهر إزالة وتدمير المواقع الأثرية التي تعد وجهاً بارزاً للتراث الذي يجسد هذه الهوية».

وأضافت الشيخة مي، على هامش زيارتها أول من أمس إلى متحف المرأة (بيت البنات) بسوق الذهب بدبي، أن «الحفاظ على الهوية يعد واجبا وطنيا على كل المثقفين القيام به بأشكال مختلفة، تتنوع باختلاف إمكاناتهم وتخصصاتهم وقدراتهم التي تتلاءم وتنوع أوجه هذه الهوية، ويعد العمل على تدشين (متحف المرأة) مثالأً على ذلك، إذ يركز المتحف على ذاكرة المكان والزمان من خلال تسليط الضوء على المرأة الإماراتية وإنجازاتها وإسهاماتها في مراحل مختلفة، الأمر الذي يتيح الفرصة للتعرف إليها عن كثب، خصوصاً أن هناك نماذج بين صفوفها لم تعط حقها، وعليه يقدم المتحف مادة دسمة موثقة للباحثين».

ورفضت الشيخة مي خلال حديثها عن الثقافة التي وصفتها بالأمل ، عملية الفصل والمقارنة بين جهود القائمين عليها في دول الخليج، موضحة أنه «لا يمكن المقارنة والفصل عند الحديث عن المشهد الثقافي وغيره بين دول الخليج التي يكمل كل منها الآخر، وذلك في ظل وجود عوامل وقواسم مشتركة لها جذورها القوية، والدور الريادي الذي يقوم به الرجل والمرأة فيها على حد سواء».

دور عربي

توثيق لرائدات

استمعت الشيخة مي آل خليفة، وزيرة الثقافة البحرينية، خلال زيارتها الى «متحف المرأة»، إلى شرح من الدكتورة رفيعة غباش مؤسسة المتحف، عن محتوياته بدءاً بجدارية «ذاكرة المكان» في المدخل الرئيس، التي تضم مجموعة من الصور لشخصيات إماراتية مازالت فى ذاكرة أبنائها، وتضم الى جانبها بعض الوثائق والمقتنيات الشخصية التي تعود لمرحلة تاريخية مهمة، مروراً بجدارية عن التطور السياسي في الإمارات في الفترة من ‬1820 - ‬1971، وتتضمن استعراضاً لأدوار الشيخة حصة بنت المر، والشيخة سلامة بنت بطي، وغيرهما من النساء اللاتي أسهمن بدور في مجتمع الامارات، ويوثق لرائدات العمل النسائي، في مقدمتهن سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام الرئيسة الاعلى لمؤسسة التنمية الأسرية رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، إذ يمثل دعم سموها العامل الأساسي في تمكين المرأة في الامارات.

ويوثق المتحف على المستوى الاقتصادي لبداية عمل النساء في التجارة، وإسهامهن في الاقتصاد، وجانب عن المرأة والتعليم يستعرض دور الرائدات في التعليم، وتطوره في الإمارات، وفي المدارس التقليدية على يد المطوعات مروراً بالرائدات في مسيرة التعليم الحديث - دارسات ومدرسات - وصولاً إلى أوائل من حصلن على شهادات الدكتوراه في مختلف المجالات.

واطلعت الوزيرة البحرينية على المعروضات التي يضمها المتحف من مقتنيات بعض الأسر القديمة، وهي ثمينة بقيمتها التاريخية والمادية، فبعضها يحكي جانباً من الحياة اليومية للنساء في مجتمع الإمارات، والبعض الآخر يوثق لحلي المرأة وأدوات زينتها وملابسها التقليدية، كما يضم المتحف غاليري بيت البنات، ويختص بعرض انتاج الفنانات الإماراتيات فقط، وجانب منه خصص لإقامة معارض متنوعة الموضوعات.

أشارت وزيرة الثقافة البحرينية ورئيسة مجلس إدارة المركز الإقليمي العربي للتراث العالمي إلى الدور الكبير الذي يلعبه المركز في تعزيز المشهد الثقافي البحريني، ليس فقط على مستوى مملكة البحرين ودول الخليج فحسب، بل يتعداه ليشمل الدول العربية بشكل عام، عن طريق برامجه التي تحمل على عاتقها صون تراث الشعوب العربية، وتالياً هويتها، فأهدافه تصب في مصلحة الحفاظ على التراث وبناء القدرات والخبرات من أجل حماية المعالم الأثرية والعمل على إبرازها.

وتابعت «يعكس المركز الذي افتتح مقره في البحرين العام الماضي ضمن فعاليات (المنامة عاصمة الثقافة العربية)، بعد توقيع اتفاقية ما بين البحرين ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، حرص المملكة على الحفاظ على التراث، ويعتبر كذلك ترويجاً لاسم المملكة وطنياً وإقليمياً ودولياً في مجال المحافظة عليه بمختلف أشكاله، والاعتراف في الوقت نفسه بالتنوع الثقافي فيها والحفاظ على مكتسبات البحرين التراثية».

ووصفت الشيخة مي آل خليفة زيارتها إلى متحف المرأة بـ«غير الرسمية، فهي زيارة شخصية للأخت والصديقة مؤسسة المتحف الرئيس السابق لجامعة الخليج العربي بالبحرين الأستاذة الدكتورة رفيعة غباش».

تجربة البحرين

تحدثت الشيخة مي آل خليفة عن التجربة الثقافية في البحرين، خلال لقاء استضافته ندوة الثقافة والعلوم بمنطقة الممزر بدبي، العام الماضي، وشهد حضور نخبة من المهتمين بالشأن الثقافي. وأشارت خلال اللقاء الذي حمل عنوان «تجربة البحرين الثقافية» إلى تألق البحرين ثقافياً بفضل فسحة الحرية والتسامح والانفتاح الذي تحظى بها، على الرغم من التحديات التي واجهتها، لافتة إلى أنه لا يوجد مشروع ثقافي في الدنيا لا يواجه تحديات، إذ تعد جزءاً من الفعل والعمل الثقافي وجمالياته والنضوج الفكري، والاستمرار في أي عمل ثقافي يتطلب وجود جمهور محب وداعم للثقافة، وهم موجودون في كل مكان وهم سبب من أسباب الاستمرار رغم التحديات، مؤكدة أنه «رغم المرارات، البحرين واحدة موحدة والثقافة تجمعنا، والمرارات الراهنة لن تستمر طويلاً وهي عابرة، وطبيعة شعب البحرين تحتم التوحد». كما تطرقت خلال اللقاء إلى دور الثقافة في نصرة الأوطان والدور القوي للمرأة البحرينية في الفعل الثقافي والتنويري وفي شتى المجالات. يذكر أن الشيخة مي آل خليفة وزيرة الثقافة البحرينية ومدير المركز الإقليمي العربي للتراث العالمي في البحرين، كاتبة وباحثة في مجال التاريخ وحائزة درجة ماجستير في التاريخ السياسي من جامعة شيفلد في إنجلترا. واختيرت ضمن أقوى ‬50 سيدة عربية حسب إحصائية مجلة «فوربس» عام ‬2005، وحصلت على وسام الاستحقاق الوطني برتبة فارس في الآداب والفنون من الحكومة الفرنسية عام ‬2008. ومنذ عام ‬2006 أسست وأشرفت على مهرجان سنوي للثقافة بعنوان «ربيع الثقافة». كما أسست آل خليفة مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث في ‬2002، إذ نال الجائزة الثانية لمنظمة المدن العربية في ‬2004، وجائزة الأمير فيصل بن فهد للحفاظ على التراث مناصفة مع وزارة السياحة بتركيا في ‬2008.

ومن أهم الكتب التي أصدرتها الشيخة مي آل خليفة: «عبدالله بن أحمد.. محارب لم يهدأ»، و«محمد بن خليفة.. الأسطورة والتاريخ الموازي»، و«تشارلز بلجريف.. السيرة والمذكرات»، و«مائة عام من التعليم النظامي في البحرين»، و«إبراهيم بن محمد آل خليفة.. شيخ الأدباء في البحرين». وحازت مجموعة من الجوائز والأوسمة تكريماً لعطاءاتها الوافرة.

تويتر